الفصل 4

...[تسك تسك تسك.]...

...الصوت في رأسها نقر لسانه مستنكرًا قائلاً أنه لا أمل منها....

...ومهما كان لديها من أعذار، لم يكن هناك ما يمكن قوله لتبرير ذلك....

...“تبًا.”...

...تمتمت سيان بضيقٍ وهي تلوّح بيدها محاولة لطرد الصوت المزعج من رأسها....

...في تلك اللحظة، بدا أن الأمير قد شعر بوجودها، إذ عبس قليلاً وتقلّب في فراشه بخفة....

...“…..أخي.…”...

...تمتم الأمير بصوتٍ واهٍ يكاد يختفي. و كان وجهه مشوهًا بألم واضح، ومغطًى بعرقٍ بارد....

...قطرات العرق الصغيرة التي تجمعت على جبينه انحدرت عبر صدغيه ثم وجنتيه لتنساب في هدوء....

...…..هل يجب أن أمسح له العرق؟...

...وقفت سيان مكتوفة الأيدي وهي تفكر في الأمر بتذمر وكأن لا علاقة لها به. ...

...فهي كانت ممن يغرسون السيوف في الناس عادة، لا ممن يعتنون بمن طُعنوا بها....

...ولأن ما عليها فعله الآن كان خارجًا عن المألوف بالنسبة لها، فقد ترددت للحظة، لكن الأمير تأوّه مجددًا بأنفاس محمومة، وتقلّب مرةً أخرى، بينما انحدرت قطرة أخرى من العرق على خده الأملس....

...“تبًا، ليكن إذًا.”...

...قالت ذلك بعد أن حزمت أمرها، ثم بللت شفتيها وجلست على الكرسي بتنهيدةٍ ثقيلة....

...كانت رائحة الأمير المحتضر مزيجًا من الدم والأعشاب الطبية القوية....

...بللت سيان المنشفة بالماء ثم طوتها بيديها. كانت تنوي، كما رأت كثيرًا من قبل، أن تمسح العرق بتربيت خفيف....

...لكن رؤية الشيء تختلف تمامًا عن تنفيذه....

...“أوه..…”...

...في المرة الأولى، لم تعصر المنشفة جيدًا، فانسكب الماء البارد على وجه الأمير فجأة....

...وفي المرة الثانية، انزلقت يدها وأسقطت المنشفة بأكملها....

...في تلك اللحظة، لم تصدر من سيان شتيمة مثل “تبًا” أو ما شابه، بل خرجت منها همسة “أوه..…” بدهشة، وكان ذلك آخر رد فعل غريزي لها كإنسانةٍ متحضرة....

...ولو أن الأمير لم يكن بهذه الوسامة، لكانت الشتيمة قد خرجت أولًا بلا شك....

...“هاه…..هذا ليس سهلًا أبداً، أليس كذلك؟”...

...تمتمت سيان لنفسها بينما كانت تعصر المنشفة مجددًا بعد أن بللتها بالماء. ...

...وفي المحاولة الثالثة، تمكنت أخيرًا من مسح وجه الأمير دون حوادث. لكن الغريب أن مظهر الأمير أصبح أكثر بؤسًا من ذي قبل، حتى بعد أن مسحت له وجهه....

...نظرت إليه سيان للحظة بتعبير معقد على وجهها....

...…..على الأقل هو يشعر بالانتعاش الآن، أليس كذلك؟...

...وفي لحظة عابرة من تأنيب الضمير، سارعت سيان بتبرير ما بدا وكأنه تعذيب بالماء بنوع من البهجة....

...“…..هل أنتِ قاتلة مأجورة؟”...

...لم تكن منشفة واحدة كافية لمسح كل الماء الذي سكبته على وجه الأمير، فبدأت سيان بعصرها للمرة الثانية....

...“آه، تبًا! أفزعتني!”...

...تفاجأت وأطلقت شتيمةً بلا وعي، فقد كانت قد فقدت آخر خيط من تحضّرها قبل لحظات....

...الأمير، الذي بدا أنه غائب عن الوعي طوال الوقت، كان قد فتح عينيه فجأة وأخذ يحدّق بها....

...حقًا، شعرت سيان وكأن قلبها سقط مكانه. ففتحت فمها بذهول، ووضعت يدها على صدرها تهدئ نفسها....

...“…..كان منعشًا.”...

...تمتم الأمير بصوتٍ منخفض. لكن من غير الواضح إن كان يقصد بـ”منعش” تعذيبها غير المقصود بالماء، أم شتيمتها العفوية....

...تنحنحت سيان محاولةً تغطية ارتباكها، ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ مصطنعة وراقية....

...“يبدو أنكَ قد استيقظت.”...

...“…..كنت أظنني قد رأيت جدي الراحل من الجهة الأخرى للنهر البعيد، لكن عندما هممت بعبور النهر، سكب أحدهم الماء عليّ وأيقظني.”...

...قال الأمير ذلك وكأنه يحدث نفسه. عندها لم تستطع سيان إلا أن تُصدر صوتًا أعلى....

...“هذا جيد. من الأفضل أن تظل مدينًا بحياتكَ لذلك الشخص وتعتبره منقذكَ مدى الحياة، مهما كان من يكون.”...

...قالت سيان ذلك بوقاحة وهي ترسم ابتسامةً أعمق على وجهها....

...حدّق الأمير في سيان مطولًا. و لم يكن يحدّق بعدائية، لكن نظرته لم تكن وديةً أيضًا. إن وجب وصفها بدقة، فستكون أقرب إلى نظرة تمعن وتحليل. ...

...لم يكن يتفحصها بوضوح من رأسها حتى أخمص قدميها، لكن كان يراقبها بجدية تفوق ذلك....

...“أوه، أنتَ تتصبب عرقًا. سأجفف لك العرق.”...

...“…….”...

...سيان، التي كانت تشعر بنظرته عليها حتى دون أن تراه، تمتمت في سرها بضيق وهي تعصر المنشفة بقوة. ثم وضعتها عمدًا على وجه الأمير بقوة....

...رغم أنه ارتجف قليلًا عندما غطت المنشفة الباردة وجهه بالكامل، إلا أن الأمير لم يقل شيئًا تجاه هذا التصرف الفظ....

...لا يُعلم إن كان عاجزًا عن الكلام، أو أنه فعلًا كما يشاع عنه، شخصٌ ضعيف لا يعترض حتى لو صُفع على خده الأيسر فيمد خده الأيمن....

...“لدي الكثير من الأسئلة، لكن عليكَ أن ترتاح أولًا. تعافيك هو الأهم الآن.”...

...“…..أين أنا؟”...

...“في خيمة فرقتنا من المرتزقة. من حيث الإحداثيات، فنحن غير بعيدين عن إيفاريد.”...

...أجابت سيان بسلاسة،...

...“مرتزقة..…؟”...

...تمتم الأمير بصوتٍ خافت بينما لا تزال المنشفة تغطي وجهه. ...

...لم يكن من الممكن التأكد من تعابير وجهه، لكنها بدت وكأنها تحمل شيئًا من الدهشة....

...ما الذي كان يظنه إذاً؟ ...

...رغم تصاعد التذمر في صدرها، تمالكت سيان نفسها وأظهرت هدوءًا مصطنعًا....

...“نعم، نحن مرتزقة. سمعنا أن إيفاريد قد تحولت إلى أنقاض بعد أن هاجمها سمو ولي العهد، فظننا أن هناك عملًا بانتظارنا، فكنا في طريقنا إلى هناك.”...

...“لم تصل إلى حد الأنقاض بعد.”...

...“ربما، لكن الضرر كان واضحًا. خاصةً وأن لورد إيفاريد نفسه فرّ هاربًا وهو في حالةٍ يُرثى لها..…”...

...كانت سيان تتحدث بصوت منخفض إلى كارلستون الذي كان يعترض بصمت، لكنها توقفت فجأة عندما خطر لها أمر آخر. إنه بالفعل كان ذلك اللقاء الذي لا يُنسى. ...

...وما إن تذكرت أنها كانت تستحم لحظتها، حتى شحب وجهها فجأة....

..."الآن وقد تذكرت، مهلاً، أيها الوقح….."...

...“…..ماذا؟”...

...رفعت سيان المنشفة التي كانت تغطي وجه الأمير بخفة. ومن خلف المنشفة المبللة، ظهرت ملامح وجهه المرتبكة تمامًا، والمبللة بالكامل....

...“وقح..…”...

...“بالضبط، وقح! تتحدث ببرود وكأن شيئًا لم يحدث؟ كن صادقًا، إلى أي حد رأيت؟”...

...“…..هاه؟”...

...بمجرد أن ظهر نصف وجهه، عبّر الأمير عن أقصى قدر من الذهول استطاع إظهاره....

...“ماذا يُفترض أنني رأيت؟”...

...“يا للعجب، لستَ فقط بارعًا في التهرب، بل ممتاز في التمثيل أيضًا؟ لقد رأيتني! كنت أستحم!”...

...“…..حقًا، أنتِ امرأة لا تتركين للمرء حتى فرصةً ليحزن.”...

...تمتم الأمير بصوتٍ خافت وكأنه يحدث نفسه....

...“يا آنسة سيان.”...

...“ما الأمر؟”...

...أجابت سيان بوجه متجهم، وقد برزت شفتاها غيظًا....

...كانت تعلم تمامًا أن الكلمات التالية لن تكون لطيفة، ومع ذلك، لم تستطع إنكار أن كلمة “آنسة” أثارت شيئًا دافئًا في قلبها دون إرادتها....

...“أنا الآن ممددٌ هكذا، بين الحياة والموت، وأزعم أني رأيت جدي الراحل…..أتظنين أنه حتى لو كنت قد رأيت جمالًا خارقًا، كنت سألاحظ شيئًا؟”...

...قال الأمير ذلك محاولًا النهوض. لكنه لم يتمكن حتى من رفع رأسه، ووجهه ازداد شحوبًا قبل أن يسقط مجددًا دون حول....

...منظر الأمير البائس، الذي يدعو للتعاطف دون قصد، أرخى قليلًا من صرامة تعابير وجه سيان....

...حقًا، في حالته تلك، مع كل ذلك النزيف، وسيف قد انغرس بجانبه، من المعقول أنه لم يكن يرى شيئًا بوضوح....

...“……ألم ترَ شيئًا فعلًا؟ هل تقسم؟”...

...“أقسم باسم إيديلين.”...

...قال الأمير ذلك وهو يقطب جبينه من شدة الألم، وكأن الموجة المؤلمة قد اجتاحته مجددًا. وحتى صوته المبحوح من الحمى كان يتمتع بجاذبيةٍ غريبة....

...رغم ذلك، لم تستطع سيان في تلك اللحظة سوى أن تشعر بالاستياء من نفسها لإعجابها بصوته، وبمظهره في الوقت نفسه، ثم نقرت لسانها بخفة....

...“حسنًا، طالما أقسمت…..باسمك، لا، بل باسم التنين، سأصدقكَ هذه المرة.”...

...“ممتنٌ لكِ.”...

...تمتم الأمير بكلمات بالكاد مسموعة....

...'هل هذا الإنسان جاد؟'...

...رفعت سيان حاجبها ساخرةً من نبرة الأمير التي كانت تنضح بالسخرية. لكن الأمير، وكأنه توقع رد فعلها، أعاد المنشفة إلى وجهه ليحجب نظره عنها....

...“كنت قد قررت المرور اليوم لبعض الوقت فقط ثم أرحل، لكن بما أن حالتكَ تبدو أفضل مما توقعت، فسأدخل في صلب الموضوع مباشرة.”...

...“….…”...

...“قال الطبيب إن نصف الدم الذي لطّخك كان دم التنين، ماذا حدث بالضبط؟ هل ناثان هو من أُصيب؟”...

...“…..لا، كان دم بريتا.”...

...تأخر الأمير قليلًا في الرد. وانكمشت ملامح وجه سيان بشكل طفيف....

...“تلك البريتا؟ بريتا فارس التنين، أنطونيو كارتر؟”...

...لم يرد الأمير على الفور. بقي صامتًا لبعض الوقت وكأنه يغوص في أفكاره، ثم بعد برهة حرّك رأسه للأعلى والأسفل....

...بالطبع، لم يكن وجهه ظاهرًا، بل اهتزت المنشفة التي تغطيه فقط....

...“سمعت أن سمو ولي العهد قاد العملية بنفسه برفقة ناثان، أليس كذلك؟”...

...“صحيح. لكن لم يكن أخي وناثان وحدهما من غزا إيفاريد.”...

...ازدادت تعابير سيان تصلبًا....

...“حتى فارس التنين شارك؟”...

...“……وأيضًا عمي.”...

...عند سماع الرد، فتحت سيان فمها من شدة الصدمة....

...“ماذا؟ إذًا إيديلين واجهت بمفردها جميع التنانين الثلاثة الموجودة في الإمبراطورية؟”...

...“بدقة أكثر، إيديلين لم تُستدعَ أصلًا. تنفّس التنين صُبّ مباشرةً على السور الخارجي..…”...

...توقف الأمير عن الكلام وقد بدا عليه الإرهاق، ثم زفر زفرةً طويلة وثقيلة....

...سيان لم تستعجله ليكمل حديثه. فلم تكن بحاجة لسماع البقية لتفهم ما حدث....

...في الإمبراطورية، هناك خمسة تنانين: ...

...واحد منها هو تنين الإمبراطور، ملك التنانين إيلينا، وتنين ولي العهد ناثان، وتنين الأمير الذي يقف أمام سيان الآن، إيديلين، ثم تنين شقيق الإمبراطور، الماركيز دانييل كلاوس، واسمه ألما، وأخيرًا، بريتا، تنين الفارس أنطونيو، الذي كان من العامة وتم منحه لقب فارس لاختياره من قبل تنين....

...ومن بين هذه التنانين، تحرك ثلاثةٌ في وقت واحد. كان ذلك بمثابة حشدٍ لقوة الإمبراطورية الكاملة تقريبًا، ولا يُعد مبالغة قول ذلك....

...فإذا ما اندفع ثلاثة من التنانين دفعةً واحدة، فلا عجب أن حتى إيديلين، رغم نقائها الأصيل، لم تستطع الصمود أمامهم....

...ولهذا السبب، عندما أدرك الأمير كارلستون كلاوس، مالك إيديلين، أنه يتعرض لغزو من قِبل ثلاثة من التنانين، كاد يتخلى تمامًا عن فكرة المقاومة....

...…..من زاويةٍ ما، يمكن القول أنه حبه لإيديلين كان عميقًا حقًا....

...___________________...

...الحين اخوه هو ولي عهد واقوى منه واتباعه معه كلهم بتنانينهم وش يبي بالضعيف ذاه؟ ...

...سيان عربجيه مفروض ماتقرب خيمه فيها احد قده يفطس 😭...

...Dana...

الجديد

Comments

Kazoha

Kazoha

شكلها صارت مذبحة

2025-05-09

0

Kazoha

Kazoha

١٠٠٪؜ صحيح

2025-05-09

0

Kazoha

Kazoha

🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️🤦🏼‍♀️
اللي استحوا ماتوا😒

2025-05-09

0

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon