وجدتُ الأمير المتهم زوراً
...“آه……”...
...أطلقت سيان روزفلت صوتًا غريبًا لا معنى له....
...كانت قطرات الماء تتساقط من شعرها الطويل المبتل، وهواء الغابة في عمق الليل كان بارداً إلى حد القسوة....
...فاحت رائحة الأعشاب البرية في الريح التي عصفت بوحشة، فارتجف كتفاها تلقائيًا....
...باختصار، كان الجو بارداً للغاية....
...لكن إصدار أصواتٍ متتالية غير مفهومة مثل “آه، واه” لم يكن سببه البرد وحده....
...“……لا يُصدق.”...
...ظلت سيان تكرر أصواتًا غير مفهومة عدة مرات، ثم نطقت أخيرًا بلغة البشر....
..."حقًا، لا يُصدق."...
...ظلت تتفحص الأمر طويلاً غير مصدقةٍ أنه واقع....
...نظَرت هنا وهناك، لكن الشخص الملقى أمامها كان بالفعل إنسانًا....
...“يا هذا. أنتَ، أيمكنكَ سماعي؟”...
...شعرٌ أسود مبلل بالدم، وبشرةٌ شاحبة كأن الدم قد انسحب بالكامل من جسده....
...حتى مع صوت سيان الذي كان يتردد من مسافة قريبة، لم يتحرك الرجل المغشي عليه ولا طرف جفنه، مما دلّ على أنه فاقدٌ للوعي تمامًا....
...وحين لم تتلقَ أي رد، مدت قدمها التي كانت ما تزال تقطر ماءً ولمست جسد الرجل الملقى، لكن كما كان متوقعًا، لم يكن هناك سوى صمتٍ جامد يعود إليها....
...“واو، هذا…..حقًا لا يُصدق.”...
...ضحكت سيان ضحكةً يائسة وهمهمت مجددًا....
...كانت قد قررت أخيرًا أن تستحم جيدًا بعد طول انتظار، لتنظف عن جسدها ما تراكم من تعب....
...في هذا الليل المتأخر، جاءت متعمدةً إلى عمق الغابة، لكنها لم تتذوق حتى طعم الماء كما ينبغي، فقد ظهر هذا الرجل الوقح فجأة. من العدم....
...وفي اللحظة التي أدركت فيها وجود شخصٍ ما، تحرك جسدها تلقائيًا قبل أن يسبقهُ تفكيرها....
...جسدْ مدرّب التقط السيف وأطلقه بسرعة، لكنه بدلًا من أن يخترق جبين الرجل الوقح، طار السيف وارتطم بعنفٍ بالشجرة خلفه....
...رغم أن التصويب كان بعيدًا عن الهدف تمامًا، إلا أن المتطفل الذي تجرأ على التجسس على جسد سيدة، سقط في مكانه منهارًا، مستعرضًا مظهرًا من الضعف المرضي....
...كانت هذه النتيجة بعد أن اندفعت خارجةً على عجل، تغطي جسدها بثوبها....
...رائحة الدم المخيفة. شعورٌ بالموت خفي بين عبق الغابة الكثيف، الذي لم تكن قد أدركته في البداية....
...“أيها الجاني المحترم؟ هل أصابكَ سيفي بالخطأ؟ لا أظن ذلك، أليس كذلك؟ صحيح؟”...
...سألت سيان وهي تجثو بجانب الرجل الملقى. وكما هو متوقع، لم يكن هناك أي رد....
...'لكن لماذا هو ملقى هنا غارقًا في الدم بهذا الشكل؟ أليس هذا مزعجًا حقًا؟'...
..."يا للحظ السيئ."...
...تمتمت سيان وهي تحك رأسها بعصبية....
..."هاه….."...
...ثم تنهدت وأسندت ذقنها على يدها، وهي تحدّق في الرجل الملقى....
...البقع السوداء الغزيرة الممتدة من ياقة قميصه حتى الأكمام لم تكن إلا آثار دم لا شك فيها. و إن تُرك على حاله، فلا شك أن هذا الرجل سيفارق الحياة....
...كانت تعرف ذلك جيدًا، بل ولأنها تعرف، كانت عاجزةً أكثر عن اتخاذ أي خطوةٍ متهورة، ولم تستطع سوى التحديق في الرجل الذي تنبعث منه رائحة الموت....
...سيان لا تؤمن بالقدر. لكن، كيف من المفترض بها أن تتعامل مع هذا “القدر” الذي سقط فجأةً أمامها هكذا؟...
...“سيدة سياااااااان؟!”...
...“سيدتي! ما الذي يحدث؟!”...
...في تلك اللحظة، كانت سيان لا تزال تحدق في الرجل الملقى على الأرض كما لو كانت تراقب فطرًا سامًا، لا قادرةً على الاقتراب منه ولا على الابتعاد، حين بدأت أصواتٌ صاخبة تتعالى من بعيد....
...أصوات رجال من كل حدب وصوب....
...كانت الأصوات الجهورية تتردد بقوةٍ داخل الغابة السوداء المعتمة. وسرعان ما اندفع رجالٌ ضخام الأجساد نحو سيان في مجموعةٍ واحدة....
...'كيف علموا بالأمر؟'...
...تساءلت سيان للحظة، ثم تذكّرت أنها، بعد أن ألقت سيفها نحو الرجل، أطلقت صرخة “آآه!” بصوت عالٍ. و على ما يبدو، في هذا الليل الساكن، كان الصوت عاليًا بما يكفي ليسمعوه من بعيد....
...“سيدتي! ….هاه!”...
...توقف الرجال، الذين كانوا يركضون نحوها وهم يمسكون بسيوفهم ظنًا أن مصيبةً وقعت، عند أقرب نقطةٍ منها....
...ويبدو أنهم لاحظوا الرجل الملقى خلف سيان، إذ تحوّل وجه الرجل المتقدم إلى الشحوب في الحال، وردّ فعل الآخرين خلفه لم يكن مختلفًا....
...“هاه، ما هذا؟”...
...“هل قتلتِه؟”...
...“سيدة سيان، حتى وإن كان الأمر كذلك…..القتل ليس حلًا..…”...
...تفوه الرجال المذعورون بكلماتهم في نفس اللحظة تقريبًا، وكأنهم على يقين بأن سيان هي من أسقطت الرجل المغطى بالدماء....
...حينها، عقدت سيان حاجبيها بامتعاض وانزعاجٍ وهي تحدّق فيهم بنظرة قاسية....
...“أنا لم أفعل شيئًا، حسنًا؟ وهو لم يمت أصلاً…..لماذا من الطبيعي أن تفترضوا أنني من قتلته؟”...
...“لا، نحن فقط…..بسبب شكل الوضع..…”...
...تذمّرت سيان مظهرةً أسنانها وهي تزمجر في وجههم، فارتجف الرجال وتقلصت أكتافهم، وأطلقوا ضحكاتٍ متوترة....
...“لكن، هل هو حقًا ما يزال حيًا؟”...
...“يبدو أنه ميت.”...
...حوّل الرجال أنظارهم نحو الرجل الملقى على الأرض، محاولين تجنّب النظرات الحادة من سيان....
...“لا تلمسوه.”...
...قالت سيان ذلك بصوت حاد، وهي تعقد حاجبيها وتلف منشفةً حول نفسها متأخرة....
...رغم أنها مسحت جسدها على عجل، إلا أنه لم يكن بوسعها منع قطرات الماء من التساقط من شعرها الطويل، وسرعان ما تبللت ملابسها من الماء المتساقط من شعرها....
...“إن كنتم ترغبون في أن تصبحوا شركاء للأمير الخائن، فلن أمنعكم.”...
...توقفت يد أحد الرجال، الذي كان يمدّها نحو الرجل المغطى بالدماء والغائب عن الوعي، عند سماعه نبرة سيان الباردة....
...“ماذا؟!”...
...“ما الذي تقصدينه؟!”...
...صرخ الرجال بصوتٍ واحد. ...
...وفي عيونهم، التي كانت تنظر إلى الرجل الملقى بشيء من التعاطف والريبة، ظهرت فجأة مشاعر مختلطة من الذهول والرهبة والارتباك والخوف والحيرة....
...“هل هذا الرجل هو الأمير كارلستون؟!”...
...“هذا مؤكد. لقد رأيته من بعيد مرة قبل فترةٍ طويلة وتذكرته.”...
...عند كلمات سيان، شهق بيل مذهولًا وهو يحدق في كارلستون....
...“إذا كان هو الأمير كارلستون…..أليس هو من أُدين بقتل ملك التنين وتم القضاء عليه بأمرٍ من ولي العهد؟ كيف لشخص بهذه الخطورة أن يظهر في هذه القرية الجبلية النائية ويتعرض للأذى على يد السيدة سيان؟”...
...“قلت لكم أنني لست من فعل به هذا. لقد كان على هذه الهيئة حين وجدته.”...
...“سواء كان على هذه الهيئة أو غيرها، ما العمل الآن؟ يبدو أن إصاباته خطيرة..…”...
...“إن تركناه هكذا سيموت.”...
...قال ماكس ذلك وهو ينظر إلى سيان، و كانت نظراته تطلب منها قرارًا حاسمًا....
...“هل تعرفون شيئًا؟ إذا التقطت قطةً صغيرة من الشارع دون تفكير، قد تلتقط رائحة البشر، فتهجرها أمها وتتركها.”...
...“…..ولماذا تقولين شيئًا كهذا الآن؟”...
...سأل ماكس بدهشة، و ملامح وجهه لا تفهم ما تعنيه....
...ابتسمت سيان ابتسامةً خفيفة....
...“أقصد أن الشفقة الرخيصة التي تُوزَّع بلا تفكير قد تتحول إلى سمٍ قاتل.”...
...“أهذا يعني أنكِ لن تساعديه؟”...
...عبس ماكس بشدة وقد فهم أخيرًا ما تقصده. فعقدت سيان ذراعيها وتحدثات،...
...“ألم تسمع ما قاله بيل قبل قليل؟ هذا الرجل هو الأمير الذي نجا بأعجوبة بعد أن كاد يُعدَم بتهمة قتل ملك التنين، وهرب من ولي العهد. صحيحٌ أن قصته محزنة، لكن في النهاية هو مجرم شرير. هل ترغب بأن تُعلق صورتك على قائمة المطلوبين في الإمبراطورية بصفتك شريكًا للأمير الخائن؟ هل تملك عشر أرواحٍ مثلاً؟”...
...“هذا صحيح، لكن ألا تعرفين أنتِ أكثر من أي أحدٍ آخر يا سيدة سيان؟ هناك الكثير من الناس يهمسون بأن تصرف ولي العهد في التخلص منه كان متهورًا. من يدري؟ ربما كان الأمير قد تعرّض لظلمٍ وتلفيق.”...
...“يا إلهي، أنظروا إليه. تلقي أحكاماً متسرعة بلا دليل وكأنكَ سياسي محنّك. من يهتم إن كان بريئًا أم مذنبًا؟ الناس لا تكترث للحقيقة أصلاً، كل ما يريدونه هو إشاعةٌ صاخبة جديدة.”...
...“أنا لا أقول أن نُنقذه وننشر الخبر في كل مكان. لكن بهذه الحالة سيموت ميتةً عبثية، ألا يجدر بنا على الأقل أن نمدّ في عمره قليلًا؟”...
...حاول ماكس إقناعها بضعف، مقترحًا أن يكتفوا بإنقاذ حياته دون التورط أكثر. وبهذا الطرح، بدأت عزيمة سيان تتزحزح قليلًا....
...توقفت عن المجادلة، ونظرت إلى الأمير كارلستون الملقى على الأرض....
...لم تكن حياتها هادئةً لدرجة أنها تشعر بالصدمة لمجرد رؤية شخص يموت، لكن في الوقت نفسه، لم تكن قاسيةً لدرجة أنها لا تشعر بشيء عند رؤية شخص يحتضر. و فهمت أيضًا شعور ماكس بالقلق....
...لكن كان هناك شيءٌ لا يمكن تجاهله، ولو بنسبة ضئيلة. على الرغم من أن لا شيء حولهم يوحي بوجود خطر، ماذا لو كان هناك من يلاحقهم؟ ماذا لو كان هناك مراقب؟...
...قبل أن تتمكن من إحياء خيوط حياة الأمير التي كانت على وشك الانقطاع، ربما كان عليهم أولًا أن يقلقوا بشأن مصيرهم هم....
...لم يكن قرارًا يمكن اتخاذه بناءً على شفقةٍ رخيصة فقط....
...في حالةٍ من التردد والقلق، توقفت سيان عن التحدث وراحت تفكر بعمق، عابسةً ومرتكزة على ذراعيها، وهي تحدق في الأمير كارلستون لفترةٍ طويلة....
...“أوه؟ يبدو أنه لا يزال واعيًا.”...
...رأى ماكس أن رموش الأمير الطويلة والسوداء كانت ترتعش بشكلٍ...
... ضعيف....
...ثم، بدأت تلك الرموش ترتفع، ليظهر بريق عينين تركوازيتين داكنتين كالزبرجد....
...“أوه، لقد استفاق.”...
...قال بيل ذلك بكلماتٍ بريئة....
...***...
...…..كيف وصلتُ إلى هذه الحالة؟...
...بينما كان كارلستون في حالة من الارتباك بسبب الألم الشديد، كان يعاني من مشاعر عجز لا يُحتمل....
...أول شيء لاحظه وسط ضباب رؤيته كان أربع أزواج من الأضواء اللامعة. ...
...أضواءٍ لامعة ظهرت في ظلام حالك، واعتقد كارلستون في البداية أنه يحلم، لكنه سرعان ما أدرك أن الضوء الذي يراه ليس نجومًا، بل عيونًا مليئة بالفضول....
...أخذ كارلستون نفسًا عميقًا من الصدمة....
...“….هاه..…”...
...فقط بذلك التنفس العميق شعر وكأن جرحه النازف من السيف يحترق أكثر، فأنحنى جسمه وهمس بصوت مكتوم من الألم. و انساب العرق من وجهه ليصل إلى ذقنه....
...“ماذا نفعل الآن؟”...
...“انتظر لحظة.”...
...“هل سينجو؟”...
...“هل أُصبتَ في رأسكَ؟….هل نجوت؟”...
...كانت الأصوات تتداخل بشكلِ فوضوي من مسافة قريبة....
...“ماذا تفعلون…..أيها اللصوص؟”...
...امسك كارلستون بجانبه المصاب، محاولًا أن يرفع جسده بكل قوته. لكنه تمكن فقط من رفع جزئه العلوي قليلاً....
...بحسب ما تبقى له من قوة، همس بالكلمات بصعوبة، وعندها اهتزت أعين الأربعة الذين كانوا ينظرون إليه كما لو أن زلزالًا قد ضرب المكان....
...“صوته لا يزال واضحًا أكثر مما كنت أتوقع..…”...
...“من الصعب أن تبقيه حيًا ثم نتركه ليهرب.”...
...“ماذا نفعل الآن، يا سيدة؟”...
...استمر التبادل الفوضوي للأصوات، وكانت واضحةً بشكل مزعج. ...
...و في نهاية تلك الأنظار الثلاثة، كانت هناك امرأة ذات شعرٍ بلاتيني طويل تقف هناك....
..._____________________...
...ارحبوا ذاه اول لقاء بين الابطال واضح فنتاستكي🙂↕️✨...
...الروايه كوميديه وقصيره تقريبا بس 100 فصل 🤏🏻...
...المهم تلقوني هنا في الانستا dan_48i...
...لين ارجع تويتر حقي 😔...
...وسلامتكم استمتعوا...
...Dana...
Comments
Kazoha
منطقية تماماً
منطقية الى درجة مستفزة شوية
2025-05-09
0