𝟐

...[بعد إعلان عدم الزَّواج بخمسة أيَّام - بقلم دْسِف]...

...تسلَّل ضوءُ الشمس من خلال النوافذ المفتوحة على مصراعيها، حاملاً معه صوتَ العصافير المغرِّد بهدوء. ...

...كانت "آنِي" نصفَ مستلقية على سريرها، فركت عينيها وهي تتثاءب بتعب....

..."أُريد أن أنامَ أكثر..."...

...كان شعرها القصير البنيُّ، الذي يصل إلى أطراف أُذنيها، يزداد طولة يومًا بعد يوم. كما بدأت تظهر هالاتٌ السَّوداء تحت عينيها الأرجوانيَّتين....

...لم تنَم "آنِي" جيّداً في الآونة الأخيرة، وقد أصبح حالُها سيِّئاً على نحوٍ لا يُوصَف....

...فبعد إعلانها عن رفض الزَّواج، لم يتسنَّ لها الوقت الكافي للاهتمام بشؤون عائلتها أو أعمالها الخاصة....

...ومع ذلك، كانت أعمالها تسير على ما يُرام، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك، فتبرَّعت لجمعيات الأمهات العازبات ودور الأيتام، ولم تتوانَ عن مدِّ يد العون إليهم....

...خشخشة~...

...صوتٌ عالٍ ينبعث من سَحب شيءٍ ما....

...حين التفتت برأسها، رأت امرأةً منهمكةً تقف عند الخزانة....

...كانت تلك خادمتها المُقرَّبة، "كارلا"....

...سألتها كارلا، التي كانت قد ربطت شعرها الأشقر الطَّويل إلى أسفل، بصوتٍ مُتعجِّل وهي تُخرِج عدَّةَ فساتين:...

..." سيِّدتي، أيَّ فُستانٍ تُريدين أن ترتدي اليوم؟"...

..."فقط، أخرجي أيَّ واحدٍ منها."...

...كانت آنِي قد أمضت اللَّيل بأكمله بلا نوم، فخرج صوتُها مُثقَلًا بالتَّعب....

...غطَّت آنِي فمها بإحدى يديها وتثاءبت مجدَّدًا، فقالت كارلا:...

..."هيَّا، هيَّا، انهضي الآن."...

...فركت آنِي عينيها المُتعَبَتين بظهر يدها، ثم نهضت لتقف أمام المرآة الكبيرة التي كانت بطول الجدار....

...'يبدو هذا غبيًّا...'...

...لم تُعجبها ملامح وجهها المرهَق. عبست، ثم ربّتت على خدّيها مراراً....

...لكن، رغم ذلك، لم يزل التَّعب مُخيِّمًا عليها، فعادت تفرك عينيها النَّاعستين بظهر يدها من جديد....

...هل هو التقدُّم في السن؟ مع مرور الأعوام، كانت حالتها تسوء أكثر فأكثر. ...

..."هل يُناسبكِ هذا؟ لا، لعلّ الدانتيل سيكون أفضل؟"...

...سألتها كارلا بحماس وهي تُقارن فُستان السَّهرة الذي اختارته مع آخر أحمر أو أسود فاخر....

...لم يكن الفستان غريباً من حيث اللون فحسب، بل كان تصميمه جريئاً، بحيث تظهر الكتفين وخطّ الصدر بوضوح....

...آنِي، التي كانت دائمًا ترتدي فساتين بسيطةً ذات لونٍ واحد، لم تستطع إخفاء خجلها....

...'لن أُقابل أحدًا اليوم، فلماذا كلُّ هذه الضَّجَّة؟'...

..."كارلا، فقط أحضري لي فُستاني المُعتاد."...

..."أوه، سيّدتي! عمَّ تتحدَّثين؟ اليوم أوَّل مرَّة تخرجين فيها."...

..."أوَّل مرَّة؟"...

...«نعم، أوَّل مرَّة بعد إعلانكِ عدم الزَّواج. لذا، أرجوكِ... أرجوكِ، حقِّقي لي هذه الرَّغبة.»...

...قالت كارلا ذلك بعزيمةٍ قويَّةٍ، وهي تُمسك بالفُستان بإحكام. وعلى ظهر يديها البيضاء، كانت الأوردة الزَّرقاء تبرز كأنَّها شبكةُ عناكب، لا تُشبه شكلها الرَّقيق أبدًا....

...كان من الواضح أنَّ الجميع سيلتفت إلى آنِي ويتحدَّث عنها، لذا لم تستطع كارلا أن تبقى مكتوفة اليدين....

...فـ"كارلا"، التي تعامِل "آني" كأُختٍ لها، لم تكن ترغب في أن يبدو مظهرها سيّئاً....

