الجدار يتحطم ببطأ ....

جاك وهو يقف أمام المرآة، يزرّر قميصه الداكن بسرعة ثم يرتدي جاكيت جلدي أسود، تنسدل منه سلاسل حديدية خفيفة.

تبدو عليه علامات التوتر المكبوت، عينيه ثاقبتان، وشعره الأشقر مبعثر لكنه قاتل الوسامة.)

(يمد يده ناحية الطاولة، يلتقط مسدسًا أسود لامع، يدخله داخل الحزام الجانبي عند خصره بدقة…

ثم يأخذ نفسًا عميقًا، وكأنه على وشك الدخول في حرب شخصية لا تشبه أي حرب.)

جاك (يتمتم وهو ينظر لنفسه في المرآة):

"أين أخفيتوه؟ أبي ليس قطعة شطرنج…

أنا لست ابنًا سهلاً يا سادة."

(يضغط على زر في الجدار، فيُفتح باب سري يقوده إلى الطابق السفلي.

درج حديدي طويل… كل درجة فيه تُصدر صريرًا.

صوت خطوات جاك وحده يكفي ليصمت الهواء.)

(يفتح بابًا حديديًا، فيُسمع صوت صراخ خافت… ثم يعلو أنين.

في الداخل، ثلاث رجال مربوطين على كراسي من الحديد، وأجسادهم منهكة، وجوههم مغطاة بالكدمات.)

(يسير جاك إليهم بخطى ثابتة، يتوقف أمام أحدهم، ينحني قليلًا… ثم يهمس بصوت ناعم وخطير):

جاك:

"صباح الخير يا كلاب."

(لا يرد أحد.

ينظر جاك للحارس بجانبه… يومئ له بعينيه فقط.

يضرب الحارس الرجل الأول بلكمة عنيفة تجعل رأسه يرتطم بالجدار.)

جاك (ينظر للرجل الآخر):

"أعطني اسمًا. واحد فقط.

مكانًا. مدينة. حتى همسة."

الرجل (يرتجف):

"جاك… أقسم… أقسم لا نعرف ! لقد اختفى فجأة! لا احد منا رآه منذ أسبوعين!"

(جاك يُخرج المسدس ببطء… وكأنه يُخرج سيجارة.

ثم يضع فوهته على فخذ الرجل الثالث الذي لم يتكلم بعد.)

جاك (بصوت بارد):

"أتعرف ما الذي يفعله الرصاص في العظام؟

يكسرها مثل العلكة… لكنه يتركها بداخلك، ترنّ مع كل خطوة…"

الرجل الثالث (يصرخ):

انتظر ! إنتظر ! يوجد شخص … اسمه فاليريو… هو آخر من رآي والدك! قال إنه كان ذاهب لبلدة قديمة، حدود ليتوانيا!"

جاك (يبتسم ابتسامة نصفها انتقام، ونصفها دم):

"أخيرًا… أحدكم قرر استخدام عقله بدلًا من أمعائه."

(ينهض جاك، ينظر إلى الحارس):

جاك:

"نظفوا المكان…

واتركوا من تكلم حيًا، سيحتاج ليفكر ألف مرة قبل أن يكذب مجددًا."

(ثم يسير خارج الغرفة، خطواته تعود لتلك الرنة القوية على الدرج…

لكن هذه المرة، يعرف تمامًا إلى أين يذهب ..........

بعد عده ساعات ......

(بيل تجلس على الأرض، مسندة ظهرها إلى حافة السرير، وذراعاها تطوّقان ركبتيها، وهي تنظر إلى الباب بخوف.

يدها لا تتوقف عن الرجف.

عيونها حمراء من البكاء، وشفاهها مجففة من الصمت الطويل.)

(ثم… صرير الباب يفتح ببطء.

جاك يدخل.

وجهه جامد.

عيناه باردتان مثل فوهة بندقية خرجت لتوّها من المعركة.

لكن أكثر ما يُخيف… كان المعطف الجلدي الأسود الذي يرتديه: ملطخ بالدماء…)

بيل (تهمس لنفسها في ذعر):

"يا إلهي… هذا ليس دمه.

لكنه عاد دون خدش…

هذا يعني أنه كان المنتصر.

كم مرة قتل الليلة؟"

(جاك يغلق الباب بقدمه دون أن ينظر إليها.

ثم يخلع معطفه ببطء، ويُسقطه على الكرسي.

ينزع قميصه الأبيض، الذي صار رماديًا من الدم الجاف.

يرميه بجانب المعطف.

صدره العاري مغطى بوشوم رمادية وسوداء… وقطرة دم واحدة زحفت من عنقه حتى كتفه.)

(ينظر إليها أخيرًا، وعيناه كأنهما تثقبان صدرها، ثم يتحرك نحوها.

تركع بيل على ركبتيها كما لو أن الموت اقترب.

لكن جاك… يجثو أمامها.

ويمد ذراعيه، ويحتضنها.)

جاك (بصوت أجش، منخفض، وكأن فيه شرخاً):

"ملاذي…

لا تبكي، لا تصرخي، لا ترجفي…

أنا هنا… أنا عدت إليكِ."

(صمت.

بيل لا تتكلم.

تتجمد في حضنه، كما لو أن جسدها يرفض التصديق.)

جاك (صوته يرتجف ببطء):

"لا أستطيع تحمّل دمعة واحدة من عينيكِ، يا عمري…

فكل دماء العالم لن تطهّرني… إن كانت عيناكِ هما من تلعناني."

(ثم يبتعد عنها ببطء…

يقف.

يمد يده نحو المعطف.

يتأمله، يضيق عينيه وكأنه يرى شبحًا على جلده.

ثم يشهق ساخرًا ويتمتم لنفسه وهو يلوّح به.)

جاك (بصوت مشبع بالغضب المكتوم):

"اللعنة… لقد امتلأ بالدماء مجددًا."

(ثم يلتفت إليها ويبتسم… ابتسامة لا تعرف إن كانت سخرية، أم وجعًا، أم عبثًا قاتلًا.)

جاك:

"نظّفيه… يا حوريّتي."

(تتجمد بيل.

تتردد.

لكنها، ببطء، تمد يدها وترفع المعطف من الكرسي.

دم بارد على أطرافه… وآثار تشبه بصمات أصابع غارقة في الدماء.

تمسك به بكلتي يديها، ترتجف، كأنها تحمل جثة.)

بيل (بصوت داخلي، كأنها تقرأ وصيتها):

"هذا المعطف…

ليس مجرد قماش.

إنه خريطة لجرائمك يا جاك…

كل طعنة، كل إطلاق نار، كل صرخة أخيرة… نُسجت بين خيوطه.

والآن…

أنا، من ظننتُ نفسي الضحية،

أُمسك به… وكأنني شريكة في الذنب."

(تمشي نحو الحمام بخطوات مترددة.

تغسل المعطف بهدوء شديد، قطعة قطعة، كأنها تطهّر نفسها، لا المعطف.

يديها تتحول إلى اللون الأحمر الوردي من البرد والدماء.

تشهق كلما لمست بقعة لم تذهب بعد.)

(تُغلق عيناها، وتهمس لنفسها):

بيل:

"متى أصبحتُ المنظفة لجرائم رجل لا أعرف من يكون حقًا؟

ولماذا… لا أهرب؟

هل لأنني خائفة؟

أم… لأنني وقعت في حب هذا الوحش؟"

(الخارج… جاك يقف أمام نافذته المفتوحة، يضع سلاحه على الطاولة، ويهمس لنفسه وهو ينظر إلى القمر:)

جاك:

"سأغرقكِ بدمائي، لا دماءهم…

فقط كي لا أبعدكِ عني.

اغضبي، ارتعبي، أبكِ…

لكن لا ترحلي....

بيل تُنهي غسل المعطف وتعلقه بلطف على المشجب قرب المدفأة.

أناملها شاحبة، مبللة.

تشعر ببرودة تسكنها، لكنها لم تخلع قميصها المبلل.

تلتفت نحو الباب… لا تزال تسمع أنفاس جاك في الخارج.)

(تتقدم نحوه بهدوء.

تجده واقفًا أمام النافذة… القمر ينعكس على ظهره العاري… خطوط كتفيه بارزة تحت ظل الليل، لكن…)

(… شيءٌ يلمع على كتفه الأيسر.

لونٌ أحمر قاتم.

جرحٌ مفتوح… لم تلتفت له من قبل، ربما لأنها كانت خائفة…

لكن الآن؟

كأن قلبها هو من صاح بدلًا منها.)

بيل (تلهث بفزع):

"جاك!!"

(يرتجف.

لا يلتفت.

يقبض على سور النافذة بقوة، كأنه لا يريد أن يواجهها…

لكنها تركض إليه.

تتخطى المسافات التي كانت حاجزًا من الألم والخوف والدم.)

بيل (بصوت يختلط بين الغضب والرجاء):

"أنت تنزف… جاك، أنت مصاب!"

(تضع يدها على كتفه، فينتفض جسده.

ثم يلتفت إليها ببطء.

وجهه جامد، عينيه معتمتان، لكن صوته… مكسور.)

جاك:

"مجرد خدش، لا تهتمي."

(تتراجع خطوة، وعيناها تغصان بالدموع.)

بيل:

"خدش؟ هل هذا ما تسميه؟! هناك دم، وهناك ألم، وهناك رجل يعود في منتصف الليل بكتفٍ ممزق ولا يكترث!!"

جاك (ينظر إليها بجمود):

"لستِ مضطرة للقلق… لستِ مسؤولة عني، بيل."

بيل (ترتجف، تتقدم نحوه مجددًا):

"لكنني… قلقة.

لا لأنني مضطرة… بل لأنني…"

(تتوقف.

تخفض نظرها.

جاك يرفع حاجبه… ينتظر أن تكمل، لكنها لا تفعل.)

جاك (بصوت منخفض):

"لأنكِ… ماذا؟"

(بيل ترفع عينيها إليه، وتهمس، وكأنها تعترف بشيء أخطر من الحب…):

بيل:

"لأنك كل ما لدي."

(صمتٌ… قاسٍ، كثيف.

كأن الزمن توقف ليستمع.)

(جاك ينظر إليها، شفتاه ترتجفان، لكنه يخفي ذلك بابتسامة ساخرة.

ثم يبتعد، يفتح أحد الأدراج، ويُخرج ضمادات.)

جاك (وهو يجلس على طرف السرير):

"تعالي إذن، دكتورة ملاذي… وضمّدي جنوني."

(بيل تقترب ببطء، تجلس خلفه.

تلتقط قطعة قطن، تضغطها على الجرح.

جاك يغمض عينيه.

شهقة صغيرة تخرج منه دون قصد، لكنها كافية لتكسرها من الداخل.)

بيل (بصوت مرتعش):

"من فعل بك هذا؟"

جاك (بهدوء مرعب):

"من بقي على قيد الحياة."

بيل (تهمس وهي تضع الضمادة):

"أنا لا أريد أن أراك تذوب في هذا الظلام يا جاك.

لا أريد أن يكون كل ما بيننا هو الدم والهرب والخوف.

هل تسمعني؟

أريد أن أنقذك… حتى لو لم تطلب ذلك."

(جاك يصمت.

ثم يدير وجهه إليها، وببطء… يضع يده على خدها.)

جاك (بصوت خافت):

"وإن كنتُ لا أريد النجاة؟

وإن كنتُ خلقتُ لأحترق؟"

بيل (تمسك يده وتقبلها):

"فدعني أحترق معك… لكن لا تدفعني بعيدًا."

(ينظر إليها… نظرة رجل ذاق من الجحيم ما يكفي ليشك بكل لمسة.

لكن تلك اللمسة… مختلفة.

فيها رجاء، وفيها حب… وفيها ذنب.

فيها بيل.)

(ثم… يهمس بصوت لا يكاد يُسمع):

جاك:

"هل تعلمين، بيل…؟

هذا الجرح…

لم يؤلمني حتى لمستِه."

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon