...الفصل الأول - آستر...
...الخوف صار رفيقي الأبدي....
...يمشي معي في الأزقّة، يراقب خطواتي، يهمس باسمي....
...لكن اليوم، كان هناك خوف آخر... خوف من رجل لم أره قط، لكن اسمه يلعن أحلامي ويجعل قلبي ينبض بالغضب: الإمبراطور فاليريوس....
...والسبب؟ والدي... وعائلتي كلها....
...أمهلوني سنينًا لأغسل هذا الدم، لأنتقم من الرجل الذي جلس على العرش بعد أن قتل والدي ووالدتي وأشقائي بلا رحمة....
...كل ليلة، أحلم بصرخاتهم، بصوتي المختنق بين الركام، وأقسم أن ذلك لن يمر بلا عقاب....
...آستر وقفت عند مدخل المعبد القديم، ترتدي الأسود من رأسها حتى أخمص قدميها، وقناع يخفي وجهها كله إلا العينين، العينين اللتين تحرقان من الداخل بالغضب والرهبة....
...الخنجر في يدها كان ثقيلًا، لكنه أقل ثقلًا من الحقد الذي تحمله في قلبها....
...اليوم، ستبدأ مهمتها: محاولة الاقتراب من الإمبراطور، قتل الرجل الذي لم يعرف الرحمة، وإعادة العدل لعائلتها....
...الهواء ثقيل برائحة البخور القديم، والظلال ترقص على الجدران كما لو كانت تتنصت على كل خطوة....
...خطواتها كانت صامتة، مدروسة، كل خطوة تقربها من هدفها... لكنها لم تكن تعرف وجهه بعد، لم تلتقِ به قط، ولم تعرف أي تفاصيل عنه سوى اسمه وصوته في الحكايات: فاليريوس، الإمبراطور بلا قلب قاتل عائلتها....
...ثم ظهر هو....
...ليس يعرفها، ولا تعرفه....
...إمبراطور شاب، قوي الملامح، عيناه تلمعان بحذر وثقة، يتفقد القاعة الكبيرة للمعبد، لا يعرف أن هناك شخصًا يتربص به، خفية في الظلال....
...آستر توقفت لبرهة، قلبها يعلو بسرعة، كل شيء حولها أصبح صامتًا... حتى الريح بدا أنها تتوقف لحظة....
...تقدمت خطوة واحدة، ثم الأخرى... كل حركة محسوبة، كل نفس محسوب....
...ولكن القدر لم يكن معها....
...حركة صغيرة للعمود، أو لمحة من ضوء القمر... وكشف الإمبراطور عن مكانها قبل أن تصل إلى قلبه....
...آستر أدركت أن خطتها فشلت قبل أن تبدأ....
...الصمت اختُرق بصوت الأبواب الثقيلة، وصرخات الجنود ملأت المعبد:...
..."أمسكوها! متمردة!"...
...ركضت!، الأسود يرفرف خلفها كالليل، كل خطوة كانت أسرع من السابقة، لكنها لم تكن مجرد هروب... كانت بداية صراع أكبر....
...في قلبها، لم يكن الخوف من الموت فقط، بل شعور غريب... شعور أن هذا الرجل، الإمبراطور الذي لم تعرفه، سيصبح حجر الزاوية في حياتها، وأن طريق الانتقام لن يكون مباشرًا كما تخطط....
...آستر اختفت في الظلال، تاركة خلفها ضوء القمر، وصرخات الجنود، وخنجرها يلمع، وعدًا بالانتقام، ووعدًا بمواجهة لا تعرف نهايتها بعد....
...---...
...اختبأت بين أروقة القصر القديمة، تتنفس بصعوبة، وخنجرها لا يزال يلمع تحت ضوء القمر....
...لم تكن تعرف الإمبراطور شخصيًا، لكن كل قصة عن فاليريوس كانت تقطر دمًا على قلبها، كانت طفلة فقدت عائلتها بين حطام الحروب وما قيل لها ان عائلتها أزهفت دماءهم فداءًا للامبراطور....
...كل خطوة تخطوها داخل القصر كانت تقربها أكثر من الهدف... وأيضًا من الخطر....
...وفي قاعة مظلمة، حيث تنكسر الأشعة الخافتة للبخور على جدران القصر، ظهر فاليريوس فجأة....
...لم يكن يعلم من كانت تلك الظلال السوداء التي تتسلل بين الأعمدة... لكنه شعر بها....
...عيناه تبحثان في الظلام، وإحساسه بخطر قريب جعله يلتقط أنفاسه بحذر....
...آستر توقفت خلف عمود، قلبها يصرخ بالغضب، لكنها لم تتحرك......
...حتى شعرت بأن شيئًا غريبًا يحدث:...
...فاليريوس لم يوجه سلاحه، لم يصدر صراخًا... فقط نظر في الظلام وكأن شيئًا داخله يعرف أنها هناك....
...ثم، فجأة، وقع حجر صغير بالقرب منها......
...صوت خافت، لكنه كان كافيًا ليجعلها ترتجف....
...قلبها يقول: "أكتشفني!"...
...لكن عيناه كانت تحدق فيها بالفعل... وكانت هذه النظرة تحمل شيئًا لم تتوقعه آستر:...
...قوة... حدّة... وربما... فضول....
...لم يكن الأمر وقتًا للقتال، لم يكن لديها فرصة... فانسحبت بسرعة، تاركة وراءها صدى خطواتها وكأنها لم تكن موجودة....
...لكن فاليريوس لم يتحرك لملاحقتها....
...وقف، يحدق في الظلال، وكأن شيئًا بداخله يهمس: "هذه ليست مجرد متسللة..."...
...آستر وصلت إلى شرفة صغيرة، تتنفس بحرقة، شعورها بالغضب يتصاعد... ولكن شعور آخر بدأ يتسلل إليها:...
...فضول؟ ارتباك؟ شيء لم تشعر به من قبل تجاه رجل لم تلتقِ به حتى الآن....
...الليل كله أصبح مسرحًا لصراع غير مرئي:...
...هي، المتمردة التي تحمل الانتقام في قلبها......
...وهو، الإمبراطور الذي لم يعرف بعد أنه محاصر بخطر لم يره، وبغموضٍ يجذبه إليه شيئًا لم يتوقعه....
...في الأروقة الخلفية للقصر، بدأت سلسلة أحداث ستقلب حياتهما رأسًا على عقب:...
...ظلال تتحرك بلا سبب... رسائل مشفرة تُترك في أماكن غريبة... ومؤامرة قديمة ضد الإمبراطور تبدأ بالظهور من جديد....
...آستر شعرت، ولأول مرة منذ سنوات، بأن الانتقام لن يكون سهلاً....
...ليس فقط لأنها لم تصل إلى هدفها بعد، ولكن لأن الطريق مليء بالأسرار، بالمفاجآت، وربما... بشيء أخطر: إنْقلاب داخلي على العرش باكمله!...
...______...
...سار الليل باحداثه وترس حراس الإمبراطور المكان حول القصر غاية بحماية امبراطورهم بعد محاولة آستر لاغتياله لكن ماذا عندما يكون الفساد يكمن داخل تلك الاسوار المغلقة؟ من الوزراء إلى الشيوخ....
...---...
...- فاليريوس...
...جلس على العرش، صامتًا، عينيه تراقبان الظلال التي ترقص على جدران القصر تحت ضوء القمر....
...ليس الخوف من محاولة الاغتيال وحده ما يثقل قلبه، بل شعور أعمق... شعور بأن شيئًا ما في القصر نفسه يتحرك ضده، بلا صوت، بلا إشارات واضحة، لكنه موجود....
...الليل الماضي لم يكن مجرد هروب متسللة... كان درسًا....
...درس بأن الخطر ليس فقط في الخارج، بل يكمن بين الحراس، بين الوزراء، بين من يبتسمون له في النهار ويهمسون باسمه في الليل....
...كل حركة، كل همسة، كل ابتسامة... يمكن أن تخفي خنجرًا موجهًا إلى قلبه....
...وقف، مشى ببطء بين أروقة القصر الفارغة، كل حجر يصدح بخفوت تحت قدميه، وكأنه يهمس باسمه....
...تفحص الخريطة أمامه، أسماء الحراس، مواقعهم، أوقات الدوريات......
...الشك بدأ يتسلل إليه، يختبر كل شيء، كل من حوله، حتى أصغر التفاصيل لم تعد بريئة....
...ثم تذكّر تلك اللحظة في المعبد....
...الظل الأسود، العينان اللتان تحرقان من الداخل، شعورٌ غريب بأنه كان يعرفها، رغم أنه لم يلتقِ بها من قبل......
...آستر. اسم لم يعرفه بعد، لكنها تركت أثرًا، شعورًا بأن القادم لن يكون مجرد هجوم عادي، بل بداية لعبة أكبر....
...فاليريوس عاد إلى نافذة القصر، يطل على ساحاته المضاءة بالقناديل، الحراس يتحركون بترتيب صارم، لكن كل شيء بدا له الآن مشبوهًا....
...أي خطوة خاطئة، أي تجاهل لتفاصيل صغيرة، يمكن أن تجعل الانقلاب الداخلي ينفجر، وأن تسقط الامبراطورية في فوضى لم يتصورها أحد....
...الهمس يزداد وضوحًا في عقله:...
...الخيانة ليست من الخارج......
...إنها من الداخل، من أولئك الذين يُفترض أن يكونوا أوفياء، أولئك الذين يبتسمون باسمه بينما يخططون لسقوطه....
...ووسط هذا الصمت الثقيل، أخذ نفسًا عميقًا، وابتسم ابتسامة باردة، متوترة، تحمل تحديًا وغموضًا:...
..."إن كانت هناك خيانة... فسوف أجدها. كل ظل، كل همسة... كل مؤامرة ستنكشف. ولن يبقى شيء مخفي."...
...ثم نظر إلى السماء، شعاع القمر يسلط الضوء على عينيه، وعيناه لم تكنا مجرد عينين إمبراطور... بل عينان تبحثان في الظلام، تبحثان عن أي حركة، أي إشارة، أي خطر....
...فالخيانة في القصر لم تعد مسألة سياسية فقط... بل أصبحت لعبة قاتلة، لعبة تستدعي كل حواسه، كل ذكائه... وربما، مواجهة الظل الذي لم يعرفه بعد، مخلوق الليل الذي ترك قلبه يترقب: آستر....
...---...
...النهاية...
...الفصل الثاني — خيانات الظلال...
...تمر الايام و تقل الحراسة بشكل تدريجي عن القصر بعد ان زال الخطر او كما يُعتقد انه حدث مرة أخرى آستر تتسلل في أرجاء القصر، تتنفس بصعوبة، لكن قلبها لم يكن مجرد نبض خوف… بل نبض فضول، ورغبة في كشف ما يخفيه هذا القصر الكبير من أسرار. بعد الليلة التي فشلت فيها في قتل الإمبراطور، بدأت تدرك شيئًا غامضًا: الخطر لا يأتي دائمًا من الأمام… بل من الداخل....
...لم يكن القصر كما يراه الزائرون، ولا كما يراه الحراس المخلصون. في أروقة الظلام، حيث تتلاشى ضحكات الوزراء وتختفي أقدام الشيوخ في صمت، اكتشفت آستر لأول مرة رسائل مختومة مخفية داخل أعمدة المعبد القديم، رسائل تحمل أسماء، وتواريخ، وخططًا مكتوبة بخط صغير ودقيق، لا يمكن أن يراها إلا من يعرف طريقة البحث....
...توقفت أمام عمود ضخم، تلمسه يديها برفق، فتحت فجوة صغيرة في الحجر، وأخرجت رقعة ورقية صُبغت بالحبر الأحمر الداكن. قلبها بدأ يخفق بسرعة، كل حرف يقرأه يقودها إلى حقيقة: هناك تحالف سري بين بعض الوزراء وبعض الشيوخ ضد الإمبراطور نفسه. خطتهم لم تكن واضحة بالكامل، لكن كانت كافية لتشعل شرارة الانتقام في قلبها....
...آستر أدركت أنه لم يعد لديها خيار: الانتقام الذي خططت له وحدها لن ينجح، ولكن التحالف مع الخونة قد يمنحها فرصة لاكتشاف الإمبراطور من الداخل، وربما الوصول إلى لرأسه، أو قلب حكمه....
...دخلت أحد القاعات المهجورة، حيث كانت الظلال تتشابك مع ضوء الشموع القديمة. هناك التقت أول وزير مستعد للثقة بها، رجل له وجه هادئ، لكن عينيه تحملان حقدًا دفينًا على فاليريوس. بعد ساعات من التفاوض، ومع كلمات ممزوجة بالغضب والخوف، استطاعت آستر إقناعه بأنها ليست مجرد متمردة تبحث عن الانتقام… بل حليف استراتيجي يمكنه قلب اللعبة....
..."إذا أردتِ الانتقام حقًا، علينا أن نلعب معًا… ولكن بحذر"، قال الوزير، وهمس كلمات لم تكن أقل حدة من السكاكين: "فاليريوس ليس وحده في القصر، ولكن الحذر… الحذر أهم من أي خطة."...
...بدأ التحالف الغريب: آستر، الخائنون، والظلال التي تتسلل خلف الأبواب، كل خطوة محسوبة بعناية. خلال الأيام التالية، أحداث غامضة بدأت تهز القصر: رسائل مزيفة، اختفاء خدم بلا أثر، ونغمات موسيقى غريبة تُسمع في الليل، وكأنها تُنذر بقرب الانقلاب....
...آستر تعلمت قراءة إشارات الخيانة في عيون الحراس، وفهمت لغة الظلال في الأروقة الخلفية. كل لقاء مع أحد الوزراء كان اختبارًا، وكل وعد منهم كان محفوفًا بالمخاطر. لكنها لم تفقد عزيمتها؛ على العكس، كل خيانة اكتشفتها زادت من حدة رغبتها في الانتقام....
...الليل الذي اختاروا لتنفيذ الخطة كان مظلمًا بشكل غير طبيعي، القمر كان غائبًا وراء سحب كثيفة، والهواء محمّل برائحة البخور والخطر. آستر وقفت خلف ستار من الظلال، تراقب الحراس يتجمعون في الساحات، بينما الوزراء والشيوخ الخائنون يخططون لتحريك الجيش الصغير المخلص لهم....
...كل شيء كان على وشك الانفجار: خطط سُرقت، رسائل مزورة، أسلحة مخفية في الأروقة، وخطط لتسميم بعض الحراس الموثوقين. قلب آستر كان ينبض بالقوة، شعورها بالانتصار اقترب… حتى سمعته....
...فاليريوس، الإمبراطور الذي لم يعرف الخوف، كان في القاعة الكبرى. صوته الحاد قطع الهواء، وجعل كل همسات الخيانة تتوقف. لم يكن وحده، ولكنه لم يظهر أي علامة على الشك… حتى لاحظ حركة صغيرة، غير متوقعة، في أعمدة القاعة....
...عيناه اللتان لم تفوت أي تفصيل، التقطتا لمحة من الظل الأسود الذي كان يتحرك بحذر. قلب آستر جمد، كل خططها المرسومة بدقة بدأت تنهار في لحظة....
..."أهلًا ثانية، مُتمردتي…" قالها بصوت بارد، كأنه يعرفها منذ البداية، كأنه قرأ كل خطواتها، وتنبأ بكل تحركاتها....
...لم تكن لحظة المواجهة مجرد صدمة، بل كانت انكشاف كل المؤامرة. فاليريوس لم يتسرع في الهجوم، بل وقف، نظراته تجوب كل خائن في القاعة، كل وزير، كل شيخ. ومع ابتسامة باردة ومتقنة إشارة ركيكة منه، وقد بدأت الحصون تنهار: الجنود المخلصون عادوا، وأحكموا الحصار على كل خائن، كل خطوة كانت محسوبة بدقة....
...آستر ركضت، حاولت الاختباء خلف الظلال، لكن الخيانة التي وثقت بها أصبحت الآن سجنها. الحلفاء الذين ساعدوها في الوصول إلى قلب القصر، أصبحوا الآن ضمن قائمة المقبوض عليهم، وعين الإمبراطور تلاحقها مثل الصقر....
..."تم القبض عليها جلالتك!"...
...صدح صوت احد الحراس وسط صمت القصر، كأن الظلال نفسها تنظر إليها بخيبة أمل. لم يكن هناك صراخ، لم يكن هناك ضجيج… فقط نظرات الإمبراطور، باردة، قوية، وغامضة، وكأن كل خطوة من خطواتها كانت محسوبة مسبقًا في عقله....
...الوزراء والشيوخ الذين خانوا الإمبراطور تم جلبهم واحدًا تلو الآخر، كلهم مقيدون، مكتوفو الأيدي، مكشوفون أمام سطوة الملك. القصر الذي كان مسرحًا للخيانة أصبح الآن مكانًا للانتقام المضاد، حيث كل خائن يُحاسب بدقة، وكل خطة مقلوبة على أصحابها، بدأ المكان يَعجُ بِتوسلات و رجاء لكن لا اذان صاغية...
..."جلالتك!... اتوسل لك! إبقي على حياتي.....
...لدي عائلة... انفني من المملكة وعزته وجلاله لن ترى وجهي ثانية ارحم ضعفي" ...
...اثناء ذلك آستر تجثو على ركبتيها وسيف الحارس يحتك بنحرها محدثًا خدشًا بسيطًا، تنظر إلى الإمبراطور، شعورها مختلط: غضب… خيبة… وربما احترام مبكر لقوة هذا الرجل. لم يكن انتقامها الكامل قد تحقق، لكن كل شيء كان درسًا: لا شيء في القصر يحدث بدون مراقبة، ولا أحد يمكن أن يلعب مع الظلال دون أن يدركها من يملك العيون الحقيقية....
...فاليريوس اقترب منها، نظر إليها مباشرة، وكأن عيناه تخترقان قلبها: "لقد كنتِ شجاعة، وسخية… ولكنكِ غبية. كل خيانة، كل خطة، كانت أمام عينيّ منذ البداية."...
...آستر لم ترد، لكنها شعرت بشيء لم تتوقعه: الخوف لم يكن مجرد شعور بالموت، بل شعور بالاعتراض أمام قوة لا يمكن التنبؤ بها....
...الليل انتهى، القصر عاد إلى صمته، ولكن الأحداث التي جرت ستظل محفورة في ذهن الجميع. آستر، الخائنون، الإمبراطور… كلهم أصبحوا جزءًا من لعبة أكبر، لعبة ستستمر في قلب الظلال، حتى لو حاولت الحياة نفسها طمس آثارها....
...الصفعة الأخيرة جاءت عندما تم جرها و اعوانها إلى الزنزانة حتى يُحدد نصير حياتهم، حيث كل همسة، كل خيانة، وكل خطة كانت مرئية من الإمبراطور. لكنها لم تكن النهاية. قلبها لا يزال ينبض بالانتقام، وعقلها بدأ بالفعل بتخطيط خطوة جديدة، أكثر غموضًا، أكثر خطورة. فالليل لم ينته بعد، والظلال دائمًا تخفي المزيد....
...آستر أدركت حقيقة واحدة، مؤلمة لكنها مشوقة: لا شيء في الإمبراطورية ثابت، ولا شيء في قلبها سيظل كما هو. كل خيانة، كل لعبة… مجرد بداية لمواجهة أكبر، قادمة، مخفية في الظلال، تتحدى الزمن والسلطة....
...وبينما القمر اختبأ خلف الغيوم، وآستر تجلس في الظلام، بدأ القصر كله يهمس باسمها، وكأن كل حجر، وكل ظل، وكل همسة… تحمل وعدًا لم يُكتب بعد....
...---...
...النهاية...
...الفصل الثالث — الإمبراطور فاليريوس...
...سكنت القاعة الكبرى تحت قوس الرخام الأسود، المكان الذي يعكس قوة المملكة وهيبة الإمبراطور. الشموع توهجت بصمت، ترسل ظلالها على الجدران، لكن الضوء لم يكن كافيًا ليخفف من صرامة الجو. أمامي، زنزانة الخونة، حيث أُحتجز آستر وكل من خان المملكة....
...جلست على عرشي، جسدي متمدد بثقة، ويدي على مسند العرش، أراقب كل حركة داخل القاعة. كان هناك ترتيب في كل شيء، حتى الصمت يبدو خاضعًا لإرادتي. لم أكن مضطرًا للحديث، لكني أريد أن أشعر بخطرهم، أن أسمع كيف يهابونني....
...اقترب قائد الحرس، صوته متوترًا:...
...«سيدي… الخونة ينتظرون حكمك.»...
...«انتظروا الحكم ، سيصدر حين يحين الوقت. لا أحد يتحرك دون إذني!.»...
...هذه الاثناء ...
...آستر جلست في الزنزانة، وجهها نصفه مخفي في الظل، عيناها تحدقان فيّ دون خوف. شيء في وقفتها أثار اهتمامي، لكنه لم يضعف هيبتي. جلست أراقبها بهدوء كامل، كأنني أوزن كل كلمة، كل حركة، كل نبضة قلب....
...«انتِ… أيتها الفتاة المتمردة. اعرفي أن كل فعل لك تحت مراقبتي. لا أحد يتهرب من حكم الإمبراطور، لا أحد.»...
...ابتسمت ابتسامة سخرية، لكن صوتها خافت وهو يخرج من بين أسنانها:...
... «حتى أنت، فاليريوس… لن تستطيع كسر كل شيء.»...
...رمقتُها بشيءٍ من البرود و الاستخفاف فهي الان مجرد سجينة هنا...
...«كسر؟ ليس كسرًا… إنه القضاء على الضعف. وأنت جزء من الضعف الذي يجب أن يُزال.»...
...تقدمت نحو الزنزانة، خطواتي ثقيلة وثابتة، كل خطوة تصدر صدى الرخام كأنها إعلان عن قوة لا تُقاوم. فتحت باب الزنزانة ببطء، ونظرت إليها مباشرة، دون أن أدع أي شعور يخرج من عينيّ....
...«من أجل المملكة، ومن أجل النظام… سيتم الفصل بين من يستحق الحياة ومن لا يستحق. وأنت، ايتها الصغيرة… ستعرفين مكانك.»...
...آستر لم تحرك ساكنًا، لكن كل كلمة منها كانت مدفوعة بتحدٍ واضح:...
...آستر: «سأفضل قطع رأسي على ركوعي لك.» ...
...صَمتت لبرهة ثم أجابت بنبرة يتخللها السخرية...
...«جلالتك....»...
...أسودت عينا الإمبراطور غيظًا من طُغيانها فصدح صوته ...
...الغليظ مزمجرًا...
...«لن يُسمح بالعصيان أو التحدي. كل من يفكر بالمواجهة… سيجد أن نهايته حتمية.»...
...التفت إلى الوزير، كأنني أُعيد ترتيب رقعة شطرنج ضخمة:...
...«القرار النهائي؟ أعدام جميع الخونة بساحة المملكة ليكونوا عبرةً لكل من تراوده نفسه للطاحة بحكم امبراطوره ! لكن هذه أبقها حبيسة الزنازين حتى اجدها متعفنة هنا وأي حركة صغيرة… ستكلف حياتها.»...
...الوزير: «نعم، سموك!.»...
...تقدمت آستر خطوة إلى الوراء، لكن لم تكن رهبة، بل تقييم لكل كلمة، لكل تصرف. شعرت أنها تحاول قراءة قوتي، لكنها لم تدرك أن القوة ليست في الحركة أو الصمت… إنها في الهيبة، في القدرة على إصدار الحكم من دون ارتعاش....
...فاليريوس (بصوت حازم): «استمعي جيدًا، يا انتِ. ليس هناك مجال للمراوغة أو للغموض. كل شيء تحت مراقبتي، وكل كلمة لك ستسجل. أي تحرك خاطئ… النهاية قريبة.»...
...هدأ الجميع، والجو مشحون بالصمت. الحراس يراقبون عن كثب، كل عين على كل خائن، وكل خيانة محتملة. شعرت بالقوة تتدفق في كل جزء مني، كل عضلة، كل نبضة قلب، كل حركة، وكأن المملكة نفسها كانت تتنفس من خلالي....
...همستُ لذاتي :...
...«أفكارهم، غضبهم، كل تحدٍ… سيكون تحت قدمي. لا مكان للضعف هنا. لا مكان لأي شيء سوى إرادة الإمبراطور.»...
...آستر جلست مرة أخرى في الزنزانة، عينيها لا تفارقني، لكنها لم تعد مبتسمة. الآن يبدو الغضب مصحوبًا بالترقب. كان واضحًا أنها تفهمت أن الهيبة ليست مجرد كلمات، بل أفعال، وأن كل شيء في هذا القصر يتوقف على إرادتي وحدي....
...فاليريوس: «دعوها تحت الرقابة المشددة. لا تراخٍ. لا أخطاء. كل من يفكر في العصيان… سيكتشف أن الإمبراطور لا يُهزم.»...
...خرجت من الزنزانة، كل خطوة تصدح بالسلطة، والجميع في صمت، يعرف أن كل كلمة أو حركة ستكون تحت تقديري، وكل خطأ… سيكون نهايته....
...جلست على عرشي مرة أخرى، أراقب الليل يسقط على القصر، والنجوم تلمع فوق الأسوار. شعرت بأن كل شيء مضبوط، كل شيء تحت السيطرة… لكن هناك هذا التحدي المستمر، هذه الفتاة التي لم تنكسر بعد، والتي تحمل في عينيها غضبًا وماضيًا لم يكشف بعد....
...فاليريوس (بصوت حاد): «تلك المتمردة… العالم لا يُهزم بالكلمات أو بالخيانات الصغيرة. إنه يُهزم بالقوة، بالسيطرة، وبالهيبة. وتذكري… لا أحد يمكن أن يتحدى الإمبراطور ويظل حيًا.»...
...في صمت الليل، شعرت أن المملكة بأكملها تتنفس معي، كل حجر وكل قصر وكل جندي… وكل شيء تحت إرادة الإمبراطور....
...آستر لم تعرف بعد ما ينتظرها، لكنها شعرت بوجوده… الهيبة، الصرامة، السلطة. كانت تعلم أن كل خطوة خاطئة ستكلف حياتها، وكل تحدٍ… لن يكون إلا تحت ناظري....
...---...
...جلست على العرش بعد أن عاد الجميع إلى مواقعهم، والزنزانة تحوي آستر والخونة الآخرين تحت المراقبة المشددة بانتظار الغد لتنفيذ حكم الاعدام. القاعة الكبيرة صامتة، والشموع تتراقص مع النسيم البارد، لكنها لم تخفف من حضور الإمبراطور، ولا من صرامة قراراته....
...رغم هيبتي الظاهرة، شعرت بوخزة غريبة في قلبي، شعور لم أعتده منذ سنوات. نظرة تلك الفتاة لم تفارقني، ذلك التحدي في عينيها، الذي بدا وكأنه يقرأ كل شيء عني، وكأنه يتجاوز القوة ويصل إلى شيء أعمق، شيء لم أرغب فيه ولا أفهمه....
...فاليريوس (همسًا لنفسه):...
...«ما هذا الشعور…؟ هذه الفتاة… لا تهزني كأي خائن آخر… بل…»...
...توقف لثانية، أخذت يدي على مسند العرش بإحكام، محاولًا استعادة رباطة جأشي، لكن شعورًا غامضًا يضغط على عقلي. ليس خوفًا من سلطتها، بل من فضولها، ومن حقيقة ماضيها المظلم الذي لم يكشف بعد....
...فاليريوس (بصوت منخفض صارم):...
...«لا… لن يكون هناك أي مجال للضعف. كل شيء تحت سيطرتي. كل خطوة، كل كلمة… تحت إرادتي. هي مجرد لغز… لغز يجب أن أحله بدون أن أضعف.»...
...أدركت أن التحدي الذي تمثله آستر ليس فقط سياسيًا أو خائنًا، بل شخصيًا، شعور يربطني بها بطريقة غامضة، لكنها لم تكن تعرف أنني لاحظت كل شيء، وأن كل حركة منها تجعلني أقيس قوتي الداخلية وصمتي الحازم....
...قمت من على العرش، ووقفت في منتصف القاعة، كل خطوة تصدح بالسيطرة المطلقة، كل حركة توضح أن الإمبراطور هو من يقرر كل شيء. الغرفة صمتت تمامًا، وكأن الجميع يشعر بأن القوة التي تمثلها حاضرة أكثر من أي وقت مضى، وأن أي خطأ… سيكون له ثمن لا يغتفر....
...فاليريوس (بهمس):...
...« ربما لم تعرف بعد، لكن كل شيء بيننا لم يبدأ بعد. وستكون كل خطوة، كل كلمة، تحت ناظري… وكل شيء ستفعله سيحدد مصيرك… ومصيري أيضًا.»...
...في هذا الصمت الثقيل، شعرت أن الليل أصبح حارسًا لنا، والنجوم فوق القصر تراقب كل شيء. آستر لم تعرف بعد أن القوة ليست فقط في الصرامة أو الخوف، بل في السيطرة المطلقة على كل ما حولها، وفي القدرة على فرض الهيبة، حتى لو كان الصراع داخليًا....
...وبهذا، غادر فاليريوس القاعة، تاركًا آستر تحت المراقبة المشددة، لكنه حاملاً في داخله شعورًا متناقضًا: سيطرة لا تُقهر، لكنها مختلطة بفضول غامض حول هذه الفتاة التي لم تكشف بعد كل أسرارها، والتي، بلا شك، سافكك احجيتها قطعة قطعة...
...---...
...النهاية...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon