^^^لم يكن الأمر بحاجة إلى صراخ…^^^
^^^ولا حتى خيانة واضحة، أو دليل قاطع.^^^
^^^أحيانًا، يكفي أن يتغيّر صوت الشخص، أن تصبح لهجته باهتة، أو أن يتأخر في الردّ على رسالة كانت تعني لها العالم.^^^
^^^وهكذا… بدأت أرينا تشعر أن شيئًا ما قد انكسر.^^^
^^^كانت تجلس في زاوية الغرفة، تراقب الهاتف بصمت.^^^
^^^“آخر ظهور: منذ ساعتين”، ورغم ذلك لم يصل منها شيء.^^^
^^^آدم الذي كان يكتب لها في منتصف الليل عن فنجان قهوته، ويشاركها صورة المطر من نافذته، أصبح اليوم صامتًا… غريبًا… وكأن شخصًا آخر يسكنه.^^^
^^^صوت في داخلها يهمس:^^^
^^^لا تفسدي كل شيء… ربما هو متعب.^^^
^^^لكن صوتًا آخر كان أكثر قسوة:^^^
^^^أو ربما لم يعُد يحبّك… وربما هناك امرأة أخرى!^^^
^^^ارتبكت أفكارها.^^^
^^^أرينا التي كانت تثق بنظرة عينيه، أصبحت الآن لا تثق حتى في نبرة صوته.^^^
^^^كل لقاء بينهما صار وكأنه اختبار:^^^
^^^هل سيضحك كما كان؟^^^
^^^هل سيهمس باسمها بذات اللهفة؟^^^
^^^هل سيلاحظ تغيّر تسريحة شعرها كما كان يفعل دائمًا؟^^^
^^^لكنّه تغيّر… تغيّر جدًا.^^^
^^^وأرينا… كانت تذوب داخليًا كقطعة ثلج لا يراها أحد.^^^
^^^كان الليل أطول من المعتاد، ووسادتها ممتلئة بتساؤلات لا تملك لها إجابة:^^^
^^^هل كل ما بيننا كان حقيقيًا؟^^^
^^^أم أنني كنت أعيش حبًا وهميًا؟^^^
^^^لماذا لم أعد كافية؟^^^
^^^ولماذا أشعر أنني وحيدة حتى وأنا معه؟^^^
^^^كانت تقابل “لين” وتحاول أن تضحك، لكنها سرعان ما تختنق.^^^
^^^قالت لها لين ذات مرة:^^^
^^^“أرينا، حين تبدأين في الشك، لا تهملي قلبك… لكن لا تصدّقي كل ما يقوله عقلك أيضًا.”^^^
^^^أرينا الآن تعيش على الحدّ الفاصل بين تصديق قلبها، واتهام عقلها.^^^
^^^وفي وسط هذا الصمت الثقيل، كانت هناك رسالة وصلتها منه… لكنها لم تفتحها.^^^
^^^لأول مرة… أرادت أن تهرب.^^^
✨✨✨
^^^لكن في تلك الليلة…^^^
^^^حين فتحت أرينا البريد الإلكتروني القديم المرتبط بمدونتها، تفاجأت برسالة غريبة.^^^
^^^كانت من حساب لا يحمل اسمًا، فقط أول حرف: “M”^^^
^^^الموضوع: “هل تعرفين حقًا من هو؟”^^^
^^^المحتوى:^^^
^^^“ما خُفي أعظم. لا تبحثي عنه كثيرًا… فقط انظري حولك، وسترين الحقيقة التي تتجاهلينها.”^^^
^^^تجمدت أصابعها.^^^
^^^قلبها بدأ بالخفقان كما لو أن شخصًا قرأ أفكارها كلها.^^^
^^^هل من الممكن أن يكون هناك من يتابعها؟^^^
^^^أم أن آدم… ليس هو كما يبدو؟^^^
^^^أغلقت البريد، ومسحت الرسالة، ثم تراجعت فورًا.^^^
^^^لكن الرسالة عادت للظهور، وكأن أحدهم يريدها أن تقرأها مرارًا.^^^
^^^ترددت، ثم فتحت ملف الصور المرفق.^^^
^^^لقطة غير واضحة، لكنها مألوفة…^^^
^^^آدم.^^^
^^^في مكان لم تذهب إليه معه يومًا.^^^
^^^مع فتاة ذات شعر بني قصير… يُمسك بيدها.^^^
^^^انطفأت الدنيا من حولها.^^^
^^^لم تستطع أن تنطق. لم تستطع حتى أن تبكي.^^^
^^^في تلك اللحظة، لم تكن خائفة من الحقيقة، بل من كل الحب الذي بنته داخله… أن يكون كذبًا.^^^
✨✨✨✨
^^^« لا أحد بعدك… لكنه ليس أنت »^^^
^^^ما أصعب أن تشكّ في من أحببت…^^^
^^^لكن الأصعب، أن تفتح عينيك على خيانة كنت تُقسم أنها لن تأتي منه.^^^
^^^لم تخبر أحدًا، لم تواجه آدم، لم تصرخ، لم تنكسر أمامه.^^^
^^^لكنها في الداخل، كانت تنهار جزءًا جزءًا.^^^
^^^مرّت أيام، ولم تتحدث معه كما اعتادت.^^^
^^^أصبحت كلماته لا تصل، ونظراته لا تُشبه تلك التي عشقتها.^^^
^^^كانت تراقبه بصمت… بعيون تبحث عن الحقيقة خلف كل جملة وكل ابتسامة.^^^
^^^في أحد الأيام، طلب منها آدم أن يلتقيا في المكتبة التي كانت شاهدة على بدايتهما.^^^
^^^وافقت، لكنها لم تخبره أنها تحمل في حقيبتها شيئًا أثقل من الكتب… قلبًا يوشك أن ينهار.^^^
^^^جلس أمامها كأن لا شيء تغيّر.^^^
^^^“أرينا، مابيك؟ لماذا كل هالبرود؟”^^^
^^^نظرت إليه بعيون لم تعد تثق، وقالت بهدوء مخيف:^^^
^^^“لو خُيرت بين تصديقك وتصديق ما رأيته… سأصدق عيني.”^^^
^^^ارتبك.^^^
^^^تلعثم.^^^
^^^حاول أن يضحك لينفي، لكن صوتها قاطعه:^^^
^^^“ما اسمها؟”^^^
^^^“من!؟”^^^
^^^“لي كنت ماسك إيدها.”^^^
^^^سكت آدم… وكانت تلك الثواني كفيلة بهدم سنين من الثقة.^^^
^^^لم تبكِ أمامه.^^^
^^^لم تتوسل.^^^
^^^فقط قالت:^^^
^^^“أنا لست بحاجة تفسير. أنا بحاجة راحة… وأنا لم اعد أرتاح وأنت جنبي.”^^^
^^^غادرت.^^^
^^^لأول مرة منذ سنين… أرينا تعود إلى البيت دون أن ترسل له رسالة “وصلت”.^^^
^^^لأول مرة، تبكي لنفسها، لا على أحد.^^^
^^^تذكرت والدَيها…^^^
^^^تذكرت كيف كانت تقاوم كل شيء لتصل إليه…^^^
^^^والآن، تتمنى فقط لو تستطيع أن تمشي للأمام دون أن يذكرها اسمه بالخذلان.^^^
^^^انتهى اليوم، لكنها لم تنم.^^^
^^^وفي الليلة التالية… قررت أن تكتب، لا لتتذكّر، بل لتُفرغ.^^^
^^^“أنا لم أفقدك، أنت الذي ضيّعتني.^^^
^^^لكنّي فقدت ثقتي… وفقدت جزءًا من قلبي، كان يؤمن بك.”^^^
✨✨✨
^^^مرّت ساعات منذ أن بدأت أرينا تشعر بذلك الثقل في صدرها. لم تكن الكلمات تنقذها من الغرق، ولم تعد الطمأنينة تعرف طريقها إليها. كان كل شيء حولها يوحي بشيء ما… شيء لا يُقال، بل يُشعر فقط.^^^
^^^صوت الهاتف رنّ، وكانت الرسالة من رقم غريب، صورة واحدة فقط… لكنها كانت كافية لتُسقط ثقتها من عليائها، وتدفعها إلى حافة الشك القاتل. آدم، مع فتاةٍ لم تعرفها… في زاويةٍ بدت مألوفة، ضحكته، نظراته، وحتى طريقته في الوقوف. كل شيء فيها كان يصرخ: “هذا أنت، لكن ليس لكِ وحدك.”^^^
^^^لم تسأل. لم تواجهه. فقط سكتت.^^^
^^^وفي صمتها، اشتعلت كل الأسئلة.^^^
^^^“هل هو يحبني؟^^^
^^^هل كنتُ مجرد مرحلة؟^^^
^^^هل ما عشناه كان صادقًا، أم أنني كنتُ أعيش وهمًا من نسج خيالي؟”^^^
^^^صراعها الداخلي لم يكن هينًا، كانت تمشي بين أطراف الشك والخوف، تحاول أن تجد في تصرفاته الأخيرة مخرجًا يُبرّئه… لكن قلبها، ذاك الذي آمن به، كان قد بدأ يتصدع.^^^
^^^وعادت أرينا لتكتب، بعد شهور من الانقطاع… بعد أن كسبت حق البوح، ووجدت نفسها مختلطةً بين أفكارها ومشاعرها، كتبت:^^^
^^^“ها قد وجدتُ نفسي مختلطةً بين أفكاري ومشاعري،^^^
^^^وحبي له لم ينتهِ بعد…^^^
^^^ومع ذلك، انتهى التواصل، وانتهت تلك الرسائل الجميلة.^^^
^^^لا أعلم إن كنتُ أنا فقط من يشعر بالفراغ.^^^
^^^لديّ العديد من الأسئلة…:^^^
^^^هل يشعر هو أيضًا؟^^^
^^^هل يشتاق؟^^^
^^^لا أعلم.^^^
^^^لم أكن أعلم أن غيابه عن حياتي سيغيّر مني الكثير.^^^
^^^قد ذهبت شخصيتي الطفولية والمرِحة.^^^
^^^كنت أظن أن علاقتنا لا تعرف الرحيل.^^^
^^^كنت أؤمن بحبه، بوعوده، بعودته.^^^
^^^كنت أظن أنه اختارني بين الجميع.^^^
^^^ولكن…^^^
^^^ها قد جاء يوم الرحيل،^^^
^^^وفي عشية ذلك اليوم، عرفت ان الشخص الذي أحببته كان يحب مرأة اخرى!^^^
^^^آخر حديث.^^^
^^^يوم فُراق القلوب،^^^
^^^يوم رحلت فيه الذكريات،^^^
^^^يوم انطفأ فيه الأمل،^^^
^^^وبكى الليل الآخر.^^^
^^^أحببتك أكثر من نفسي،^^^
^^^لماذا !،اخترتك من بين الجميع؟^^^
^^^وها، قد انتهت أعمق قصة غرامية مررتُ بها.^^^
^^^انتهت قصتنا التي دامت شهورًا وأيامًا،^^^
^^^وها أنا، اليوم، أنتظر عودتك…^^^
^^^رغم أني أعلم أنك لن تعود أبدًا.^^^
^^^"قد اعتبرتك قصة نادرة وقعت في حياتي"،^^^
^^^فظننتك العوض الجميل.^^^
^^^لكن آخر كلماتك عند الفراق كانت كالسهم…^^^
^^^وجعني الابتعاد عنك،^^^
^^^لكن لا يمكنني البقاء معك.^^^
^^^فقل لي… أي الوجعين أَخف؟^^^
^^^ذكّرتني يومًا بأنك ستبقى،^^^
^^^وأن لا شيء سيفرقنا،^^^
^^^وأنك ستقاتل من أجلي،^^^
^^^لكنني اليوم أعلم أنها كانت عبارات كذبة.^^^
^^^في تلك اللحظة،^^^
^^^كنتَ تستطيع أن تُنقذني بكلمة…^^^
^^^لكنك اخترت الصمت.^^^
^^^الآن، كل تلك الأيام الجميلة التي مررنا بها^^^
^^^تحولت إلى ذكريات تبكيني،^^^
^^^ولا تُنسى.^^^
^^^سمعت الكثير يتحدث عن حبنا،^^^
^^^لكن لم يتقبلوا فكرة فرقنا،^^^
^^^ظنّوا أنه كاذب.^^^
^^^هل كنت ممثلًا بارعًا؟^^^
^^^أم أنك أحببتني حقًا؟^^^
^^^اليوم، رحلتَ ومعك بقيّة نبضي،^^^
^^^بقيّة ذكرياتي…^^^
^^^تركت قلبي يتآلم،^^^
^^^وعيني تدمع بصمت.^^^
^^^ومهما بدَت الأنثى قوية،^^^
^^^فالفراق يُضعفها،^^^
^^^خاصةً حين يكون الفاقد… هو الحب.^^^
^^^ورغم كل شيء،^^^
^^^لن أكرهك.^^^
^^^لن أبدلك،^^^
^^^سأحتفظ بمكانك في قلبي،^^^
^^^وسأحبك… حضورًا، وغيابًا.^^^
^^^"ومهما طال الفراق،^^^
^^^لن أنسى.”^^^
✨✨✨
^^^لكن، رغم كل شيء…^^^
^^^في صباحٍ باهت، وبعد ليلةٍ طويلة من البكاء الصامت، نهضت أرينا. لم يكن هناك دافع حقيقي للاستيقاظ، لكن كانت هناك فكرة صغيرة تنمو داخلها كالنبتة في شقوق الخراب:^^^
^^^“لا بأس… سأبدأ من هنا، حتى لو لم أعرف إلى أين سأصل.”^^^
^^^أخذت نفسًا عميقًا، مسحت دموعها، وقامت تُرتب فراشها كما لم تفعل منذ أيام. لم يكن قرارًا دراميًا، ولا تحوّلًا فجائيًا… كان فقط محاولة بسيطة لتقول لنفسها إنها ما زالت على قيد الحياة.^^^
^^^في الخارج، كانت هناك ورقة معلقة على باب المطبخ، بخط عمتها:^^^
^^^“الحياة لا تتوقف عند أحد، لكنها تنتظر من يملك الشجاعة ليبدأ من جديد.”^^^
^^^وقرأت أرينا الجملة…^^^
^^^ثم ابتسمت.^^^
^^^وبعد صمتٍ طال كثيرًا، مدت يدها لهاتفها، وترددت…^^^
^^^ثم ضغطت على اسمٍ حفظته في قلبها قبل ذاكرة الهاتف: “لين”.^^^
^^^رن الهاتف طويلاً، قبل أن يُسمع صوتها الدافئ:^^^
^^^– “أرينا؟ أخيرًا! اشتقت إليك، هل أنت بخير؟”^^^
^^^وصمتت أرينا قليلاً، ثم قالت بصوت مكسور:^^^
^^^– “لا… ولهذا اتصلت.”^^^
^^^وروت كل شيء. الحكاية من أولها. عن آدم، عن الحب الذي كبر بهدوء، عن الثقة التي انكسرت، عن الرسائل التي انطفأت، وعن قلبٍ ما زال متمسكًا بشخصٍ قرر الرحيل.^^^
^^^صمتت لين طويلاً، ثم قالت بحزم:^^^
^^^– “أرينا… أنتِ لا تنهارين، أنتِ تنهضين من جديد. وأنا معك. لن أدعك تسقطين وحدك.”^^^
^^^شعرت أرينا أن العالم، رغم كل شيء، فيه ما يستحق أن تعود من أجله^^^
✨✨✨✨
...----------------...
... "ضوء في العتمة" ✨ ...
^^^كانت أرينا تجلس على الكرسي الخشبي خلف طاولة صغيرة في زاوية المكتبة، تتأمل رفوف الكتب المتراصة أمامها، كأنها تبحث في كل عنوان عن إجابة، عن عزاء، عن أي شيء يُنقذها من الضياع الذي ابتلعها منذ رحيله.^^^
^^^صوت تقليب الصفحات من القرّاء حولها كان أشبه بنبض حيّ، يعيدها إلى واقعها كلما غرقت في شرودها. مضى على ذلك اليوم المرير أسابيع، لكن أثره ما زال حادًا كطعنة لم تلتئم.^^^
^^^“هل كان حبًا؟ أم مجرد وهمٍ جميل؟”^^^
^^^“هل خانني؟ أم كنت أنا من وثق أكثر مما يجب؟”^^^
^^^أسئلة كثيرة ما زالت تحوم في عقلها، لكنها كانت قد بدأت شيئًا جديدًا… شيئًا لا علاقة له به.^^^
^^^التحقت بدراسة المحاماة، ولم يكن ذلك بدافع الشغف فقط، بل لأنها أرادت أن تُنقذ الآخرين من الألم، لأنها أرادت أن تُنقذ نفسها.^^^
^^^في كل صباح، كانت ترتدي سترتها البنية، تحمل دفتر ملاحظاتها، وتتجه إلى المكتبة قبل الدوام الجامعي. كانت تجد في رائحة الكتب شيئًا يربت على قلبها المكسور، وفي ترتيب الرفوف راحة تشبه ترتيب الفوضى داخلها.^^^
^^^ذات مساء، وبينما كانت تُسجّل بطاقات الاستعارة، رنّ هاتفها.^^^
^^^نظرت إلى الشاشة… كان اسم “لين” يضيء.^^^
^^^ردّت بصوت خافت:^^^
^^^– “مرحبًا، لين…”^^^
^^^– “أرينا، قلقت عليكِ… هل أنتِ بخير؟”^^^
^^^ترددت قليلًا، ثم قالت:^^^
^^^– “لا اعرف إذا يمكن أقول إني بخير… لكن أحاول.”^^^
^^^أرينا بدأت تفتح قلبها مجددًا. لا للحب… بل للحياة.^^^
^^^أخبرت لين بكل شيء، عن الشك، عن الصورة، عن ليلة الخميس التي غيّرت كل شيء.^^^
^^^بكت، ولين استمعت. لم تقاطعها، لم تُلقي عليها كلمات عزاء جاهزة. فقط كانت هناك… وهذا كان كافيًا.^^^
^^^في تلك الليلة، عادت أرينا إلى غرفتها، أغلقت الباب، وجلست على الأرض قرب النافذة.^^^
^^^فتحت دفتر ملاحظاتها، وكتبت:^^^
^^^“أنا لست بخير… لكنني لن أبقى هنا إلى الأبد.”^^^
^^^“قد أكون انكسرت… لكني لم أمت.”^^^
^^^“سأعود… أرينا التي كانت، ستولد من جديد.”^^^
✨✨✨✨
...----------------...
... "حين غدرتني الحياة"✨...
^^^لم تكن الأرصفة قد غسلت آثار خطاهم بعد…^^^
^^^ولا القلوب قد نسيت من عبرها ذات وداع،^^^
^^^لكن الحياة تمضي، رغماً عن كل حنين، عن كل سؤال عالق.^^^
^^^كانت أرينا قد بدأت تعود إلى نفسها، ببطء… وبشكل مؤلم.^^^
^^^أصبحت تعمل في قسم الأطفال داخل المكتبة، وهناك… وجدت شيئًا يعيدها إلى الحياة:^^^
^^^ضحكة الاطفال، عيون مليئة بالدهشة، وأسئلة لا تنتهي.^^^
^^^كانت تجلس كل مساء على سجادة القِصص، تقرأ للأطفال حكاية ما، وتراقب كيف تتألق أعينهم، كيف يُصفقون عند نهاية كل حكاية وكأنهم لا يعرفون أن العالم أحيانًا لا يمنح نهاية سعيدة.^^^
^^^وفي كل طفل كانت ترى شيئًا فقدته… كانت تتعامل معهم كأنها تُحب نفسها من جديد من خلالهم.^^^
^^^تُعلّمهم الحروف، وتُرّتب لهم الكتب، وتحكي لهم عن الأمان كما كانت تتمنى أن يُحكى لها.^^^
^^^أما لين، فقد تحولت من تلك الفتاة الصامتة، إلى أكثر فتاة طموحة عرفتها أرينا.^^^
^^^كانت كل صباح تكتب على دفترها الخاص:^^^
^^^“إلى الله أشتكي وجعي، وإليه أسند قلبي.”^^^
^^^أصبحت لين تكتب كثيرًا… عن الفقد، عن الحياة، عن الحب الذي لم يكتمل.^^^
^^^وكانت كلماتها تبكيها أحيانًا، لكنها كانت تُكمل الكتابة، لأنها شعرت أن في كل سطر تكتبه… شفاء.^^^
^^^في إحدى الليالي، كانت أرينا تنظف قاعة الأطفال بعد يومٍ طويل.^^^
^^^دخل طفل صغير، ربما في الخامسة، وقال لها بصوت خافت:^^^
^^^– “آنسة، اين امي؟ قالت انها ستنتظرني هنا…”^^^
^^^نظرت إليه، ثم جلست على ركبتيها وقالت:^^^
^^^– “رح تجي، لا تخاف… بس لو تأخرت، يمكنك البقاء معي ؟ نقرأ قصة سوا؟”^^^
^^^ابتسم الطفل، وهزّ رأسه.^^^
^^^وفي داخله، كانت هي التي تحتاج أن تُخبر نفسها بذلك:^^^
^^^“لو تأخر الفرح، لو غاب من نُحب، يمكننا أن نكمل الطريق… ولو وحدنا.”^^^
^^^وفي نهاية اليوم، كتبت أرينا في دفترها:^^^
^^^“ما زلت أتعلم كيف أبتسم رغم كل شيء، وكيف أقول لنفسي: الحياة لا تنتهي عند فقد… بل تبدأ من جديد، ولكن بطريقة أخرى.”^^^
✨✨✨✨
...----------------...
Comments