مرّت ثلاثة أيام منذ المواجهة الأخيرة في مكتب تاكاشي.
لم يتبادلا الحديث بعدها، لكن أعينهما... لم تكف عن المراقبة.
وفي صباح اليوم الرابع، دخلت خادمة القصر غرفة يوكيكو وهمست:
— "سيدتي... ضيفة وصلت للتو. قالت إنها من العائلة."
رفعت يوكيكو حاجبها.
— "من؟"
— "آنسة سايوري كوروساوا. ابنة عم السيد تاكاشي."
---
في بهو القصر...
وقفت سايوري بثقة. فتاة فائقة الجمال، شعرها البني الطويل ينسدل على أكتافها، وعيناها كالقطط، ترتدي فستانًا قصيرًا يكشف أكثر مما يستر، رغم أن الجو بارد.
كانت تمضغ علكة وهي تميل على الأريكة وكأن المكان ملكها.
دخل تاكاشي من الباب الآخر، فوجئ بها.
— "سايوري؟ لم أعلم أنك ستزورين."
ركضت نحوه واحتضنته فجأة، صدرها يلتصق بجسده.
— "تاكاشي! اشتقت إليك... ألم تشتق إليّ؟"
تراجع خطوة، وقال بنبرة جافة:
— "أخبريني ما الذي أتى بكِ... دون اتصال مسبق؟"
قبل أن تجيب، دخلت يوكيكو إلى البهو.
كانت ترتدي كيمونو منزلي أنيق، بسيط، لكن حضورها طغى على كل شيء.
حدّقت سايوري بها من الأعلى للأسفل، ثم ضحكت بخفة:
— "آه، إذًا هذه هي الزوجة الجديدة؟ لم أتصور أنها… بهذه البساطة."
ابتسمت يوكيكو بهدوء قاتل:
— "والبسيطة… غالبًا ما تهزم المتكلّفات، خصوصًا إن كنّ جائعات للاهتمام."
اتسعت عينا سايوري بدهشة، ثم ضحكت بسخرية.
— "أنا؟ جائعة للاهتمام؟ عزيزتي، أنا ابنة عائلة كوروساوا، كنتُ أعيش مع تاكاشي منذ كنا أطفالًا. نحن... قريبان جدًا، لدرجة أنني أعرف ما يحب... وما يكره."
اقتربت منه، ثم مسحت بيدها على ذراعه أمام يوكيكو وقالت:
— "أتتذكر يا تاكاشي تلك الليلة في المسبح؟ عندما قلت لي إنني أجمل امرأة رأيتها؟"
وقف تاكاشي جامدًا. لم ينطق.
لكن يوكيكو… لم تترك الموقف يمرّ.
تقدّمت خطوة، ونظرت إلى سايوري بنظرة ثاقبة:
— "ومع ذلك... لم يتزوجك."
أُسقط في يد سايوري للحظة. لكن سرعان ما استعادت وقاحتها.
قالت بصوت مرتفع:
— "لم يتزوجني لأنه لم يكن يريد زواجًا حقيقيًا! هذه… هذه الفتاة أُجبرت عليه، أليس كذلك؟! وأخبرني أحد موظفي القصر أنها كانت تحاول التجسس على أوراق الشركة في غيابه."
صمت المكان فجأة.
الخدم تبادلوا النظرات.
ثم التفتت سايوري إلى تاكاشي وقالت ببطء، وكأنها تهمس له سرًا:
— "ربما... جاءت لتوقعك في فخ. من يدري ما نواياها؟"
هنا، دوى صوت يوكيكو في البهو بثبات:
— "كفاكِ هراءً، يا سايوري."
الكل نظر إليها.
أكملت:
— "تجسّس؟ فخ؟ اتهاماتكِ رخيصة، تمامًا كفستانك. وإن كنتِ واثقة من كلامك، فهاتِ الدليل. أم أنكِ تعتقدين أن الجمال وحده يكفي ليُخرس الحقيقة؟"
اقتربت من تاكاشي ونظرت إليه مباشرة:
— "إن كنتَ تؤمن بكلمة من هذا الهراء... فقلها الآن. لأني لن أعيش في قصر تُوجَّه لي فيه الاتهامات دون وجه حق."
تاكاشي صمت، عينيه تقرآن وجه يوكيكو... الذي لم يهتز.
ثم قال فجأة:
— "سايوري، يكفي."
نظرت إليه بصدمة:
— "ما الذي...؟! تاكاشي، أنا فقط أحاول حمايتك—"
قاطعها:
— "من امرأة لم تفعل شيئًا سوى أنها وقفت أمامك بثقة؟"
شحب وجه سايوري.
أدركت أنها خسرت أول جولة.
فقالت بصوت مكسور:
— "حسنًا… يبدو أنني لست مرحّبًا بي هنا بعد الآن."
واستدارت تغادر، لكنها قبل أن تصل إلى الباب، همست:
— "لكن تذكّري، يا يوكيكو… الحب لا يُؤخذ بالقوة، بل بالذكريات. وأنا لديّ الكثير منها مع تاكاشي."
وغادرت.
---
في المساء…
كانت يوكيكو تقف في الشرفة، تنظر إلى أضواء المدينة.
سمعت خطوات خلفها. لم تلتفت.
قال بصوته الهادئ:
— "هل أنتِ بخير؟"
— "وهل تسأل لأنك تهتم… أم لأنك خائف من الفضيحة؟"
صمت.
فقالت:
— "أعدك بشيء… سايوري، وغير سايوري، لن يجعلوني أهرب من هذا القصر. ولن يسمح لي قلبي بأن أكون الضعيفة هنا."
اقترب منها، قال:
— "أنتِ… لستِ ضعيفة."
نظرت إليه. قالها بصدق هذه المرة.
وهمست:
— "أعلم. لكن أحيانًا... أتمنى لو كنتُ كذلك. فالضعفاء لا تُرمى عليهم السهام بهذا الشكل."
Comments