كانت الأسابيع الأخيرة قبل الكارثة تسير بوتيرة أشبه بالرقص على حافة الهاوية. شعر إياد بأن الوقت يتسرب من بين أصابعه كالرمل الساخن. لم يتبق لديه سوى القليل لإتمامه قبل أن ينهار العالم وتبدأ لعبته الحقيقية. كان تركيزه الآن على تأمين القوة الجسدية والمعلومات الاستخباراتية.
زار إياد نوادي رياضية متعددة، ليس للتدريب، بل لتخزين المعدات. اشترى كميات ضخمة من المكملات الغذائية، وأجهزة تدريب بسيطة وفعالة، وزيوت التزييت طويلة الأمد للأسلحة، وكلها اختفت في مساحة التخزين الخاصة به. كان يدرك أن الحفاظ على لياقته سيكون مفتاح النجاة، وقد خزّن ما يكفي من البروتين والمكملات لـ خمس سنوات على الأقل.
في هذه الأثناء، بدأ التوتر في المنزل يصل إلى ذروته. لاحظ فيصل أن إياد بدأ يصبح بارعاً بشكل غريب في فنون الدفاع عن النفس، يتدرب سراً في الحديقة، وحركاته أصبحت سريعة وحاسمة. سأله فيصل ببرود أثناء الإفطار: "إياد، ما هذه المهارات الجديدة؟ هل تستعد لـ 'صفقة' تتضمن قتالاً في الشوارع؟" رد إياد ببرود قاتل، وهو يتذكر كيف أن قتال فيصل كان سطحياً وضعيفاً أمام الزومبي في حياته السابقة: "أنا أستعد لما لا يمكن للعقل الضعيف أن يتخيله." أصبحت المحادثات بينهما مشحونة بالكلمات غير المنطوقة.
كانت لانا أكثر خبثاً. بدأت في تفتيش مكتب إياد ودرجه الخاص بينما كان بالخارج. بالطبع، لم تجد شيئاً يذكر – فكل ما يملكه إياد أصبح افتراضياً ومحصناً في نظامه. لكنها عثرت على دفتر ملاحظات قديم يحتوي على خطط لـ "رحلة تخييم" طويلة الأمد، ومناطق بعيدة عن المدينة. بدأت الشكوك تتراكم لديها، ليس حول الزومبي، بل حول هروب إياد من الحياة الزوجية. واجهته لانا بنظرة باردة: "هل تخطط لتركنا؟ هل تخطط للهرب مع كل هذه الأموال التي سحبتها؟" شعر إياد بسخرية مريرة. الهرب؟ نعم، هو يهرب منهم. "أنا أخطط لنجاتنا جميعاً. لكن يجب أن تتوقفا عن الحشرية." أجاب، مما عزز شكوكهما بدلاً من تهدئتهما.
قام إياد بعملية تخزين حاسمة: المركبة المصفحة والوقود المضاعف. تذكر أن الطرق السريعة ستصبح مقبرة للسيارات العادية. استخدم جزءاً من ذهبه لشراء شاحنة عسكرية خفيفة ومصفحة من مزاد قديم، وكانت شبه مدمرة. استخدم النظام ليس فقط لتخزينها، بل لـ تخزين قطع غيارها الأصلية والمحركات الاحتياطية. كما قام بتأمين وقود عالي الأوكتان في براميل ضخمة، تم تخزينها جميعاً فوراً. كانت هذه المركبة هي بطاقة الهروب الآمنة له وللمجموعة التي سيؤسسها لاحقاً.
في هذه الأثناء، تسارعت وتيرة الأخبار. ظهرت تقارير عن انتشار "مرض جنون البقر المتحور" في عاصمة مجاورة. إياد عرف أن الكذب الرسمي لن يستمر طويلاً. قام بتشغيل أجهزة تسجيل سرية مخبأة في غرفته لتسجيل ردود فعل لانا وفيصل على هذه الأخبار. كان يهدف إلى الحصول على دليل ملموس على أنانيتهما وعدم اكتراثهما بأي شيء سوى مصالحهما، ليكون تذكيراً دائماً له بضرورة الابتعاد. تفاعلهما كان متوقعاً: "يجب أن نذهب إلى المتجر قبل أن يشتري الحمقى كل شيء." قال فيصل، متجاهلاً الخطر البشري. "إذا مرض إياد، يجب أن نتخلص منه على الفور حتى لا ينقل إلينا أي شيء." همست لانا، مما عزز قرار إياد بالانفصال.
بعد ذلك، قام إياد بعملية "التطهير" النفسي والأخلاقي. جمع كل الصور والرسائل العاطفية القديمة التي تربطه بلانا وفيصل، وتذكر اللحظات التي أحبهما فيها بصدق. وببرود غير مسبوق، قام بتخزين كل هذه الذكريات في صندوق "الذكريات المحروقة" داخل النظام، على أنه "عنصر غير قابل للاسترجاع". كان يقطع آخر خيط عاطفي يربطه بالماضي.
قبل أيام قليلة من "يوم الصفر"، قام إياد بآخر عملية تمويه له. أعلن عن "رحلة عمل مهمة ومحتملة الخطورة" تتطلب غيابه لعدة أيام. وضع على طاولته تذكرة طائرة مزورة إلى بلد بعيد، مع رسالة قصيرة: "إذا حدث لي أي مكروه، استخدموا التأمين وابحثوا عن الأمان." كانت هذه هي خطة "التغطية الكاملة" لهربه، ليظنا أنه غادر البلاد فعلاً.
في ليلة الحادث، كان إياد يرتدي ملابسه التكتيكية تحت ملابسه العادية. سمع أصواتاً خافتة تقترب من غرفته. كانت لانا وفيصل يقفان خارج الباب، يتحدثان بهمس. لم تكن مناقشة عادية. كانا يناقشان كيفية التخلص منه إذا أصر على أن يأخذهما معه في رحلته الغامضة، أو كيف سيتقاسمان التأمين بعد اختفائه. لم يكن إياد بحاجة إلى دليل آخر.
في اللحظة التي بدأ فيها ضجيج الإذاعات ينقل أخبار "الانهيار الفجائي للنظام الاجتماعي" في مدينتهم، سمع إياد صوتاً لـ فيصل يطرق الباب بعنف. "إياد! افتح الباب! هناك شيء سيئ يحدث في الشارع!" كان الذعر في صوته حقيقياً. نظر إياد إلى نفسه في المرآة، حيث كانت شاشة النظام تتوهج بـ "تنبيه الانهيار".
لقد حان وقت الهروب.
10تم تحديث
Comments