...ضحكت "آني" بخجل من حماس "كارلا"، وكانت تشعر بالامتنان لها....

...كان لديها الكثير من الوقت، لكنها لم تُرِد أن تُخيِّب أمل خادمتها المُخلصة....

... ...

...لم يكن الأمر بذلك السُّوء....

...ربما، ارتداءُ فستانٍ جديد قد يُحسِّن من مزاجها....

..." حسنًا، أُريد فُستانًا يُناسبني تمامًا." ...

..."نعم!!"...

...رفعت "كارلا" بصرها إلى آنِي، بنظرات الخادمة المخلصة لسيِّدتها. ورغم أنَّ ملامح آنِي قد تبدو عاديَّةً للوهلة الأولى، فإنَّ عينيها الأرجوانيَّتين أجمل من الجمشت....

...كانت كارلا تقول دائمًا: "أفهمُ تمامًا لماذا عينا سيّدتي بهذا اللون الأرجواني... إنَّها نِعمةٌ!" ...

...كلما قالت ذلك، كانت "آني" تُغلق أُذنيْها وتطلب منها التوقّف، لكن "كارلا" لم تكن تتوقّف....

...فمنذ أن كانت كارلا صغيرةً، وهي تُحبُّ آنِي حبًّا صادقًا من قلبها....

...الفستان الذي اختارته "كارلا" كشف قليلاً من صدرها، مع لمسةٍ من الدَّانتيل الرَّقيق....

...شعرت "آني" بشيءٍ من الإحراج، فوضعت يدها على صدرها تُخفيه....

..."ألا يبدو هذا غريبًا بعض الشيء؟"...

..."هاها، إنَّه جميلٌ فحسب. ما يُقلقني فقط هو أولئك الرِّجال الذين سيقعون في حبِّكِ."...

..."كارلا، هل أنتِ مريضة؟"...

...بدأت "كارلا" بتمشيط شعر "آني" بمشطٍ خشبي، وهي تُدندن....

...آنِي، التي لم تهتمَّ يومًا بالموضة، كانت تعرف تسريحات الشعر التي تُناسبها. دائمًا ما كانت تُصرُّ على الشَّعر القصير، وكارلا كانت تُحبُّ تصفيفه....

...بعد أن أنهت تجهيز سيّدتها، أمسكت كارلا بكتفي آنِي المستقيمين....

...ثمّ ابتسمت ابتسامةً مشرقة وهي تنظر في المرآة الطويلة إلى مظهر "آني" الأنيق....

..."ما رأيكِ؟"...

..."كما هو مُتوقَّع... خادمتنا الأفضل في العالم. حتى الخادمة العبقريَّة في هاركنون ستقف عاجزةً أمام كارلا."...

...«هه! إنَّها ليست خادمةً فقط، بل نائبة قائد الفرسان النُّخبة الإمبراطوريين أيضًا.»...

..."لا يوجد ما لا تستطيعين فعله، كارلا. سأمنحكِ فرصةً لتُفكِّري، وإن رغبتِ، يمكنكِ أن تبدئي تعلُّم فنون السَّيف من الغد."...

..."أوه، سيّدتي! هل تمزحين؟"...

...طَـق~ طَـق~...

...فجأة، ارتفعت معنويات "آنُي" المنخفضة بينما كانت "كارلا" تُربّت على ظهرها بلطف. ...

...تمتمت "آني"، قائلةً إنّها لا تحتاج لتعلُّم فنّ السيف....

..."يبدو أنّكِ بعد إنجابكِ لطفلكِ الثاني، أصبحتِ تضربين أقوى." ...

..."كارلا"، التي تجاهلت تذمُّر "آنِي"، أمسكت بيديها بإحكام، وعيناها تلمعان....

..." سيّدتي، عِديني بشيء." ...

..."ألا أرفُض من يأتيني. حتى لو لم أُعجَب به، أمنحه فرصة وأقابله مجدداً؟" ...

..." بالضبط." ...

..."هاه... كارلا. قلتُ لكِ من قبل، لا نيّة لي في زواجٍ تقليدي. الجميع ذاهبون اليوم إلى القصر الإمبراطوري من أجل شؤون العائلة."...

..."لكنَّكِ لا تعلمين ما الذي يُخبِّئه لكِ القدر!"...

..."حسنًا، حسنًا..." ...

..."إنَّكِ تُعطينني جوابًا باهتًا من جديد."...

...ضحكت آنِي بمرارة، حينما تظاهرت كارلا بأنَّها حزينةٌ حقًا....

...ثمّ وضعت "آني" يدها برفقٍ فوق يد "كارلا"....

...«نعم... أيُّ شخصٍ عدا ذلك الطُّاغية المُرعب. سآخذ ما قلتِه بعين الاعتبار.»...

...قالت آنِي ذلك مازحةً....

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon