الفصل 4

...“مرحبًا، أيتها الزهور الصغيرة؟”...

...بعد مرور يومٍ وزيارتي مجددًا لبرج السحر، شعرت أن هناك شيئًا مختلفًا فيه....

...رأيت زهورًا صغيرةً لم أرها بالأمس، وبدلًا من الأجواء المهيبة، كان النسيم الربيعي العليل يملأ المكان....

...“مرحبًا، أيتها الغربان!”...

...حتى الغربان التي كانت تحدق بي من فوق الأشجار بدت لطيفة....

...‘هل لأن مشاعري قد تغيرت؟ الحياة حقًا شيءٌ مذهل!’...

...رغم أن البرج كان يثير الخوف في قلوب الكثيرين، إلا أنه بات الآن يبدو لي كهيكلٍ مقدس....

...طرقت الباب، ففُتح بعد قليل....

...“هاه……تباً.”...

...وكما توقعت، كان كايدن هو من فتح الباب. ...

...كان وجهه عابسًا لا يتماشى مع إشراقة صباح هذا اليوم الجميل....

...“هل عدتِ مرة أخرى؟ لقد وعدتِ بالأمس أنكِ لن تعودي!”...

...بدا كايدن وكأنه يشعر بالظلم. لكن الشخص الذي يجب أن يشعر بالظلم هو أنا، لا هو……...

...“ليس الأمر كذلك-”...

...فتحت فمي لأخبر كايدن بما حدث بالأمس، لكنه قاطعني....

...“كما توقعت، لم يوافق على مقابلتكِ، أليس كذلك؟ كنتُ أعلم أنه سيفعل. إنه شخصٌ نادر الظهور أصلًا.”...

...“لا، في الواقع-”...

...“ما الأمر المهم الذي تريدين قوله حتى تأتي إلى هنا بهذا الإلحاح؟ من مظهركِ، لا تبدين قادرةً على استخدام أي نوعٍ من السحر أصلًا.”...

...تأملني كايدن من أعلى إلى أسفل بعينيه الرماديتين المرهقتين....

...صحيحٌ أنني أزعجته بالأمس وهددته بشيءٍ لا معنى له، لكن لا أظن أنني أستحق هذا النوع من النظرات....

...“السيد كايدن، لقد قابلتُ البارحة الساحر العظيم دانتي بسلام. وكل ذلك بفضل أنكَ سمحت لي بالدخول.”...

...“……ماذا؟ تقولين أنكِ قابلتِه؟”...

...لأول مرة، فتح كايدن عينيه على اتساعهما وبدا عليه الذهول....

...لقد اعتدت على رؤية وجهه المتجهم وكأنما يمضغ شيئًا مرًا، لذا رؤية هذا التعبير على وجهه كانت مفاجأة....

...“نعم. وقد وعدني أن نلتقي مجددًا اليوم أيضًا. لذا، هلا تفسح لي الطريق من فضلكَ؟”...

...“تقولين أنكِ اتفقتِ على موعدٍ معه؟!”...

...صرخ كايدن بصوتٍ عالٍ كأن البرج على وشك أن ينهار من شدته....

...كان صوته عاليًا لدرجة أن الغربان التي كانت تستريح على الأشجار القريبة طارت فزعًا، وخرج بعض السحرة من النوافذ لينظروا إلى الخارج بفضول....

...“نعم. لا بد أنه ينتظرني بلهفةٍ الآن. عليّ الدخول قبل أن أتأخر أكثر.”...

...تجاوزتُ كايدن الذي كان واقفًا بفمٍ مفتوح وكأنه فقد وعيه، ودخلت البرج....

...كان داخل البرج كما رأيته بالأمس، مليئًا بكتب السحر وأدوات التجارب المبعثرة، مما جعله يبدو فوضويًا كعادته....

...توجهت مباشرةً نحو السلم المؤدي إلى الطابق السفلي، وفورًا لحقني كايدن من الخلف ملتصقًا بي....

...“مـ- مهلاً لحظة!”...

...“أوه! لقد أفزعتني. ما الأمر فجأة؟ ألا تثق بي؟”...

...“لـ- لا، ليس الأمر كذلك……”...

...إذًا، ما الذي يجعله يمسكني الآن؟...

...الأغرب من ذلك أن عينَيه الرماديتين، اللتين كانتا دائمًا باهتتين، بدا عليهما شيءٌ من الحيوية هذه المرة. كان مظهره هذا مزعجًا بطريقةٍ ما يصعب وصفها....

...“في الحقيقة……أنا من معجبي السيد دانتي.”...

...“……ماذا؟ ماذا قلتَ للتو؟”...

...شككت في أذني. هل سمعتُ ما قاله حقًا؟...

...أملت برأسي ونظرت إلى كايدن، وكأنه يريد أن يؤكد لي أنني لم أسمع خطأ، إذ بدأ وجهه يحمر بخجل....

...كان شعورًا أشبه بمعرفة شيءٍ لم أكن أريد معرفته أصلًا....

...“آه، معجب……حسنًا، هذا ممكن، نعم.”...

...“السيد دانتي هو مثلي الأعلى! تلك الهالة الجليلة، واندماجه اليومي في الأبحاث، إنه رائعٌ حقًا! أضيفي إلى ذلك كونه أصغر مرشحٍ لمنصب سيد برج السحر! أليس هذا مذهلًا؟”...

...أن يكون أصغر مرشحٍ لمنصب سيد البرج؟ لا بأس، لكن لم يصبح سيدًا بعد، فهل يستحق كل هذا التقدير؟...

...رغبت في الاعتراض، لكن كايدن كان غارقًا تمامًا في عالمه الخاص، ولم أستطع مقاطعته....

...“لذا، أرجوكِ! دعيني أقابل السيد دانتي أيضًا!”...

...“أنا؟!”...

...“ألستِ ذاهبةً لمقابلة السيد دانتي الآن؟ حتى لو كان للحظةٍ عابرة عند فتح الباب، أرجوكِ خذيني معكِ!”...

...كان صادقًا جدًا لدرجة أنني لم أستطع قول “لا”. وحين أومأت برأسي موافقة، ابتسم كايدن ابتسامةً مشرقة وأمسك بيدي فجأة....

...“شكرًا لكِ! شكرًا جزيلًا!”...

...ابتسمتُ بخجل وأنا أسحب يدي من قبضته بينما كان يضحك بلا توقف....

...“إذًا، لنذهب؟”...

...الوقت الذي قضيته في النزول إلى القبو مع كايدن بدا طويلًا جدًا. وذلك لأنه ظل يهمهم بكلماتٍ عن لقائه المرتقب مع دانتي ويغرق في تخيلاته....

...وبعد كثيرٍ من التعرجات وصلنا أخيرًا إلى باب غرفة دانتي، فسارعت بطرق الباب....

...“سيدي الساحر، أنا هنا.”...

...لكن لم يأتِ أي رد، فقط إحساسٌ بوجوده خلف الباب، ولم يُفتح الباب أيضًا....

...هل نسي أنه وعدني أن أتي اليوم؟ ...

...بقليلٍ من التوتر طرقتُ الباب مرة أخرى بصوت عالٍ....

...“سيدي الساحر! ألم تقل أن عليّ أن آتي اليوم؟!”...

...عندها، جاء صوته من خلف الباب....

...“نعم.”...

...نعم؟ نــعــم؟ هل هذه إجابة؟ ألا يجب أن تفتح الباب على الأقل؟...

...……هذا ما أردت قوله، لكنني لم أكن أمتلك الجرأة....

...“هاها. ألن تفتح الباب؟”...

...تيك….تاك…....

...كانت السكينة شديدةً لدرجة أن صوت عقرب الثواني في ساعة الجيب داخل معطف كايدن كان مسموعًا بوضوح....

...و لم يصل رد دانتي إلا بعد مرور وقت طويل....

...“أبعِدي ذلك الشخص عني.”...

...“عذرًا؟ من تقصد؟”...

...“الشخص الذي جاء معكِ.”...

...الشخص الذي جاء معي؟ هل يقصد كايدن؟...

...“هل تقصد هذا هنا؟ السيد كايدن؟”...

...“……نعم.”...

...بعد سماع جواب دانتي، استدرت ونظرت إلى كايدن. وقد كان قد استوعب ما يجري، إذ كان يستمع إلى الحوار بأكمله بيني وبين دانتي....

...ولذا، كانت ملامحه لا توصف، وجهه الذي كان مليئًا بالتوقع والحماس بدا وكأن موجةً عاتية اجتاحته، متداعيًا كليًا، وكأنه على وشك البكاء....

...أن أقول شيئًا بهذه القسوة لشخصٍ يحمل هذا التعبير في وجهه……...

...“كما سمعت، يطلب منكَ المغادرة.”...

...لم يكن قول ذلك صعبًا....

...“لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا……”...

...كان كايدن يبدو أكثر إحباطًا من ذي قبل. لكن يبدو أنه لم يرغب في إزعاج مثله الأعلى، فاستدار بسرعة وبدأ يصعد الدرج مغادرًا. ...

...ظل يلتفت إلى الخلف أكثر من مرة بأسى، لكنه لم يقل شيئًا وغادر بهدوء....

...لم أشعر بالحزن تجاهه تمامًا، لكن لا أنكر أنني شعرت بقليلٍ من الشفقة....

...وما إن اختفى تمامًا عن الأنظار حتى عدت لأطرق باب دانتي مجددًا....

...“سيدي الساحر، أنا وحدي الآن.”...

...عندها فُتح الباب وظهر دانتي. و قد فتح الباب بقدرٍ يكفي بالكاد لدخولي وحدي....

...“تفضلي بالدخول.”...

...وما إن دخلت الغرفة حتى أُغلق الباب خلفي بقوة. ورغم إغلاقه للباب، بقي متحفزًا، ما دفعني لسؤاله،...

...“لماذا كل هذا الحذر؟ هل تحتوي هذه الغرفة على وثائق سرية للبرج أو شيءٍ من هذا القبيل؟”...

...فكرت أن ذلك وارد، لكونه المرشح الأقوى ليصبح سيد البرج التالي. لكن رده كان محبطًا بعض الشيء....

...“أنا أكره الناس.”...

...“……عذرًا؟”...

...“أنا أكره تمامًا التعامل مع الآخرين.”...

...لا أصدق……الساحر الأعظم العظيم، مرشح البرج الغامض……لم يكن سوى شخص منعزل يكره البشر!...

...رغم أن ما قاله لا يُصدق، إلا أن ملامحه بدت أكثر هدوءًا من أي وقتٍ مضى....

...“وماذا عني؟ هل أنا لا بأس بي؟”...

...“……لديكِ ما ترغبين به.”...

...تردده قبل الإجابة أوضح أنه لا يعتقد ذلك حقًا....

...ولأول مرة شعرت بالامتنان لأن القوة السحرية التي أملكها هي من النوع القديم، فلو كانت ضعيفةً أو عادية، لما كنت أقف أمامه الآن....

...“أوه، هل ستعلّمني اليوم كيفية التحكم في الطاقة السحرية؟”...

...لنغيّر الموضوع. الاستمرار في الحديث بهذا الشكل لن يكون جيدًا....

...ظل دانتي ينظر إلي بصمت لفترة، ثم بدأ يتحرك فجأة. و راح يتنقل بين رفوف الكتب المحيطة بالغرفة، وجمع في ذراعيه عدة كتبٍ كبيرة، مكدسة فوق بعضها....

...ثم اقترب مني مجددًا....

...'لِمَ يقترب؟ لماذا يحمل كل هذه الكتب ويتجه نحوي؟'...

...شعوري بالقلق لم يخنّي، إذ قدّم إلي دانتي كومة الكتب بكل ثقة....

...“خذيها.”...

...هل جنّ؟...

...“هذه؟ لي؟!”...

...“نعم. لقد اخترتُ هذه الكتب من أجلكِ.”...

...على الرغم من أن نيته كانت نبيلة، إلا أنني تساءلت……هل هو في كامل قواه العقلية؟...

...إذا كنت سأحمل هذه الكتب التي هي سميكةٌ لدرجة أنها قد تغطي حتى جسده، فسيكون من الخطير أن أقبلها، فقد أفقد طاقتي على الفور....

...'في لحظاتٍ كهذه، أتمنى لو كان لدي شاشة الحالة……'...

...وفي النهاية، بدأت أخرج الكتب من ذراعي دانتي وأضعها على الأرض واحدة تلو الأخرى....

...كانت كثيرةً وسميكة لدرجة أنها تخطت ركبتي على الفور....

...“هل تعني أنني يجب أن أقرأ كل هذه الكتب؟”...

...“نعم.”...

...“يا للهول……”...

...“هذه الكتب هي فقط كتبٌ سحرية أساسية. لقد انتقيت الكتب التي تحتوي على شرحٍ مفصل حول كيفية استخدام الطاقة السحرية، لذلك ستكون قراءة هذه الكتب مفيدة.”...

...هل هي كلها كتبٌ أساسية؟ والأكثر من ذلك، أنني يجب أن أقرأها كلها؟ هذا غير معقول!...

...“كنت أظن أنكَ ستشرح لي ببساطة.”...

...“بالطبع يمكنني فعل ذلك، لكن السحر ليس شيئًا يمكنكِ تعلمه بهذه الطريقة. يجب أن يفهمه عقلكِ، ويستشعره قلبكِ، حتى تتمكنِ من استخدامه.”...

...“لكن……”...

...“من الأفضل أن تقومي بقراءة هذه الكتب وتفهمي كيفية استخدام الطاقة السحرية حتى الغد. إذًا، سيكون هذا كل شيءٍ اليوم.”...

...كيف يمكنني قراءة وفهم كل هذا الكم من الكتب في يومٍ واحد؟!...

...كانت الكتب ثقيلةً للغاية لدرجة أنني لم أتمكن من حملها، فكنت على وشك القول أنني سأخذ كتابًا واحدًا فقط. لكن دانتي تحدث أولًا....

...“ستكون ثقيلةً عليكِ، لذا سأضعها في العربة مسبقًا.”...

...قبل أن أسأله ماذا يقصد، أومأ دانتي وأصدر صوتًا عبر خفق أصبعه....

...طقطقة-! ...

...بمجرد أن سمعت الصوت، اختفت الكتب المتراكمة أمامي في لحظة. و كانت هذه المرة الأولى التي أواجه فيها السحر طوال حياتي....

...'إنه أمرٌ مدهش!'...

...في النهاية، لم أستطع الرد، وصعدت إلى العربة للعودة إلى القصر مع جميع الكتب....

...***...

...“آنستي، لقد تأخر الوقت. إذا استمريتِ هكذا، ستتأذى عينيكِ.”...

...تحدثت إليّ ليج، التي كانت ترتب سرير النوم، وهي تلاحظني غارقةً في قراءة الكتب التي أعطاها لي دانتي منذ ساعات....

...في الحقيقة، لم أكن أنوي القراءة حتى هذا الوقت المتأخر. كنت فقط أخطط لتصفح بضعة صفحات ثم زيارة دانتي غدًا لأطلب منه شرحًا مختصرًا....

...لكن الحقيقة أن الكتاب كان ممتعًا أكثر مما كنت أتوقع. و لم أكن أدرك أن الليل قد حل بهذه السرعة، فقد كنت غارقةً تمامًا في القراءة....

...“أجل، بالفعل. لقد حلّ الليل.”...

...عند سماع كلام ليج، شعرت بتعب في عينيَّ وخرج مني أنينٌ منخفض....

...استندت إلى الكرسي ومددت جسدي، ثم وضعت العلامة في الصفحة التي كنت أقرأها وأغلقت الكتاب....

...“إذاً، تصبحين على خير، آنستي.”...

...أغلقت ليج الباب بحذر وغادرت، وفي الغرفة حل الصمت فجأة....

...عندما استلقيت على السرير وأغلقت عيني، بدأ النعاس يغلبني....

...'على أي حال، لا أستطيع الخروج كل يومٍ بسبب مراقبة إيدن لي.'...

...هل هناك طريقةٌ للخروج من عائلة الدوق بشكل طبيعي؟ عليّ على الأقل محاولة اختبار إيدن غدًا....

...___________________...

...يراقبها؟ ليه يامجنون ...

...كايدن مثير للشفقة مره يضحك مسحوب عليه😭...

...إيرفين تضحك اكثر وحده تغير قراراتها وتجلد الناس في راسها ✨...

...Dana...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon