...“آه……”...
...أطلقت سيان روزفلت صوتًا غريبًا لا معنى له....
...كانت قطرات الماء تتساقط من شعرها الطويل المبتل، وهواء الغابة في عمق الليل كان بارداً إلى حد القسوة....
...فاحت رائحة الأعشاب البرية في الريح التي عصفت بوحشة، فارتجف كتفاها تلقائيًا....
...باختصار، كان الجو بارداً للغاية....
...لكن إصدار أصواتٍ متتالية غير مفهومة مثل “آه، واه” لم يكن سببه البرد وحده....
...“……لا يُصدق.”...
...ظلت سيان تكرر أصواتًا غير مفهومة عدة مرات، ثم نطقت أخيرًا بلغة البشر....
..."حقًا، لا يُصدق."...
...ظلت تتفحص الأمر طويلاً غير مصدقةٍ أنه واقع....
...نظَرت هنا وهناك، لكن الشخص الملقى أمامها كان بالفعل إنسانًا....
...“يا هذا. أنتَ، أيمكنكَ سماعي؟”...
...شعرٌ أسود مبلل بالدم، وبشرةٌ شاحبة كأن الدم قد انسحب بالكامل من جسده....
...حتى مع صوت سيان الذي كان يتردد من مسافة قريبة، لم يتحرك الرجل المغشي عليه ولا طرف جفنه، مما دلّ على أنه فاقدٌ للوعي تمامًا....
...وحين لم تتلقَ أي رد، مدت قدمها التي كانت ما تزال تقطر ماءً ولمست جسد الرجل الملقى، لكن كما كان متوقعًا، لم يكن هناك سوى صمتٍ جامد يعود إليها....
...“واو، هذا…..حقًا لا يُصدق.”...
...ضحكت سيان ضحكةً يائسة وهمهمت مجددًا....
...كانت قد قررت أخيرًا أن تستحم جيدًا بعد طول انتظار، لتنظف عن جسدها ما تراكم من تعب....
...في هذا الليل المتأخر، جاءت متعمدةً إلى عمق الغابة، لكنها لم تتذوق حتى طعم الماء كما ينبغي، فقد ظهر هذا الرجل الوقح فجأة. من العدم....
...وفي اللحظة التي أدركت فيها وجود شخصٍ ما، تحرك جسدها تلقائيًا قبل أن يسبقهُ تفكيرها....
...جسدْ مدرّب التقط السيف وأطلقه بسرعة، لكنه بدلًا من أن يخترق جبين الرجل الوقح، طار السيف وارتطم بعنفٍ بالشجرة خلفه....
...رغم أن التصويب كان بعيدًا عن الهدف تمامًا، إلا أن المتطفل الذي تجرأ على التجسس على جسد سيدة، سقط في مكانه منهارًا، مستعرضًا مظهرًا من الضعف المرضي....
...كانت هذه النتيجة بعد أن اندفعت خارجةً على عجل، تغطي جسدها بثوبها....
...رائحة الدم المخيفة. شعورٌ بالموت خفي بين عبق الغابة الكثيف، الذي لم تكن قد أدركته في البداية....
...“أيها الجاني المحترم؟ هل أصابكَ سيفي بالخطأ؟ لا أظن ذلك، أليس كذلك؟ صحيح؟”...
...سألت سيان وهي تجثو بجانب الرجل الملقى. وكما هو متوقع، لم يكن هناك أي رد....
...'لكن لماذا هو ملقى هنا غارقًا في الدم بهذا الشكل؟ أليس هذا مزعجًا حقًا؟'...
..."يا للحظ السيئ."...
...تمتمت سيان وهي تحك رأسها بعصبية....
..."هاه….."...
...ثم تنهدت وأسندت ذقنها على يدها، وهي تحدّق في الرجل الملقى....
...البقع السوداء الغزيرة الممتدة من ياقة قميصه حتى الأكمام لم تكن إلا آثار دم لا شك فيها. و إن تُرك على حاله، فلا شك أن هذا الرجل سيفارق الحياة....
...كانت تعرف ذلك جيدًا، بل ولأنها تعرف، كانت عاجزةً أكثر عن اتخاذ أي خطوةٍ متهورة، ولم تستطع سوى التحديق في الرجل الذي تنبعث منه رائحة الموت....
...سيان لا تؤمن بالقدر. لكن، كيف من المفترض بها أن تتعامل مع هذا “القدر” الذي سقط فجأةً أمامها هكذا؟...
...“سيدة سياااااااان؟!”...
...“سيدتي! ما الذي يحدث؟!”...
...في تلك اللحظة، كانت سيان لا تزال تحدق في الرجل الملقى على الأرض كما لو كانت تراقب فطرًا سامًا، لا قادرةً على الاقتراب منه ولا على الابتعاد، حين بدأت أصواتٌ صاخبة تتعالى من بعيد....
...أصوات رجال من كل حدب وصوب....
...كانت الأصوات الجهورية تتردد بقوةٍ داخل الغابة السوداء المعتمة. وسرعان ما اندفع رجالٌ ضخام الأجساد نحو سيان في مجموعةٍ واحدة....
...'كيف علموا بالأمر؟'...
...تساءلت سيان للحظة، ثم تذكّرت أنها، بعد أن ألقت سيفها نحو الرجل، أطلقت صرخة “آآه!” بصوت عالٍ. و على ما يبدو، في هذا الليل الساكن، كان الصوت عاليًا بما يكفي ليسمعوه من بعيد....
...“سيدتي! ….هاه!”...
...توقف الرجال، الذين كانوا يركضون نحوها وهم يمسكون بسيوفهم ظنًا أن مصيبةً وقعت، عند أقرب نقطةٍ منها....
...ويبدو أنهم لاحظوا الرجل الملقى خلف سيان، إذ تحوّل وجه الرجل المتقدم إلى الشحوب في الحال، وردّ فعل الآخرين خلفه لم يكن مختلفًا....
...“هاه، ما هذا؟”...
...“هل قتلتِه؟”...
...“سيدة سيان، حتى وإن كان الأمر كذلك…..القتل ليس حلًا..…”...
...تفوه الرجال المذعورون بكلماتهم في نفس اللحظة تقريبًا، وكأنهم على يقين بأن سيان هي من أسقطت الرجل المغطى بالدماء....
...حينها، عقدت سيان حاجبيها بامتعاض وانزعاجٍ وهي تحدّق فيهم بنظرة قاسية....
...“أنا لم أفعل شيئًا، حسنًا؟ وهو لم يمت أصلاً…..لماذا من الطبيعي أن تفترضوا أنني من قتلته؟”...
...“لا، نحن فقط…..بسبب شكل الوضع..…”...
...تذمّرت سيان مظهرةً أسنانها وهي تزمجر في وجههم، فارتجف الرجال وتقلصت أكتافهم، وأطلقوا ضحكاتٍ متوترة....
...“لكن، هل هو حقًا ما يزال حيًا؟”...
...“يبدو أنه ميت.”...
...حوّل الرجال أنظارهم نحو الرجل الملقى على الأرض، محاولين تجنّب النظرات الحادة من سيان....
...“لا تلمسوه.”...
...قالت سيان ذلك بصوت حاد، وهي تعقد حاجبيها وتلف منشفةً حول نفسها متأخرة....
...رغم أنها مسحت جسدها على عجل، إلا أنه لم يكن بوسعها منع قطرات الماء من التساقط من شعرها الطويل، وسرعان ما تبللت ملابسها من الماء المتساقط من شعرها....
...“إن كنتم ترغبون في أن تصبحوا شركاء للأمير الخائن، فلن أمنعكم.”...
...توقفت يد أحد الرجال، الذي كان يمدّها نحو الرجل المغطى بالدماء والغائب عن الوعي، عند سماعه نبرة سيان الباردة....
...“ماذا؟!”...
...“ما الذي تقصدينه؟!”...
...صرخ الرجال بصوتٍ واحد. ...
...وفي عيونهم، التي كانت تنظر إلى الرجل الملقى بشيء من التعاطف والريبة، ظهرت فجأة مشاعر مختلطة من الذهول والرهبة والارتباك والخوف والحيرة....
...“هل هذا الرجل هو الأمير كارلستون؟!”...
...“هذا مؤكد. لقد رأيته من بعيد مرة قبل فترةٍ طويلة وتذكرته.”...
...عند كلمات سيان، شهق بيل مذهولًا وهو يحدق في كارلستون....
...“إذا كان هو الأمير كارلستون…..أليس هو من أُدين بقتل ملك التنين وتم القضاء عليه بأمرٍ من ولي العهد؟ كيف لشخص بهذه الخطورة أن يظهر في هذه القرية الجبلية النائية ويتعرض للأذى على يد السيدة سيان؟”...
...“قلت لكم أنني لست من فعل به هذا. لقد كان على هذه الهيئة حين وجدته.”...
...“سواء كان على هذه الهيئة أو غيرها، ما العمل الآن؟ يبدو أن إصاباته خطيرة..…”...
...“إن تركناه هكذا سيموت.”...
...قال ماكس ذلك وهو ينظر إلى سيان، و كانت نظراته تطلب منها قرارًا حاسمًا....
...“هل تعرفون شيئًا؟ إذا التقطت قطةً صغيرة من الشارع دون تفكير، قد تلتقط رائحة البشر، فتهجرها أمها وتتركها.”...
...“…..ولماذا تقولين شيئًا كهذا الآن؟”...
...سأل ماكس بدهشة، و ملامح وجهه لا تفهم ما تعنيه....
...ابتسمت سيان ابتسامةً خفيفة....
...“أقصد أن الشفقة الرخيصة التي تُوزَّع بلا تفكير قد تتحول إلى سمٍ قاتل.”...
...“أهذا يعني أنكِ لن تساعديه؟”...
...عبس ماكس بشدة وقد فهم أخيرًا ما تقصده. فعقدت سيان ذراعيها وتحدثات،...
...“ألم تسمع ما قاله بيل قبل قليل؟ هذا الرجل هو الأمير الذي نجا بأعجوبة بعد أن كاد يُعدَم بتهمة قتل ملك التنين، وهرب من ولي العهد. صحيحٌ أن قصته محزنة، لكن في النهاية هو مجرم شرير. هل ترغب بأن تُعلق صورتك على قائمة المطلوبين في الإمبراطورية بصفتك شريكًا للأمير الخائن؟ هل تملك عشر أرواحٍ مثلاً؟”...
...“هذا صحيح، لكن ألا تعرفين أنتِ أكثر من أي أحدٍ آخر يا سيدة سيان؟ هناك الكثير من الناس يهمسون بأن تصرف ولي العهد في التخلص منه كان متهورًا. من يدري؟ ربما كان الأمير قد تعرّض لظلمٍ وتلفيق.”...
...“يا إلهي، أنظروا إليه. تلقي أحكاماً متسرعة بلا دليل وكأنكَ سياسي محنّك. من يهتم إن كان بريئًا أم مذنبًا؟ الناس لا تكترث للحقيقة أصلاً، كل ما يريدونه هو إشاعةٌ صاخبة جديدة.”...
...“أنا لا أقول أن نُنقذه وننشر الخبر في كل مكان. لكن بهذه الحالة سيموت ميتةً عبثية، ألا يجدر بنا على الأقل أن نمدّ في عمره قليلًا؟”...
...حاول ماكس إقناعها بضعف، مقترحًا أن يكتفوا بإنقاذ حياته دون التورط أكثر. وبهذا الطرح، بدأت عزيمة سيان تتزحزح قليلًا....
...توقفت عن المجادلة، ونظرت إلى الأمير كارلستون الملقى على الأرض....
...لم تكن حياتها هادئةً لدرجة أنها تشعر بالصدمة لمجرد رؤية شخص يموت، لكن في الوقت نفسه، لم تكن قاسيةً لدرجة أنها لا تشعر بشيء عند رؤية شخص يحتضر. و فهمت أيضًا شعور ماكس بالقلق....
...لكن كان هناك شيءٌ لا يمكن تجاهله، ولو بنسبة ضئيلة. على الرغم من أن لا شيء حولهم يوحي بوجود خطر، ماذا لو كان هناك من يلاحقهم؟ ماذا لو كان هناك مراقب؟...
...قبل أن تتمكن من إحياء خيوط حياة الأمير التي كانت على وشك الانقطاع، ربما كان عليهم أولًا أن يقلقوا بشأن مصيرهم هم....
...لم يكن قرارًا يمكن اتخاذه بناءً على شفقةٍ رخيصة فقط....
...في حالةٍ من التردد والقلق، توقفت سيان عن التحدث وراحت تفكر بعمق، عابسةً ومرتكزة على ذراعيها، وهي تحدق في الأمير كارلستون لفترةٍ طويلة....
...“أوه؟ يبدو أنه لا يزال واعيًا.”...
...رأى ماكس أن رموش الأمير الطويلة والسوداء كانت ترتعش بشكلٍ...
... ضعيف....
...ثم، بدأت تلك الرموش ترتفع، ليظهر بريق عينين تركوازيتين داكنتين كالزبرجد....
...“أوه، لقد استفاق.”...
...قال بيل ذلك بكلماتٍ بريئة....
...***...
...…..كيف وصلتُ إلى هذه الحالة؟...
...بينما كان كارلستون في حالة من الارتباك بسبب الألم الشديد، كان يعاني من مشاعر عجز لا يُحتمل....
...أول شيء لاحظه وسط ضباب رؤيته كان أربع أزواج من الأضواء اللامعة. ...
...أضواءٍ لامعة ظهرت في ظلام حالك، واعتقد كارلستون في البداية أنه يحلم، لكنه سرعان ما أدرك أن الضوء الذي يراه ليس نجومًا، بل عيونًا مليئة بالفضول....
...أخذ كارلستون نفسًا عميقًا من الصدمة....
...“….هاه..…”...
...فقط بذلك التنفس العميق شعر وكأن جرحه النازف من السيف يحترق أكثر، فأنحنى جسمه وهمس بصوت مكتوم من الألم. و انساب العرق من وجهه ليصل إلى ذقنه....
...“ماذا نفعل الآن؟”...
...“انتظر لحظة.”...
...“هل سينجو؟”...
...“هل أُصبتَ في رأسكَ؟….هل نجوت؟”...
...كانت الأصوات تتداخل بشكلِ فوضوي من مسافة قريبة....
...“ماذا تفعلون…..أيها اللصوص؟”...
...امسك كارلستون بجانبه المصاب، محاولًا أن يرفع جسده بكل قوته. لكنه تمكن فقط من رفع جزئه العلوي قليلاً....
...بحسب ما تبقى له من قوة، همس بالكلمات بصعوبة، وعندها اهتزت أعين الأربعة الذين كانوا ينظرون إليه كما لو أن زلزالًا قد ضرب المكان....
...“صوته لا يزال واضحًا أكثر مما كنت أتوقع..…”...
...“من الصعب أن تبقيه حيًا ثم نتركه ليهرب.”...
...“ماذا نفعل الآن، يا سيدة؟”...
...استمر التبادل الفوضوي للأصوات، وكانت واضحةً بشكل مزعج. ...
...و في نهاية تلك الأنظار الثلاثة، كانت هناك امرأة ذات شعرٍ بلاتيني طويل تقف هناك....
..._____________________...
...ارحبوا ذاه اول لقاء بين الابطال واضح فنتاستكي🙂↕️✨...
...الروايه كوميديه وقصيره تقريبا بس 100 فصل 🤏🏻...
...المهم تلقوني هنا في الانستا dan_48i...
...لين ارجع تويتر حقي 😔...
...وسلامتكم استمتعوا...
...Dana...
...جعّد كارلستون جبهته لحظة. و شعورٌ غريب من الديجافو شل تفكيره. ...
...شعرات البلاتين المتناثرة، والعينان الزرقاوان اللتان تراقبانه على وجنتين ناعمتين. في تلك اللحظة، بدا وجه المرأة البيضاء في فضاء طبيعي كأنه غير واقعي....
...هل هو يرى شيئًا خياليًا؟ هل هي ملاكٌ أم جنية؟ ...
...بينما كان كارلستون يفكر في تلك الأفكار....
...“كما توقعت، يجب أن يموت.”...
...قالت المرأة ذلك، ثم انتزعت السيف الذي كان عالقًا في جذع الشجرة بضربةٍ قوية تتناقض تمامًا مع قوامها الضعيفة....
...إتلاف الأدلة هو من أساسيات الجريمة الكاملة. أمير أو غيره، طالما هو انسان، فمصيره في النهاية أن يعود إلى التراب كالجميع....
...'إن تركناه حيًّا فسنُدرج كمتواطئين في قائمة المطلوبين. كما أن الوقت فات للهرب، فالأفضل أن نرتاح بإسكاته إلى الأبد…..'...
...المرأة التي قد سحبت سيفها، كانت توشك أن تغرسه في كارلستون في أي لحظة....
...“مـ-مـ-مهلًا، السيدة سيان!”...
...صرخ الرجال الذين كانوا بجوارها محاولين إيقافها بكل طاقتهم....
...“اهدئي يا نونا*!”...
...*مب اخوها صدق فحطيتها نونا بدل اختي...
...“تركه يموت والقتل أمران مختلفان تمامًا!”...
...“صحيح! مهما يكن، ما زال أميرًا!”...
...كارلستون وقف مذهولًا، عاجزًا عن قول أي شيء....
...المرأة التي كانت تنضح بهالة غير واقعية، تبيّن الآن أنها كانت ملاكًا بوجه الموت....
...“هل أرسلكِ أخي؟”...
...قال كارلستون ذلك وهو يجمع ما تبقى له من قوة. عندها رفعت سيان حاجبها وقبضت على سيفها بقوة....
...“أرأيت؟ بدأ بالفعل يحاول إلصاق التهمة بي. لهذا السبب يجب إسكاتُه.…”...
...“لا لا، الآن أنتِ تثيرين الشبهات على نفسك يا نونا! وبطريقةٍ شديدة الفاعلية أيضًا!”...
...“ما الذي تقوله؟ متى فعلت أنا ذلك! …..أممف!”...
...سكَال وضع يديه على فم سيان ليمنعها من الاستمرار....
...“هل أنتَ صاحب السمو الأمير كارلستون كلاوس؟”...
...استغل ماكس الفرصة وتقدم بخطى هادئة، متحدثًا بنبرةٍ مهذبة للغاية....
...رغم لهجته الرسمية، إلا أن كارلستون لم يجب، بل ضيّق عينيه بحذر شديد، مليئًا بالريبة....
...“نحن مجرد فرقة مرتزقةٍ لا تمر عادةً بهذه الأنحاء، وقد صادف أن التقينا بسموك بهذه الطريقة. إنه لشرفٌ لنا أن نلتقي بكَ، يا صاحب السمو. رغم أن الموقف الذي صادفناه ليس مشرفًا جدًا في الواقع.”...
...كان بيل وسكال يعبران عن إعجابهما بكلمات ماكس الراقية بـ“أوه، رائع”، لكن من سكَب الماء البارد على اللحظة كانت سيان، التي دفعت سكال بخشونة بعيدًا....
...“يا صاحب السمو الأمير، الذي ارتكب جرمًا بقتل تنين جلالة الإمبراطور.”...
...قالت سيان ذلك وهي تعقد ذراعيها، فتبدلت ملامح كارلستون إلى الغضب القاتم....
...“لا تتكلمِ بهذه الوقاحة.”...
...عينا الأمير المعتمتان أطلقتا وميضًا وحشيًا للحظة، كأنهما عينا وحشٍ مفترس....
...قزحية كارلستون التي كانت بلون الأخضر المزرق ومضت بالذهبي للحظة قصيرة. و ذلك البريق المتوهج في الظلام لم يكن مجرد وهم....
...“بل سموك من عليه أن لا يطلق قواه السحرية دون تفكير. هل تنوي الإعلان عن وجودكَ هنا لولي العهد؟”...
...قالت سيان ذلك ساخرة وهي تضحك بخفة. فعبس كارلستون وقد بدا عليه الارتباك من كلامها....
...كان من الواضح أنه لم يدرك أن عينيه قد تغيرتا، أو أن قواه السحرية كانت تتسرب منه....
...وبعد لحظة من الذهول، أغمض كارلستون عينيه بقوة ثم فتحهما....
...العينان اللتان كانتا تتوهجان بالذهبي عادتا إلى لون الأخضر المزرق الهادئ....
...“بالنسبة قتل ملك التنانين…..لم أكن أنا من فعل ذلك.”...
...“من المؤكد أنه كذلك.”...
...حين نطق كارلستون أخيرًا بصعوبة بعد أن هدأ، أجابته سيان بابتسامة لا مبالية. فتغيرت ملامح وجه كارلستون بشكل طفيف....
...“لكن ما إذا كنتُ أصدق سموك أم لا، فليست هي القضية المهمة. المشكلة أن العالم، والعائلة الإمبراطورية، هم من يصدقون ذلك.”...
...“…...”...
...“أين إيدلين؟”...
...“لماذا تسألين عن ذلك فجأة؟”...
...“لأنه في حال توفيتَ هنا، فمن الطبيعي أن ينفجر تنينكَ المرافق، إيدلين، غضبًا ويثور، لذلك أريد أن أضع خطةً وتدابير للتعامل مع الأمر مسبقًا.”...
...قالت سيان ذلك بصوتٍ شديد برودة....
...لزم كارلستون الصمت للحظة، وبدا عليه أنه غارقٌ في التفكير. ثم حدّق إلى سيان بجدية لوهلة، وكأنه استجمع عزيمته، فقبض على أسنانه ونهض واقفًا....
...“هل التقينا من قبل؟”...
...“ما هذه الكلمات القديمة؟ حياتكَ على المحك، تتأرجح بين الحياة والموت.”...
...“أوه..…”...
...تردد كارلستون محاولًا الرد على تعبير سيان، لكنه أوقف نفسه وأمسك خصره متألمًا....
...“سيان، الآن ليس الوقت المناسب لهذا. يجب أن نساعد بعضنا البعض أولًا. إذا استمر هذا، سيموت حقًا.”...
...نظر ماكس إلى حالة كارلستون التي بدت غير طبيعية، فعبس وجهه. كما نظر بيل وسكال إلى سيان في نفس الوقت....
...“……هذا ليس قرارًا يمكن اتخاذه بسهولة. قد نصبح نحن أيضًا مطلوبين، وإذا كنا متورطين في قتل ملك التنانين، فسيتم إصدار حكمٍ ثقيل.”...
...قالت سيان ذلك بوجه غير راضٍ....
...“أليس الأمر ببساطة أننا سنلتزم الصمت؟ على أي حال، أنتِ أيضًا تعتقدين أن سموه ليس هو من قتل ملك التنانين، أليس كذلك؟”...
...“ماكس، بالنسبة لسموه، إيدلين هي الوحيدة، لكن بالنسبة لولي العهد، هناك ثلاثة تنانين يمكننا الاعتماد عليهم: ناثان، الماركيز دانيال، والفارس أنطونيو بريتا. إذا تجاهلت قدرة التنانين، فسنواجه مشكلةً كبيرة. ماذا لو اكتشفونا أثناء البحث؟”...
...“ذلك..…”...
...كان ماكس على وشك الرد على كلام سيان، لكن الأمير فتح فمه أولًا وتمتم بشيءٍ ما....
...“ماذا قلتَ؟”...
...أعادت سيان السؤال وهي تقترب بأذنها معتقدةً أنها لم تسمع جيدًا، فأجابها كارلستون....
...“…..ساعديني.”...
...***...
...“ساعديني، سيدة سيان. سأكافئكِ بأي شكلٍ من الأشكال.”...
...“هاه..…”...
...تنهدت سيان بعمق بينما تذكرت تلك الكلمات. ...
...لكنها فجأة تذكرت أنها كانت تضع طلاء الأظافر. و بعد أن انتبهت، أدركت أن اللون الوردي الذي وضعته على أظافرها كان مشوهًا وغير مرتب....
...“آه، تباً.”...
...عندما رأت طلاء الأظافر ينساب بشكلٍ غير مرتب خارج أظافرها، انفجر غضبها فجأة....
...أطلقت سيان شتائم غاضبة ورمت زجاجة طلاء الأظافر بعيدًا....
...“آه، صحيح. هذا الطاولة أيضًا مستعارة.”...
...تمتمت سيان وهي تبحث عن منديلٍ لتسرع في مسح الطاولة التي تساقط عليها طلاء الأظافر....
...بينما كانت تمسح الطاولة بشدة، اجتاحتها فجأة أفكار حزينة. ...
...“آه.” ...
...تمتمت سيان في نفسها، ثم ألقت المنشفة في مكان عشوائي....
...تنهدت مرة أخرى بعمق، ووضعت ذراعيها عبر صدرها واستراحت على مسند المقعد بثقل....
...“ساعديني.”...
...'هذا غير عادل.'...
...فكرت سيان بذلك وهي تتذكر صوت كارلستون الهادئ....
...حتى لو لم يكن هو الثاني في الإمبراطورية، فهو بالتأكيد شخصٌ ذو مكانة عالية قد يكون في المرتبة الثالثة أو الرابعة....
...ومع ذلك، كان هذا الأمير، الذي ينظر إليها مباشرةً بتلك النظرة الحزينة، يناديها بهدوء “سيدة سيان.” من سيتجرأ على الرد قائلاً: “لا، سموك، لا يمكنني مساعدتك.” ...
...كيف يمكن لأي امرأة أن تجرؤ على قول ذلك؟...
...حتى الرجال، الذين تأثروا بصوته المليء بالحزن ووجهه، كانوا مذوبين في تلك اللحظة، وكانت نظراتهم تقول: “إذا رفضتِ، فأنتِ لست إنسانًا.”...
...الأمير كارلستون، الذي كان يستند إلى ماكس، نظر حوله بهدوء، ثم خفض رأسه بشكلٍ أكثر يأسًا....
...شعرت سيان بشعور من الدهشة والاحباط، ثم أطلقت ضحكةً خفيفة. ...
...كان من الواضح أنها لم تعد قادرةً على الرفض، وكان الأمر قد أصبح خطوةً مفروضة لا مفر منها....
...'ما هذا بحق؟'...
...كان الأمير كارلستون كلاوس من عائلةٍ نبيلة، مالك التنين النقي الدم إيدلين، وبارون إيفاريد، وهو أيضًا الأمير الثالث للإمبراطورية....
...كان من أعلى المناصب في الإمبراطورية، وجماله كان راقيًا للغاية، وكان دائمًا يحتل المركز الأول أو الثاني في قائمة “الرجال النبلاء الذين يمكنهم التلاعب بالنار*”، إلى جانب ولي العهد هيندريك كلاوس....
...*قصدهم من جماله وكذاته...
...لكن ليس هذا فقط، فقد كان أيضًا الشخص الذي سعى لمساعدة لصٍ ضربه على خده الأيمن أثناء تنكره، مما جعله من بين “الأغبياء الأكثر غباءً.”...
...كيف يمكن لرجل رائع كهذا أن يتخذ مثل هذا الموقف المتواضع وهو يتعامل مع شخصياتٍ غير معروفة مثل هؤلاء الرجال؟ ...
...كان الأمر غير عادل بكل بساطة....
...“سيدتي سيان، هل يمكنني الدخول؟”...
...عندما همست ظيان بصوت منخفض وهي غارقة في التفكير، سُمِع صوت ماكس من خارج الخيمة....
...“تفضل بالدخول.”...
...قامت سيان بتقليب الطاولة بسرعة، وهي تزيل الفوضى. ثم دخل ماكس إلى الخيمة....
...“كيف حال الأمير؟”...
...“في البداية، قام الطبيب جيفي بالعلاج. كان متفاجئًا من كمية الدم على جسد الأمير، لكن بعد العلاج، قال جيفي أن نصفه ليس دمًا بشريًا.”...
...“…..ليس دمًا بشريًا؟”...
...“نعم، دم تنين.”...
...أجاب ماكس بإيجاز، مما جعل جبين سيان يعبس قليلاً....
...“ليس دم إيدلين…..بالتأكيد ليس هو. لا يمكن لأي هجين مثل ناثان أن يجرح إيدلين نقية الدم. إذًا، هل هو دم ناثان؟”...
...“هذا أمرٌ لا نعرفه، لكن…..دعينا نتجنب استخدام مصطلح ‘هجين’.”...
...قال ماكس ذلك بوجه غاضب. فنظرت سيان إليه بفضول....
...“لماذا؟”...
...“إنه مصطلحٌ يستخدمه الهمج الذين لم يتعلموا شيئًا. كيف تجرؤ على وصف رفيق ولي العهد بالهجين؟ ما هذه الكلمة غير اللائقة..…”...
...قال ماكس ذلك وهو ينقر لسانه بحنق. فنظرت سيان إليه بنظرةٍ ساخرة، ثم ضحكت بهدوء....
...“ماذا؟ إذا كان رفيق ولي العهد، فهل يصبح الهجين ليس بهجين؟ إذًا لو كان هناك كلبٌ ضال يمر، إذا رباه ولي العهد، فسيصبح كلبًا نبيلًا، أليس كذلك؟”...
...“سيان!”...
...“اهدأ، هل أذني لا تسمع جيداً؟ تكلم بهدوء…..سمعت أنه إذا تحدث أحدٌ عن الهجين أمام ولي العهد، فإنهُ يَقطع أطرافه. لكن على أي حال، لا يوجد هنا سوى أنتَ وأنا. سواءً سميته هجينًا أو نقي الدم، ماذا يهمني؟”...
...قالت سيان ذلك بضيق وأشاحت بيدها متأففة عندما صرخ ماكس في وجهها....
...“هل كنتَ يومًا تابعًا للعائلة الملكية؟”...
...“تابعًا؟ ماذا تعنين بهذا؟ أنا مواطنٌ في إمبراطورية إغرييون المقدسة، الإمبراطورية التي تملك التنين، وبطبيعة الحال..…”...
...“آه، فهمت، فهمت……أوه، كم هي مملةٌ هذه الثرثرة.”...
...وأخيرًا، وضعت سيان أصابعها في أذنيها كما لو أنها لا ترغب في سماع المزيد....
...“على أي حال، ماذا حدث؟ ما هو تقرير الطبيب جيفي؟ هل الأمير سينجو؟”...
...“قال أنه يجب مراقبته لبضعة أيام. أما البقية، كما ذكرتُ سابقًا، فهو دم تنين، وأكبر إصابة قاتلة هي الجرح في جانب الأمير الأيسر. على مدار عدة أيام، لم يتم شفاء الجرح وبدأ في التقيح. وعندما تم علاجه، تم استئصال الجزء المتعفن، وهذا ما ظهر.”...
...اقترب ماكس ووضع شيئًا أمام سيان....
..._____________________...
...اخلاق وتربيه ياناس✨...
...ومناكير 😭 من القصة وانا مصدومة هي مرتزقة وعربجية بس تحب المناكير والتكشخ صدق انها جست قيرل🤏🏻...
...بس يمكن بعد كانت نبيلة؟ ...
...المهم كارلستون قدر يستغل وجهه عشان يساعدونه😂...
...Dana...
...“……هل تعرفين ما هو؟”...
...تصلبت ملامح سيان فجأةً وهي تزيل القماش. ...
...ما كان مغطى بالقماش الأبيض كان جسيمًا أبيض نقيًا غير معروفٍ طبيعته. و رغم وجود آثار دم عليه، إلا أن لونه الأصلي لم يكن من الصعب تمييزه....
...كان بحجم عقلتين من الإصبع تقريبًا، وأحد طرفيه مكوَّنٌ من عدة شعيرات تخرج بشكل حلزوني، بينما الطرف الآخر صُمم بشكلٍ يشبه القفل أو المشبك ليُركّب في شيء ما....
...“تقول أن هذا الشيء كان مغروزًا في جسد الأمير؟”...
...لم تجرؤ سيان على لمس ذلك الجسيم ذو الشكل البشع، واكتفت فقط بزمّ ملامحها بقوة....
...هزّ ماكس رأسه صعودًا وهبوطًا. أما سيان فأمالت رأسها بتعبيرٍ يزداد فيه الشك....
...“أليس هذا غريبًا؟ أي شخصٍ سيراه سيعرف أنه مخصصٌ للاغتيال، أليس كذلك؟”...
...“رأينا لا يختلف عنكِ. لهذا السبب أحضرناه إليكِ يا سيان. لكن ما يثير التساؤل هو مادة هذا السلاح المستخدم في الاغتيال. إنه ليس معدنًا، بل يشبه……”...
...“عظمة وحش، أليس كذلك؟”...
...قاطعت سيان حديث ماكس....
...“إن كانت من عظام وحش، فهي كذلك. فالتنين أيضًا يُعد من الوحوش.”...
...“ماذا……؟”...
...اتسعت عينا ماكس بدهشة....
...“هذه عظمةٌ أُخذت من تنين لم تُزهق روحه بعد. الألم الذي شعر به التنين أثناء اقتلاعها لا يزال مشبعًا بالسحر. قد تكون ضارةً لعامة الناس، لكنها أكثر فتكًا على من يملك صلةً بالتنين.”...
...إن وُجد شيءٌ بهذا السوء في يد شخص عادي، فكل ما سيناله هو حظ سيئ. ...
...لكن إن وصل إلى يد سيد التنين، فالعواقب ستكون قاتلة. فمجرد امتلاكه يكفي ليعمل كسم قاتل....
...فما بالك إن كان مغروزًا في الجسد……؟ ...
...كان من المعجزة أن يبقى على قيد الحياة....
...“من الواضح لأي شخص أن هذه محاولة اغتيالٍ صريحة تستهدف سيد التنين. لكن لماذا يلجأ ولي العهد، الذي أعلن عن خيانة الأمير وبدأ حملة تطهير، إلى استخدام سلاحٍ رديء ومرعب كهذا؟”...
...كان الشكل الغريب لذلك الجسيم دليلاً واضحًا على أنه سلاحٌ صُنع خصيصًا للاغتيال....
...ليس مجرد سلاح، بل من النوع الذي لا يستخدمه إلا الأسوأ من القتلة....
...“هل يمكن أن يكون هذا دليلًا على عزيمة ولي العهد في تطهير السلالة؟……”...
...“حتى مع هذا التفسير، فمادة السلاح مشبوهةٌ للغاية. لقد أصبح من النادر جدًا رؤية عظام تنين حي في السوق السوداء. هل يُعقل أن شخصًا في مكانة ولي العهد، احتفظ داخل القصر الإمبراطوري بسلاح اغتيال ملعونٍ كهذا؟”...
...هذا لا يُصدق....
...كانت سيان تعقد ذراعيها وهي تنظر بجديةٍ إلى السلاح الغريب الشكل. أما ماكس، فقد بدا عليه أيضًا أنه على وشك التنهد أو إطلاق تأوّهٍ ثقيل....
...“……من المؤكد أن الأمير لم يقتل ملك التنانين. لكن، أن يهاجم ولي العهد قوات إيفاريد التابعة للأمير بحجة اغتيال ملك التنانين……هذا أيضًا أمرٌ يستحق التفكير.”...
...أطلقت سيان صوت تفكيرٍ خافت وهي تغطس في أعماق أفكارها....
...ظل ماكس يراقبها لفترة بصمت، حتى شعرت سيان بنظرته ورفعت رأسها....
...“ما الأمر؟”...
...“لا شيء……لكن منذ فترة، بدأت أشعر أن سيان، تؤمن ببراءة الأمير أكثر من أي شخصٍ آخر.”...
...“……هاه؟”...
...أصدرت سيان صوت ذهول، وهي ترمش بعينيها الكبيرتين. بدت على وجهها ملامح من فُوجئ بحديث لم يتوقعه....
...“أليس هذا صحيحًا؟ الجميع في هذا العالم يصدق القصة كما هي، وأنتِ تقولين إن رأيكِ لا أهمية له……ومع ذلك، لم تشككِ أبدًا في براءة الأمير.”...
...“……هوه؟”...
...خرج منها صوت غريب دون أن تشعر....
...“لأن……لأن الأمير كارلستون وإيديلين لا سبب لهما لقتل تنين جلالة الإمبراطور……”...
...“لكن بنفس الطريقة، ولي العهد أيضًا لا سبب له لاتهام الأمير زورًا، أليس كذلك؟”...
...“أمرٌ غريب حقًا. الأمير لا يمكن أن يكون قد قتل ملك التنانين، وفي المقابل، لا يوجد أي سببٌ يجعل ولي العهد يتهمه بجريمةٍ لم يرتكبها؟”...
...تم تطهير الأمير كارلستون على يد ولي العهد هندريك بتهمة ارتكاب جريمة فظيعة، وهي قتل تنين الإمبراطور، ملك التنانين إلينا. ...
...عندما انتشرت هذه الشائعة في جميع أنحاء الإمبراطورية، كان رأي سيان محايداً....
...تغيرت ملامح سيان إلى الغضب والضيق، وقد امتلأ وجهها بالاستياء....
...“ما الذي تريد أن تسمعه بالضبط؟ أنت من أثار الضجة منذ البداية مطالبًا بإنقاذ الأمير!”...
...أدركت سيان أنها وقعت في فخ استجوابٍ موجه من ماكس، ففتحت عينيها على اتساعهما بغضب....
...ابتسم ماكس ببطء، وقد ارتفعت زوايا فمه في ابتسامةٍ طويلة....
...“لا أنتظر منكِ أي إجابة محددة. فقط قلت ما شعرت به.”...
...ضاقت عينا سيان وهي ترمق ماكس بنظرةً حادة مليئة بالامتعاض. وازدادت ابتسامة ماكس الماكرة اتساعًا....
...“بشأن حالة سموه، من الأفضل أن تسمعها من الطبيب جيفي بنفسه. لا بد أنه في خيمة سموه الآن.”...
...***...
...“سيان!”...
...“نونا.”...
...عندما وصلت سيان إلى الخيمة، وجدت بقية المرتزقة، ومن ضمنهم بيل وسكال، مجتمعين أمامها....
...“ماذا تفعلون جميعًا هنا؟”...
...“ها؟ ماذا نفعل؟ إنها فرصةٌ نادرة لرؤية شخص بهذه القيمة. جئنا لنشاهد.”...
...“هل الأمير قرد سيركٍ بالنسبة لكم؟ لتأتوا وتشاهدوه؟”...
...أطلقت سيان عبارتها الحادة تجاه المرتزقة. لكن رغم نبرتها اللاذعة، ضحك الرجال بصوت عالٍ غير مبالين....
...“بالطبع ليس قرد سيرك، لكن أليس الأمر مدهشًا؟ لم أرَ شخصًا يشبهه في حياتي.”...
...“هل رأيتِ وجهه؟ رأسه صغيرٌ جدًا ومع ذلك فيه عينان وأنفٌ وفم……”...
...“أعتقد أن بشرته أفضل من بشرة نونا.”...
...“قالوا أنه قديس إيفاريد أو شيءٍ من هذا القبيل، لكن بوجهٍ كهذا، حتى لو شتمني بأقذر الألفاظ، سأشعر وكأنها بركةٌ نقية!”...
...“لابد أنه كان يواعد الكثير من النساء، أليس كذلك؟”...
...انفجرت ثرثرة الرجال كالرصاص المنهمر. فزمّت سيان وجهها بضيق وراحت تنقر لسانها في امتعاض....
...“اصمتوا! انصرفوا! انصرفوا!”...
...وبينما شعرت أن أذنيها ستنفجران من الضجيج، بدأت يلوّح بيديها كمن يطرد ذبابًا وهي تشق طريقها بين المرتزقة....
...“آه، إنها الطاغية! الطاغية!”...
...“الساحرة وصلت—!”...
...بدأ المرتزقة يتراجعون أمام حدة سيان، لكنهم لم يتوقفوا عن إطلاق تعليقاتهم....
...وما إن اتسعت عينا سيان بنظرةٍ نارية حتى انفجر الرجال بالضحك، وسرعان ما تفرقوا كأنهم لم يكونوا هنا....
...“……يا إلهي.”...
...تمتمت سيان وهي تنظر بامتعاضٍ إلى المكان الذي اختفوا فيه....
...خلافًا لما قاله ماكس عن وجود الدكتور جيفي في خيمة الأمير، لم يكن هناك أحدٌ داخلها سوى المرتزقة المتجمهرين عند المدخل....
...في الداخل، لم يكن ثمة أحدٌ سوى الأمير ذو البشرة الشاحبة، المستلقي على السرير الميداني بشكل مرتب....
...نقرت سيان لسانها مرة أخرى باستياء. فقد بدا الأمير كارلستون فاقد الوعي تمامًا. ...
...و على عكس ما كان عليه حين رأته لأول مرة في الغابة المظلمة، كان الآن يرتدي قميصًا نظيفًا ومظهره مرتبًا....
...“حتى لو كان الإنسان جميلًا، فإلى أي حد يمكن أن يكون؟……” ...
...تمتمت سيان بامتعاض وهي تعبس....
...'ما هذا؟ هل أراه بشكل خاطئ؟'...
...رمشت سيان بعينيها. فمنذ لقائها بالأمير في ظلمة الغابة الحالكة التي لم يصلها حتى ضوء القمر، كانت هذه المرة الأولى التي تراه فيها في مكانٍ مضاء....
...كان هناك بالفعل مشعلٌ منصوب في زاوية الخيمة ليضيء المكان، لكن……هل أنا أتوهم؟...
...شعرت وكأن الضوء لا يصدر من المشعل، بل من وجه الأمير نفسه....
...“بشرته أفضل من بشرة نونا…”...
...“حتى لو شتمني، سيبدو الأمر كأنني تلقيتُ بركة…”...
...كلمات المرتزقة الذين كانوا يثرثرون أمام الخيمة طافت في رأس سيان....
...'ما أغرب ما يقولونه. هم مضحكون فعلًا.'...
...حاولت سيان جاهدةً إنكار كلامهم، لكن الأمر لم يكن سهلًا. فما دام لسيان عينان، فإن حدسها البشري لم يستطع إلا أن يوافقهم....
...عبارة “وجه صغير جدًا” وُجدت لوصف شيءٍ كهذا تحديدًا. و اكتشفت سيان ذلك دون أن تدرك....
...وجه الأمير، المستلقي بثباتٍ ويداه متشابكتان فوق صدره، بدا كأنه يتحدى قوانين المنظور. ...
...وجهه الصغير كان مذهلًا من حيث التكوين. أنفٌ مستقيم ينحدر بسلاسة، وشفاهٌ عديمة اللون تقريبًا لكنها ذات حدود بارزة، وفك متصلٌ بانسيابية إلى العنق، ورموشٌ طويلة تغطي الجفون المغلقة بإحكام....
...……حتى لو كان من نسب نبيلٍ كالأمير، وكان له تنينٌ نبيل كإيدلين الفضية، لكان من العدل أن يُولد بوجه كأنه تفاحة فاسدة داسها أحدهم بقدمه....
...لكن لا، لقد كان تجسيدًا صارخًا لعدم المساواة....
...نظرت سيان إلى كارلستون وهي غارقةٌ في أفكارها، ثم في اللحظة التالية، شهقت فجأة وغطت فمها بيدها....
...فجأة وجدت نفسها واقفةً مباشرة بجانب السرير الميداني الذي كان الأمير كارلستون مستلقيًا عليه....
...كانت متأكدةً من أنها كانت تقف عند مدخل الخيمة، تراقبه من هناك، لكن عندما استعادت وعيها، وجدت نفسها وقد اقتربت دون أن تشعر. ...
...لم تكن تتذكر أنها تحركت على الإطلاق. فسرت قشعريرةٌ على طول ظهرها....
...'سحر؟ لكن الأمير فاقدٌ الوعي.'...
...نظرت سيان إلى الأمير بوجهٍ شاحب، تتفحص وجهه عن قرب. ...
...'عندما أراه من هذا القرب، يبدو……أكثر وسامة……لا، ليس هذا هو المهم الآن.'...
...حتى رموشه الطويلة لم تتحرك قيد أنملة....
...[لقد كنتِ مسحورة.]...
...في تلك اللحظة، تردد صوتٌ في رأسها....
...[حتى لو كان سيد تنين، فهل تعتقدين أنه يملك سحرًا يسحب الناس نحوه؟ لقد انبهرتِ أنتِ بنفسكِ وذهبتِ إليه على قدميكِ.]...
...كان الصوت في رأسه يعبّر عن دهشته الخالصة، وترافق مع نقرات لسان استنكار....
...حقًا؟ هل هذا ما حدث؟...
...حكّت سيان مؤخرة عنقها بحرج بينما استوعبت الحقيقة....
...[لن تتخلى أبدًا عن عادتكِ في الانجذاب إلى الوجوه الجميلة، سيان روزفلت.]...
...“……اصمت.”...
...ردّت سيان ببرود على الصوت الذي تردد في رأسه....
...'مَن قال أنني أنجذب للوجوه الجميلة……؟'...
...وبينما كانت غارقةً في التفكير، شعرت بدفءٍ غريب عند زاوية فمها. ...
...و عندما مررت أصابعها على شفتيها، أدركت أخيرًا أنها كانت تحدق في الأمير و لعابها يسيل. فاحمرّ وجهها تلقائيًا دون أن تشعر....
..._______________________...
...غش ليه الأمير مب في الغلاف ابي اشوف وجهه ذاه ...
...المرتزقه مهابيل قاعدين يقارنونه بسيان وقدامها؟ 😭😭😭😭😭...
...Dana...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon