الفصل 1 - غياب

...كان ربيع فيينا يزهر على الأرصفة بألوان الزهور البرية، والهواء مشبع برائحة الخبز الطازج....

...على واجهة المحل الأنيق، تألقت لافتة بيضاوية مكتوب عليها بخط متقن:...

...{صالون مدام أليونا}...

...داخل الصالون، تسللت أشعة الشمس عبر النوافذ الكبيرة لتلامس أدوات التصفيف بلمعان ناعم. موسيقى هادئة تنساب في الأرجاء، بينما همسات الزبائن تملأ المكان بصمت متوتر....

...إمبر واقفة خلف كرسي أحمر، ممسكة بخصلة من شعر زبونة شقراء أنيقة. حاولت أن تلف الخصلة حول الفرشاة، لكن أصابعها المضمّدة ارتجفت فجأة، فانزلقت الخصلة وتفكك اللف....

...أطلقت الزبونة تنهيدة حادة ونظرت إلى المرآة بعينين تلمعان بالغضب:...

...– "مرة ثالثة! هذا غير مقبول."...

...ابتسمت إمبر بابتسامة خجولة تخفي وراءها ألم يدها:...

...– "آسفة، يدي ما زالت تؤلمني قليلاً، لكني سأحاول إصلاحها."...

...رفعت الزبونة حاجبها بتشكك:...

...– "أين كاميلا؟ من أحضركِ مكانها؟"...

...شدّت إمبر على الفرشاة محاولة إخفاء توترها، وتنهدت قبل أن ترد بصوت متردد:...

...– "كاميلا… غير موجودة اليوم."...

...أشارت الزبونة بلا مبالاة نحو النافذة، قبل أن تلتفت ببرود نحو إمبر:...

...– "سأنتظرها إذًا."...

...ميلت إمبر قليلاً إلى الأمام، عيناها تتوسلان فرصة:...

...– "يمكنني إنهاء تصفيفك الآن، لن يستغرق كثيراً—"...

...قاطعتها الزبونة برفض صارم، تدفع كتف إمبر بخفة:...

...– "ابتعدي. لا أريدك تلمسين شعري مرة أخرى."...

...عمّ الصمت لثوان، حتى ارتطمت خطوات مدام أليونا على أرضية الخشب المصقول، وهي تقترب بابتسامة هادئة لكنها حازمة:...

...– "سأرسل لكِ ماريانا لتكمل بدلاً من إمبر."...

...هزّت الزبونة رأسها بعناد:...

...– "لا، فقط كاميلا تعرف كيف تصفف شعري كما أحب."...

...رفعت مدام أليونا صوتها بنبرة دافئة:...

...– "كاميلا ليست متوفرة اليوم، هذا كل ما في الأمر."...

...تنهدت الزبونة ببطء، ثم أشارت إلى إمبر بنظرة احتقار:...

...– "حسنًا… سأقبل بأي أحد… ما عداها."...

...اقتربت مدام أليونا من إمبر برقة، أمسكت بكتفها وسحبتها جانباً:...

...– "أبقيناكِ تعملين لأن كاميلا غائبة، ولم يكن هناك من يعوضها، ولكن بدلًا من أداء عملك كما يجب، ترتكبين الأخطاء."...

...رفعت إمبر رأسها ببطء، تحاول أن تخفي ارتباكها وألم يدها:...

...– "يدي… ما تزال تؤلمني منذ يوم تنظيف المرآة."...

...قاطعتها مدام أليونا بحزم:...

...– "جرحك هذا لا يعنيني. ما طلبت منك أن تنظفي تلك المرآة المتشققة، لكنكِ من كسرتها بيديك."...

...نظرت إمبر إلى ضمادتها، وقالت بهدوء:...

...– "لا داعي لذكر الأمر… اشتريتُ مرآة أخرى مكان التي كُسرت."...

...تملّكها إحساس مُرّ بالخيبة والندم، وفكرت: لو كانت مديرة الصالون قد استبدلت المرآة العتيقة منذ زمن، لما تعرضت للجرح ولم يحدث الكسر. تساءلت أيضًا إذا كانت يدها المصابة ستجعلها تفقد فرصة البقاء في الصالون....

...لوّحت مدام أليونا بيدها بفتور، ونصحتها بالراحة:...

...– "ابقَ هنا واستريحي قليلاً، فاليد المصابة لا تفيد في العمل."...

...جلست إمبر وحيدة في غرفة الاستراحة، يشعر صدرها بثقل اللحظة. بعد قليل، دخلت الزميلات الواحدة تلو الأخرى، ووجوههن تعكس التعب والضجر....

...جلست روزا مقابلة لها، وتنهدت:...

...– "الصالون هذه الأيام ليس كما كان سابقًا. الزبائن باتوا يشكون كثيرًا."...

...نظرت لودفيكا إلى مشط قديم تعبث به بين أصابعها:...

...– "وأكثر ما يتكرر ذكره هو كاميلا. الجميع يتساءل عن مكانها."...

...همست مارينا:...

...– "لقد تغيبت لأكثر من أسبوع، وحتى مدام أليونا لا تدري ما الذي حل بها."...

...رفعت روزا حاجبها بدهشة:...

...– "أسبوع كامل؟ هذا غياب طويل دون سابق إنذار!"...

...عمّ الصمت لحظة، ثم قالت لودفيكا بحدة وهي توجه نظرها إلى إمبر:...

...– "وأنتِ يا إمبر، كونك صديقتها المقربة، هل تعرفين سبب غيابها؟"...

...رفعت إمبر رأسها بثبات، وقالت بصوت بارد:...

...– "لا أعلم شيئًا."...

...تبادل الجميع النظرات، ثم ابتسمت مارينا بسخرية:...

...– "طبعًا، لن تسألي! هو فرصتك الوحيدة للعمل مكانها."...

...ارتجفت إمبر للحظة، لكنها استجمعت شجاعتها وقالت بحزم:...

...– "سأذهب إلى منزلها وأسألها بنفسي… لأعرف أخيرًا ما الذي حدث لكاميلا."...

...[يتبع...]...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon