...آخر خيط أمل...
...من منظور إيدن...
...جلستُ في الظلام، أستمع لأنفاسي المرتجفة، إلى نبض قلبي الذي يقرع كطبلٍ بلا رحمة....
...كل شيء بدا بلا معنى: كل محاولة، كل صراع، كل خطوة نحو الضوء، عادت إلى الصفر....
...وهي… إيما… كانت آخر ما يربطني بالحياة، آخر خيطٍ أتمسك به قبل أن أغرق بالكامل في فراغي....
...قلت لنفسي، بصوتٍ يئن من الألم:...
..."أنا أحبها… أحبها أكثر من نفسي… أحبها رغم كل شيء. أحبها رغم ضعفي، رغم جنوني، رغم كل ما أفسدته في حياتي."...
...تذكرت كل مرة صمدت فيها أمامها، كل مرة حاولت السيطرة على نفسي، كل مرة تمنيت أن أكون أفضل من أجلها....
...لكنها، كما هي، نظرت إليّ بعينيها الرماديتين، وقالت بصوت حازم:...
..."إيدن، لا… لا يمكنني أن أحبك. أنت تسحق نفسك كل يوم… وأنا لا أستطيع إنقاذك."...
...كانت كلماتها سكينًا يغرس في قلبي....
...كنت أعرف أنها محقة… وكل جزء مني كان يعرف ذلك....
...لكن مشاعري لم تسمح لي بالتحرك، لم تسمح لي بالتوقف....
...كل نبضة قلب كانت صرخة:...
..."أحتاجها… أحتاجها لتبقى حية بداخلي!"...
...**...
...الليالي تتابعت كالسكاكين في جسدي، جسدي وعقلي ينهاران ببطء، كل محاولة للتعافي كانت تنهار تحت وطأة الألم....
...كنت أرى نفسي، أسمع نفسي، وأشعر بالفشل يلتهم كل جزء مني....
...رغبة جامحة في الرحيل، في الهروب من هذا الألم المستمر، من هذا الرفض، من هذا الشعور بالعجز التام…...
...تذكرت كل لحظة أمل، كل مرة نظرت فيها إلى عينيها، كل مرة شعرت فيها أنها ربما تفهمني… لكنها لم تفعل....
...كنت أعلم أنني كنت وحيدًا، حتى معها، كنت وحيدًا في قلبي، في روحي، في كل ذرة من كياني....
...**...
...إيما ...
...صباح اليوم التالي ذهبت لاتفقده وجدته بعد ذلك، لكنه كان صامتًا، هادئًا… أكثر مما ينبغي....
...تقدمت نحوه خطوة ثم أخرى هززتُ كتفه...
...لم يكن هناك أي حركة، أي صوت، أي نفس يتنفس…...
...قفز قلبي، شعرت بالبرد يسري في كل عروقي، وفهمت على الفور: هو لم يعد هنا، لم يعد يستطيع الصراع بعد اليوم....
...ا...
...لذي كان يقف أمامي بالامس معترفًا بحبه أجده اليوم جثةً هامدة داخل غرفته بجرعة دواء زائدة!...
...جلست بجانبه، أحتضن ما تبقى من أثره، ودموعي بدأت تنهمر بلا توقف....
...كل كلمات رفضي، كل تحذير، كل لحظة حاولت فيها أن أكون الطبيب المحترف بدلًا من الإنسان… شعرت بها تتراكم فوق قلبي كصخرة ثقيلة....
...كان آخر خيط أمل له… آخر ما يربطه بالحياة… وذهبت مع رحيله....
..."ليتني لم ارفضه، ليتني كنت بصيص الأمل بين ظلمات افكاره، رآني كضوء بنهاية نفق تعاسته لكنني كنت اللهب الذي يحرق اجنحته"...
...فقد حياته وحده كما عاشها وحده دائمًا في الغرفة، صامتة، مع شعور لا يُحتمل...
...أن حبًا لم يُستطع أن يُعاش، ألقى بحياةٍ كاملة في الظلام، وأنني لم أكن هناك بما فيه الكفاية لأمنعه....
...**...
...مرّت أسابيع، وربما شهور، منذ رحيله....
...لكن الزمن توقف عند تلك اللحظة التي غادر فيها العالم بصمتٍ، تاركًا خلفه كل صوته، كل وجعه، وكلّ ما لم يُقل....
...في بعض الليالي، ما زلت اتخيله أراه جالسًا على الكرسي المقابل لي، بنظرته المتعبة، وصوته المبحوح الذي كان يخفي خلفه ألف نداءٍ صامت....
...كنت أظن أن دوري هو إنقاذه… لكن الحقيقة التي لم أدركها إلا بعد فوات الأوان هي أنني كنت أيضًا بحاجة إلى إنقاذٍ منه....
...لقد غيّرني....
...علّمني أن أقسى الحروب ليست تلك التي نخوضها مع الآخرين، بل التي نحارب فيها أنفسنا....
...وأن بعض القلوب تُولد وهي تحمل جرحها منذ البداية، جرحًا لا يشفى مهما حاولنا تضميده....
...**...
...احتفظت بدفتره الصغير الذي تركه لي، كانت صفحاته مليئة بعبارات مبعثرة، كأنها اعترافات مكتوبة على حافة الجنون....
...في الصفحة الأخيرة، كتب بخطٍ متعبٍ مرتجف:...
..."إيما، لا أريد أن أموت… أريد فقط أن يتوقف هذا الألم."...
...قرأتها مئة مرة، وكل مرة اتذكر عيناه متعبة ترجوا ان يرأف القدر بها ولم أستطع التوقف عن البكاء....
...كان لا يزال هناك في كلماته… في صدى صوته الذي يرافقني كلما أغمضت عيني....
...وفي أعماقي، أدركت أن بعض الأرواح لا تودّعنا تمامًا، بل تبقى معنا كظلّ خفيف من الضوء،...
...ضوءٍ يذكّرنا أن الحبّ وحده لا يكفي دائمًا… لكنه يبقى الشيء الوحيد الذي يستحق أن نتذكره....
...**...
...خرجت من الغرفة التي كانت تعجّ بأنفاسه يومًا ما، أغلقت الباب بهدوء،...
...ولأول مرة منذ زمن، نظرت إلى السماء، ورأيت شروقًا بدا مختلفًا....
...ربما لم ينجُ هو… وطيفه لا يزال حبيس نفس الغرفة...
...التي قرر إنهاء كل شيء بها...
...الجدران تشهد على كل انكسار كل نحيب خفي ...
...كل أمل كان لديه وكل خذلان تبعه...
...━━━━━━━━━━...
..."النهاية"...
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments