دقّ جرس الحصة الأخيرة… طلاب قسم “3 آداب” بدأوا بجمع أغراضهم بهدوء، بعضهم يهمّ بالخروج، وآخرون لا يزالون يتحدثون أو يرتبون دفاترهم.
ليان كانت جالسة في مقعدها، إلى جانب آدم مباشرة، تضع كتبها داخل الحقيبة، بدون استعجال.
سرين كانت تلوّح لها من الخلف:
"هيااا، تأخرتي! نذهب الكافيتيريا أو الى البيت مباشرة؟"
> فجأة…
ليلى وقفت من مكانها في الصف الأمامي، رفعت يدها، وقالت بصوت فيه ارتباك مفتعل:
"أستاذة… لحظة من فضلك."
الجميع التفت لها.
حتى ليان رفعت رأسها، مستغربة.
الأستاذة التفتت بتعب:
"نعم، ليلى؟"
"أنا... ضاع مني عقد. عقد غالي جدًا… من الذهب الأبيض، هدية من والدي. كنت شايلته من الصباح، وحطيته بخزانتي الخاصة."
صوت همسات بدأ يتصاعد من التلاميذ.
"بس لما رجعت من حصة الغذاء.... اختفى تمامًا!"
الأستاذة قالت بجدية:
"ضياع شيء بهذا الشكل مهم، بس هل أنتِ متأكدة إنه سُرق؟ مش نسيتيه؟"
ليلى هزت رأسها بسرعة:
"متأكدة، الأستاذة... ولأن الكل كان بالصف اليوم، أظن الأفضل نفتش الحقائب."
نظرات الطلاب بدأت تتحرك بين بعضهم، توتر خفيف عمّ المكان.
آدم التفت برأسه بهدوء إلى ليان التي بدت هادئة وكلها ثقة في نفسها.
الأستاذة نظرت إلى الجميع:
"هل تمانعون أن نفتح الحقائب سريعًا؟ أمامكم فقط… لتأكيد البراءة؟"
بعض الطلاب هزوا رؤوسهم بالموافقة، وآخرون ترددوا.
سرين قالت بنبرة واثقة:
"ما عندنا شي نخبيه. يلا نخلص."
بدأت عملية التفتيش حتى وصلت إلى طاولة ليان.
ليان نظرت لحقيبتها للحظة، ثم بدأت تفتحها بهدوء.
> فتحت السحاب، بدأت تخرج الكتب واحدًا تلو الآخر، حتى وصلت إلى كتاب الأدب، أخرجته فسقط العقد على الطاولة .
تجمدت في مكانها تنظر للعقد.
اللحظة انفجرت بالصمت.
"أوووه لا..."
همست سرين من بعيد.
"هذا هو!"
قالتها ليلى فجأة، وهي تندفع من مقعدها وتُشير.
"العقد لي! كنت أعرف... كنت حاسة!"
> الجميع شهق، نظراتهم كلها على ليان، التي كانت تنظر للعقد وهي متصمرة في مكانها تتنفس بصعوبة حتى لم تدافع على نفسها لم تستطع من كثرة الصدمة.
الأستاذة بخطوات سريعة وصلت إليها:
"ليان؟ هل هذا الشيء يخصك؟"
ليان بصوت شبه مبحوح:
"ل...لل.لا.. أدري من أين أتى والله أنا لم أسرقه لا أعرف كيف وصل إلى هنا لكن صدقوني أنا لم أسرقه!"
ليلى تمثّل الصدمة بوجه متشنج:
"معقول؟ أول يومين لكِ هنا وتسرقين وتنكرين أيضا وكل شيء واضح. "
آدم كان لا يزال صامتًا…
لم يستطع بقي متجمدا في مكانه.
الأستاذة صرخت:
"إلى الإدارة فورًا يا ليان".
ليلى خرجت من القسم وكأنها حققت إنتصارا عظيما …
صديقاتها تبعنها بدون كلام.
سرين، ذهبت مسرعة مع ليان.
الطلاب بدأوا يلتفتون إلى بعضهم ويقولون كلام يهين ليان.
آدم سمع كل كلمة ولازال واقفا وهو يدرك الحقيقة أخذ حقيبته وخرج مسرعا.
ليان جلست، أمام المدير …
ثم التفتت بهدوء إليه ، وقالت:
" صدقني يا سيدي أنا لم أسرق أي عقد ولا أعرف كيف وصل لحقيبتي أنا لم أسرق شيئا في حياتي ؟"
المدير وهو يضحك بسخرية، قال:
"هههه ولازلت تقاومين كل شيء واضح يا إبنتي أنت من سرق العقد كيف يصل إليك إذا لديه أرجل هه أولا دعيني أخمن أجنحة ههه."
ثم وقفت ليان ودموعها على خدها وقالت:
"أنا لم أسرق شيئا فهمت، صحيح معك حق أن لا تصدقني لكن أنا واثقة أنّ هناك لعبة وراء هذا"
ردّ المدير وهو ليزال يضحك: "هههه أوه... الآن. دخلنا في فيلم...."
فجأة دق باب المكتب فأذن المدير بالدخول ففوجئ لما رأى آدم فقال له: " ألا ترى إنني مشغول ماذا أتى بك "
ردّ آدم بنبرة جدية: " ليان لم تسرق شيئا يا سيدي
المدير "
تفاجأت لين بكلام آدم فلم تنتظر ذلك أبدا.
فأجاب المدير : " وهل لديك دليل أيها البطل "
فأجاب آدم بكل ثقة: " أكيد..... تفضل مشاهدة ممتعة "
انصدم المدير بما رآه في الفيديو وبعدها نظر إلى ليان وقال: " معك حق فيما قلتيه أنت لم تسرقي العقد "
تفاجأت بما سمعته أذناها...... وذرفت مسرعتا إلى كرسي المدير لتشاهد الفيديو.
بعدها إستسمح منها مديرها...... وخرجت هي وآدم فنظرت إليه وهي مبتسمة له لمح تلك الابتسامة وتجمد في مكانه لكن سرتان معاد إلى رشده
" شكرا لك آدم لو لاك لا أعرف ماذا كان سيحصل لي "
آدم: " هيا إلى بيتك ".
ليان:" حقا أنت غريب..... شكرا لك مرة أخرى ".
غادرت ليان وبقي آدم ينظر إليها حتى إختفت وهمس:
"لا شكرا على واجب "
خرجت ليان للساحة ووجدت سرين تنتظرها وهي تبكي
ليان: " سرين... لماذا تبكين يا عزيزتي "
سرين: " ليان خفت كثيرا عليك.... أنا كنت متأكدة أنك لن تسرقي "
ليان: " حبيبتي لا تخافي أنا هنا معكي وانظري لقد انكشفت لعبة ليلى"
سرين: "" لعبة ليلى.... ماذا تقصدين ".
شرحت ليان لسرين كلما حدث معها وتفاجأت بآدم.
سرين:" هذا غريب دافع عليكي ضد حبيبته "
ليان: " حقا ليلى حبيبته؟ "
سرين: " أجل منذ أن جئنا للثانوية ... لكن هذا العام لم ألمحهما مع بعضهم كثيرا كما كانوا سابقا "
ليان: " هياإلى البيت سأوبخ إن تأخرت "
غادرتا معا إلى البيت وختلفى في الشارع الاخير كل منهما ذهب إلى بيته.
> كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف مساءً،
في الطابق العلوي من بيت هادئ على أطراف المدينة،
كانت غرفة آدم مفتوحة النوافذ، يدخل منها هواء خفيف، يحرّك الستائر القطنية البيضاء بلطف.
ضوء الغرفة دافئ، ليس ساطعًا ولا خافتًا، بل موزونًا... تمامًا كطبيعة صاحبها.
مصباح جانبي فوق المكتب الخشبي، يُنير بصفاء فوق دفاتر مغلقة، وسماعات موضوعة بعناية.
الجدران بلون رمادي فاتح، مزينة ببعض الصور الصغيرة بالأبيض والأسود،
بينها صورة لعازف كمان، وأخرى لطائر في السماء…
كأنها تلميحات إلى فوضى داخله لا يُظهرها.
سريره مرتب بدقة، مغطى بغطاء رمادي غامق، وعلى وسادته كتاب مفتوح ونظارات بإطار أسود.
خزانة ملابسه مغلقة، لكن بجانبها سلة كرة سلة صغيرة معلقة،
وكأن الطفل داخله لا يزال يعيش رغم صمته.
وفي زاوية الغرفة، بجانب النوافذ…
جلس آدم على كرسي جلدي أسود، في مكتبه يراجع دروسه ففجأة لمح إبتسامة ليان بين عينيه.
الهدوء يملأ المكان…
وفي غرفة أخرى كانت تجلس ليان وهي تضع سماعاتها أمام نافذة غرفتها تنظر إليها وهي وتبحث عن السبب الذي دفع بليلى لإتهامها بالسرقة...... لماذا تكرهها لهذه الدرجة.
Comments