لعبة انتهت.. قلوب بدأت

وفي صباحٍ اليوم التالي بعد عودة نور من المستشفى، استيقظت الأم على رائحة فانيلا ذكية تنساب من المطبخ. وجدت المشهد التالي:

ليان يقف أمام الموقد، يقلب كعكة بإتقان، وجهه مرتسم بالتركيز.

ياسمين تنثر السكر الأبيض فوقها كثلج أول الشتاء، ضاحكةً كلما علق بعضه على أنفها.

نور تقف عند الباب تلتقط الصورة بهاتفها القديم، ورأسها مربوط بضمادة بيضاء تذكرهم بالأمس المؤلم.

الأم (تضم يديها إلى صدرها وكأنها تحفظ هذه اللحظة في قلبيها):

"ما مناسبة هذا الاحتفال؟"

ليان يرفع اللوح الأبيض الذي تعلموا جميعاً قراءته الآن:

"لأننا اكتشفنا أن الحياة...

حلوة كالفانيلا..

وحامضة كالدموع..

وأحياناً..

تستحق أن نُربط جراحنا ونخبزها كعكة."

ثم أشار إلى رأس نور المربوط، وكتب بإضافة:

"وشكراً لأنكم لم تتركوني وحدي في المحطة."

وبعد هذه الجمله، أغلق ليان دفتره، وأمسك يد نور وياسمين بقوة، وخرجوا معًا إلى شمس الصباح الدافئة.

في الطريق إلى المدرسة:

نور تقفز فوق أحجار الرصيف المرصوصة كطفلة، ضمادتها البيضاء ترفرف مثل فراشة مصابة.

ياسمين تُقلِّد مشية مازن الساخرة (مما يجعل ليان يهتز ضاحكًا دون صوت).

في الفرصه يجلس ليان وحيدًا في فناء المدرسة بعيدًا عن الإزعاج يكتب في دفتره ، اقترب منه مازن ومجموعته كالعادة.

لكن هذه المرة... كانت نظرة ليان مختلفة.

مازن ضحك وهو يدفع كتفه:

"ما بك يا أصم؟ هل تريد حلوى أخرى؟"

لكن ليان لم يبتسم.

بدلاً من ذلك، أخرج دفتره الأسود وكتب بخط كبير:

"أكرهكم."

ثم قلب الصفحة وكتب:

"لقد دمَّرتم حياتي... لماذا؟ أنا لم أفعل شيئًا لكم."

الصمت ساد للحظة... حتى مازن لم يعرف كيف يرد.

---

مازن حاول السخرية مرة أخرى:

"هل تعتقد أن الكتابة ستغير أي شيء؟"

لكن ليان لم يتراجع.

كتب مرة أخرى:

"لن أسمح لكم بإيذائي بعد اليوم...

إذا لم تتوقفوا... سأخبر المدير، والشرطة، وسأجعل الجميع يعرفون من أنتم حقًا."

الكلمات كانت واضحة... وخطه لم يرتعش هذه المرة.

---

الكلمات انتشرت في المدرسة كالنار في الهشيم.

المعلمون بدأوا بمراقبة مازن عن كثب.

الأطفال الذين كانوا يخافونه بدأوا يتجنبونه.

حتى أصدقاؤه تخلوا عنه... خوفًا من العقاب.

مازن شعر بالوحدة لأول مرة.

---

في اليوم التالي، جاء مازن إلى ليان وحاول أن يقول شيئًا...

لكن ليان أدار ظهره ومشى بعيدًا.

مازن لم يعتذر أبدًا لأنه نادم...

بل لأنه خائف من العواقب.

---

عندما رأت نور وياسمين ما حدث، قررتا حماية ليان بطريقتهما:

نور وقفت أمام مازن وقالت له:

"إذا اقتربت من أخي مرة أخرى...

سأجعل حياتك جحيمًا."

ياسمين أخذت يد ليان وكتبت في دفتره:

"أنت لست ضعيفًا...

أنت أقوى من كل هؤلاء."

ليان لم يعد ذلك الطفل الخائف...

الآن، هو يعرف أن لديه من يحبونه... ومن يدافعون عنه.

وفي اليوم الأخير من المدرسة، نظر إلى مازن من بعيد...

ولم يبتسم.

لأنه لم يعد مضطرًا.

بعد أسابيع من تجنب الجميع له، وجد مازن نفسه وحيدًا في مقعد الحافلة المدرسية ، بينما كان الجميع يضحكون مع ليان وياسمين.

في أحد الأيام، رأى ليان من بعيد وهو يُصلح نظارته المكسورة بشريط لاصق...

تذكر كيف كسرها بيديه، وكيف ضحك يومها.

شعر بشيء غريب في صدره... شيء أشبه ب"مسمار"يخزه كلما تنفس.

ذهب إلى دكان الحلويات واشترى أغلى علبة حلوى ، ثم إلى محل النظارات واختار إطارًا أزرق يشبه الذي كان يلبسه ليان قبل أن يُكسره.

---

في فناء المدرسة، اقترب مازن من ليان كالمذنب الذي يسير على جمر.

وضع الحلوى والنظارات الجديدة أمامه، ثم قال بصوت خافت:

"هذه... لك."

الصف كله توقف... حتى ياسمين ونور تجمدتا في مكانهما.

ليان نظر إلى الهدية... ثم إلى مازن.

لم يبتسم.

فتح دفتره الأسود وكتب ببطء:

"لا أريدها."

مازن احمرّ وجهه: "لكنها جديدة! أفضل من التي..."

توقف عندما رأى عيني ليان... العينان اللتان تعرفان الحقيقة.

أخذ ليان الصفحة الأخيرة من دفتره ومزقها.

كتب عليها:

"عذرًا...

لكن الحلوى لا تصلح السماعة المكسورة.

والنظارات الجديدة لا تصلح عينيّ.

وهديتك لا تصلح قلبي.

شيء واحد يكفيني الآن...

أن تبتعد عني."

أعطى الورقة لمازن... ثم مشى بعيدًا.

---

وقف مازن كتمثال من ملح ، الورقة في يده ترتجف.

نظر حوله فرأى:

- ياسمين تنظر إليه باحتقار.

- نور تهمس لأخيها: "أخيرًا تعلمت أن تقول لا."

- الأطفال الذين كانوا يخافونه يتحولون عنه كأنه شبح.

في تلك اللحظة... فهم.

فهم أن ليان لم يكن الضعيف أبدًا...

كان هو الضعيف الحقيقي.

---

قبل أن يغادر، وضع مازن النظارات الجديدة والحلوى في سلة المهملات.

نظر إلى ليان للمرة الأخيرة...

ورأى شيئًا لم يره من قبل:

ليان كان يضحك مع ياسمين...

ضحكة حقيقية...

ضحكة لم تكن له.

عاد مازن مرة أخرى..

هذه المرة بسماعات طبية فاخرة ، و دفتر جديد مغلف بالجلد ، وحتى علبة ألوان مائية (تلك التي كان ليان يحدق بها في النافذة كل يوم).

وضعها كلها أمام ليان، عيناه تترقبان ردة فعله .

لكن ليان لم يلمسها.

بل فتح دفتره القديم (ذاك الممزق)، وكتب:

"لا أريد شيئًا...

إلا كلمة واحدة صادقة."

ثم أشار إلى فمه ، ثم إلى أذنيه...

"كلمة أستطيع سماعها...

وكلمة تستطيع قولها."

---

فتح مازن فمه...

لكن لم يخرج شيء .

جرب مرة أخرى، لكن كلمة "آسف" تشبثت بحنجرته كشوكة عالقة .

الأطفال بدأوا بالتجمع حولهما، ياسمين تقترب كالنمرة المستعدة للانقضاض، لكن نور أوقفتها بإشارة: "دعيه يحاول".

أخيرًا، همس مازن:

"أنت... تستحق أكثر من هذا."

ليان هز رأسه رفضًا .

هذه ليست الكلمة التي ينتظرها .

فجأة... انحنى مازن على ركبتيه ، عيناه تدمعان ، يداه ترتجفان .

"آسف...

آسف لأني كسرت نظارتك.

آسف لأني مزقت دفترك.

آسف لأني جعلتك تبتسم وأنت لا تريد.

...

آسف لأني كنتُ الجبان، لا أنت."

الصف صَمَت .

حتى زقزقة العصافير توقفت.

---

نظر ليان إلى مازن...

ثم أخذ علبة الألوان المائية فقط ، وكتب على ورقة:

**"هذه... أقبلها.

لأنها تشبه الألوان التي كنت أراها قبل أن أفقد سمعي.

أما الباقي...

قم بإعطاءه لطفل آخر...

وكن له صديقًا هذه المرة."

---

حمل مازن السماعات والدفتر الجديد...

ومشى بعيدًا بخطوات ثقيلة .

لكن قبل أن يختفي، التفت إلى ليان وقال:

"يومًا ما... سأكون جديرًا بكلمة 'صديقي'."

بعد اعتذار مازن، بدأ ليان يكتب أكثر من أي وقت مضى .

- لم يعد يستخدم الدفتر للاختباء... بل

ليصنع عالمه الخاص.

- حتى أنه بدأ بتعليم الأطفال لغة الإشارة في المدرسة.

- وياسمين ساعدته في نشر قصصه المصورة عن طفل يفقد سمعه لكنه يكتشف أن قلبه يسمع أكثر من أذنيه.

---

- أما مازن أصبح يزور مدرسة لضعاف السمع كل أسبوع كمتطوع.

- في أحد الأيام، رأى طفلاً يُنادي الجميع "يا صديقي" فانفجر في البكاء.

- أرسل لليان رسالة:

"الآن عرفت كم كان وجهك مؤلمًا حين كنت أضحك."

---

. نور... تتعلم أن تحمي بأقل قسوة

- توقفت عن تهديد كل من يقترب من أخيها.

- بدأت تتعلم لغة الإشارة بجدية، حتى أنها ترجمت خطاب ليان في حفل التخرج.

- في الليل، تزحف إلى غرفته وتضع يدها على كتفه... وكأنها تقول "أنا هنا" دون كلام.

---

... ياسمين وليان... جسر بين عالمين ...

- في عيد ميلاده، أعطته مفتاحًا صغيرًا على شكل أذن.

"هذا لمملكتك الجديدة... حيث الكلمات ليست مهمة."

- أصبحا يثقبان جدار الصمت كل يوم:

هي تعلمه أن يغني من جديد (رغم أنه لا يسمع صوته).

هو علمها أن ترسم المشاعر كما يراها هو (بلا ألوان زاهية).

---

في محطة القطار المهجورة (نفس المكان الذي كادت نور تموت فيه):

- ليان يضع سماعته القديمة المكسورة على السكة.

- ياسمين تضع بجانبها علبة حلوى وردية (تلك التي رفضها من مازن).

- نور تمسك يديهما وتقول:

"القطار لن يأتي... لكننا سنسافر معًا بأي حال."

يبتسم ليان... وهذه المرة، الابتسامة حقيقية.

وفي ليلة احتفال المدينة بالألعاب النارية السنوية، وجد ليان ظرفًا ورديًا في حقيبته.

داخله تذكرة دخول إلى أفضل مكان لمشاهدة الألعاب النارية، مكتوب عليها:

"اليوم... سأجعل عينيك تسمعان الألوان مرة أخرى."

التوقيع: ياسمين، نور، مازن.

. اللقاء على ضفة النهر

- ياسمين ترتدي وشاحًا أصفر (لون الفراشة التي كان ليان يطاردها في طفولته).

- نور تحمل علبة حلوى وردية

(تلك التي رفضها من مازن سابقًا).

- مازن يقف بعيدًا قليلًا... يحمل سماعة طبية جديدة ملفوفة كهدية.

قبل أن تبدأ الألعاب النارية، يقدم مازن هديته لليان، ويقول:

"هذه... ليس لتعويض ما كسرته. بل لأنك علمتني أن أسمع أيضًا."

ليان يفتح العلبة... فيجد سماعة سوداء ، مكتوب داخلها:

"الآن... أنت صديقي الحقيقي."

. الألعاب النارية التي "سمعها" الجميع

عندما انفجرت الألوان في السماء:

- ليان يمسك يد ياسمين بيمينه، ويد أخته بيسراه...

ويضحك.

- نور تهمس في أذنه: "أخيرًا... عادت ألوانك."

- مازن ينظر إلى السماء، ويدمع لأول مرة منذ كان طفلًا.

الجميع ينظرون للأعلى، لكن الكاميرا تلتقط:

- انعكاس الألعاب النارية في نظارات ليان... كأنها رقصات من نور.

- يد ياسمين وهي تضع كلمة "أحبك" بلغة الإشارة على كتفه.

- مازن في الخلفية... يبتسم ،

بعد حفل الألعاب النارية، يجلس ليان في غرفته تحت ضوء مصباح خافت. أمامه الدفتر الأسود (نفس الدفتر الممزق الذي أصلحه)، يقلب صفحاته ببطء، ثم يتوقف عند الصفحة الأخيرة الفارغة.

يأخذ قلمه المفضل (الهدية التي أهدته إياها ياسمين)، ويكتب:

"أخيرًا...

تعلمت أن بعض الكلمات

لا تحتاج إلى صوتٍ كي تُسمع.

— ليان"

ثم يُغلق الدفتر بهدوء... ويبتسم.

الأم تبتسم وهي تعد الكعك وهي تبتسم.

ياسمين : تراقبه من الباب... تضع يدها على قلبها وتهمس: "هذا كل ما أردته لك."

- نور: تُمسك بالدفتر في اليوم التالي، تقرأ السطر... وتضيف تحته بقلم أحمر :

"وأنا تعلمت أن بعض الأخوة لا تحتاج إلى كلمات أصلًا."

- مازن: عندما يعطي له ليان نسخة من الكتاب المطبوع لاحقًا، يجد إهداءً داخله:

"لصديقي... الذي علمني أن العدالة تبدأ بالغفران."

..."ومن تلك الليلة... ...

...كانت الصمَتَ ألوانًا، ...

...والكلماتُ انفجارات ضوء، ...

...والقلوبُ... ...

...أخيرًا تعلّمت أن تنبض بلغة واحدة."...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon