الفصل 1 - شرارة خفية

...كان الصفّ يعجّ بالهمسات والضحكات الخافتة. أحدهم يقلّد صوت طائر، وآخر يُحدث ضجيجًا بقلمٍ لا يعمل، وفتاة تصرخ فجأة:...

...– كيااااه! من الذي رمى هذه الورقة على رأسي؟!...

...قصاصات الورق تتطاير من جهة إلى أخرى، وأشعة الشمس تتسلّل من النوافذ، ترسم على الأرض مربّعات كأنّها فخاخ ضوئية نُصبت بعناية....

...في آخر الصف، حيث الكسل يزدهر والضجر يُتوّج ملكًا، كانت سايوري تستند إلى الجدار، ترمق الجميع بنظرة فاترة، يتدلّى شعرها الأسود المموج فوق كتفيها، وملامحها توحي باللامبالاة... مع لمسة خفيفة من السخرية....

...وأمامها، كانت ثلاث فتيات يقفن منذ مدّة، يرمقنها بنظرات متحفّزة، كأنهنّ لجنة تحقيق ميدانية جادّة... لكن بنسخة "ميني"....

...إحداهن، قصيرة الشعر وذات عينين كأنهما ماسح ضوئي، رفعت يدها فجأة وأمسكت بياقة سايوري قائلة بحدّة:...

...– كيف تجرئين على العبث بمشروع الرياضيات الخاص بنا؟!...

...نظرت سايوري إليها، ثم رفعت حاجبها وكأنّها تشاهد مشهدًا مكرّرًا من مسلسل قديم:...

...– عجيب… أهذا الأمر مباحٌ لكنّ ومحرّمٌ عليّ؟ أليس العدل أن يُقاس الناس بمكيال واحد؟...

...تقدّمت الثانية، بطولها الفارع كأنّها هوائي Wi-Fi بشري، وقالت بسخرية وهي تمضغ علكة بصوت مزعج:...

...– هنالك فرق بين المزاح والتخريب، وقد تجاوزتِ الحدّ منذ زمن....

...سايوري، بابتسامة جانبية وكأنّها تُعدّ هجمة مضادّة:...

...– وهل كان من المزاح أن تخفين أوراق واجبي الأسبوع الماضي؟!...

...شدّت القصيرة ياقة قميص سايوري أكثر، وكأنّها تنوي استخراج الحقيقة بالقوّة:...

...– لا تحاولي قلب الحقائق!...

...فأمسكت سايوري بخصلات شعرها قائلة بهدوء مستفَزّ:...

...– وأنا لا أسمح لأحد أن يشدّ ملابسي… المعاملة بالمثل، أليس كذلك؟...

...وفي لحظة خاطفة......

...تحوّل النقاش إلى شدّ شعر متبادل!...

...سحبة من هنا… سحبة من هناك…...

...صاح أحد الطلاب من الصف وهو يصفّق:...

...– هيّا يا سايوري! أمسكيها من الجانب الآخر!...

...وقالت فتاة تضحك وتضرب الطاولة:...

...– كواااااه! هذا أفضل من دراما الأمس!...

...بينما تحاول سايوري صدّ خصمتها، قالت وهي تصلح شعرها المنكوش:...

...– لقد دمّرتِ تسريحتي، أيتها الفوضويّة!...

...ردّت الأخرى وهي تصرخ:...

...– ومن يهتمّ بتسريحتك أصلاً؟!...

...وفجأة…...

...بــووف!!...

...انفتح باب الصف بعنف....

...دخل المعلم، وجهه متجهّم، وعيناه تقدحان شررًا....

...سكت الجميع، حتى الطالب الذي كان يأكل سندويشة خبّأها في حقيبته بسرعة، وتجمّد مشهد المصارعة في مكانه....

...تجوّل نظر المعلم بين الفتيات، ثم ضيّق عينيه…...

...ثيابٌ مشعثة، أزرارٌ غير مغلقة، شعر منفوش......

...لم يحتج إلى تفسير. فقط أشار بإصبعه قائلاً بصوت صارم:...

...– أنتما الاثنتان… إلى غرفة الانضباط، حالًا!...

...قالت سايوري بسرعة، وهي تشير إلى الأخرى:...

...– لكنني لم أبدأ! هي من هاجمتني أولًا!...

...فقاطعتها الفتاة الأخرى فورًا:...

...– بل هي التي بدأت! كانت تتحدّث بنبرة مستفزّة!...

...ضرب المعلم بيده على الطاولة وقال بصوت جهوريّ كالرعد:...

...– كفـــــــــــــــى! كلاكما مذنبتان!...

...سارت الفتاتان نحو الباب بتثاقل، والضحكات تنتشر خلفهما في الصفّ، وقال أحد الطلاب وهو يلوّح:...

...– بالتوفيق في مغامرتكما!...

...تمتمت سايوري وهي تعتدل في مشيها:...

...– يا له من عدلٍ أعمى......

...---∆---...

...غرفة الانضباط لم تكن أرحم من الصف....

...رائحة الطباشير القديمة والورق الرطب علقت في الهواء، والمراقب يجلس خلف مكتبه العتيق، يراقبهما كقاضٍ بانتظار الجلسة....

...سايوري جلست وهي تمسح على شعرها المنكوش بتبرّم، بينما جلست "القصيرة" مقابِلها، ظهرها مستقيم وعيناها لامعتان ببرود....

...قال المراقب بصوت ثقيل:...

...– أريد تفسيرًا واضحًا....

...فتحت سايوري فمها أولًا:...

...– هي من هاجمتني! أمسكت بياقتي و…...

...قاطعتها القصيرة بسرعة، نبرتها هادئة لكن مقصودة:...

...– أستاذ، أرجوك استمع لي أولًا. نحن قضينا ليلة كاملة نعمل على مشروع الرياضيات. وعندما جئنا صباحًا… وجدناه مقلوبًا رأسًا على عقب، الأرقام مبعثرة، والرسوم مشوّهة....

...رفعت بصرها إلى سايوري وقالت بنبرة متظاهرة بالحزن:...

...– وعندما واجهناها، قالت إنها كانت "تمزح"....

...شهقت سايوري بقهر:...

...– كذب! لم أقل هذا! أنتن من سرقتن واجبي الأسبوع الماضي!...

...ابتسمت القصيرة بخفة، ثم أعادت نظرها إلى المراقب:...

...– هذه مشكلتها دائمًا… تمزح على حساب الآخرين، ثم تتهمهم عندما تُكشف....

...المراقب صمت لحظة، ثم أسند ظهره للكرسي وقال ببرود:...

...– كفى. لا أريد المزيد من الجدال....

...أشار إلى سايوري بيده:...

...– أنتِ ستقومين بتنظيف الحمامات بعد الدوام، وتلميع الممر الرئيسي حتى يلمع كالمرآة....

...اتسعت عينا سايوري:...

...– ماذااا؟! لكنني لم أفعل شيئًا!...

...قال المراقب وهو يدوّن في دفتره:...

...– هذا هو قراري. كلمة أخرى… وستتضاعف العقوبة....

...القصيرة خفضت رأسها باحترام مصطنع، بينما ابتسامة خفية تسللت إلى شفتيها....

...أما سايوري… فقد كانت تغلي....

...في داخلها، الغضب كان يصرخ:...

...(كيف جرؤت على قلب الطاولة هكذا… وجعلتني المذنبة؟!)...

...وقبل أن تهمّ بالخروج، مالت القصيرة نحوها وهمست:...

...– اعتبريها مجرد بداية… يا سايوري....

...تجمّدت سايوري في مكانها، قبضتها ترتجف من شدّة الغيظ....

...لكنها لم تقل شيئًا....

...المعركة انتهت… والخسارة كُتبت باسمها....

...لكن داخلها… وُلد وعدٌ جديد:...

...> "لن أخسر المرة القادمة."...

...ولم تكن تعلم… أن هذا اليوم، بهذا الظلم الصغير،...

...كان الشرارة الأولى لسلسلة ستكسر حدود خيالها....

...[يتبع...]...

الجديد

Comments

NaDA

NaDA

رواية جميلة جدا واصلي/Smile//Smile//Smile//Bye-Bye//Pray/

2025-08-17

1

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon