فصل 5

"في الليلة التي سبقت حفل الوداع؟"

للأسف، لم تكن ليليث تهتم بهذا الرجل كثيرًا.

لم يكن من الممكن أن تتذكر محادثة بسيطة كتلك.

رفعت ليليث ذقنها بغرور وكأنها تتحداه أن يكمل.

"قلتِ لي إنه إذا عدتُ حيًّا، ستقبلين أي أمنية أطلبها."

أوه... ربما قالت شيئًا كهذا بالفعل.

لكن، لم تكن لديها النية في الوفاء بهذا الوعد منذ البداية.

لقد أرادت أن يموت هناك.

"نعم، أظنُ أنني قلتُ ذلك."

أومأت ليليث ببطء.

"إذًا، هل تخطط الآن لإخباري بما تريد؟"

صمت زينون للحظة ونظر إلى وجهها.

كانت نظراته الحادة، التي لم تحمل أي تردد،

موجهة مباشرة إليها.

وبينما شعرت بحرارة تلك النظرات، فكرت ليليث في الأمر.

ما الدافع وراء إثارته لهذا الموضوع الآن؟ هل يخطط حقًا للزواج من روزالين؟

كان الأمر يسبب لها صداعًا،

لكنها شعرت في نفس الوقت أن هذه اللحظة كانت لا مفر منها.

إذًا، هل كانت الشائعات عن زواجه من الأميرة إيلين مجرد هراء؟

لم يكن هذا مفاجئًا إذا كانت الشائعات الاجتماعية مجرد أكاذيب.

في ذهنها، كانت توازن بين السيناريوهات المحتملة،

بين زواج الرجل من روزالين أو زواجه من الأميرة.

كلاهما كارثي بالنسبة لها، والمسألة كانت مجرد اختيار أيهما أسوأ.

"هذا مثيرٌ للاهتمام. أنا متحمسة جدًا لمعرفة ما ستكون أمنيتك."

قالت ليليث بوجه خالٍ تمامًا من التعبيرات.

ثم تابعت، موجهة حديثها إلى زينون الذي ما زال صامتًا وغير مستعدٍ للحديث.

"لكن، يبدو أنك لست مستعدًا لإعلان أمنيتك الآن.

سأذهب الآن. إذا شعرت برغبة في التحدث لاحقًا، يمكنك أن تأتي."

بالطبع، ما قصدتُه حقًا هو لا تأتِ أبدًا.

استدارت ليليث تمامًا وغادرت الشرفة.

هذه المرة، لم يحاول زينون إيقافها.

***

"ليليث، هل أنتِ بخيرٍ الآن؟"

كان الشخص الذي استقبلها عند عودتها إلى قاعة الحفل هو كارل.

أومأت ليليث برأسها وأخذت الكأس من يده كما لو كانت تنتزعه.

بعد أن ارتشفت قليلًا، شعرت وكأنها استعادت بعض هدوئها.

حتى الغضب الذي كان يشتعل في قلبها بدأ يهدأ قليلاً.

أغلقت ليليث عينيها وهمست وكأنها تحدث نفسها.

"لقد التقيتُ به."

"ماذا؟"

"لقد تحدثتُ مع زينون ماير."

اتسعت عينا كارل بدهشة.

"كيف حدث ذلك؟"

شرحت ليليث الموقف بإيجاز.

وبعد أن استمع كارل إلى القصة كاملة بدأ يتمتم لنفسه.

"من كان ليصدق أنكِ وعدتِه بشيء كهذا."

تناولت ليليث رشفة أخرى من النبيذ، ثم وضعت الكأس بهدوء على الطاولة.

زينون ماير.

الرجل الذي كان يومًا عبدًا لأختها الصغرى، وأصبح الآن بطلاً.

كان اللقاء الأول بينهما بعد أربع سنوات تمامًا كما توقعت غير مريح.

رغمًا عنها، تخيلت ليليث وجهه. وفي اللحظة التي تلاقت فيها أعينهم في مخيلتها،

أدركت أنها لا تزال تحمل بداخله غضبًا لم ينطفئ.

كيف يجرؤ على قولِ شيءٍ كهذا لي!

كل شيء يتعلق به كان متجاوزًا للحدود،

لكن أكثر ما أزعجها هو كلماته الأخيرة.

لم تستطع أن تصدق كيف تجرأ على وضعها في مرتبةٍ أدنى.

ضغطت ليليث أسنانها لا إراديًا من الغضب.

"إذًا، ما الذي تخططين لفعله الآن؟"

سألها كارل، وكأنه غير قادر على مقاومة فضوله حتى في مواجهة مشاعرها المؤلمة.

نظرت إليه ليليث بنظرة ملؤها الانزعاج، ثم غرقت في أفكارها.

كانت تريد أن تتجاهل الأمر تمامًا. وعدٌ كهذا، بالكاد تتذكره، لم يكن يعني لها شيئًا.

لكن، إذا طلب زينون أمنيته نفسها من الإمبراطور،

فسيكون الوضع مختلفًا تمامًا.

الإمبراطور كان قد وضع اسمه على هذا الوعد.

وبالتالي، كانت الأمنية ستتحقق بأي ثمن.

كان من الواضح أن الإمبراطور سيضمن ذلك بأي طريقة.

إذاً، هل كانت ليليث تمتلكُ حقًا خيارًا في هذا الأمر؟

كانت ليليث متشككة.

أمنية زينون ماير تبدو وكأنها ستتحقق، بغض النظر عن رأيها.

"حسنًا، علينا أن ننتظر ونرى."

رد كارل بإيماءة صغيرة وعبس بخفة وكأنه محبط من إجابة ليليث.

تجاهلت ليليث ردة فعله، غير راغبة في مجاراته.

وبحلول ذلك الوقت، كانت أجواء الحفل قد بلغت ذروتها.

الأشخاص الذين كانوا يلقون نظرات جانبية مليئة بالسخرية على ليليث في البداية،

انشغلوا الآن بالاستمتاع بالحفل، يتبادلون الضحكات والأحاديث الصاخبة.

وسط هذا الصخب، وقفت ليليث بهدوء في زاوية،

تراقب ما حولها.

دون وعي، اتجهت عيناها نحو روزالين.

كانت روزالين تقف بجانب زينون ماير.

بابتسامتها التي كانت تبدو وكأنها الأكثر إشراقًا وسحرًا في القاعة،

كانت تضحك بسعادة وهي تتحدث معه.

في الواقع، كان الاثنان أشبه بنجميِّ الحفل.

الجميع كانوا ينظرون إليهما بإعجاب ورضا وهما يتبادلان الأحاديث الحميمة.

'هل يمكن أن تكون أمنية زينون تتعلق حقًا بروزالين؟'

إذا كان الأمر كذلك، فقد حان الوقت لتقييم الفوائد والخسائر بعقلانية.

لطالما اعتقدت ليليث أن زينون لا يناسب روزالين. مكانته المتواضعة،

وحقيقة أن الشيء الوحيد الذي يميزه هو وسامته، كانت أسبابًا كافية لرفضه في نظرها.

لكن ذلك الحكم كان متحيزًا ومليئًا بالعواطف.

زينون، الذي نجا من الموت، لم يعد عبدًا.

كان على وشك أن يُمنح لقبًا نبيلاً قريبًا،

وسيحصل على ثروة ضخمة كمكافأة لانتصاره.

أضف إلى ذلك لقبه كـ"بطل قومي" الذي أنقذ البلاد من أزمة،

وهو لقب حتى الإمبراطور نفسه قد يحسده عليه.

في ظل هذه الظروف، هل يمكن القول إن روزالين "أفضل" منه؟

كانت ليليث تحب أختها كثيرًا، لكنها لم تكن غافلة عن الواقع.

لم يعد هناك أي مبرر لمنع هذا الزواج.

لذلك، كان من الأفضل أن تحسب المكاسب التي قد تجنيها إذا تزوج زينون من روزالين.

هدأت ليليث نفسها،

وأخذت تفكر بعقلانية. ومع هذا الهدوء، بدأت أفكارها تصبح أكثر منطقية.

"يدخل الآن جلالة الإمبراطور!"

قاطع صوت من مدخل القاعة أفكارها،

والتفتت ليليث بشكل غريزي نحو مصدر الصوت.

كان دخولاً مهيبًا، يليق بحاكم البلاد.

انحنى جميع الحاضرين في القاعة بأكملهم في نفس الوقت تحيةً للإمبراطور،

وكذلك فعلت ليليث.

"يمكنكم أن ترفعوا رؤوسكم."

بإشارة بسيطة من الإمبراطور، رفع الجميع رؤوسهم.

فتح الإمبراطور، الذي كانت خصلات شعره البيضاء تضفي عليه هيبةً،

فمه مبتسمًا بلطف.

"إنها ليلةٌ رائعة حقًا، أليس كذلك؟"

رد الجميع بابتسامات متوافقة،

وضحكات خفيفة تناغمت مع جو الحفل.

كانت البهجة واضحة على وجه الإمبراطور وهو يتحدث بنبرة مليئةً بالرضا.

"كما تعلمون جميعًا،

فإن هذا الحفل أُقيم للاحتفال بنصر إمبراطوريتنا العظيم."

وجّه الحاضرون أنظارهم نحو أفراد الكتيبة المنتشرين في أرجاء القاعة.

أخذ الإمبراطور جولة بعينيه حول القاعة قبل أن يبتسم.

"أودّ أولًا أن أرفع كأسي تكريمًا لأبطالنا العظماء الذين عانوا في رحلتهم الطويلة."

رفع الإمبراطور الكأس الذي قُدّم له من قبل أحد الخدم و هتف.

"لأجل الأبطال العظماء!"

وبعد ذلك، بدأ الخطاب الاحتفالي.

وقفت ليليث متكئة على ذراعيها،

وقد ارتسم على وجهها تعبير يُظهر شعورها بالملل من الخطاب.

كان الإمبراطور الحالي، كارتنون أوفاليس، معروفًا بأنه غير رسمي ومتواضع.

ورغم أن ليليث كانت تُكنّ له الاحترام و الإعجاب،

إلا أن ذلك لم يصل إلى حد الاستماع بصبرٍ لخطاب مملّ كهذا.

أخيرًا، وبعد انتهاء الخطاب الطويل، تحدث الإمبراطور.

"حسنًا، أين صاحبُ مناسبةِ اليوم؟"

عندها، تحوّلت أنظار الجميع إلى مكان واحد.

وفي نهاية تلك النظرات، كان يقف زينون ماير.

تقدّم بخطواتٍ واثقة نحو الإمبراطور، مُتجاهلًا كل تلك النظرات المُركّزة عليه.

"أتشرّف برؤيتك، يا جلالة الإمبراطور."

جثا زينون على إحدى ركبتيه احترامًا،

فانحنى الإمبراطور نحوه بابتسامة عريضة.

"آه، سيد زينون. إن رؤيتك في هذه الهيئة الأنيقة تسرُّني حقًا. هاهاها!"

ربت الإمبراطور على كتفه بلطف وضحك بصوتٍ عالٍ.

بدا واضحًا أن الإمبراطور مُعجبٌ كثيرًا بزينون.

الشائعات التي تقول إنه يرغب في جعله صهرًا له لم تكن مجرد أحاديث فارغة.

كانت تلك الابتسامة الواسعة تُرافقها نظرات الحضور نحو الأميرة إيلين.

بدا واضحًا على وجهها الامتعاض،

خاصة بعد رؤيتها لزينون وروزالين يبتسمان ويتحدثان بودّية.

"إنه فارسٌ عظيم، أليس كذلك؟"

قال الإمبراطور وهو يضحك بصوتٍ عالٍ.

بعد أن أثنى على زينون لفترة،

وصلَ الإمبراطور إلى النقطة المهمة.

"لقد وعدتُ الكتيبة من قبل.

قلتُ إن مَن يقطع رأس التنين سيحصل على أمنية أحقّقها له مهما كانت."

عبست ليليث لا إراديًا.

كلمة "أمنية" أعادت إلى ذهنها الحوار الذي دار بينها وبين زينون.

نظرت نحوه بفضول، لكنه ظلّ ينظر بهدوء إلى الأرض، متحفظًا كعادته.

"حسنًا، لقد حان الوقت لأوفيَ بوعدي. قل لي، يا سيد زينون، ما الذي تريده؟"

رفع زينون رأسه قليلًا.

"أنا..."

توقف لبرهة، وكأنه يُفكر مليًا فيما سيقوله.

ساد الصمت في القاعة، والجميع يترقب كلماته.

هل ستكون الأمنية كما توقعوا، مرتبطة بروزالين؟ أم أن لديه شيئًا آخر؟

كان واضحًا للجميع أن الإمبراطور سيُحقق له أمنيته مهما كانت.

نظرات الحاضرين كانت خليطًا بين الحسد والغيرة،

بينما وقفت ليليث تُراقب بهدوء.

كانت قد هدأت بما يكفي لتتقبل أي طلب قد يُقدّمه، حتى لو كان يتعلق بروزالين.

لكن كلمات زينون التالية كانت كالصاعقة.

"أريد الزواج من ليليث بلين."

الجديد

Comments

Renad

Renad

شكراً لك على تعبك ياروحي و كان شابتر ممتع

2025-02-03

0

~ 𝐄𝐑𝐈𝐍

~ 𝐄𝐑𝐈𝐍

حموت اريد اشوف رد فعلهم 🔥😩

2025-01-26

0

Kazoha

Kazoha

الى من يتمنون سقوطي 😈😎😈

2025-01-23

0

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon