سرعان ما بدلت شيري ثيابها المبتلة، مرتدية الفستان الذي أعطتها إياه كلير. كان بسيطا ومريحا، وإن لم يكن بالجاذبية التي تفضلها.
عندما خرجت شيري من الغرفة، وجدت كلير تنتظرها بابتسامة دافئة. "أهلا بك مجددا. تبدين رائعة." قالت كلير، محاولة تخفيف التوتر.
"شكرا." أجابت شيري، وشعرت ببعض الارتياح لوجود شخص مثل كلير في هذا المكان الغريب. "هل انتهوا من الاجتماع؟"
"لا، لم ينته بعد. فيكتور لا يحب أن يقطع اجتماعاته." قالت كلير وهي تشير إلى الممر. "هيا بنا، لنعد إلى الطاولة."
سارت الاثنتان في الممر، وعادت شيري إلى قاعة الطعام الفاخرة، التي بدت الآن وكأنها ليست مجرد قاعة طعام، بل ساحة معركة مصغرة. الأجواء كانت قد عادت إلى طبيعتها، لكن شيري لمست التوتر الخفي في الجو. كانت نظرات ديانا عليها لا تزال حادة، لكنها حاولت تجاهلها.
عادت شيري إلى مقعدها بجانب ديانا. كانت الأحاديث تدور حول صفقات مالية ضخمة، واستثمارات معقدة. حاولت شيري أن تركز، لكن انتباهها كان مشتتا بين حديث الأعمال البارد، ونظرات ديانا، وبرود عمها فيكتور.
"إذا يا شيري، هل تفهمين كل هذه التعقيدات؟" سألت ديانا فجأة، بصوت بدا وكأنه سؤال بريء، لكنه حمل في طياته سخرية خفية، وكأنها تشكك في قدرات شيري.
نظرت شيري إلى ديانا مباشرة. "بالتأكيد. هذه هي طبيعة عملي." قالت بصوت واضح وثابت، رافضة أن تقع في فخ استفزازها.
لم تتغير ملامح ديانا، لكن لمعة في عينيها دلت على أن كلام شيري لم يمر مرور الكرام.
تدخل هنري، الرجل الضخم ذو الشعر الرمادي، لتغيير الموضوع. "على ذكر تعقيدات العمل، فيكتور، هل انتهيت من ترتيبات الشراكة الجديدة؟"
"كل شيء تحت السيطرة." أجاب فيكتور ببرود، وعيناه مثبتتان على الأوراق أمامه.
شعرت شيري بلسعة ألم عند سماع كلمة "شراكة". تذكرت العقد الذي وقعته، والسيطرة الكاملة لعمها على كل ما تملك.
انتهى الاجتماع بعد فترة وجيزة. نهض الجميع من على الطاولة، وتبادلوا كلمات الوداع الرسمية. كانت ديانا تودع فيكتور بابتسامة عريضة، وبعض التلميحات التي لم تفهمها شيري بالكامل.
"لا تنس دعوتي إلى حفل الافتتاح يا فيكتور." قالت ديانا، وابتسامتها موجهة هذه المرة إلى شيري بطريقة غامضة.
"بالتأكيد." أجاب فيكتور ببرود، وكأنه ينهي الحديث.
عندما غادر آخر الضيوف، التفت فيكتور إلى شيري. "هيا بنا." قال بصوت مقتضب، وتوجه نحو مخرج المطعم الفخم.
سارت شيري خلفه، تشعر بالإرهاق يسيطر عليها. لقد كان يوما طويلا ومربكا، ومليئا بالمواقف التي لم تستطع فهمها بالكامل. عندما وصلا إلى السيارة، دخلت شيري إلى المقعد الخلفي هذه المرة، تاركة فيكتور ليقود.
كانت السيارة تسير في صمت مطبق. شيري كانت تحدق من النافذة، تتأمل أضواء المدينة التي بدأت تظهر في المساء. كانت تفكر في ديانا، في نظراتها الغامضة، وفي كلامها عن أن تكون بمثابة "والدتها". ما الذي كانت تقصده؟ وهل كانت تعرف شيئا عن ماضي والدتها؟
فجأة، كسر فيكتور الصمت. "هل استمتعت بـ 'الدراما' اليوم؟" قال، ونبرته تحمل سخرية خفية.
نظرت إليه شيري بدهشة. "ماذا تقصد؟"
"ديانا." أجاب ببرود. "إنها تحب لفت الانتباه. ولا تحب أن يشاركها أحد الأضواء. خاصة عندما يتعلق الأمر بي."
عقدت شيري حاجبيها. "وهل هذا هو السبب في أنها سكبت علي الشراب؟"
"ماذا تتوقعين؟ إنها لا تحب المنافسة." قال فيكتور، ولم تكن نبرته تحمل أي تعاطف تجاه شيري. "على أي حال، لقد أثبتت اليوم أنك بحاجة إلى المزيد من التدريب. لا تتحدثي في اجتماعات هامة كهذه إلا إذا طلب منك ذلك."
شعرت شيري بالغضب يتأجج بداخلها مرة أخرى، لكنها لم تجد كلمات للرد.
Comments