الفصل 3

...“هممم……”...

...تقلبتُ وأنا أحتضن اللحاف الدافئ....

...ما زال شعوري بالغثيان ووجع الرأس مستمرًا، لكنني شعرت بنوعٍ من الطمأنينة....

...لكن الصوت العميق الذي رنّ فوق رأسي كان غريبًا للغاية....

...“هل استيقظتِ؟”...

...“واااه!”...

...ما إن تأكدت أن صاحب الصوت هو دانتي حتى استقمتُ جالسة فجأة....

...“أوووف……”...

...بسبب بقائي مستلقيةً لفترة طويلة، لم أستطع تثبيت جسدي جيدًا عند النهوض فجأة، فأختل توازني....

...رغم أن دانتي كان واقفًا على مقربة، إلا أنه لم يساعدني، بل ابتعد خطوةً للخلف. وبفضله، سقطت على الأرض مباشرة. ولو انزلقت قليلاً إلى الجانب، لارتطم رأسي بحافة كتابٍ سميك....

...'تجنبني. لقد تجنبني! بالتأكيد تفاداني، هذا الوغد!'...

...نظرت إليه بغضب وهو يتظاهر باللامبالاة، ثم وقفت وأنا أنفض التراب عن كفيّ....

...عاهدت نفسي ألا أسامحه على ما فعله، ثم سألته،...

...“كم من الوقت كنتُ فاقدةً للوعي؟”...

...“لم يمر وقتٌ طويل. حوالي ساعتين؟”...

...كنت أحيانًا أظل فاقدةً للوعي ليومٍ كامل، لذا فالساعتان تُعدّان وقتًا جيدًا نسبيًا....

...كان على الأريكة التي كنت مستلقيةً عليها قبل قليل لحافٌ منزوٍ في الزاوية. يبدو أنه وضعني على الأريكة وغطاني به بعد أن أغمي عليّ....

...'وهل يكفي أن سغطيني فقط؟ شخصٌ يسقط أمامه ولا يمسكه؟ إنه حقير.'...

...رفع دانتي نظارته التي لا أعلم متى بدأ بارتدائها، ثم بدأ يوجه إليّ الأسئلة....

...“هل كنتِ تملكين القوة السحرية القديمة منذ ولادتكِ؟”...

...“نعم؟ نعم. على حد علمي، نعم.”...

...“متى أدركتِ أن القوة السحرية التي تمتلكينها هي قوةٌ سحرية قديمة؟”...

...“أمم……لم يمضِ وقتٌ طويل على ذلك. لكن، لماذا تسأل-”...

...قاطعني دانتي فجأة وأكمل حديثه. بينما كانت نظراته المتسائلة عن السحر القديم تتلألأ بشكلٍ غريب....

...“هل ضعف جسدكِ بسبب القوة السحرية؟ لا، لا، ربما العكس تمامًا. هل كنتِ ضعيفةً منذ ولادتكِ؟ هل كنتِ تفقدين وعيكِ كثيرًا وأنتِ طفلة؟ لا بد أنكِ عرضتِ حالتكِ على طبيب. ألم يربط أحدهم الأمر بالسحر……؟”...

...“انتظر! انتظر لحظة!”...

...قاطعتُ دانتي بسرعة قبل أن يواصل سيل أسئلته الذي لا ينتهي. و كان واضحًا من حماسه أنه مهتمٌ بي. لذا، لم أستطع ترك هذه الفرصة تضيع....

...نظر إليّ دانتي من أعلى وهو يطبق شفتيه كمن يشعر بالأسف....

...“حسنًا، أولًا، دعنا نهدأ قليلًا. لماذا لا نكمل حديثنا السابق أولاً؟”...

...“……عن الصفقة؟”...

...“نعم!”...

...عاد دانتي إلى تعابيره الباردة، على عكس حماسه في طرح الأسئلة قبل قليل....

...“أنتَ تأكدتَ أنني أمتلك سحرًا قديمًا، صحيح؟”...

...“صحيح.”...

...“كما رأيت، لديّ قوةٌ سحرية قديمة هائلة. لكن جسدي ضعيف، ولا يستطيع تحملها.”...

...أومأ دانتي برأسه ببطء وكأنه يوافقني الرأي....

...“ولكن، أمم……”...

...فتحتُ فمي لأتابع الحديث، لكن الكلمات لم تخرج بسهولة....

...ثم نظرت إلى دانتي الذي أمال رأسه وكأنه لا يفهم شيئًا، ثم أخذت نفسًا عميقًا وتحدثت....

...“بعد وقتٍ قصير، ستنفلت قواي السحرية وسأموت بسبب ذلك. لذا……”...

...كنت أريد قولها بهدوء، لكن لم أستطع منع صوتي من الارتجاف. و رغم أنني عشت هذا الأمر مرارًا، إلا أنني لم أستطع أن أعتاد فكرة الموت....

...“لذا، ألا يمكنكَ أن تأخذ هذه القوة السحرية عديمة الفائدة مني؟”...

...حاولت أن أرفع طرفي شفتيّ بابتسامة مصطنعة....

...هل أبدو وكأنني أبتسم جيدًا؟ لو بدوتُ متوترةً فسيظن أن هناك شيئًا خاطئًا....

...نظرتُ إلى دانتي بطرف عيني، لكن على عكس مخاوفي، كان يبدو خالي الفكر تمامًا. ثم فجأة، فتح فمه،...

...“لدي فكرةٌ أفضل من ذلك.”...

...“……ما هي؟”...

...أفضل من أن يأخذ قوتي كلها؟...

...أنصتُّ لكلماته التالية....

...“يمكنكِ ببساطة أن تتحكمي أنتِ في قواكِ السحرية.”...

...لو كان ذلك ممكنًا، فهل كنتُ سأقلق من الأساس؟...

...“أنتَ تعلم جيدًا يا سيد ساحر، أن الأمر ليس بهذه السهولة. ليس لدي وقتٌ كثير.”...

...التحكم في القوة السحرية أمرٌ بالغ الصعوبة. يختلف من شخصٍ لآخر، لكنه قد يستغرق سنوات....

...حتى السحرة المسجلين في برج السحر حاليًا، كانوا يتلقون التدريب منذ طفولتهم حتى أصبحوا قادرين على التحكم بالسحر. ...

...لكن دانتي، وكأن الأمر لا يعنيه، هز كتفيه وتحدث بنبرة لا مبالية....

...“اقتراحكِ لا يعود عليَّ بأي فائدة.”...

...“نعم؟ لماذا؟ ألن تقوم بامتصاص قوتي السحرية القديمة في قواكَ؟”...

...“القوة السحرية القديمة تختلف عن السحر العادي من حيث الجوهر. لا يمكن دمجها بالسحر العادي من الأساس، وحتى إن وصلت إليّ، فلن أتمكن من استخدامها بأي شكل. إلا إذا كان الأمر متعلقًا بالسحر الأسود، فربما.”...

...لم أكن أعلم ذلك. كنت أظن أنه يمكن امتصاصها واستخدامها كما في الكتب. ...

...إذًا، لا يمكنني التصرف أمام دانتي بثقةٍ بعد الآن!...

...……بما أن الأمر وصل إلى هذا الحد، فلا خيار أمامي سوى إيجاد نقطة تفاهم حتى يساعدني....

...“إذاً، ماذا كنتَ تنوي فعله باستخدام السحر القديم؟ سمعت أنك كنتَ تبحث بشغف عن شخص يمتلكه.”...

...“كنت أريد دراسته.”...

...“دراسته؟”...

...“نعم. البحث في السحر القديم نادرٌ للغاية لدرجة أنه لا يُذكر حتى في الكتب. لذلك كنت أبحث عن القلائل الذين يمتلكونه لدراسته.”...

...يبدو أن ما يُقال عن سحرة برج السحر صحيح، أنهم يقضون حياتهم في أبحاث السحر....

...وبعد حديثي القصير مع دانتي، أدركت ذلك. خليفة رئيس البرج المُرتقب، الذي لم يُعرف عنه سوى الشائعات، كان في الحقيقة مهووسًا بأبحاث السحر مثل باقي السحرة....

...رغم وجهه الخالي من التعابير دومًا، إلا أن وجهه كان يضيء فجأةً كلما تحدث عن السحر. وهذا يجعل عقد صفقةٍ معه أسهل....

...“إذًا، علّمني كيف أتحكم في قواي السحرية. وسأسمح لكَ بإجراء أبحاثٍ عليها.”...

...“موافـ-”...

...قاطعته قبل أن يُكمل موافقته، وطرحتُ عليه اقتراحًا آخر دون أن أترك له مجالًا لالتقاط أنفاسه....

...“لكن، إن شعرتُ أنني لم أعد أستطيع تحمل التحكم في القوة السحرية، وأن حياتي باتت في خطر، فعندها، أرجوكَ، اسحبها مني حتى لا أموت.”...

...على أي حال، هذا كان لبّ الموضوع بالنسبة لي. فالقوة السحرية إن لم تُفرغ، تستمر في التراكم داخل الجسد....

...ربما كان بإمكان الإنسان العادي تحمل ذلك إلى حدٍّ ما، لكن بالنسبة لإيرفين، التي كانت ضعيفةً جسديًا منذ الطفولة ولم تتمكن من تنمية بنيتها بشكلٍ طبيعي، فذلك كان أمرًا مميتًا....

...وفوق ذلك، لم تكن مجرد قوةٍ سحرية عادية، بل كانت قوةً قديمة نادرة. ولا يستطيع التعامل معها إلا كبار السحرة....

...لذلك، كنت بحاجةٍ إلى دانتي أكثر من أي شخص آخر....

...أجاب دانتي بصوتٍ منخفض،...

...“موافق.”...

...وهكذا، تم إبرام الصفقة. وبذلك ضمنتُ على الأقل بقائي على قيد الحياة....

...كان مجرد افتراض، لكن فكرة أنني قد لا أموت في هذه الحياة جعلت قلبي يمتلئ بمشاعر غامرة....

...امتلأت عيناي بالدموع دون أن أشعر، وشعرت بأنها ستنهمر في أي لحظة، فرفعت رأسي فجأة. حينها، بادرني دانتي بالكلام وهو ينظر إليّ،...

...“هل يمكنكِ أن تخبريني بتفاصيل أكثر عن معرفتكِ بأنكِ ستموتين قريبًا؟”...

...“……في وقتٍ لاحق. لاحقًا، عندما أعرفكَ أكثر، عندها فقط.”...

...لم يكن لأني أشك في دانتي أو لا أثق به. فقط، لا أعلم كيف أشرح ذلك……و شعرت أنه لا ضرر من الحذر. ...

...مجرد احتياط، لا أكثر....

...وفوق كل شيء، دانتي كان شخصيةً لم يُذكر عنها سوى القليل في الرواية الأصلية، لذا لم أكن أعرف عنه الكثير بعد....

...“مفهوم.”...

...ورغم رفضي، لم يُبدِ دانتي أي ردّ فعلٍ خاص، بل اكتفى بهزّ رأسه وتوجّه نحو الباب....

...ثم، وهو يفتح الباب بخفة، التفت إليّ،...

...“إذًا، أرجو أن تأتي في نفس الوقت غدًا.”...

...“آه، تقصد أن أغادر الآن؟”...

...“نعم.”...

...وأشار دانتي بنفسه إلى الباب وهو يومئ برأسه....

...“تعني، انتهى عملنا، فاخرجي بسرعة، صحيح؟”...

...تمتمتُ بذلك في داخلي، لكن قدماي كانتا قد خرجتا من الباب بالفعل....

...“حسنًا، إلى اللقاء غدًا.”...

...“نعم.”...

...ثم، بلا تردد، أُغلِق الباب خلفي بصوتٍ قاسٍ....

...***...

...ذهبتُ إلى برج السحر فجرًا للقاء دانتي، لكنني عدت إلى القصر بعد أن غطّى الظلام السماء بالكامل....

...كنت قد فقدت الوعي مرة، وقضيتُ وقتًا طويلًا في التنقل بالعربة، لذا بدأ التعب يغمرني. و لو أنني فقدت تركيزي للحظة، لكنت انهرت نائمةً في الممر....

...'أريد فقط أن أستحم وأستلقي في السرير بسرعة……'...

...كنت أجر قدمي بصعوبة متجهةً إلى غرفتي وأنا أقاوم النوم، حين سمعت صوتًا مألوفًا خلفي....

...“إيرفين، أعائدة من مكانٍ ما؟”...

...كان صوتًا لطيفًا كنسيم الربيع....

...استدرت لأنظر إلى صاحبه، فإذا به إيدن، الابن الفخور للدوق هايفن، وصديقي الوحيد. وأيضًا بطل هذه الرواية....

...“آه، لا شيء. فقط خرجت في نزهةٍ قصيرة.”...

...“بدا أنكِ خرجت منذ الفجر، أليس كذلك؟”...

...وبما أن إيدن كان يرتدي ملابس الخروج أيضًا، فربما كان ذاهبًا لركوب العربة، لكنه لم يجد العربة التي أستخدمها أنا، ففهم أنني خرجت....

...“وأنتَ؟ يبدو أنكَ عدت من الخارج أيضًا؟”...

...“نعم، جلالة الإمبراطور استدعاني مع والدي.”...

...“أوه، أصبحتَ مهمًا لدرجة أن الإمبراطور بنفسه يستدعيكَ؟”...

...قلتُ له ذلك بنبرةٍ مازحة كأنني أُضايقه، فضحك إيدن ضحكةً خفيفة كالنسيم. ومع حركته، تناثرت خصلات شعره الفضي....

...“ليس الأمر كذلك. فقط، فزت بالحظ مؤخرًا في بطولة المبارزة. ويبدو أن ذلك كان السبب في الاستدعاء.”...

...بالفعل، كان بطل الرواية كما يجب أن يكون. وسيم، لطيف الطبع، ويجيد المبارزة ببراعة……كان مثالًا مثاليًا للجميع....

...'ولهذا السبب وقعت البطلة في حبه من النظرة الأولى.'...

...أمرٌ يمكن فهمه، بل من السهل تفهّمه....

...وربما لهذا أيضًا شعرت إيرفين بالاستياء حين أصبحت في الظل بعد ظهور البطلة....

...'لكن هذا لا يعني أنني أرغب في تكرار تلك الحياة.'...

...نظرتُ إلى إيدن بابتسامةٍ لطيفة، ثم فتحتُ فمي لأخبره بأمرٍ ما. كنت أنوي إخباره مسبقًا، لأني سأبدأ بالخروج كثيرًا من الآن فصاعدًا....

...فما دمت سأتعلّم السحر من دانتي، فزياراتي له ستتكرر....

...“بالمناسبة، إيدن. أعتقد أنني سأخرج كثيرًا في الفترة القادمة لتعلّم التطريز.”...

...نظرًا لطبيعته القلِقة، لم أكن أحتاج إلى ذكر السحر له كي لا يقلق أكثر....

...“حقًا؟ حسنًا، سأوصي بتحضير العربة في الوقت المناسب.”...

...“شكرًا لاهتمامكَ. سأذهب للنوم الآن. تصبح على خير.”...

...“أنتِ أيضًا، أحلامًا سعيدة.”...

...تركتُ إيدن يبتسم برقة خلفي وتوجهت نحو غرفتي. لكن في تلك اللحظة، سمعت صوته مجددًا من خلفي....

...“أوه، إيرفين.”...

...“هم؟”...

...استدرتُ لأنظر إليه، وكان لا يزال يبتسم بنفس اللطف....

...“……انتبهي لنفسكِ.”...

...“هاه؟ من ماذا؟”...

...أملتُ رأسي باستغرابٍ من كلماته المفاجئة....

...ابتسم إيدن ابتسامةً أعمق، وقد انحنت أطراف عينيه بلطف وهو يُكمل،...

...“أقصد، لا تتجولي ليلًا في وقتٍ متأخر مثل اليوم، فقد يكون الأمر خطرًا. سمعت أن الكلاب الضالة أصبحت أكثر عدوانيةً هذه الأيام.”...

...“آه، كنت تقصد ذلك؟ شكرًا لقلقكَ. سأذهب للنوم حقًا الآن، إلى اللقاء!”...

...لوّحت له بيدي وابتعدت عنه. فعلاً، فإيدن دائمًا ما يكون لطيفًا وموثوقًا....

...على كل حال، هل سأتمكن من التدرّب على السحر جيدًا من الغد فصاعدًا يا ترى……...

...__________________...

...ييدو انه طرف ثالث سافها بعدت عنه قال اوه ليييه يامحبوبتييي...

...المهم دانتي يضحك يوم بعد عنها وين الجنتل مان؟😭...

...Dana...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon