الماضي 2

قاعة الأباطرة

تعالت الهمسات في قاعة الاجتماع الكبرى، كأنها أسراب غربان تتناقل الشؤم.

نظرات الملوك العشرة انصبت على الملك أوريون الجالس بهدوء، وقد ارتسمت على وجهه نظرة لا تُقرأ.

"انظروا إليه... يا له من متبجّح."

"يجلس بثقة وكأنّ شيئاً لا يُهدده."

"ضعيف... لا تنين له، ولا سلطان."

رفعت أصابع ملك الأندريكا، جالساً في صدر القاعة، فخيم الصمت فجأة.

قال بنبرة حازمة:

"هدوء."

تقدم ڤاروس، ملك مملكة النمر، مسنداً يده على مقبض سيفه المذهب، وقال بسخرية:

"سيدي... ألا ترى أن أحد عشر عدد زائد؟ دعنا نعود لما يجب أن نكون عليه : عشرة أباطرة... عشر تنانين."

قهقه ملك الزهور، ورد مستهزئًا:

"أجل، لقد بدأت أشمّ رائحة ضعف في هذا المجلس."

وتبعهم ملك البرق بصوت صارم:

"في قوانيننا، لا يحق لأحدٍ أن يجلس بيننا دون تنين. أخرجوه حالاً."

لكن فجأة، ارتفعت نبرة هادئة وباردة، كانت تحمل ناراً من الغضب:

"كفى."

كان ذلك صوت ملك الجليد، المعروف بلزومه الصمت غالبًا. أكمل:

"سحقا لكم، تتغطرسون على الضعفاء و تنحنون للأقوياء.... أنتم لستم سوى حفنة متكبرين ، لا أكثر... ثم إن في هذا العالم لا يوجد سوى عشر تنانين يمكن ترويضها و قد استولى كل امبراطور منا على واحد لكنه و ان لم يملك واحد فإن لديه القوة للإطاحة بنا جميعا."

سكت الجميع لبرهة، قبل أن يتدخل ملك النمر مجددًا بابتسامة ساخرة:

"أرأيت لا يوجد سوى عشر تنانين يمكن ترويضها لذلك يجب أن يوجد عشر أباطرة فقط عليه أن يصبح ملك متوسطا"

في هذه اللحظة، رفع الملك أوريون رأسه، كانت عيناه تلمعان بتوهج بنفسجي قاتم. قال بهدوء قاتل:

"أنتم لستم من يقرر مصيري. وحده ملك الأندريكا من يملك ذلك الحق... أما أنتم، لستم سوى غبار تذروه الريح تحت قدمي."

شهق البعض، بينما ضرب ملك النمر الطاولة بقبضته وقال:

"أيها الوقح! أتُسمّينا غبارًا؟!"

لكن قبل أن يرتفع التوتر أكثر، قال ملك الأندريكا بنبرة صارمة:

"ألم أقل لكم أن تهدأوا؟! هل تتجرؤون على عصيان أمري؟"

ثم مال إلى الخلف وقال بنبرة ثقيلة:

"على كل حال... سنقرر كل شيء بعد الغداء."

اشتدت العاصفة خارج القصر، وتجمّع البرق والرعد على نحو غير مألوف فوق القباب، كما لو أن شخصًا ما استدعاهما.

ساد القاعة جوّ متوتر، لم يُسمع فيه سوى طقطقة نيران الخشب المتوهجة في المدفأة.

> فجأة، ملأت رائحة طعام ملكي شهي أرجاء المكان؛ رائحة تجعلك تتيقن أن ما يُقدَّم على هذه المائدة قد يكون ألذّ ما ستتذوقه في حياتك.

فُتح الباب المذهب، ودخلت الخادمتان، ثم تلاهما الخدم وهم يحملون الصحون الفضية والأطباق البخارية. امتلأت الطاولة بما لذ وطاب، ووُضعت في منتصفها زجاجة عملاقة، بحجم طفل صغير.

> انسحب الخدم بهدوء بعد أن أنهوا مهمّتهم.

> وقف ملك الأندريكا، رافعًا كأسه، وقال بابتسامة: "حسنًا... فلننسَ خلافاتنا للحظة، ونستمتع بهذا المشهد الجميل."

> اقترب من الزجاجة الضخمة وفتحها، ثم وضع على فوهتها زهرة زرقاء ذات عطر نفّاذ.

بدأ الشراب داخل الزجاجة بالفوران واللمعان، وانبثقت من الزهرة أحد عشر أنبوبًا بلوريًا، امتدّ كل منها إلى كأس أحد الملوك.

> انطلقت فراشات مضيئة تحوم حول الطاولة، بينما ملأت العطور الزكية الهواء، كأن وليمة الملوك بدأت.

> وسط كل هذا السحر، لم يكن أحد يلاحظ لينا وهي تحدّق بعيون مرتبكة نحو لاراث، مستشار ملك النمر.

تقابلت نظراتهما، حب وتوتر وشكّ، كلّها تدور في صمت قاتل.

> اقترب لاراث بخفّة من لينا، واستلم منها ظرفًا صغيرًا أخفته في كمّها، دون أن يلحظ أحد.

لكنها لم تكن تعلم... أن تاج الملك أوريون كان يسجل كل حركة وكل همسة.

> فتح لاراث الظرف تحت الطاولة، ألقى نظرة خاطفة على محتواه، ثم تمتم بخفة: "خطة ذكية... كما هو متوقع منك، يا لينا."

> ضحك ضحكة قصيرة، شيطانية، ثم طوى الظرف وتابع المشهد بهدوء، كأن شيئًا لم يكن.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon