...عندما وصلت إلى القصر، كان والدها، الكونت لانغ، لا يزال يحتسي الخمر....
...و ندمت فانيسا على عودتها المبكرة. ففي حياتها السابقة، كانت قد تأخرت في العودة بعد أن قضت الليل تمازح كونراد، وحينها كان الكونت لانغ غارقًا في النوم من شدة ثمالته....
...“أوه! لقد عادت جوهرتي فانيسا! تعالي، أخبري والدكِ بكل شيء!”...
...“آنستي…….”...
...ترددت أغنيس وهي تمسك بيد فانيسا....
...“لا بأس يا أغنيس، عودي إلى منزلكِ، حفيدتكِ بانتظاركِ.”...
...اضطرت فانيسا إلى الجلوس أمام الكونت على المائدة، لكنها أحسّت بأن الغضب القديم بدأ يتصاعد في أعماقها من جديد....
...حين أصبحت فانيسا أميرة الإمبراطورية في حياتها السابقة، طالب الكونت لانغ البلاط الملكي بمبالغ طائلة بحجة الحفاظ على مكانته المرموقة....
...لكن المال تبخر سريعًا في الحانات وحلقات القمار، ولم يساهم بفلس واحد في مهرها....
...'ولهذا السبب انقلبت حياتي في القصر رأسًا على عقب منذ البداية……'...
...كان كونراد بطبيعته رجلًا عابثًا، ولم يكن الإمبراطور يعلّق عليه أي آمال. لكن على عكسه، كانت التوقعات من فانيسا دائمًا أكثر قسوة....
...كانت حياة أميرةٍ بلا خلفية قوية جحيمًا في القصر. ...
...ومهما حاولت، لم تستطع الإنجاب ولو مرةً واحدة خلال زواجها الطويل. وذلك لم يؤدِّ إلا إلى تفاقم الوضع أكثر. ...
...الإشاعات الخبيثة، التنمر الحقير، السخرية والنبذ....
...'وفوق ذلك، ذلك الرجل ظل يثير الفوضى في العاصمة حتى يوم موتي. لا بد أنني كنت شوكةً في عين الإمبراطور أيضًا.'...
...“لماذا لا تتكلمين؟ كم عدد الخطّاب الذين تقدموا لكِ؟ لا بد أنهم من عائلاتٍ غنية، أليس كذلك؟”...
...“لم يكن هناك أحد، ولا واحد.”...
...“ماذا؟”...
...“لم يتقدم أحدٌ يا أبي. لم أرقص حتى مرةً واحدة. من الذي يرغب بالرقص مع امرأة جاءت إلى الحفل بثوب الحداد؟”...
...ثم جاءت الصفعة على الفور....
...'ها، حتى وجهي لم يسلم بعد الآن.'...
...“يا عديمة النفع! هل تعلمين كم تعبتُ لأدخلكِ إلى البلاط الإمبراطوري؟!”...
...أمسك الكونت فانيسا من ذراعها وأجبرها على الوقوف. ...
...و في العادة، كانت ستصمت عند هذا الحد، لكنها لم تعد قادرةً على كبح نفسها....
...“وأي معاناةٍ تلك التي تتحدث عنها؟! أنتَ لم تكن سوى عائقٍ في حياتي! لو لم تكن موجودًا……لو لم تكن أنتَ……”...
...'لما انتهى بي المطاف بالموت بتلك الطريقة.'...
...جاءتها صفعةٌ أخرى، أو بالأحرى لكمةٌ هذه المرة....
...“يا لكِ من وقحة، كيف تجرؤين على الرد عليّ؟! أجل، أنتِ ترين أباكِ تافهًا الآن، أليس كذلك؟!”...
...نعم، كل هذا بسبب الكونت لانغ. فكرت فانيسا بذلك وهي مطروحةٌ على الأرض....
...كل ما فعلته لتثبت نفسها، زواجها الإجباري الذي جلب لها السخرية، موتها المذل وسط الاتهامات واللوم. كل ذلك، كلّه بسببه....
...حاولت المقاومة، لكنها بذلك زادت من غضبه. فتحطمت الصحون والكؤوس القليلة المتبقية، وانقلبت خزانة الزينة....
...اقترب الكونت وهو يمسك بساق كرسي مكسورة. عندها أحست فانيسا أن حياتها في خطر. لكنها لم تشعر بالخوف. بل كان الغضب هو ما جعل جسدها يرتجف....
...“عديم النفع ليس أنا، بل أنتَ! أمثالكَ من حثالة البشر لا يفعلون سوى نشر سمومهم حتى يوم موتهم!”...
...تفادت الضربة، لكن قدَمها تعثرت وأمسكها من كاحلها. ...
...كان الكونت الآن ينوي فعلًا قتل ابنته....
...ىصحيح، إن كان هناك شيء واحد يجب أن أغيره بعد عودتي إلى الحياة…..'...
...أمسكت فانيسا بقطعة زجاج حادة بيدها العارية، ولوّحت بها نحو الكونت....
...“أيتها المجنونة..…!”...
...تراجع متفاديًا الطعنة، فاستغلت الفرصة وركضت نحو الباب، لكنّه أمسكها من شعرها....
...و حاولت الإفلات بكل قوتها، لكن دون جدوى. فرغم أنه مجرد سكير الآن، إلا أنه كان جنديًا سابقًا....
...ثم بدأ يخنقها بيديه....
...“أجل، حتى أمكِ كانت تنظر إليّ بتلك النظرات. كان عليّ أن أقتلها بيدي أيضًا!”...
...'الهواء…..لا أستطيع التنفس…..'...
...أن تموت هكذا، بعد أقل من يومٍ واحد فقط من عودتها إلى الحياة، بدا أمرًا سخيفًا لدرجة أنها ضحكت بين دموعها وهي تختنق....
...و حين اعتقدت أن كل شيء انتهى—...
...“آنستي!”...
...سمعت صوت أغنيس. وقبل أن تتمكن من الالتفات، اندفعت الخادمة العجوز نحو الكونت، وضربته بكل قوتها بساق الكرسي التي كان يمسكها سابقًا....
...فتحطم الخشب وتناثرت الشظايا، ورمى الكونت فانيسا أرضًا وهو يصيح غضبًا....
...“أيتها الحشرات الحقيرة..…!”...
...ترنح واقفًا ومد يده نحو أغنيس. فحاولت فانيسا التدخل، لكن جسدها لم يطاوعها....
...“هاه……ماذا؟”...
...في تلك اللحظة، دفعت أغنيس الكونت لانغ بكل ما أوتيت من قوة. وبينما كان ثملًا حتى العظم، فقد توازنه وارتطم بخزانة الزينة من الخلف....
...كان سقوط خزانة الزينة مسألة لحظةٍ واحدة، ثم—...
...دَوِيّ مكتوم-...
...سقط تمثال الملاك النحاسي الموضوع على أعلاها وأصاب الكونت مباشرةً في رأسه. و جلس السكير على الأرض بوجه حائر للحظة، ثم انهار بلا حراك. ...
...ثم تدحرجت ساق الكرسي من يد أغنيس على الأرض، محدثةً صوتًا خافتًا. و شهقت أغنيس وهي تلتقط أنفاسها، وجسدها كله يرتجف من الذعر....
...“الـ، الكونت……! ماذا……ماذا نفعل الآن يا آنستي؟! لم أكن أريد إيذاءه……أردت فقط……فقط إنقاذكِ…….”...
...نظرت فانيسا إلى الدم الذي بدأ يتسرب ببطء على السجادة. و كان القصر الصامت خاليًا تمامًا إلا من شهقات أغنيس المكبوتة....
...الكونت مات. وبما أن القانون الإمبراطوري لن يقف أبدًا إلى جانب خادمةٍ ضد سيدها، فإن تم القبض على أغنيس، فسيتم إعدامها فورًا دون محاكمة....
...“اسمعيني جيدًا يا أغنيس. لقد عدتِ إلى منزلكِ فور وصولي إلى القصر، أتفهمين؟ لا تعرفين شيئًا عمّا حدث هنا، أليس كذلك؟”...
...“لكن، آنستي……”...
...“فكّري في حفيدتكِ. هيا، اذهبي الآن. سأتدبر الأمر بنفسي.”...
...بعد أن أرسلت أغنيس بعيدًا، جمعت فانيسا ما تبقى من الحلي في القصر وأخفتها تحت كومة القش في الإسطبل. و كانت تخطط لرميها في النهر عند بزوغ الفجر....
...ولو ظنّوا أن لصًا اقتحم القصر وقتل الكونت وسرق ممتلكاته……لكان ذلك مثاليًا.'...
...كان للكونت لانغ أعداءٌ كُثر. ربما سيمرّ الأمر دون شكوك كبيرة....
...لكن ما سيشكّل المشكلة بعد ذلك هو……الديون....
...في حياتها السابقة، فور إعلان خطوبتها على كونراد، تدفق الدائنون كالسيل على منزلهم....
...لم تفهم فانيسا يومها كيف استطاع ذلك السكير اقتراض كل ذلك المال. ومعظمهم لم يكن حتى يملك أوراقًا رسمية لإثبات القرض....
...لكنها كانت مشغولةً حينها بإخماد الفضيحة. و كانت تخشى أن يُلغى زواجها من الأمير، فاضطرت لتحمل أغلب تلك الديون على عاتقها....
...لحسن الحظ، بعد أن أصبحت أميرة، تمكنت من امتلاك ثروتها الخاصة. و باعت الأراضي الريفية التي ورثتها عن والدتها، واستثمرت المال، وفي غضون ستة أشهر فقط ضاعفته خمس مرات، وسددت كل الديون وبقي لديها فائض....
...'حسنًا، كان الحظ في صفي حينها……والآن أعرف تمامًا ما يجب فعله. لكن المشكلة الوحيدة هي كيف أحصل على السيولة الآن…….'...
...أسهل طريقةٍ كانت بيع الأرض التي من المفترض أن ترثها. لكن المشكلة أنها ستظل مجمدةً في البنك حتى تتزوج....
...'إذن، الزواج مرة أخرى…….'...
...خافت من نفسها للحظة وهي تفكر بهذه الطريقة أمام جثة والدها، لكن—...
...ربما كان ذلك القرار الصحيح، لها، وللإنسان الذي كان والدها. فحتى لو عاش، لكان في النهاية سببًا في دمارها مرة أخرى....
...'سأتولى جنازتكَ بنفسي يا أبي. لا أعلم إن كان سيأتي أحدٌ لتقديم العزاء، لكن على الأقل سأمنحكَ جنازةً تليق بكَ.'...
...***...
...في صباح اليوم التالي، وصل قائد الشرطة الإمبراطورية إلى قصر لانغ مع أحد المحققين بعد تلقي بلاغٍ بالحادثة....
...كان يعرف الكونت من قبل. فهو كان يثير الشغب في حالة سكر بشكلٍ متكرر....
...“لقد قال لي المرسول الذي أوصل الخبر هذا الصباح أنه كان يعلم أن هذا سيحدث يومًا ما. وأعتذر يا آنسة على صراحتي، لكنني أيضًا كنت أعتقد ذلك.”...
...قال قائد الشرطة ذلك وهو يهز رأسه بأسى....
...“لا بأس. ربما كنتُ أعتقد الشيء نفسه. وإلا لما كنت أشاهد هذا المشهد دون أن أذرف دمعةً واحدة.”...
...بعد بعض الأسئلة الشكلية، غادر المحققون....
...وتم تسجيل الحادث على أنه: “الآنسة فانيسا لانغ رأت والدها يشرب حتى وقتٍ متأخر ثم ذهبت للنوم، واستيقظت على صوت شجار في الفجر، وعندما نزلت وجدته ميتًا.”...
...“قد يأتي بعض المسؤولين لاحقًا لمتابعة الإجراءات الشكلية، فلا تقلقي كثيرًا. سنغادر الآن.”...
...ثم تولت أغنيس ترتيبات الجنازة. و كانت هادئةً على نحوٍ مدهش....
...“فكّري بنفسكِ أولًا يا آنستي. قد لا تشعرين الآن، لكن لا بد أنكِ في صدمة.”...
...'لا بد أن أغنيس ستشعر بالريبة. لو علمت أن كل ما أفكر به الآن هو كيفية كسب المال…..'...
...لكن بالنسبة لفانيسا، كان البقاء هو الأولوية الوحيدة. فلم يعد هناك وقت للندم أو الخوف. كل ما يمكنها فعله الآن هو العمل....
...كانت الجنازة كما توقعت تمامًا—هادئةً وخالية من الحضور....
...و عند المساء، وصل مايسون مسرعًا، و وجهه شاحبٌ من الصدمة....
...“فانيسا! هل أنتِ بخير؟ لم تُصابي بشيء؟”...
...“أنا بخير، شكرًا لقدومكَ.”...
...“لا أصدق أن لصًا اقتحم قصر عائلة لانغ……يا له من أمر لا يُصدق. وفاة الكونت أمرٌ مؤسف، لكن المهم أنكِ بخير. فالكونت كان……أعني……هو……”...
...كان مايسون يحاول عبثًا العثور على كلماتٍ طيبة يقولها عن الكونت. ...
...ربما “كان رجلًا طيبًا”؟ لا، لم يكن كذلك....
...“يكفي يا مايسون. نحن جميعًا كنا نعلم أن الأمر سينتهي هكذا.”...
...قالت فانيسا ذلك بابتسامةٍ مريرة....
...“حقًا؟ هذا مؤسف إذاً، لقد أعددت كلمات عزاءٍ طويلة سدى.”...
...ثم التفتت فانيسا بحدة نحو الصوت الغريب— فرأت رجلًا طويل القامة، ذا شعر فضي شاحب وبشرة بيضاء كالثلج، ينظر إليها من أعلى بنظرةٍ غامضة....
..._____________________...
...من ذاه 🌝 نسيت اشكالهم ...
...بس واو ماتوقعت كل ذا الاكشن من الفصل الرابع وعسا في ابوها ليته فطس فطسة توجع بعد ...
...اغنيس ذا العجوز بعد تروع ولا كأنها سوت شي 😭😭😭😭...
...المهم الصدق توقعت الدوق بيجي لأنه كان يلحقها بس شكله صادق بيستأذن قبل يلاحقها😂...
...Dana...
Comments