الحلقة الرابعة: الفرار القاسي والحساب

طرقات فيصل العنيفة على الباب لم تكن مجرد إزعاج، بل كانت جرس النهاية لزواج دام سنوات وعلاقة أخوية ممزقة. في الخارج، بدأ صراخ الجيران، وتصاعدت أصوات صفارات الإنذار. الانهيار وصل بسرعة تفوق ما تذكره إياد في حياته الأولى.

​وقف إياد للحظة أمام مرآة غرفة نومه. لم يكن يرى وجهه، بل كان يرى وجه الرجل الذي مات في الوحل. ارتفعت شاشة النظام أمامه، متوهجة بضوء أزرق حاد: "تفعيل خطة الهروب الأولي. الإجراء 1: عزل الموارد العائلية." ضغط إياد ذهنياً على "تنفيذ". على الفور، تم تفريغ ثلاجة المطبخ، وخزانة المؤن، وحتى خزنة الطوارئ الصغيرة التي كان قد أعدها مسبقاً للعائلة. كل شيء تم نقله إلى النظام. ترك لهم فقط ماء الصنبور وحفنة من الأرز. لم يكن جشعاً؛ كان انتقاماً بارداً ومناسباً لمن خططوا لقتله من أجل مؤن أقل من هذه.

​فتح الباب ببرود. كان فيصل يقف على العتبة، يتنفس بصعوبة، الخوف يرتسم على وجهه. "إياد! اسمع الصراخ بالخارج! يجب أن نغادر الآن، أين مفاتيح السيارة؟" أمسك فيصل بذراع إياد محاولاً سحبه. تملص إياد ببطء قاتل. "لا تقلق يا فيصل. كل شيء تحت السيطرة. لن نستخدم هذه السيارة بعد الآن." كانت عينا إياد تراقبان الشارع من النافذة: أول زومبي يظهر في الحي.

​اندفعت لانا إلى الردهة، مرتدية ملابس النوم. "ماذا تعني؟ انظر! الجيران يهربون! يجب أن نذهب إلى المخبأ الذي كنت تعده!" صرخت لانا، وقد تحول قلقها إلى غضب. هنا كانت نقطة الحسم. نظر إياد إليها، دون أي عاطفة. "المخبأ؟ نعم، لدي مخبأ. لكنه ليس لكِ."

​صمت ثقيل خيم على المكان، تكسره أصوات الفوضى المتزايدة في الخارج. كانت لانا هي أول من استوعب الأمر. "ماذا؟ ما الذي تقوله؟ إياد، هذه أموالنا! هذه حياتنا!" بدأ وجهها يتحول إلى اللون الأحمر، واستعادت نظرتها الباردة القاتلة التي تذكرها إياد جيداً.

​في تلك اللحظة، فعل إياد أخطر شيء. تظاهر بأنه يفتح الباب الخلفي ليسمح لهم بالهرب. "اذهبوا عبر الحديقة. سألحق بكم بعد أن أغلق الكهرباء." اندفعت لانا وفيصل نحو الباب الخلفي المضاء. بمجرد أن عبرا العتبة، قام إياد بإغلاق الباب المعدني الخلفي بقوة، ثم ضغط زر صغير في جيبه. تفعيل قفل المغناطيسي المشفر (خطة ب). انحبس الاثنان في الحديقة الخلفية المحصنة جزئياً.

​"إياد! افتح هذا الباب!" صرخ فيصل بذعر حقيقي، وهو يدرك أنهم محاصرون. اقترب إياد من الباب الزجاجي ووقف خلفه كظل. "ستكونون بأمان هناك لبعض الوقت. لقد تركت لكم ماء الصنبور." ثم أضاف، وعيناه تخترقان روح لانا: "على الأقل هذه المرة، لن تضطري لقتلي للاستحواذ على المؤن."

​كانت الكلمات بمثابة صاعقة. تجمدت لانا للحظة، وعادت ذاكرة المشهد الدموي الذي لم يره سوى إياد. أدركت لانا أنه يعرف. لكن قبل أن تفتح فمها، قام إياد بتركيب ألواح فولاذية سميكة على النافذة الزجاجية من الداخل، مدمراً أي فرصة للاتصال أو التوسل.

​لم يضيع إياد أي وقت في الندم. تحرك بسرعة نحو مرآبه، حيث كان قد خبأ بطاقة الهروب النهائية. طلب من النظام: "استخراج: مركبة العقاب المصفحة." في ومضة ضوء خافتة لم يرها أي شخص في الخارج، ظهرت الشاحنة العسكرية المصفحة التي اشتراها، مجهزة بالوقود الكامل، في منتصف المرآب. كان إياد قد خطط لكل خطوة.

​قاد إياد المركبة بهدوء عبر باب المرآب المتهالك إلى الشارع، متجنباً بصعوبة حشود الجيران المذعورين الذين يركضون عشوائياً. بدأ المشهد المرعب في التكشف: أول مواجهة بين الزومبي الهائجين والمدنيين الذين كانوا قبل ساعات يتناولون القهوة. ركز إياد نظره على الأمام. كل ما كان يهمه هو الخروج من المدينة وتجنب الاختناقات المرورية التي عرف أنها ستشل الحركة في غضون ساعة.

​بينما كان يخرج من الحي، رصد إياد جهاز التتبع المثبت على سيارة فيصل الشخصية. كانت السيارة لا تزال متوقفة في الممر، لكن إياد رأى حركة قوية قادمة نحوها. كان يعلم أن الفيصل ولانا لن يبقيا محبوسين طويلاً، لكنهم سيواجهون الآن أسوأ سيناريو: الفرار دون موارد أو مركبة آمنة. لقد تركهم إياد بالضبط في الظروف التي خططوا لقتله فيها.

​وصل إياد إلى الطريق السريع، وكان قد بدأ بالامتلاء بالسيارات المذعورة. استخدم ميزة "كاشف الحرارة" في شاحنته المصفحة لتحديد مسارات الحركة الأقل كثافة. لم يكن يسعى لإنقاذ أحد؛ كان يسعى فقط للوصول إلى النقطة (A)، الملجأ الأول.

​في آخر نظرة له على المدينة المشتعلة، شعر إياد بلحظة من الهدوء الممزوج بالمرارة. لقد حقق انتقامه البارد، وتخلص من عبء الخيانة. لكن الثمن كان باهظاً: الوحشية في النجاة. أدرك أن العودة إلى الماضي لم تجعله بطلاً، بل جعلته ناجياً قاسياً لا يرحم.

​قاد إياد شاحنته المصفحة نحو الأفق البعيد، نحو الملجأ الذي بناه بدم بارد. لقد انتهت مرحلة التمثيل، وبدأت مرحلة بناء عهده الخاص في عالم جديد.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon