بصيص أمل

بينما كانت شيري غارقة في يأسها، لمحت ضوء سيارة فارهة وغالية الثمن تقترب. توقفت السيارة على بعد أمتار قليلة من المطعم. وفي لحظة، انتابتها لذعة لاذعة، فقد أدركت أن الذي يقودها هو عمها فيكتور. حاولت أن تبتعد، أن تندس في الظلام، لكن الأوان كان قد فات.

ترجل فيكتور من السيارة ببطء، بملابسه الأنيقة. كانت عيناه الزرقاوان الحادتان مسلطتين عليها مباشرة. وقف للحظة، ثم رفع أحد حاجبيه بسخرية واضحة.

"ما هذا؟ ابنة أخي المرموقة، مرمية على الأرصفة كالمتشردين؟" قال فيكتور بصوت هافت، لكنه حمل في طياته سخرية لاذعة.

"ليس من شأنك يا عمي." ردت شيري بوجه محمر خجلا وغضبا.

"بالتأكيد هو من شأني الآن." تمتم فيكتور. "ألم تصبح كل ممتلكاتك تحت إدارتي؟ وهذا يشملك أنت، أليس كذلك؟"

قضمت شيري على شفتيها، تمنع نفسها من الانفجار. "لقد نسيت حقيبتي في المطعم. لقد أغلقوا أبوابهم."

"أوه، يا له من سوء حظ." قال فيكتور بتهكم، بينما فتح باب السيارة. "هيا، ادخلي. لدي موعد عمل مهم ولا يمكنني التأخر بانتظارك."

لم يكن أمام شيري خيار سوى الصعود إلى السيارة. قاد فيكتور السيارة في صمت، لكن صمته كان يضج برسائل غير منطوقة.

لم يمض وقت طويل حتى توقفت السيارة أمام مبنى فخم، يبدو وكأنه ناد خاص أو مطعم راق. كانت الأضواء ساطعة من الداخل، وأصوات خافتة تدل على وجود تجمع. شعرت شيري بالارتباك. ما الذي تفعله هنا؟

"هيا بنا." قال فيكتور، ونبرته لا تقبل النقاش. ترجل من السيارة، واتجه نحو المدخل، تاركا شيري لتتبعه.

دلفت شيري خلف عمها إلى قاعة واسعة، مزينة بذوق رفيع، حيث كان يجلس خمسة أشخاص حول طاولة مستديرة كبيرة. ثلاثة رجال وامرأتان. بمجرد دخولها، التفتت الأنظار نحوها.

"فيكتور، ظننت أنك ستتأخر." قال رجل ضخم، بدا وكأنه في الأربعينيات من عمره، وشعره رمادي اللون، مبتسما بترحيب. "من هذه الفتاة الجميلة؟"

قبل أن يجيب فيكتور، قاطعته امرأة ذات شعر أشقر طويل، وملامح حادة لكنها جذابة، كانت تجلس على الجانب الآخر من الطاولة. كانت ديانا. نظراتها كانت حادة ومباشرة، وكأنها ترغب في فحص شيري من الداخل والخارج. لمعت عيناها بلحظة فضول غريب، ممزوج بشيء يشبه النية السيئة.

"من هي هذه، فيكتور؟" سألت ديانا، نبرتها تحمل تملكا خفيا، وكأنها تتوقع أن يكون فيكتور ملكا لها.

"هذه ابنة أخي، شيري." قال فيكتور ببرود، نبرته خالية من أي عاطفة. "كان لديها مشكلة صغيرة، وقد أحضرتها معي."

لم يتغير تعبير ديانا عندما سمعت كلمة "ابنة أخي"، لكن نظراتها استمرت في اختراق شيري. فجأة، ابتسمت ابتسامة عريضة، ابتسامة باردة لم تصل إلى عينيها. "آه، ابنة أخيك. بالطبع." ثم مدت يدها نحو شيري، وحركة مفاجئة غير متوقعة، سحبتها من ذراعها لتجلس بجانبها، بعيدا عن فيكتور. "اجلسي هنا يا عزيزتي. تبدين متعبة."

شعرت شيري بالارتباك من تصرف ديانا المفاجئ والغامض، لكنها لم تستطع الرفض. جلست بجانب ديانا، التي لم تزل نظراتها تلاحقها.

"إذا، ابنة أخيك." قالت ديانا، وقد خفضت صوتها قليلا، وكأنها تتحدث إلى شيري وحدها. "مرحبا بكِ في هذا العالم، يا صغيرتي."

"شكرا." أجابت شيري، وهي تشعر بعدم الارتياح من هذا الاهتمام المفاجئ.

"لقد تحدثت كثيرا مع عمك فيكتور عن الحياة، وعن المسؤوليات." تابعت ديانا، وعيناها مثبتتان على شيري، وكأنها تحاول إرسال رسالة خفية. "خاصة بعد أن يصبح الإنسان مسؤولا عن شخص آخر. إنه أمر كبير."

كان فيكتور يتابع المحادثة ببرود، دون أن يبدي أي اهتمام خاص. بينما كان الرجلان الآخران، هنري وماركو، والمرأة الأخرى، كلير، يتبادلون النظرات في صمت، يبدو أنهم اعتادوا على ديناميكية ديانا وفيكتور.

"نعم، إنه كذلك." قالت شيري بأسى، وقد تذكرت عقد وصاية عمها.

"وبما أن عمك فيكتور هو بمثابة والدك الآن،" قالت ديانا، نبرتها تحمل تلميحا غامضا، "فربما سأكون أنا بمثابة والدتك، أليس كذلك؟" وأتبعت كلامها بابتسامة خفيفة، لكن عينيها كانتا تشعان ببرودة.

تجمدت شيري في مكانها. "ماذا؟" قالت بصوت خافت، غير مصدقة ما تسمعه.

لم تجب ديانا مباشرة، بل رفعت كأسها لترتشف منه. "أعني، مجرد مساعدة، دعم، فهم." قالت ببطء، وكأنها تتذوق كل كلمة.

تدخل فيكتور فجأة، صوته البابع قطع الحديث بنبرة حادة. "ديانا، ركزي على الاجتماع، من فضلك."

عادت ديانا بنظراتها إلى فيكتور، ثم ابتسمت ابتسامة باردة. "بالتأكيد، فيكتور. مجرد حديث ودي مع ابنة أخيك."

شعرَت شيري بضيق لا يوصف. كانت نظرات ديانا تحمل شيئا من الغيرة والتملك، وكأنها ترى في شيري تهديدا لمكانتها بجانب فيكتور، حتى لو كانت مجرد ابنة أخيه. هذا الموقف الغريب زاد من إحساس شيري باليأس من وضعها الجديد.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon