الفصل الثالث: "العروس التي جاءت بدمٍ لا يُغفر"
في صباحٍ خافت، بدا مراد وكأنه في حرب مع نفسه. جلس أمام فنجان قهوة لم يشرب منه سوى رشفة واحدة، يُقلّب فيه كما يُقلّب الذكريات. كانت فكرة زواجه من مروى تثقل قلبه... ليس لأنه يريدها، بل لأنه لا يريد أن يفقد أخاه، ولا أن يعيد فتح أبواب ثأر جديدة إن امتدّت يده إلى أخيها.
"إذا أذيت أخوها، رح ترجع تاخد بثأرها... وأنا ما بدي أفقد سالم، هو كل اللي ضلّ من روحي." تمتمها بصوتٍ داخلي وهو يهمّ بالخروج من القصر.
بينما هو يخطو خارج البوابة، باغتته ذكرى، صوت قديم من الماضي يعود ليقرع رأسه كناقوس حرب:
"عرفنا أعدائنا وين، متصور؟ فاتحين محل لحمة قدام عيوننا، ومحد سائل عنهن! وعندن بنتين وصبي! خلّص الموضوع بسرعة، أو أنا رح أتصرف."
تنهّد مراد بحرقة، ضغط على أسنانه، وكأن الكلمات حفرت فيه أخاديد من الغضب والحيرة. وفي تلك اللحظة، اهتزّ هاتفه برسالة من المحامي:
"قدمتلك على رخصة زواج مستعجلة. بكرا بتكون جاهزة."
أغلق الهاتف ببطء، وضعه في جيبه، ثم انطلق بسيارته. لكن لم يكن يعلم ما ينتظره خلف أبواب المستودع…
مروى في المستودع
وضعت الكرسي تحت النافذة الحديدية، وصعدت عليه بحذر. العتمة تسكن الزوايا، والرطوبة تخنق الهواء. مدت يدها إلى النافذة محاولة تحريك القضبان، ثم قالت بتحدٍّ يائس:
"مفكرين حالن إذا ربطوني بيوقفوني؟ ما حد رح يقدر يوقّفني..."
لكن فجأة اختل توازنها، سقطت أرضًا، ورأسها اصطدم بشيء صلب. صمت مطبق... ثم ظلام.
في منزل عائلة مروى
كانت الأم تدور في المنزل كأنها تائهة، تضع يدها على جبينها وتقول بلهجة متعبة:
"يا الله راسي رح ينفجر من الوجع... وإنت قاعد، متفكر ببنت مو بنتك بدل ما تفكر بمصير عيلتك!"
كان الأب، "سعيد"، جالسًا على كرسيه المتحرك، وجهه شاحب، ونظراته تائهة، وكأن الزمن أعاده إلى جرح قديم.
"أبنك التاني حابس حاله، خايفة يعمل شي بحاله... إنت ساكت ليه؟"
انفجر سعيد بغضب مكبوت:
"شو عم تحكي؟ سكتي! ما بدي أسمع حكيك!"
قالتها الأم بهدوء هذه المرة:
"سعيد... إنت عملت الصح، بس أنا كمان أم، وخايفة..."
سكت لحظة، ثم همس:
"أنا سلمتن بنتي بإيدي... وإذا عرفوا إنها مو بنتنا الحقيقية؟"
صُدمت حنيفة، ثم اقتربت منه وهمست:
"اسمع يا سعيد، هاد السر بدو يضل بيني وبينك... رح ناخده معنا على القبر. إذا نحنا ما حكينا، محد رح يعرف شي. وإذا عرفوا؟ بتتخيل شو رح يصير؟"
وفجأة، دخلت "زمرد" وهي تحمل هاتفها:
"ماما، بابا... وين مروى؟ عم حاول حاكيها من مبارح ما عم ترد... شو صاير؟"
تلعثمت الأم، ولم تستطع الرد...
فلاش باك .......
سعيد كان جالسًا على حجر في الزاوية، والدمع يملأ عينيه. أمامه وقف "ياسر"، والد مروى الحقيقي.
"أنا ما عاد فيني أتحمل، يا ياسر..."
رد ياسر بصوتٍ ثقيل:
"وين ما رحت رح يلحقوك... أنقذ بنتي، ربيها كأنها بنتك، مسك إيدها أول يوم بالمدرسة... اعتبرها بنتك التانية. أنا ما عندي غيرها، وأنت عندك عيلة، وأنا عندي بس مروى."
ثم ترك الطفلة الصغيرة في حضن سعيد، ومشى دون أن يلتفت.
عودة للحاضر
سعيد نظر إلى زوجته بحزن:
"أنا سلمت بنتي بإيدي... بلكي عرفوا؟ بلكي عرفوا إنها مو بنتنا؟"
الأم بصوت مخنوق:
"هاد السر لازم يندفن معنا يا سعيد..."
في المستودع
الباب يُفتح فجأة. يدخل مراد بخطوات ثابتة، نظر إلى مروى الملقاة على الأرض.
"يالله... قومي، عنا شغل كتير... شو ما عم تسمعي؟"
اقترب منها، وضع يده على رقبتها ليتأكد من نبضها. في هذه اللحظة، همست مروى بخفوت:
"بابا... أجيت تاخدني؟ هدول الناس مو مناح..."
فتحت عينيها فجأة لترى مراد أمامها، شهقت وصرخت:
"إنت! شو بدك مني؟ لا تقرب!"
ردّ ببرودة:
"محد رح يعملك شي."
صرخت أكثر:
"فهمني ليش ما بتتركنا بحالنا؟ شو بدك منا؟!"
لم يجب. أمسك يدها، وسحبها معه نحو السيارة.
في القصر
الجدة كانت تكلم منى:
"مراد جاي عالطريق... قومي حضّري قهوة، الكل رح ينبسط!"
منى ابتسمت بخبث وهي تنهض.
الجميع كان ينتظر في الصالة. قال حسن:
"شو صاير؟ ليكون بدو يبهدلنا جماعياً؟"
ردت الجدة بثقة:
"شكله جايب أخبار حلوة عن الثأر..."
وصل مراد، دخل دون أن يتحدث كثيرًا، وبجانبه "مروى" بملامح خائفة.
أوقف السيارة وقال لها:
"واقفي عكلشي بدي قولو... وإنتي قلتيلي بدك تسكري ديونكن، هاد المكان اللي رح تدفعي فيه."
ثم سحبها أمام العائلة، ورماها أمامهم كأنها ورقة تكشف الحقيقة.
وقف سالم وقال بدهشة:
"مين هي؟"
قال مراد بصوتٍ واضح:
"هي مروى... بنت سعيد."
شهقت الجدة، وصاحت:
"كيف بتقدر تعمل هيك فيني؟ تجيب بنت القاتل لعنا؟!"
صرخ سالم:
"معها حق... كيف بتجيب بنت يلي قتل أمي؟ كييييف؟!"
ابتسم مراد أخيرًا، وقال بهدوء مرعب:
"أنا بدي أتزوجها "
Comments
مريم احمد
بالنسبة لي عادي ..لان السرد لغة عربي فصحة ..والحوار ..بس الي مو عربي فصحة......شكرا على القصل 👌
2025-07-27
0
𓆩 ضــ☄️ــيـا🥀ء ༊༄ 𓆪
حل كملي وياريت الفصول تكون بالعربيه الفصحى وبس بتكون احسن /Smile//Smile/
2025-07-27
0
Nour naser
شكرا عجبتك ؟ خلص المرة الجاي بقربها على الفصحة ❤
2025-07-27
0