الفصل 2

...طرق- طرق-طرق-!...

...طرقت باب البرج الخشبي بعنف....

...كنت أشعر بهذا من قبل، لكن لماذا يبدو أنني أنا من يتعب كلما طرقت الباب، مع أنه هو الذي يُطرق؟...

...'لو كان لهذا العالم نافذة حالة مثل باقي الروايات، لتناقصت طاقتي نقطةً بنقطة مع كل طرق على الباب بلا شك.'...

...كنت غارقةً في هذا التفكير السخيف حين فُتح الباب وظهر رجلٌ نحيل المظهر يرتدي عباءة تغطي جسده....

...“من…..هااه…..أنتِ مجددًا؟”...

...كان ذلك هو كايدن، ساحر البرج، وقد بدأت أعتاد على رؤيته....

...ما إن رأى وجهي حتى تنهد بعمق وكأن حياته انطفأت، ثم مسح وجهه بيده بتعب....

...كنت أتفهم رد فعله تمامًا، فقد كانت هذه المرة الثالثة التي أزوره فيها في هذا التوقيت....

...“مرحبًا! هل يمكنني رؤية ذلك الشخص اليوم؟”...

...“لا. عودي من حيث أتيتِ.”...

...“أنا أعلم أنه موجودٌ في القبو.”...

...“نعم، الجميع يعلم ذلك. لكن ما الذي يمكنني فعله إن كان لا يريد الظهور؟”...

...“إذاً دعني فقط أتأكد. من يدري؟ ربما يوافق على مقابلتي!”...

...كايدن، الذي ظل يفرك وجهه الجاف مرارًا، تنهد بعمق وعقد حاجبيه بضيق....

...“نحن، السحرة الأدنى مرتبة، من يتحمل تبعات ما يحدث لاحقًا. لذا، أرجوكِ، عودي الآن.”...

...شعرت ببعض الأسى وأنا أنظر إلى وجهه المرهق. أفترض أنه يراني بمثابة شكوى مزعجة يصعب التعامل معها؟...

...أنا آسفة، لكن لا مفر لي إن كنتُ أريد النجاة....

...“إن سمحتَ لي بالدخول هذه المرة فقط، أعدكَ أنني لن أعود مجددًا.”...

...“لا يمكن.”...

...“السيد كايدن، أنت تعمل في صناعة الأدوات السحرية داخل البرج، أليس كذلك؟ ونظرًا إلى كثرة الحروب مؤخرًا، فقد زادت الطلبات وأصبحتَ مرهقًا جدًا.”...

...“إن كنتِ تعرفين، فهلا عدتِ من حيث أتيتِ؟”...

...ابتسمت ابتسامةً صغيرة وأنا أراقب كايدن وهو يرد بتنهد....

...“و قد تلقيتَ مؤخرًا طلبًا من دوقية هايفن لتصنيع عدد كبير من الأدوات خلال فترة قصيرة، ولم يتبقَ الكثير على الموعد النهائي.”...

...“…..أنتِ تعرفين الكثير على ما يبدو.”...

...“إن لم تسمح لي بالدخول إلى الغرفة التي يوجد فيها اليوم، فسأعود غدًا، وبعد غد، وكل يوم، وسأستمر في إزعاجك. أما إن سمحتَ لي بالدخول اليوم، حتى لو لم أتمكن من مقابلته، فلن أعود مجددًا.”...

...عند كلماتي، فتح كايدن فمه من الدهشة، ثم عبس وجهه بضيق....

...“فما رأيكَ؟ ماذا ستفعل؟”...

...وكأنه رأى مستقبله البائس يتجسد أمامه، خفض كايدن رأسه وتمتم بشتيمةٍ خفيفة....

...“لهذا السبب لا ينبغي التعامل مع النبلاء.”...

...ثم نظر إليّ بعينيه الرماديتين المتعبتين نظرةً كلها ضيق، وأشار برأسه إلى داخل البرج....

...“تفضلي، اتبعيني.”...

