غَايَتِي رَأسُكَ

غَايَتِي رَأسُكَ

البَهو

...الفصل الأول - آستر...

...الخوف صار رفيقي الأبدي....

...يمشي معي في الأزقّة، يراقب خطواتي، يهمس باسمي....

...لكن اليوم، كان هناك خوف آخر... خوف من رجل لم أره قط، لكن اسمه يلعن أحلامي ويجعل قلبي ينبض بالغضب: الإمبراطور فاليريوس....

...والسبب؟ والدي... وعائلتي كلها....

...أمهلوني سنينًا لأغسل هذا الدم، لأنتقم من الرجل الذي جلس على العرش بعد أن قتل والدي ووالدتي وأشقائي بلا رحمة....

...كل ليلة، أحلم بصرخاتهم، بصوتي المختنق بين الركام، وأقسم أن ذلك لن يمر بلا عقاب....

...آستر وقفت عند مدخل المعبد القديم، ترتدي الأسود من رأسها حتى أخمص قدميها، وقناع يخفي وجهها كله إلا العينين، العينين اللتين تحرقان من الداخل بالغضب والرهبة....

...الخنجر في يدها كان ثقيلًا، لكنه أقل ثقلًا من الحقد الذي تحمله في قلبها....

...اليوم، ستبدأ مهمتها: محاولة الاقتراب من الإمبراطور، قتل الرجل الذي لم يعرف الرحمة، وإعادة العدل لعائلتها....

...الهواء ثقيل برائحة البخور القديم، والظلال ترقص على الجدران كما لو كانت تتنصت على كل خطوة....

...خطواتها كانت صامتة، مدروسة، كل خطوة تقربها من هدفها... لكنها لم تكن تعرف وجهه بعد، لم تلتقِ به قط، ولم تعرف أي تفاصيل عنه سوى اسمه وصوته في الحكايات: فاليريوس، الإمبراطور بلا قلب قاتل عائلتها....

...ثم ظهر هو....

...ليس يعرفها، ولا تعرفه....

...إمبراطور شاب، قوي الملامح، عيناه تلمعان بحذر وثقة، يتفقد القاعة الكبيرة للمعبد، لا يعرف أن هناك شخصًا يتربص به، خفية في الظلال....

...آستر توقفت لبرهة، قلبها يعلو بسرعة، كل شيء حولها أصبح صامتًا... حتى الريح بدا أنها تتوقف لحظة....

...تقدمت خطوة واحدة، ثم الأخرى... كل حركة محسوبة، كل نفس محسوب....

...ولكن القدر لم يكن معها....

...حركة صغيرة للعمود، أو لمحة من ضوء القمر... وكشف الإمبراطور عن مكانها قبل أن تصل إلى قلبه....

...آستر أدركت أن خطتها فشلت قبل أن تبدأ....

...الصمت اختُرق بصوت الأبواب الثقيلة، وصرخات الجنود ملأت المعبد:...

..."أمسكوها! متمردة!"...

...ركضت!، الأسود يرفرف خلفها كالليل، كل خطوة كانت أسرع من السابقة، لكنها لم تكن مجرد هروب... كانت بداية صراع أكبر....

...في قلبها، لم يكن الخوف من الموت فقط، بل شعور غريب... شعور أن هذا الرجل، الإمبراطور الذي لم تعرفه، سيصبح حجر الزاوية في حياتها، وأن طريق الانتقام لن يكون مباشرًا كما تخطط....

...آستر اختفت في الظلال، تاركة خلفها ضوء القمر، وصرخات الجنود، وخنجرها يلمع، وعدًا بالانتقام، ووعدًا بمواجهة لا تعرف نهايتها بعد....

...---...

...اختبأت بين أروقة القصر القديمة، تتنفس بصعوبة، وخنجرها لا يزال يلمع تحت ضوء القمر....

...لم تكن تعرف الإمبراطور شخصيًا، لكن كل قصة عن فاليريوس كانت تقطر دمًا على قلبها، كانت طفلة فقدت عائلتها بين حطام الحروب وما قيل لها ان عائلتها أزهفت دماءهم فداءًا للامبراطور....

...كل خطوة تخطوها داخل القصر كانت تقربها أكثر من الهدف... وأيضًا من الخطر....

...وفي قاعة مظلمة، حيث تنكسر الأشعة الخافتة للبخور على جدران القصر، ظهر فاليريوس فجأة....

...لم يكن يعلم من كانت تلك الظلال السوداء التي تتسلل بين الأعمدة... لكنه شعر بها....

...عيناه تبحثان في الظلام، وإحساسه بخطر قريب جعله يلتقط أنفاسه بحذر....

...آستر توقفت خلف عمود، قلبها يصرخ بالغضب، لكنها لم تتحرك......

...حتى شعرت بأن شيئًا غريبًا يحدث:...

...فاليريوس لم يوجه سلاحه، لم يصدر صراخًا... فقط نظر في الظلام وكأن شيئًا داخله يعرف أنها هناك....

...ثم، فجأة، وقع حجر صغير بالقرب منها......

...صوت خافت، لكنه كان كافيًا ليجعلها ترتجف....

...قلبها يقول: "أكتشفني!"...

...لكن عيناه كانت تحدق فيها بالفعل... وكانت هذه النظرة تحمل شيئًا لم تتوقعه آستر:...

...قوة... حدّة... وربما... فضول....

...لم يكن الأمر وقتًا للقتال، لم يكن لديها فرصة... فانسحبت بسرعة، تاركة وراءها صدى خطواتها وكأنها لم تكن موجودة....

...لكن فاليريوس لم يتحرك لملاحقتها....

...وقف، يحدق في الظلال، وكأن شيئًا بداخله يهمس: "هذه ليست مجرد متسللة..."...

...آستر وصلت إلى شرفة صغيرة، تتنفس بحرقة، شعورها بالغضب يتصاعد... ولكن شعور آخر بدأ يتسلل إليها:...

...فضول؟ ارتباك؟ شيء لم تشعر به من قبل تجاه رجل لم تلتقِ به حتى الآن....

...الليل كله أصبح مسرحًا لصراع غير مرئي:...

...هي، المتمردة التي تحمل الانتقام في قلبها......

...وهو، الإمبراطور الذي لم يعرف بعد أنه محاصر بخطر لم يره، وبغموضٍ يجذبه إليه شيئًا لم يتوقعه....

...في الأروقة الخلفية للقصر، بدأت سلسلة أحداث ستقلب حياتهما رأسًا على عقب:...

...ظلال تتحرك بلا سبب... رسائل مشفرة تُترك في أماكن غريبة... ومؤامرة قديمة ضد الإمبراطور تبدأ بالظهور من جديد....

...آستر شعرت، ولأول مرة منذ سنوات، بأن الانتقام لن يكون سهلاً....

...ليس فقط لأنها لم تصل إلى هدفها بعد، ولكن لأن الطريق مليء بالأسرار، بالمفاجآت، وربما... بشيء أخطر: إنْقلاب داخلي على العرش باكمله!...

...______...

...سار الليل باحداثه وترس حراس الإمبراطور المكان حول القصر غاية بحماية امبراطورهم بعد محاولة آستر لاغتياله لكن ماذا عندما يكون الفساد يكمن داخل تلك الاسوار المغلقة؟ من الوزراء إلى الشيوخ....

...---...

...- فاليريوس...

...جلس على العرش، صامتًا، عينيه تراقبان الظلال التي ترقص على جدران القصر تحت ضوء القمر....

...ليس الخوف من محاولة الاغتيال وحده ما يثقل قلبه، بل شعور أعمق... شعور بأن شيئًا ما في القصر نفسه يتحرك ضده، بلا صوت، بلا إشارات واضحة، لكنه موجود....

...الليل الماضي لم يكن مجرد هروب متسللة... كان درسًا....

...درس بأن الخطر ليس فقط في الخارج، بل يكمن بين الحراس، بين الوزراء، بين من يبتسمون له في النهار ويهمسون باسمه في الليل....

...كل حركة، كل همسة، كل ابتسامة... يمكن أن تخفي خنجرًا موجهًا إلى قلبه....

...وقف، مشى ببطء بين أروقة القصر الفارغة، كل حجر يصدح بخفوت تحت قدميه، وكأنه يهمس باسمه....

...تفحص الخريطة أمامه، أسماء الحراس، مواقعهم، أوقات الدوريات......

...الشك بدأ يتسلل إليه، يختبر كل شيء، كل من حوله، حتى أصغر التفاصيل لم تعد بريئة....

...ثم تذكّر تلك اللحظة في المعبد....

...الظل الأسود، العينان اللتان تحرقان من الداخل، شعورٌ غريب بأنه كان يعرفها، رغم أنه لم يلتقِ بها من قبل......

...آستر. اسم لم يعرفه بعد، لكنها تركت أثرًا، شعورًا بأن القادم لن يكون مجرد هجوم عادي، بل بداية لعبة أكبر....

...فاليريوس عاد إلى نافذة القصر، يطل على ساحاته المضاءة بالقناديل، الحراس يتحركون بترتيب صارم، لكن كل شيء بدا له الآن مشبوهًا....

...أي خطوة خاطئة، أي تجاهل لتفاصيل صغيرة، يمكن أن تجعل الانقلاب الداخلي ينفجر، وأن تسقط الامبراطورية في فوضى لم يتصورها أحد....

...الهمس يزداد وضوحًا في عقله:...

...الخيانة ليست من الخارج......

...إنها من الداخل، من أولئك الذين يُفترض أن يكونوا أوفياء، أولئك الذين يبتسمون باسمه بينما يخططون لسقوطه....

...ووسط هذا الصمت الثقيل، أخذ نفسًا عميقًا، وابتسم ابتسامة باردة، متوترة، تحمل تحديًا وغموضًا:...

..."إن كانت هناك خيانة... فسوف أجدها. كل ظل، كل همسة... كل مؤامرة ستنكشف. ولن يبقى شيء مخفي."...

...ثم نظر إلى السماء، شعاع القمر يسلط الضوء على عينيه، وعيناه لم تكنا مجرد عينين إمبراطور... بل عينان تبحثان في الظلام، تبحثان عن أي حركة، أي إشارة، أي خطر....

...فالخيانة في القصر لم تعد مسألة سياسية فقط... بل أصبحت لعبة قاتلة، لعبة تستدعي كل حواسه، كل ذكائه... وربما، مواجهة الظل الذي لم يعرفه بعد، مخلوق الليل الذي ترك قلبه يترقب: آستر....

...---...

...النهاية...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon