الفصل الرابع: عودة الظل القديم

بعد أيام من الاضطرابات والمواجهات، شعرت ليلى أن شيئًا ما يقترب من حياتها، ظلٌّ من الماضي لم يمت بعد.

في صباح مشمس، وبينما كانت تُرتّب الكتب في المكتبة، دخل رجلٌ يرتدي معطفًا بسيطًا، يحمل نظرة حازمة وابتسامة دافئة.

كان هو… "آدم الجبالي".

وقف أمامها وقال بنبرة هادئة:

"ليلى… لقد اشتقت."

نظرت إليه بدهشة، لكنها حاولت إخفاء مشاعرها:

"آدم… ماذا تفعل هنا؟"

ابتسم وقال:

"سمعت أنك بحاجة إلى صديق… أو على الأقل شخص يفهمك."

كانت الكلمة تحمل وزنًا أكبر من مجرد تودد.

آدم كان يعرف كل شيء عن ماضيها، عن الألم، عن الحب الذي لم يُكتب له أن يكتمل.

مرت دقائق كانا يتحدثان فيها كأنهما يعيدان الزمن إلى الوراء،

لكن خلف الابتسامة الدافئة، كانت هناك نيران خفية.

"كيف حال ريما؟" سألت ليلى.

"هي بخير.

تزوجنا.

ولكنها مثلُكِ… قوية… ولا ترضى بالهزيمة."

ابتسمت ليلى بامتنان، وبدأت تشعر أن وجود آدم ربما يكون دعمًا مهمًا في هذه المعركة القادمة.

في تلك اللحظة، دخل ياسين يركض مبتسمًا:

"ماما!

جاء كمال اليوم وزارني في المدرسة!"

ارتجف قلب ليلى قليلاً، لكنها أخفت ذلك بابتسامة.

نظرت إلى آدم وقالت:

"القصة تعقدت أكثر."

ابتسم آدم، وأخذ نفسًا عميقًا:

"في الحروب، يكون التحالف هو أقوى سلاح."

جلست ليلى في زاوية المكتبة الصغيرة، تتنفس ببطء محاولة تهدئة نبضات قلبها المتسارعة. أمامها كانت أكوام من الكتب، لكن عقلها كان مشغولاً أكثر من أي وقت مضى. كانت أفكارها تتشابك بين حاضرها المليء بالتحديات وماضيها الذي لم يتركها حتى الآن.

كانت أصوات خطوات تقترب نحوها، وفي اللحظة التالية، دخل آدم الجبالي، بابتسامة لطيفة لا تخلو من الحزن.

جلس مقابلها وقال:

"ليلى، أعرف أن ما حدث لك ليس سهلاً، وأن كمال يحاول الآن استعادة ما فقده. لكن عائلته لن تجعل الأمر بسيطًا."

نظرت له بعينيها اللامعتين وقالت:

"أنا أعرف ذلك، آدم. ولهذا السبب، أحتاجك."

تبادل الاثنان نظرات طويلة، مليئة بالكثير من الذكريات المؤلمة والأمل المتجدد.

"أنا هنا لأجلك،" قال آدم بهدوء، "وسأقف بجانبك مهما حدث."

بينما كانا يتحدثان، دخل ياسين من الباب، متحمسًا كعادته:

"ماما! اليوم في المدرسة كان رائعًا! قابلت أصدقاء جدد، ورسمت لوحة جميلة."

ابتسمت ليلى له، وأمسكت بيده وقالت:

"أنا فخورة بك، يا صغيري."

عاد آدم لحديثه:

"لكن يجب أن تعرفي، أن والد كمال، والمرأة التي تدير كل شيء من خلف الستار، لن يسمحوا لك بسهولة بأن تكوني جزءًا من حياتهم."

نظرت ليلى إلى آدم، وقالت:

"أعلم أن والدته لا تحبني، وأن نورهان تحاول اللعب في الظلال. لكني سأقاوم. لأجل ياسين، لأجل نفسي."

في تلك اللحظة، بدأ يتسلل صوت خافت من الخارج. كانت تلك هي ريما، أخت كمال، التي كانت تراقب من بعيد قبل أن تدخل المكتبة.

ابتسمت ليلى عندما رأتها، وقالت:

"ريما، سعيد برؤيتك."

دخلت ريما، وأغمضت عينيها للحظة ثم قالت:

"ليلى، أنت أقوى مما تعتقدين. وأنا هنا لأدعمك."

بدأت حكاية جديدة من الصراع والولاء، حيث أصبح التحالف بين ليلى، آدم، وريما حجر الأساس لمواجهة التحديات القادمة.

مواجهة جديدة في الأفق

لكن لم يكن هناك وقت للراحة. فقد بدأت الأخبار تنتشر في المجتمع، والهمسات عن قصة ليلى وكمال بدأت تأخذ أبعادًا أكبر.

في مساء ذلك اليوم، كانت ليلى في طريقها للمنزل عندما توقفت سيارة فاخرة بجانبها. نزل رجل أنيق يرتدي نظارات داكنة، وقال:

"ليلى، أريد أن أتحدث معك."

كان هذا الرجل هو المحامي الذي أرسلته عائلة كمال، يحمل رسائل تحذير ضمنية، ومطالبات بعدم التدخل في شؤون العائلة.

تحدث معها ببرود:

"أنتِ لا تملكين أي حق في طلب الدعم من كمال، ولا يجب أن تتدخلي في حياته الخاصة."

ردت ليلى بثقة:

"ابن كمال هو طفلي، وله حق في وجود أب في حياته. وسأقاتل حتى آخر رمق لأضمن ذلك."

المواجهة كانت شرسة، لكنها لم تكن سوى بداية سلسلة من التحديات التي ستواجهها ليلى في معركة دفاعها عن ابنها وكرامتها.

كانت الليالي تتوالى على ليلى بلا نوم، وكأن أفكارها وقلبها لا يملكان راحة. جلست في غرفة المعيشة الصغيرة، ياسين نائم على أريكة بجانبها، وكانت تراقب تنفسه الهادئ، محاولة أن تستمد منه القوة.

في داخلها، كانت تعيد ترتيب ذكرياتها، تتذكر طفولتها القاسية، أيامها كخادمة في القصر، وكيف تركها العالم لتواجه مصيرها وحدها. لكنها لم تعد تلك الفتاة الضعيفة، بل أصبحت امرأة صلبة، تعرف كيف تحمي نفسها ومن تحب.

في ذلك اليوم، تلقت رسالة هاتفية من ريما، أخت كمال، تحمل كلمات مختصرة لكنها كانت كافية:

"اجتمعي معي عند مقهى المدينة، هناك شيء يجب أن تعرفيه."

حملت قلبها في يدها وذهبت دون تردد.

في المقهى، جلست ريما تنتظرها، عيناها تحملان مزيجًا من القلق والقوة.

قالت ريما بسرعة:

"ليلى، عائلتنا ليست فقط والدتي ونورهان، هناك جدتنا… إنها الأكثر قوةً وخطورة.

سمعتُ حديثًا عن خطة لقطع علاقتك بكمال تمامًا."

شعرت ليلى بالبرد ينساب في عروقها، لكنها أجابت بثبات:

"لن أدعهم يفعلون ذلك. ياسين لن يُحرم من والده، ولا أنا من كرامتي."

تابعت ريما:

"هناك أمر آخر… آدم ليس مجرد رجل وقف إلى جانبك. لديه ماضي مع عائلتنا… وأعداء لا يتوانون عن الانتقام."

ابتلعت ليلى ريقها، وشعرت بثقل الكلمات يتضاعف على كاهلها.

لكن في عينيها كان بريق لا ينطفئ، وكأنها تقول بصمت: "سأقاتل حتى النهاية."

في تلك الأثناء، كان آدم يتابع أخبار العائلة من بعيد.

عرف أن هذه الحرب لن تكون سهلة، لكنه كان مستعدًا للدخول معها في كل المعارك.

في يوم آخر، بينما كانت ليلى تخرج من المكتبة، فوجئت بسيارة فاخرة توقفت بجانبها.

نزل منها رجل أنيق يرتدي بدلة سوداء، ووجهه يحمل ملامح الجدية والتهديد.

قدم نفسه كممثل عن مجلس إدارة شركة كمال، وقال بصوت بارد:

"ليلى، هناك أمر يجب أن تناقشيه مع كمال… الأمر أصبح أكثر تعقيدًا مما تتصورين."

شعرت ليلى بتوتر يتصاعد، لكنها حافظت على هدوئها:

"أنا مستعدة لكل شيء. فقط أخبرني ما هو."

قال الرجل:

"المجلس لن يسمح بعودة كمال إلى حياة ياسين بسهولة. هناك اتفاقات عائلية ومالية تتعارض مع هذا."

ابتسمت ليلى بسخرية:

"العائلة قد تملك المال والقوة، لكنني أملك شيئًا لا يمكنهم شراؤه: الحق."

عاد الرجل إلى سيارته، وتركها تقف وسط الشارع، تفكر في ما يعنيه ذلك.

عادت إلى المنزل، وجدت ياسين يرسم لوحة جديدة.

اقتربت منه وهمست:

"هذه الحرب ليست فقط لنا يا صغيري… إنها من أجل كل من يؤمن بالحب والكرامة."

كان ذلك اليوم بداية لمعركة جديدة، معركة لن تعرف الرحمة، لكنها ستعلم الجميع أن امرأة مثل ليلى لا تُكسر بسهولة.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon