...كان كونراد في الثانية والعشرين من عمره، شابًا وسيمًا مشرق الطلعة بحق. بشعره الذهبي البراق، ومعطفه الأبيض الناصع، وعينيه الرماديتين اللامعتين….....
...لم يسبق لفانيسا أن اعتقدت أنها أحبّته يومًا، ومع ذلك فقد قضيا معًا وقتًا سعيدًا في الماضي. لكنها تساءلت، كيف انقلب كل شيءٍ إلى هذا الحال؟...
...وبينما كانت غارقةً في أفكارها، مدّ أحدهم يده نحوها فجأة....
...كان وجهًا مألوفًا، إنه كاليب، الابن الثاني للكونت ماتيني، ذلك العاشق المعروف الذي بدأت سمعته في العلاقات العابرة تنتشر منذ ذلك الوقت بالذات....
...“عذرًا يا سيدي، لكني أرفض.”...
...“لن يكون أمامكِ خيار، آنسة. إن لم ترقصي معي الآن فسأقفز من الشرفة فورًا.”...
...“……وهل يهمني ذلك؟”...
...ظلّ كاليب يلحّ عليها بإصرار، لكنه في النهاية احمرّ وجهه خجلًا وغادر....
...“فانيسا، ألن ترقصي حقًا ولو مرة؟ لقد صدَدتِ بالفعل أربعة أشخاص.”...
...قال مايسون ذلك وهو يناولها كأس شمبانيا....
...“أجل، لا رغبة لي في الرقص الليلة.”...
...“وهل ستُرفض أيضًا دعوة ذلك الرجل هناك؟”...
...و”ذلك الرجل” لم يكن إلا ذاك الذي كان يحدق نحوها طوال الوقت من الجهة المقابلة للقاعة....
...“بصراحة….سمعتُ عنه، لكن….كيف أقولها..…”...
...تردد مايسون قليلًا قبل أن يهمس،...
...“كئيب، أليس كذلك؟”...
...“همم…..”...
...فيلياس سايران. بالنسبة إلى النبلاء الشباب لم يكن سوى موضوعٍ للثرثرة، لكنه في الحقيقة لم يكن شخصًا يمكن الاستهانة به أبدًا....
...بعد وفاة الإمبراطورة الأولى، تزوج الإمبراطور الراحل من نبيلة أجنبية صغيرة السن، تكاد تكون في عمر ابنته....
...كان لديه آنذاك ابنان راشدان بالفعل، أرتور –الإمبراطور الحالي– والدوق باستيَان، لذا كان قراره بالزواج مجددًا صادمًا في البلاط....
...لكن الإمبراطورة الشابة توفيت بعد أن أنجبت ابنًا، فيلياس....
...وبعد أن تقدّم الإمبراطور السابق في العمر واعتلى أرتور العرش قبل ست سنوات، نفى أخاه غير الشقيق فيلياس –الذي كان في الثامنة عشرة حينها– إلى إقليم ناءٍ في أقصى الشمال الشرقي يُدعى “أشكا”....
...أشكا، قلعةٌ قديمة مبنية على منحدر شاهق، تحيط بها تندرا* قاسية تتحول في الصيف إلى مستنقعاتٍ سامة....
... ...
...* منطقة أحيائية قاحلة وشبه قاحلة تتميز بدرجات حرارة شديدة الانخفاض وعدم نمو الأشجار...
...بسبب الجبال الوعرة والغابات الكثيفة، كان من الصعب الوصول إليها من العاصمة أو المدن الأخرى....
...وفوق ذلك كانت هناك “جزر القراصنة”، وهي مجموعةٌ من الجزر القاحلة المتناثرة في البحر الشمالي قرب الإقليم....
...قبل عقدٍ من الزمان، قام زعماء تلك الجزر بانقلاب دموي، قتلوا أسرة البارون الحاكم، ومنذ ذلك الحين اعتبر البلاط الإمبراطوري تلك الأراضي كأنها لم تعد موجودة....
...فهي أرضٌ قاسية لا يرغب أحدٌ فيها على أي حال....
...ومع ذلك، أُرسل إليها ذلك الفتى ابن الثامنة عشرة ليكون حاكمها الجديد....
...'لقد طُرد إلى هناك ليهلك ببساطة…..'...
...لكن حدث أمرٌ لم يتوقعه أحد. إذ أعلن جميع زعماء الجزر ولاءهم له طوعًا....
...ورغم أن شمال الشرق ما زال مكانًا يصعب العيش فيه، فإن خضوع أولئك الحكّام له جعل الإمبراطور نفسه مضطرًا للاعتراف به كعضوٍ من العائلة الإمبراطورية....
...'لا أحد يعلم كيف تمكّن وحده من إخضاعهم جميعًا…..لا بد أن في الأمر قصةً مثيرة. ومع ذلك، أتمنى فقط أن يتوقف عن التحديق بي بهذا الشكل…..'...
...شربت فانيسا من كأسها بتوتر. وبعد لحظات، انتهت الموسيقى، وبدأ الراقصون بالتفرق. عندها نهض الدوق من مقعده....
...كان مشهد عبوره القاعة بمعطفه الأسود المرفرف ملفتًا للأنظار. و اتجهت إليه الأنظار من كل مكان، حتى أن ولي العهد رفع يده محييًا له....
...'يا له من متفائل حتى في مثل هذا الجو…..'...
...ومع ذلك، لم يلتفت فيلياس نحوه، بل سار مباشرةً نحو فانيسا....
...'مستحيل…..'...
...“آه، سمو الدوق…..لا أظن أن ما تفعله مناسب..…”...
...ولم تجد فرصةً لتمنعه، إذ جثا فجأةً على ركبة واحدة أمامها. فضجّت القاعة بالهمهمات والدهشة. أما فيلياس فرفع بصره نحوها وسأل بهدوء،...
...“آنسة فانيسا، أليست آخر رقصة في حفلة الظهور الأول رمزيةً جدًا؟”...
...“همم، نعم…..يمكن قول ذلك.”...
...ففي العادة كانت تلك الرقصة الأخيرة علامةً على بداية علاقة حقيقية، كما حدث لها في حياتها السابقة....
...“إذاً، هل لي أن أطلب منكِ طلبًا واحدًا؟”...
...كما توقعت، كان ينوي دعوتها للرقص. ففكرت بسرعة في طريقة مهذبة للرفض....
...'إنه دوق، لذا عليّ أن أعتذر بلطف دون إحراج…..لكن يبدو من نوعه الذي لا يفهم التلميحات..…'...
...“أعتذر يا سمو الدوق، ولكني اليوم..…”...
...“لا ترقصي.”...
...“ماذا؟”...
...…..ماذا؟...
...“لا ترقصي الرقصة الأخيرة يا آنسة فانيسا. بل الأفضل ألا تنهضي من مكانكِ هذه الليلة كلها.”...
...حتى أثناء حديثه، ظل وجهه مخفيًا تحت الظلال، بالكاد يمكن تمييز ملامح ذقنه فقط. و لا تعلم كيف فعل ذلك، لكن الأمر بات مدهشًا بالفعل....
...“ما الذي…..تعنيه بذلك؟ أعني، صحيحٌ أني لم أكن أنوي الرقص على كل حال، لكن أن تطلب مني ذلك تحديدًا في هذه الليلة؟…..”...
...“نعم، لقد جثوتُ على ركبتيّ لأجل ذلك أيضًا.”...
...'يا للدهشة حقًا.'...
...حاولت فانيسا أن ترد عليه بشيء، لكنها فقدت القدرة على الكلام أمام تصرفه الوقح....
...“حسنًا، لن أرقص، لذا انهض الآن.”...
...نهض الدوق بهدوء، وظل واقفًا يحدّق بها من الأعلى....
...“……؟ ألن تذهب؟”...
...“هل عليّ أن أذهب؟”...
...“أمم……أنتَ الآن تحجب رؤيتي تمامًا.”...
...“هل هناك ما يستحق النظر خلفي؟”...
...“……ولماذا؟ هل تنوي الآن أن تمنعني حتى من النظر إلى الآخرين وهم يرقصون؟”...
...“هل يمكنني فعل ذلك؟”...
...'ما هذا بحق……؟'...
...“لا. عُد من فضلكَ يا دوق.”...
...وحين قالت فانيسا ذلك بحزم، استدار على غير المتوقع وعاد مطيعًا إلى مقعده، وجلس في مكانه السابق يحدق بها بانتباهٍ شديد....
...الآن كانت كل الأنظار من حولها موجهةً نحوها بفضول ظاهر....
...'أشعر وكأني وقعت تمامًا في فخه.'...
...“فانيسا، هل أنتِ بخير؟”...
...سألها مايسون، لكنه ما إن رأى ملامحها حتى ابتسم بخفة....
...“ياله من سؤالٍ غبي طرحته، أليس كذلك؟”...
...فأدركت فانيسا أنها هي الأخرى كانت تبتسم دون أن تشعر....
...***...
...بعد ذلك، لم يجرؤ أحدٌ على دعوة فانيسا للرقص. و التقت عيناها بكونراد بضع مرات، لكنه لم يقترب منها أيضًا....
...'صحيح، في حياتي السابقة بذلت جهدًا كبيرًا كي أجعله هو من يقترب مني.'...
...جميع الفتيات الأخريات رقصن مع شركائهن رقصة الختام، وهكذا انتهى الحفل في النهاية....
...عاد مايسون إلى المنزل أولًا بعدما استدعاه والده، وغادرت فانيسا القصر مبكرًا لتتفادى الزحام....
...كانت آخر عربة متبقية للعائلة تنتظرها، تجرها حصانان. و استقبلتها أغنيس، آخر خادمة باقية في المنزل، بملامح متوترة. ...
...كانت امرأةً مسنّة تجاوزت منتصف عمرها، وفي حياتها السابقة غادرت القصر فور زواج فانيسا....
...“أعتذر لأنكِ ذاهبةٌ وحدكِ يا آنستي. كان عليّ مرافقتكِ، لكنني كنت مشغولةً بتحضير عشاء السيد..…”...
...“لا تقولي مثل هذا الكلام. الجو بارد، فلندخل بسرعة.”...
...عندها شحب وجه أغنيس فجأة....
...“آه، آنستي…..أظن أن وقتي قد حان لمغادرة هذا العالم.”...
...فالتفتت فانيسا بقلق، وبالطبع، كان هو يقف هناك....
...“لا بأس يا أغنيس. ادخلي أولًا.”...
...ثم اقترب الدوق بخطواتٍ صامتة....
...“……قد يبدو الأمر وكأني كنتُ ألاحقكِ.”...
...“ألستَ كذلك؟”...
...“حسنًا……سأفعل ذلك فقط بعد أن أطلب الإذن منكِ.”...
...“إنها مزحة، أليس كذلك؟”...
...ابتسم الدوق بخفة....
...“ربما. على أي حال، أردت فقط أن أتمنى لكِ ليلةً هادئة.”...
...“……ولكَ ذلك أيضًا، يا سموّ الدوق.”...
...وقفت فانيسا تحدّق في الدوق للحظة....
...كانت تعلم أنه شخصٌ غريب الأطوار، لكن طريقته في التعامل معها كانت مبالغًا فيها فعلًا....
...هل من المنطقي أن يتصرف دوق في الإمبراطورية، بل شقيق الإمبراطور نفسه، بهذه اللباقة تجاه ابنة أحد النبلاء العاديين؟...
...“يا سموّ الدوق…..ألا تعتقد أنكَ تعاملني باحترامٍ مفرط بعض الشيء؟”...
...فسألها باستغراب....
...“وأليست الآنسة فانيسا تعاملني بالمثل؟”...
...“لكن الموقف مختلف. أنتَ…..أنت دوقٌ بعد كل شيء.”...
...“وما الذي يعنيه ذلك؟”...
...تلعثمت فانيسا قليلًا، غير قادرة على الرد. ...
...'ما هذا السؤال أصلًا؟'...
...“……ليس لديّ أي فكرةٍ إلى أين سيقودنا هذا الحديث.”...
...“أقصد أنه لا معنى لذلك. كوني دوقًا لا يمنحني أي تأثير عليكِ، أليس كذلك؟”...
...“آه، وهل ترغب في أن يكون لكَ تأثيرٌ عليّ؟”...
...كانت تسأل بخفة، لكن إجابته جاءت مباشرة....
...“أنتِ بالفعل تفعلين ذلك بي الآن.”...
...هذه المرة، كانت فانيسا هي من ارتبكت....
...“يا لكَ من رجل غريب…..تتحدث بأشياء عجيبةٍ فعلًا.”...
...حينها، سمعت صوت الحشود المغادرة من بعيد. و انحنى الدوق قليلًا مودعًا، ثم اختفى في ظلمة الليل....
...________________________...
...ياناس يستأذن عشان يلحقها🤏🏻...
...ويوم جا يقولها لاترقصين؟؟ مجنون😭 اهم شي الثقه ياناس...
...وفانيسا بعد ضحكت🤏🏻 هاااااهاعاهتهتهاها العرس مسألة وقت ...
...Dana...
Comments
Kazoha
دا مش انهوس
دا اتلحس مخه عالاخررر
2025-10-31
0
Kazoha
🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣
اه يا بطني🤣🤣🤣🤣😅
2025-10-31
0
Kazoha
شاطرة👏🏼👏🏼👏🏼
2025-10-31
0