...أخيرًا. بعد خمس مرات من التجاهل وثلاث زيارات، تمكنت من الاقتراب منه خطوةً واحدة....

...كنت أرغب في الرقص فرحًا، لكنني كنت أعلم أنني سأتقيأ دمًا وأقع أرضًا لو فعلت، لذا اكتفيت بالصراخ من الفرح داخلي بينما تبعت كايدن بهدوء....

...“هاااه…..عليّ أن أترك هذه الوظيفة اللعينة.”...

...اضطررت للاستماع إلى تذمر كايدن طوال نزولنا الدرج المؤدي إلى القبو. لكن لم يكن يهمني. ...

...إن كان بإمكاني فقط أن أحظى بفرصةٍ للقائه، فلا بأس أن أتحمل سيلًا من الشتائم....

...وأثناء نزوله المتثاقل، التفت كايدن فجأةً وهددني بلهجة صارمة....

...“تذكّري جيدًا. لا. لا. لاااا! يُسمَح لكِ بإزعاج اللورد دانتي. هل هذا واضح؟”...

...شدد على كلامه مرارًا، وكان يتحدث بحزم لا يقبل الجدال. وقد لاحظت في عينيه الرماديتين لمحةً من الخوف. بدا وكأنه يخاف من دانتي....

...لماذا؟ حسب ما قالت لي ليج، فهو مجرد رجل ضئيل الحجم وكئيب!...

...همم…..ربما لأن دانتي ساحرٌ عظيم؟...

...“أرجوكِ، أجيبي. لا أستطيع التنبؤ بما قد تفعلينه، وهذا ما يقلقني.”...

...الرد لم يكن أمرًا صعبًا بالنسبة لي....

...“نعم! فهمت.”...

...أجبت بابتسامةٍ مشرقة، فحدق بي كايدن مليًّا قبل أن يخفض رأسه بإحباط....

..."تباً. لا أشعر بأي صدق أبداً….."...

...ثم بدأ يضحك بهدوء كالمجنون ويتمتم بشيء ما وحده....

..."لا، لا بأس. لقد فعلت ما بوسعي. نعم، هذا الأمر لا علاقة له بي. نعم، هذا هو الأمر."...

...توقفت كلماته فجأة في لحظةٍ واحدة....

...عندما رفع كايدن رأسه مجددًا، بدا وجهه خاليًا تمامًا من أي قلق أو همّ. كان وجهًا صافياً كمن بلغ الإدراك للتو....

..."الآن، إن نزلتِ من هنا مباشرة، ستجدين غرفة اللورد دانتي. إذاً سأكتفي بهذا وأتراجع."...

...صعد كايدن الدرج بخطى خفيفة كما لو أنه تخلّى عن حملٍ ثقيل، ثم اختفى....

...عندما أدرت رأسي نحو الاتجاه الذي أشار إليه، رأيت بابًا خشبيًا في نهاية الممر. و لسبب ما، شعرت بالتوتر يحيط بالمكان، فتقدّمت بعد أن أخذت نفسًا عميقًا وطرقت الباب....

..."هل هناك أحد؟"...

...مر وقتٌ طويل دون أن يأتيني أي جواب، ولم أشعر حتى بأدنى حركة....

..."أيها الساحر، أنا أعلم جيدًا أنكَ بالداخل."...

...أرهفت سمعي وركّزت على الأصوات خلف الباب. ثم سمعت بوضوح صوت احتكاكٍ طفيف وكأن طرف ثوب أحدهم قد تحرّك. ...

...كما توقعت، لا شك أنه موجود هنا....

..."أحم!"...

...تنحنحت وبدأت أتحدث موجّهةً كلامي إلى الباب....

..."أيها الساحر، هل وصلك خطابي الذي أرسلته؟ كنت أعود أدراجي دائمًا من أمام باب البرج، وهذه أول مرة أدخل إلى هنا. لدي الكثير لأقوله لكَ، فهل يمكنني الدخول إن لم يكن لديكَ مانع؟"...

...وكالعادة، لم يأتني أي رد....

...الوقت كان يمضي شيئًا فشيئًا. ولم يتبقَ لي الكثير منه…..لا يمكنني أن أفشل وأعود أدراجي مرة أخرى. ...

...لن تكون هناك فرصة ثانية، ولذلك كان لا بد أن أراه اليوم مهما حصل....

...تنفست بعمق مرة أخرى، ورفعت يدي لأطرق الباب من جديد....

..."أيها الساحر..…!"...

...لكن قبل أن أكمل كلمتي، فُتح الباب فجأة. وخرج هو....

...الرجل الذي لا يظهر أمام الناس كثيرًا، والذي قضيت أيامًا في قلقٍ لأجل لقائه....

...لكن هذا الشخص….....

..."من أنتِ؟"...

...إنه مختلفٌ تمامًا عما وصفته لي ليج!...

...'قالت أنه كان يتمايل كخرقةٍ مغبرّة.'...

...بل على العكس، كان ضخم الجثة وأكثر قوةً من معظم الفرسان....

...شعره الأسود الحالك كان مبعثراً قليلًا ويتطاير فوق جبينه، لكن حتى ذلك بدا كجزء من أسلوبه الخاص....

...عينيه المائلتين قليلاً إلى الأعلى أعطت انطباعًا حادًا، لكن الشامتين المتراصتين تحت إحدى عينيه أضفتا عليه هالةً غامضة تناسبت معه بطريقة ما....

...بكلمة واحدة، كان وسيماً....

...تراقصت ألسنة الشموع في القبو، وتمايل معها بريق عينيه الذهبيتين....

..."لماذا تبحثين عني؟"...

...يبدو أن خصلات شعره نزلت لتداعب طرف عينيه، فمرر يده بلامبالاة ليزيحها....

...دانتي، الذي بدا عليه الكسل ممزوجًا بإغراء قاتم، كان يشعّ بجو من الانحطاط الساحر....

...بدأت أفهم الآن سبب خوف كايدن. فمن يتخيل أن هذا الوجه قد يغضب، سيشعر بالشلل فورًا....

..."إن لم يكن لديكِ ما تقولينه، فسأدخل."...

...استفقت فجأةً من شرودي الطويل....

..."لا، لدي ما أقوله! بل الكثير!"...

...التفت دانتي، الذي كان قد استدار، وحدّق بي من الأعلا....

...أخذت نفسًا عميقًا و تحدثت,...

..."كما كتبت في الرسالة، أنا هنا لأقترح عليك صفقة."...

..."صفقة؟"...

...كنت واثقة. دانتي لن يرفض عرضي أبدًا. لا، بل لن يستطيع رفضه. لأنه عرضٌ يحتاجه بشدة....

...نظرت إليه مبتسمةً، وكأنني أجيب على سؤاله الضمني عمّا هي الصفقة....

..."أنا أمتلك قوةً سحرية قديمة. سأمنحك هذه القوة، لكن في المقابل، أريد منكَ معروفًا!"...

...في تلك اللحظة، توقف دانتي قليلًا وحدّق بي ببطء....

...التعبير الذي ظهر على وجهه كان…..دهشة؟ لا، بل بدا أقرب إلى الغضب بشكلٍ غريب....

...أغمض دانتي عينيه ببطء وقطّب حاجبيه، ثم أطلق زفرة عميقة....

..."هل أزعجتني بهذا القدر فقط لتقولي هذا الهراء؟ بعد كل تلك الرسائل التي أرسلتِها؟"...

...إذًا لقد وصله الخطاب. ظننت أنه لم يصله لأنه لم يُبدِ أي رد فعل....

..."لقد جاءني العشرات من أمثالكِ يدّعون امتلاكهم للقوة السحرية القديمة. لكن سواءً امتلكوا قوى كبيرة أو أجسادًا قوية، لم يكن لأيٍّ منهم علاقة حقيقية بتلك القوة."...

...ثم فجأة، اتسعت عيناه وهو يحدّق بي بحدة....

...عيناه الذهبيتان تألقتا بضوءٍ وحشي كعيني وحش مفترس....

..."ولكن، أنتي؟ بهذه الهيئة البائسة التي تبدين فيها وكأنكِ ستموتين في أي لحظة، تزعمين أنكِ حاملة السحر القديم؟ هل هذا معقول؟"...

...لم أتوقع هذا الرد. لكن لا مجال للتراجع الآن....

...“أنا لست مثل أولئك المزيفين، أنا حقيقية! إن لم تصدقني، فتحقق بنفسك. أنت قادرٌ على ذلك، أليس كذلك؟”...

...مددت يدي نحو دانتي. فازداد تعبير وجهه تصلبًا وهو يحدّق بأطراف أصابعي....

..."آه، أنا لا أستطيع إطلاق قواي السحرية على الإطلاق. لذلك لا توجد طريقة واضحة لأثبت لك ذلك."...

...ظل دانتي يحدّق في أطراف أصابعي بنظراتٍ غير راضية، ثم عبث بشعره بعصبية....

...وفجأة، أمسك بيدي الممدودة بقوة. ومن شدة قبضته، انجذبت تلقائيًا نحوه....

...صرنا على مسافة قريبة لدرجة أن أطراف ملابسنا تلامست، وشممت رائحةً حادة كأنها أدوية نفاذة تثير الأنف....

...انحنى دانتي نحوي حتى صار وجهه قريبًا، ثم زمجر بصوت منخفض،...

..."إن كنتِ تكذبين علي، فسوف تتحملين عواقب وخيمة....

...كان صوته بارداً بشكل يثير القشعريرة، خالياً من أي شعور."...

..."بمجرد أن تتحقق، ستقبل عرضي بلا شك."...

..."ما زلتِ تقولين هذا الكلام……"...

...ضحك دانتي بسخرية وكأنه لا يصدق، ثم ابتعد عني قليلاً، لكنه لم يفلت يدي، بل شدّ عليها أكثر وهمس بشيءٍ ما....

...وفي تلك اللحظة بالضبط، انبثقت هالةٌ زرقاء حول دانتي، وسرعان ما أحاطت بنا نحن الاثنين دفعةً واحدة....

...وفي اللحظة نفسها، شعرت بحرارة لاهبة تنبعث من راحة يدي التي كان يمسك بها....

..."آه.…!"...

...بدأ الألم من كفي، ثم صعد عبر ذراعي ليتسلل تدريجيًا إلى كامل جسدي....

...صداعٌ نابض، وغثيانٌ يقلب الأحشاء، وأنفاسٌ متقطعة تتسارع بشكلٍ مرعب....

...تباً…..أنا أعرف هذا الإحساس جيدًا....

...ذلك الألم المقيت الذي كان يخنق أنفاسي باستمرار، ويدفعني نحو حافة الموت. و الإحساس بتشوش الرؤية، وانفلات الوعي، والدوار الذي يزداد قسوة....

...رغم أنني اعتدت عليه، إلا أنه ما زال مؤلمًا كما كان دائمًا....

...'لا يمكن أن أترك الأمور تسير هكذا…..'...

...على الأقل، لا أريد أن أُرعبه في لقائنا الأول....

...جمعت بصعوبة ما تبقّى لي من قوة، و تحدثت لدانتي،...

..."أه، معذرةً…..سأفقد وعيي بعد قليل. لكن لا تقلق، سأستفيق قريبًا. فقط لا تنصدم كثيرًا، حسنًا؟ لنلتقي لاحقًا…..إلى اللقاء….."...

...وبعد هذه الكلمات، انهرتُ وسقطت على الأرض....

..._________________...

...الله على أول لقاء😭...

...دانتي الحين بيندم انه ماسمع كلامها شف وش سويت في ام عيالك🙂‍↔️...

...Dana...

الجديد

Comments

Kazoha

Kazoha

🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️
دا اول اغماء
مش اول لقاء 😅

2025-05-05

1

Kazoha

Kazoha

😍🤩😍🤩😍🤩🤩🤩🤩

2025-05-05

0

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon