الظل في النور

الظل في النور

بداية الظل

في زاوية منسية من هذا العالم المتشظي، حيثُ تتصارع الممالك على السلطة وتنهار التحالفات في لحظة، كانت هناك قرية صغيرة، محاطة بالأشجار الكثيفة والضباب الأبدي، تعيش على الهامش... بلا شهرة ولا أهمية. سكانها قلائل، يخافون الغرباء ويخشون الحديث عن الأساطير القديمة. هناك، في كوخ خشبي معزول على أطراف القرية، كان يعيش شاب يُدعى كايتو.

كايتو، في عيون أهل القرية، لم يكن أكثر من شخص غريب الأطوار. شاب في السابعة عشرة من عمره، يفضّل العزلة، ولا يبتسم لأحد. لم يُرَ له أهل، ولم يسمع أحد عن ماضيه. يتجنب الجميع، ويتجوّل أحيانًا في الغابات كأنّه يبحث عن شيء لا يعرفه. لم يكن يتحدث كثيرًا، وكان يحمل دائمًا دفترًا صغيرًا يدوّن فيه كلمات مبهمة، يظنها البعض شِعرًا، لكنها كانت بقايا ذكريات ممزقة.

في الليل، لم يكن ينام بسلام. كانت الكوابيس تلاحقه، يرى فيها نفسه وسط معارك ضخمة، يواجه وحوشًا بعيون مشتعلة، ويصرخ بأسماء لا يتذكّرها حين يستيقظ. الدماء، السيوف، صرخات الجنود... كلها تتكرر كل ليلة. لكن ما كان يؤرقه أكثر، هو شعوره بأن تلك الرؤى ليست كوابيس، بل ذكريات من حياة أخرى.

وفي صباح ضبابي، بينما كان يسير بين الأشجار، سمع صوتًا غريبًا، كأنّ شيئًا يناديه. تبعه حتى وصل إلى فجوة بين الصخور، وهناك رأى سيفًا ضخمًا مغروسًا في حجر أسود تتناثر حوله أوراق ميتة. كان السيف مغطى بالرموز، يشعّ بطاقة خافتة كأنّه يتنفس.

اقترب ببطء. قلبه ينبض بعنف. مدّ يده، وقبل أن يلمسه، رأى ومضات خاطفة: يداه مغطاتان بالدم، ممالك تحترق، وفتاة تبكي وتناديه... "كايتو، لا تذهب!".

أطبق على مقبض السيف.

عندها، اهتزّ المكان، وانطلقت دائرة سحرية حمراء تحت قدميه. الهواء من حوله تغيّر، والسماء شحبت. ودوّى صوتٌ غريب في أذنه:

> "لقد عدت... يا من كان الظل سكنه، والنور ماضيه."

تجمّد في مكانه، وعيناه تتسعان. جسده بدأ يتوهّج، شعره تمايل كأن ريحًا خفية تدفعه، وشيء في داخله... استيقظ.

عندما فتح عينيه مجددًا، كان السيف في يده، ينبض كما لو كان قلبًا حيًا. يداه تقطران طاقة، وعيناه توهجتا بلون أحمر عميق. سمع صوته، لكن لم يكن صوته:

> "تمــــرد... هذا اسمي الحقيقي."

كايتو، الذي لم يكن يعرف من هو، اكتشف أول خيط من قدره.

كان هذا... بداية الظلّ.

لكنّ الظلال لا تأتي وحيدة، بل تحمل معها ماضٍ دموي... ومستقبلًا يكتب بالرماد.

 

عاد كايتو إلى منزله ببطء، يجرّ قدميه كأنّ الأرض أصبحت أثقل. كل شيء من حوله بدا مختلفًا: الأشجار، السماء، حتى الريح. كان يشعر بطاقة تنبعث من داخله، لكنها لا تزال غريبة عنه. السيف كان قد اختفى من يده بطريقة غامضة، لكنه أحسّ وكأنّه جزء من روحه الآن.

فتح باب الكوخ ودخل، جلس على سريره الخشبي، وأخذ نفسًا عميقًا. مدّ يده إلى الدفتر الصغير وكتب:

"رأيت السيف. رأيت ماضيًا لا أعرفه. اسمي... ليس كايتو فقط."

مرت ساعات وهو غارق في التفكير، حتى غلبه النوم. لكن الليلة، لم تكن كوابيسه كالسابق. بل رأى رجلًا يقف وسط العاصفة، يحمل السيف نفسه، عينيه حمراء كالدم، يبتسم ابتسامة هادئة ويقول:

> "عدنا يا صديقي... بقي أن نستعيد كل شيء."

استيقظ كايتو فزعًا، ويده تمسك بغطاء السرير بقوة. لكنه هذه المرة... لم يكن خائفًا.

في صباح اليوم التالي، كانت هناك حركة غريبة في القرية. الناس يتحدثون عن وميض أحمر ظهر في الغابة ليلًا، عن زلزال خفيف شعروا به. بعضهم قال إنه نذير شؤم، والبعض الآخر ظنّ أنه وهم.

لكن هناك من رآه...

رجل عجوز يعيش على أطراف القرية، عيونه رمادية وذهنه نصف غائب، قال لمن استمع إليه:

> "اللعنة... فُتحت. السيف... وجد طريقه. التمرد... سيعود..."

ضحك الجميع عليه كالمعتاد، لكن كلماته ظلت تدور في الهواء، كهمسة من ماضٍ لا يريد أن يُنسى.

كايتو، دون أن يدري، كان قد بدأ رحلته... رحلة لا عودة منها.

وهكذا، يبدأ كل شيء من جديد.

(يُتبع...)

اصدقائي الكرام هادي اول رواية لألي واتمنى كل دعمكم وشكرا لكم واتمنى مشاهده ممتعه للجميع ♥️❤️‍🔥

الجديد

Comments

Anos Foldigood

Anos Foldigood

رواية تجننن /Drool//Heart//Rose/

2025-07-02

0

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon