صدى الجنون وانكسار الختم
بعد أن استعاد كوزمك قواه بالكامل، ومع تصاعد هجمات الشياطين إلى مستويات غير مسبوقة، اضطر لاتخاذ قرار بالغ الصعوبة. فـأهمية علاس كانت حاسمة بالنسبة لهم في هذه المعركة الوشيكة، لذا قرر إجباره على الانضمام إليهم، مستخدمًا قوة التنويم المغناطيسي.
ترددت ميكو للحظات، بينما قاطعها عمر بغضب حاد: "مستحيل! علاس خطير جدًا، وميكو، رغم قوتكِ السحرية، لستِ قوية بما يكفي للسيطرة على مجنون مثله!"
استمر النقاش لساعات طوال، انتهى في النهاية بقرار جماعي: سيتم استخدام السحر على علاس.
زنزانة علاس: صمت يُخنق وضحكة شريرة
بعد ساعات قليلة، توجه عمر نحو زنزانة علاس. كانت الزنزانة غارقة في الظلام، لا يصلها شعاع شمس واحد. تفوح منها رائحة الدم والعفن، وجدرانها تبعث قوة ضغط مرعبة تكاد تخنق الأنفاس. صمت مطبق يخيم على المكان، صمت عميق حتى الريح لا تجرؤ على الهمس فيه.
فجأة، اخترق هذا الصمت ضحكة هستيرية، صوتها يرتد على جدران الزنزانة وكأنها قادمة من كابوس. ضحكة مجنونة، خالية من أي أثر للإنسانية، اخترقت نخاع عظام عمر قبل أن تصل إلى أذنيه. ركض مسرعًا نحو الزنزانة ليجد علاس مكبلًا بالعديد من السلاسل والأصفاد من كل أطرافه، لا يستطيع تحريك سوى رأسه. كان هو من يضحك!
لم تكن مجرد ضحكة عادية، بل تبعها صوت خافت، لكنه محفور في ذاكرته... صوت أخته! ينادي اسمه بنبرة أسى وطلب نجدة: "ساعدني... أنقذني يا عمر..." بسخرية لاذعة مزقت روحه. كيف له أن يعرف؟ كيف يجرؤ على استغلال ألمه بهذا الصوت؟ تحول صدمة عمر إلى حنق شديد، اندفع نحو علاس كالبرق، لكمات تلو الأخرى انهالت على جسده المقيد، بينما علاس يضحك بجنون، صوت الضحك يتصاعد مع كل ضربة، كأن الألم يزيده شراسة.
لاحظ عمر الشق الذي رآه لأول مرة على قناع علاس. لقد كان الشق الآن أكبر وأكثر وضوحًا، وكأن القناع على بعد شعرة من الانكسار. تذكر عمر كلمات كوزمك عن هذا القناع الأسطوري الذي لا يمكن خدشه، فكيف له أن ينشق هكذا، وبهذه الطريقة المفاجئة، دون وجود أي قوة ظاهرة سابقة؟ تساءل عمر في نفسه:
ثلاثة أيام من الجحيم وتصاعد اليأس
مرت ثلاثة أيام كاملة، لم يذق فيها عمر، تارو، ميكو، كوزمك، وجميع من في الجمعية طعم النوم. كانت عيونهم غائرة، ووجوههم شاحبة، وجفونهم تثقل من الإرهاق. اجتمعوا جميعًا عند مكتب كوزمك في النقابة، في قلب الليل، وكل منهم بالكاد يستطيع الوقوف.
قال تارو بصوت خشن ومبحوح، وقد بدت عليه علامات اليأس: "لم نغمض لنا جفن، لم نتذوق طعم النوم من ثلاثة أيام بسبب صوت ضحك علاس الهستيري المجنون! صوته العالي اخترق حتى الجدران السميكة، لم يتوقف لحظة واحدة! يجب أن تجد حلًا يا كوزمك، سيدي... لم نعد نتحمل!" كانت عينا كوزمك، اللتان اعتادتا أن تضيئان كالمجرات، تبدوان الآن باهتتين، بشعاع أحمر خافت ينذر بالخطر المحدق والتعب الشديد الذي كاد يفتك به.
قال كوزمك بنبرة يائسة، وعيناه المثقلتان تحدقان في ميكو: "هذا لا يحتمل! يجب عليكِ الآن وفورًا البدء بتنويمه مغناطيسيًا!"
توجه الجميع نحو زنزانة علاس. ومع بدء دخولهم، توقفت أصوات الضحك فجأة. صمت تام. شعر البعض بالراحة أخيرًا، وكانوا على وشك الانهيار من النوم، لكن عمر منعهم بحزم، محذرًا من خطورة السجن والضغط الهائل فيه.
وصلت ميكو، تارو، كوزمك، عمر والجميع، يقفون أمام علاس المقيد بشدة. لكن هذه المرة، قناعه كان مليئًا بالشقوق الكبيرة، وكأن القناع على بعد شعرة من الانكسار، نتيجة للكمات عمر المتواصلة وقوة السجن الخانقة. صُدم عمر، لكنه كان متعبًا جدًا لإظهار أي رد فعل قوي.
كسر الختم والتحول المفاجئ
استعملت ميكو سحر التنويم المغناطيسي بكل قوتها على علاس. وهنا حدثت المفاجأة التي صدمت الجميع: مع تدفق الهالة السحرية، اهتز جسد علاس بعنف، ثم انكسر القناع! تحطم إلى شظايا سوداء، كاشفًا عن وجهه الحقيقي. لكن، في لحظة الصدمة هذه، لم يُبدِ كوزمك أي اهتمام يُذكر؛ كان جسده يترنح من التعب، وعيناه بالكاد تستطيعان التركيز، وكأنه على وشك الانهيار. وحدهم عمر وميكو وتارو من اتسعت أعينهم بذهول. لقد رأوا الوجه! لكن ملامحه بدت غائمة، كأن قوة القناع المكسور ما زالت تُشوش الرؤية، فقرروا الانتظار حتى الصباح لتتبين التفاصيل. كان علاس مغمض العينين، وميكو تتحكم فيه مؤقتًا.
في هذه اللحظة الحاسمة، وبينما كان علاس يقع تحت تأثير التنويم المغناطيسي، انتقلنا إلى قط علاس الأسود. كان يجلس على حافة أحد الأسطح المرتفعة، يراقب المشهد من بعيد بعينيه الحمراوين. فجأة، انتفض القط، وأطلق مواءة قوية، لكنها لم تكن مجرد مواءة. تبعتها كلمات واضحة، عميقة، صدمت من يسمعها: "لقد كُسر الختم." لم تكن تلك الكلمات قد انتهت، حتى بدأت هالة سوداء كثيفة تلف جسد القط. تمدد، وتغير، واكتسب هيئة بشرية بسرعة مذهلة. وقف مكانه رجل طويل القامة جدًا، ذو بشرة بيضاء تميل إلى الرمادي الشاحب، وعينين حمراوين متوهجتين، وشعر أسود قصير. كان يرتدي بدلة رجال أعمال أنيقة جدًا، وتبدو ملامحه الباردة كجبل جليدي غريبة على شخص ظهر من العدم هكذا.
نظر الرجل الأنيق إلى الزنزانة، ثم قال بصوت هادئ ومتحكم: "هل أذهب لرؤيته؟" ثم، وكأنه يرد على نفسه، أكمل ببرود: "لا، ستتعامل الجمعية معه."
نهاية الفصل الخامس.
شكراََ للقارئة
5تم تحديث
Comments
Rose
ايش صار لعلاس✨🙂↕️ ، الاحداث نااار 🔥
2025-07-04
0