امبراطورية الخيال
الفصل الأول: ولادة الإمبراطورية
يُحكى أن العالم تغيّر منذ آلاف السنين، حين قرّر حكماء الأزمنة القديمة أن العقل البشري هو أثمن كنز في الوجود. لم يعد الذهب يساوي شيئًا، ولم يعد المال يقيم البشر، بل أصبح معيار الغنى هو مدى اتساع خيال المرء.
ومن رحم هذه الفكرة وُلدت إمبراطورية الخيال، أو كما يسميها البعض إمبراطورية الوهم.
فيها، يقاس رصيدك بما تستطيع أن تتخيله:
إن رسمت مدينة في عقلك لا وجود لها، ازدادت ثروتك.
وإن اخترعت مخلوقًا غريبًا أو قصة لم تُروَ من قبل، أصبحت أغنى.
أما من لا يملك خيالًا… فهو أفقر الفقراء، يعيش على هامش الحياة.
في وسط هذه الإمبراطورية، شُيِّد قصر ضخم يُسمى قصر السراب، يجتمع فيه أغنى الحالمين: من نسّاجي الأوهام، ورواة القصص، ومبتكري العوالم الوهمية. وكان يُقال إن من يجلس على عرش السراب يستطيع أن يسيطر على خيالات البشر جميعًا.
لكن في أحد الأحياء المظلمة من العاصمة، وُلد فتى يُدعى رؤوف.
لم يكن يملك مالًا، ولا أرضًا، ولا عائلة قوية… لكنه كان يمتلك شيئًا واحدًا فقط: خيالًا يرفض أن يُحد.
كان يرى في نومه ويقظته عوالم لا يراها غيره: سماء بألوان لم تُعرف من قبل، مخلوقات نصفها ضوء ونصفها ظل، وأرضًا تنبض بالحياة كأنها قلب.
ذات ليلة، بينما كان رؤوف نائمًا في كوخه الصغير، زاره رجل غريب، لا تُرى ملامحه بوضوح، وكأن وجهه يتغير كل لحظة. قال له بصوت كأنه قادم من بُعد آخر:
> "رؤوف… حان وقتك لتكتشف الحقيقة.
في إمبراطورية الخيال، ليس الأغنى هو من يملك أكبر خيال… بل من يعرف كيف يحكم خيال الآخرين."
لم يستفق رؤوف من ذهوله إلا وهو يجد نفسه في مكان لم يعرف كيف وصل إليه: مدينة كاملة مصنوعة من المرايا، جدرانها تعكس آلاف الصور، بعضها واضحة كاليقظة، وبعضها ضبابية كالكوابيس.
صوت غامض همس له:
> "كل من يدخل هنا يُختبر… من يرى نفسه حقًا، يخرج حيًا."
اقترب من أول مرآة، فرأى نفسه طفلًا خائفًا يهرب من الظلال. في المرآة الثانية، رأى رجلاً طاغية يسيطر على الجموع بخياله. في الثالثة، وجد نفسه شيخًا عجوزًا، وحيدًا، لا يتبعه أحد.
لكن ما صدَمه هو المرآة الأخيرة: أظهرت مدينة كاملة تحترق، والسماء تمطر رمادًا، وعلى العرش يجلس هو… يبتسم.
هناك، التقى بفتاة تُدعى ليان. كانت فقيرة مثله، لكن موهبتها نادرة: تستطيع أن تُحوِّل خيالها إلى صور يراها الآخرون كأنها واقع. هي من أنقذته حين كاد يغرق في إحدى المرايا التي ابتلعت جسده.
قالت له:
> "المرايا لا تكذب يا رؤوف… لكنها تُريك كل ما يمكن أن تكونه."
خرج الاثنان من مدينة المرايا، لكن سؤالًا ظل يحرق قلب رؤوف: أيّ صورة ستصير حقيقته؟
الفصل الثالث: نسّاجو العقول
في العاصمة، كان الحالمون يتحدثون عن جماعة سرية تُسمى نسّاجو العقول.
هم من يحيكون خيالات الناس، ويزرعونها في أذهانهم، ويُحرّكون الجموع كما يُحرّك العازف أوتار عوده.
قاد القدر رؤوف وليان إلى مواجهة أحد النسّاجين. رأوه يضع يده على رأس رجل فقير، وفجأة تغيّر وجه الرجل كليًا… ابتسم بسعادة زائفة، وصار يهلل بحمد الإمبراطورية التي تتركه جائعًا.
قالت ليان بصوت مرتجف:
> "هؤلاء ليسوا مجرد حالمين… إنهم سادة الوهم. إنهم من اخترعوا قصر السراب ليبقوا السلطة في أيديهم."
في الليالي التالية، بدأ رؤوف يحلم برجل ضخم العينين، ينسج بخيوط غير مرئية عقول الناس. عرف أنه النسّاج الأكبر… وأنه ينتظره.
في العاصمة، كان الحالمون يتحدثون عن جماعة سرية تُسمى نسّاجو العقول.
هم من يحيكون خيالات الناس، ويزرعونها في أذهانهم، ويُحرّكون الجموع كما يُحرّك العازف أوتار عوده.
قاد القدر رؤوف وليان إلى مواجهة أحد النسّاجين. رأوه يضع يده على رأس رجل فقير، وفجأة تغيّر وجه الرجل كليًا… ابتسم بسعادة زائفة، وصار يهلل بحمد الإمبراطورية التي تتركه جائعًا.
قالت ليان بصوت مرتجف:
> "هؤلاء ليسوا مجرد حالمين… إنهم سادة الوهم. إنهم من اخترعوا قصر السراب ليبقوا السلطة في أيديهم."
في الليالي التالية، بدأ رؤوف يحلم برجل ضخم العينين، ينسج بخيوط غير مرئية عقول الناس. عرف أنه النسّاج الأكبر… وأنه ينتظره.
Comments