الفصل 2 - الضغط

...وصلت سايوري إلى البيت منهكة، ويدها ما زالت تحمل رائحة الصابون. تنظيف الحمامات اليوم استنزف كل طاقتها، وكل خطوة في الممر الطويل بدت ثقيلة، كأن الأرض ترفض حملها....

...في الصالة، كان والدها على الأريكة، يأكل بسرعة، وعيناه تشعّان توترًا لم تعرفه من قبل. حاولت المرور بصمت، لكن صوته قطع الطريق:...

...– المعلم اتصل بي اليوم… قال إنك تضحكين وتلعبين بدل أن تدرسي. درجاتك؟ مهملة! اتركي هذه التفاهات وركزي على دراستك....

...خفضت رأسها، تتجنب نظره، بينما الكلمات تثقل قلبها كأحجار صغيرة تتكدس فوق صدرها. الرسم، عالمها الصغير الذي يمنحها المتعة، صار مجرد "سخافة" في عينيه....

...– سايوري… سايوري… – ظل يكرر اسمها بنبرة ثقيلة كطنين لا يتوقف....

...هربت إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها. جلست على كرسيها، يدها ترتجف وخفقان قلبها يملأ صدرها. كل كلمة قالها شعرت بها كلكمة قوية، تقذفها بعيدًا عن عالمها الآمن....

...التفتت إلى طاولتها، حيث ينتظرها الحاسوب بصمت رحيم. فتحت ملفات الويبتون، وابتسمت ابتسامة صغيرة. في هذا العالم الرقمي، كانت البطلة المجنونة تقلب حياة من أزعجوها رأسًا على عقب....

...رسمت مقالب طريفة بزميلاتها اللواتي تسببن لها بالمشاكل. كل خط كان متنفسًا، يعيد ترتيب الفوضى في رأسها. بعيدًا عن صرامة والدها وضغط المدرسة، أدركت سايوري أن الرسم ليس مجرد هواية… بل طريقتها للتنفس، لفصل نفسها عن العالم الذي يضغط عليها....

...جلست أمام الحاسوب حتى الليل. شاشة الكمبيوتر أضاءت وجهها الشاحب بنور أزرق باهت، والفصل الجديد مفتوح، والصفحة الأخيرة لم تكتمل بعد. فرشاة الرسم توقفت في الهواء....

...> "ماذا لو… تلك الفتاة القصيرة… نعم، هانا."...

...ابتسمت وهي تكتب، شعور غريب يخلط الإثارة بالخوف ينساب في قلبها:...

..."ابتسم… ثم اقترب منها بهدوء، مد يده إلى خصلات شعرها الطويلة… وقصّها دفعة واحدة. انهارت هانا صامتة، تحدّق بشعرها المتساقط على الأرض، فيما ضحكات الطلاب تتعالى من حولها."...

...ضحكت سايوري بقهقة عالية، صوته يملأ الغرفة:...

...– ههههه… أنتِ تستحقين هذا يا هانا!...

...سمعت صوت أمها من الخارج:...

...– اخفضي صوتك قليلًا!...

...توقفت سايوري فجأة، ثم ابتسمت بخفوت، مواصلة الضحك بصوت خافت:...

...– هه… نعم، لم أتوقع أن يكون صامتًا هكذا!...

...ارتجف قلبها قليلًا، لكنها شعرت براحة غريبة… لم يكن قتلًا، بل انتقامًا صغيرًا يليق بها....

...ضغطت على حفظ، ثم على نشر. قلبها ينبض بشدة، وكأن شيئًا غريبًا قد بدأ… لكنها لم تتخيل أبدًا أن ما رسمته سيصبح واقعًا....

...خلعت معطفها المدرسي ورمته على السرير، ثم ألقت بجسدها المتعب بجانبه. أغمضت عينيها، محاولة أن يدع النوم يبتلع كل ما حدث اليوم: غضب والدها، ثقل كلمات المعلم، وضغط الحياة الذي يطاردها....

...---∆---...

...في اليوم التالي، أيقظتها والدتها بصعوبة:...

...– هيا يا سايوري، أستيقظي!...

...تمطّت سايوري ذراعيها بتكاسل، لكنها نهضت لتناول الإفطار. الطاولة كانت جاهزة، والأطباق مرتبة بعناية، والروائح الشهية تعبق في المطبخ....

...ثم صرخة عالية هزت المنزل:...

...– ماااا… هذا! من فعل… هذا؟! من… قام… بتمزيق… ثيابي؟!...

...ارتجفت سايوري، وهمست في سرّها:...

...– ما الخطب؟ ما الذي يحدث الآن؟...

...هرعت والدتها نحو غرفة والدها، وهي خلفها. سايوري تبعتها ببطء، غير مصدقة عينيها:...

...كان والدها ممسكًا بثوبه المفضل، ممزقًا تمامًا، وكأن أحدًا قصّه بمقص بشكل متعمد. وجهه صار أحمر كالشمعة، وهو يصرخ:...

...– من فعل هذا؟ من؟...

...تجمّدت سايوري، قلبها يقفز في صدرها. المشهد كان تمامًا كما رسمته بالأمس! كل تفاصيله…...

...شعور غريب اجتاحها: هل… يمكن أن يكون ما رسمته يتحقق؟ أم أن عقلها يخدعها؟...

...غادرت المنزل متجهة إلى المدرسة، يحترق صدرها بفضولٍ مخلوط بالخوف....

...في المدرسة، سمعت فجأة أصوات الفتيات العالية، واقتربت لتجد هانا تبكي بحزن:...

...– لا أعلم ما الذي حدث! استيقظت منذ الصباح، وشعري… قصير!...

...توقفت قليلاً، ثم أضافت:...

...– وبقية خصلات شعري المقصوصة كانت على الأرض، بجانب سريري…...

...تجمّدت سايوري، يدها ترتجف، وعيناها تتسعان… كل شيء مطابق تمامًا لما رسمته....

...خطر لها شعور لا يُوصف: هل كانت رسوماتها مجرد خيال؟ أم أنها بدأت تتحقق في الواقع؟...

...القلب ينبض بسرعة، وداخلها مزيج من الرهبة والإثارة، شعور لا تستطيع تفسيره، لكنها تعرف شيئًا واحدًا: العالم الرقمي لم يعد مجرد ملاذ… لقد أصبح ساحة تأثيرها على الواقع....

...[يتبع...]...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon