العودة إلى البداية

مرت ساعات على سقوط كايتو. ظل الجميع يراقبونه بقلق، عيونهم مشدودة إليه، كما لو كانوا يخشون أن يفقدوه. حتى سايرا، التي كانت تعرف كايتو بشكل جيد، كانت تشعر بتوتر غير مألوف. قلبها كان ينبض بسرعة، ولا تستطيع تفسير السبب.

لكن مع مرور الوقت، بدأ كايتو يفتح عينيه ببطء. كانت الأصوات في الخلفية ضبابية، ثم بدأت تتضح. فجأة، تذكر كل شيء. الصوت، الوجوه، المكان. كان هنالك شيء مفقود، شيء حقيقي غريب يربط بينه وبين المكان.

> "كايتو؟"

قالتها سايرا بصوت خافت، ثم سارع الجميع للاقتراب. وقفت هي بجانبه، وساعدته على الجلوس.

> "ما الذي حدث؟"

أجاب كايتو وهو يرفع يده على جبينه، محاولًا استعادة التركيز:

> "لم أكن أتوقع أنني سأسترجع تلك الذكريات الآن..." ثم نظر حوله وقال، "لكن... ما زلت أشعر بالقوة في جسدي. شيء ما في هذا المكان يوقظ طاقتي."

كانت عيناه تتوهجان من جديد بلون أحمر، وعينيه تنبضان بالحياة أكثر من أي وقت مضى. كان جسده يعود تدريجيًا إلى سابق عهده. شعره الأسود الطويل يتحرك كأن الرياح ترفعه، وتحت يديه كانت تتجمع الطاقة السحرية.

حاول أن ينهض، لكن جسده لم يكن قويًا بما يكفي بعد.

> "أنت بحاجة للراحة، كايتو." قالت سايرا بقلق.

لكن كايتو أصر على الوقوف. أراد أن يستعيد القوة سريعًا، وأن لا يُظهر ضعفًا أمام فريقه.

> "لا وقت للراحة الآن... نحن في قلب الأزمة."

لكن قبل أن يتمكن من فعل أي شيء، بدأ الصوت الغريب في العودة. كانت الأرض تهتز تحت أقدامهم، وصوت الرياح يرتفع ليملأ الفضاء. وأمامهم، في الظلال، ظهرت مجموعة من الكائنات الهائلة. كانوا أعداء آخرين، وأقوى بكثير من الوحش الذي هزمه كايتو في المعركة السابقة.

> "استعدوا!" صرخ ليو، وهو يرفع سيفه عاليًا.

اندلعت معركة أخرى، ولكن هذه المرة كان الأعداء أكثر شراسة وقوة. تناثر الضوء والظلال في أرجاء القاعة، وتقطعت الأنفاس.

أما كايتو، فقد انقض على أحد الوحوش ضاربًا بيديه الفارغتين. بمجرد لمسه لهم، بدأت الأرض تتشقق، وتفجرت طاقة سحرية خارقة من جسده. كانت الهالة الحمراء تتسرب من جسده وتلتف حوله مثل عاصفة.

الوحوش تراجعت، لكن كايتو لم يتوقف. كان يتحكم في قوة مدمرة، وكأنها تتغذى على غضبه، وعلى الكراهية التي كانت بداخله. وعندما ضربه أحدهم بالوحشية، سقط كايتو أرضًا للحظة. لكن في نفس اللحظة، رفع يده بسرعة هائلة، وقال بصوت عميق:

> "لتسقطوا... جميعكم!"

أطلق موجة كبيرة من النار والبرق، جعلت الكائنات تتناثر في الهواء. وحتى سايرا، التي كانت تراقب الموقف، توقفت عن التنفس للحظة من دهشتها.

بعد دقيقة من الصمت، وقف كايتو، عينيه تتوهجان، وجسده مشحون بالطاقة السحرية المدمرة. قال وهو يلتفت إلى الجميع:

> "لا يزال لدينا طريق طويل. علينا أن نكمل."

لكن ليو اقترب منه وقال بحذر:

> "كايتو، أنت لست على ما يرام. لقد كنت تحارب كالمجنون. لن تنقلب الأمور لصالحك إذا استمرت هذه الحالة."

كايتو تنفس بعمق وقال:

> "لن يوقفني شيء الآن. لا أستطيع أن أتركهم. لا أستطيع أن أترك الماضي يُلتهم في الظلام."

قالت سايرا بعد فترة صمت قصيرة:

> "ماذا عن... ما رأيناه؟ ما الذي رأيناه من قبل؟"

كايتو صمت قليلاً، ثم رد بصوت هادئ:

> "ذلك كان ماضيّ، ماضي لا أستطيع الهروب منه. لكنه جزء مني. وأنا من يجب أن يواجهه."

ومع هذه الكلمات، قرروا متابعة المسار. كانوا يعلمون أن كل خطوة في هذا الطريق ستكون مليئة بالمخاطر. لكنهم كانوا أيضًا يعلمون أن كايتو لا يعرف الاستسلام، وأنه سيفعل أي شيء لحماية أصدقائه وعائلته التي وجدها في هذه الرحلة.

استمروا في السير، ولم يتوقفوا، وكان التحدي الكبير أمامهم: عودة مواجهة الماضي... ولكنهم كانوا مستعدين لما سيأتي.

(يتبع في الفصل السادس...)

*** قم بتنزيل NovelToon للاستمتاع بتجربة قراءة أفضل!***