...تخيلتُ ملك شياطين مسنًا، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فمن مظهره فقط، يبدو في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة بالكاد....
...شعرٌ أسود وعينان حمراوان. و مزيجُ ألوان يعكس تمامًا لون شعر وعيني أرييلا....
...كان له أذنان بارزتان وقرنان مستقيمان فوق رأسه يثبتان أنه ليس بشريًا....
...في الواقع، لم تكن هناك حاجةٌ لرؤية القرنين لمعرفة ذلك. فوجهه وحده كان كافيًا....
...كانت تنحدر منه منحنياتٌ رائعة وسلسة لا يمكن رؤيتها على وجه أي إنسان عادي. وعيناه المسحوبتان لأعلى بشكلٍ حاد في طرفيهما أضفتا مزيجًا من الوحشية والجمال غير الواقعي....
...لكن….....
...'ما قصة هذا الزي؟'...
...أليس من المفترض أن يرتدي ملك الشياطين ملابس سوداء بالكامل مع عباءة على الأقل؟...
...'هل كان يحرث الحقول أو شيءٍ من هذا القبيل؟'...
...كان يرتدي قميصاً مصنوعاً من قماش سحري يسمح بمرور الهواء، وسروال قطني مرفوع حتى الركبتين، وقبعة قشية. وعلى ظهره…..اوكوليله*؟...
...*آلة موسيقية...
...'هل هو يمزح؟'...
...نظرت إليه أرييلا بعينين تملؤهما الريبة والشك....
...لقد استخدمت تعويذةً وضعت فيها كل ما تملك. و لم يكن بإمكانها تكرارها مرة أخرى....
...ماذا لو كانت النتيجة فاشلة؟ ماذا لو لم تستدعِ ملك الشياطين، بل شيئًا غريبًا آخر؟...
...'لقد راهنتُ بحياتي بالفعل!'...
...كان في عيني أرييلا وهي تحدق به بريق عاطفةٍ مشتعلة. و حينها….....
...“….…”...
...انزلقت عينا الشاب الحمراوان بخفة إلى الأسفل....
...كما لو أن نظرها كان يسبب له الإحراج....
...'هل…..تجنّب نظري؟'...
...ساد الصمت المحرج في المقصورة....
...عادةً، إن نجحت عملية الاستدعاء، من المفترض أن يتحدث ملك الشياطين أولاً....
...حتى لو بكلمة تقليدية مثل: “أأنتِ من استدعاني؟”...
...لكن أرييلا، التي لم تكن تتحلى بالصبر، بادرت بالكلام أولاً. بصوتٍ مليء بالشك وعدم التصديق....
...“عفوًا، أنتَ حقًا ملك الشياطين، صحيح؟”...
...إيماءة-...
...أومأ الرجل برأسه بصمت. فبدأت أرييلا تشعر بالضيق تدريجيًا....
...“لكن ما قصة ملابسكَ هذه؟”...
...فأجاب الرجل بصوتٍ جاف....
...“…..كنت في إجازة.”...
...ملك الشياطين يأخذ إجازات؟! ...
...لم تستوعب أرييلا ذلك. فلم يُذكر شيءٌ كهذا في أيٍ من كتب السحر....
...على أي حال، طالما أنه أكد بنفسه أنه ملك الشياطين، فهذا يعني أن الاستدعاء قد نجح. ...
...و رغم أن شعورًا غامضًا بعدم الارتياح تسلل إليها، قررت الانتقال إلى الخطوة التالية فورًا....
...رفعت أرييلا صوتها وهي تصرخ بحزم....
...“يا ملك الشياطين! اسمي أرييلا كابيل أونيوس. وبصفتي من استدعاك، أطلب منكَ التالي!”...
...كانت عينا الرجل تتفحصان أرييلا. ...
...وبكل ثقة، أعلنت المُستدعية مطلبها....
...“أرجوكَ، اختطفني!”...
...“؟”...
...نظر إليها الرجل بتعبيرٍ يوحي بأنه لم يفهم ما قالت. ...
...ثم مدّت أرييلا إصبعها مشيرة نحو النافذة في جدار المقصورة....
...كانت سفينةً حربية تابعة للإمبراطورية تلاحقهم على مسافة ثابتة....
...“وبما أنكَ هنا، هلّا أحرقت تلك السفينة أيضًا؟”...
...***...
..."أحرقها؟"...
...في مقصورة أرييلا. كانت الأميرة ترتدي فستانًا محتشمًا لا يكشف حتى مقدار شبر أسفل العنق، بما يتوافق مع ذوق الإمبراطورية....
...بينما الرجل الذي يقف أمامها بملابس صيفية: قميص بأكمام قصيرة وسروال قصير، أشبه بزي العطل الشاطئية....
...كلاهما كان يتفحص الآخر بنظرات مملوءة بالحذر....
...كرر الرجل كلماتها وكأنه سمع شيئًا غريبًا....
...“أحرق؟ أتطلبين أن أحرقها؟”...
...ترددت أرييلا للحظة....
...أيعقل أنه لا يستطيع حرق مجرد سفينة؟ وهو من يُفترض أن يكون ملك الشياطين؟...
...كانت ملابسه، سلوكه، كلها تُثير الشك أصلًا. والآن ازدادت ريبتها....
...عندها سألها الرجل فجأة،...
...“كيف عرفتِ؟ أنني أتحكم في النار؟”...
...فُتش-...
...اشتعلت شعلةٌ صغيرة على طرف إصبعه. و من دون أي تعويذة، فقط بإيماءة من يده....
...شيءٌ لا يمكن لبشريٍ فعله. لقد تأكدت أنه شيطان فعلًا....
...“……لا أعلم.”...
...لم تكن تملك سببًا محددًا. فقد خرجت الكلمات من فمها تلقائيًا قبل أن تفكر....
...بينما كانت أرييلا غارقةً في التفكير، تحدّث ملك الشياطين....
...“آه، هل السبب هو دائرة السحر هذه؟ لم نُبرم العقد رسميًا بعد، ومع ذلك يبدو أن أفكارنا قد ارتبطت بالفعل؟”...
...قال ذلك وهو يحدّق في دائرة السحر بتعبير غارق في التفكير....
...“ليست دائرةً سحرية عادية…..يبدو أن فيها طاقةً مشروطة معقدة ومتشابكة بشكل كبير.”...
...يبدو؟...
...نبرة صوته لم تكن واثقة تمامًا. فشعرت أرييلا بعدم ارتياح. ...
...أليس من المفترض أن ملك الشياطين يستطيع قراءة دائرة سحرية من صنع إنسان بنظرة واحدة؟...
...من جهتها، كان يبدو وكأنه يشاهد شيئًا نادرًا للغاية....
...“قوة إجبارية هائلة.”...
...تمتم بذلك وهو يقطب حاجبيه. ...
...كان جماله غير البشري يزيد تألقًا حتى وهو يعقد جبينه، وكأن ملامحه لا تنتمي لهذا العالم. لكن أرييلا، التي كانت في مأزق حقيقي، لم يكن لديها وقتٌ لتتأمله. فلم تستطع التحمل أكثر، وصرخت،...
...“إذًا، بشأن طلبي….!”...
...“أرفض.”...
...دووم–!...
...شعرت وكأن قلبها سقط من مكانه....
...بهذه السرعة؟ دون أن يستمع حتى لتفاصيل الطلب؟ ...
...قال أنه شعر بقوة الإلزام في دائرة السحر، لكنه يرفض ببساطة؟ هل لأنه ملك الشياطين، يمكنه مقاومة ذلك بسهولة؟...
...عقد الرجل ذراعيه،...
...“أنا مشغولٌ جدًا. بالكاد أجد وقتًا لأتابع أمور مملكتي، فكيف أتفرغ للاهتمام بالبشر؟”...
...ببساطة، لديه أعمالٌ كثيرة ولا وقت لديه لمشاكل غيره....
...لكن بدلًا من أن تقول: “آه، فهمت”، اكتفت أرييلا بالتحديق بصمت في هيئة ملك الشياطين وملابسه الغريبة....
...“ألم تقل أنكَ في إجازة؟”...
...“…….”...
...ملابسه كانت مثاليةً لقضاء عطلة تحت شمس الجنوب—كأنه للتو عاد من جلسة استرخاء على الشاطئ....
...وعندما أشارت أرييلا إلى مظهره، عبس ملك الشياطين بغضب مفاجئ....
...“نعم، كنت في إجازة! أول إجازة أحصل عليها منذ عام كامل!”...
...وأشار إلى أرييلا بعنف، بينما اهتزت آلة الأوكوليله المعلّقة على ظهره مطلقةً صوتًا باهتًا: “طننغ!”...
...“لقد أفسدتِ تلك الإجازة الثمينة! أنتِ، أيتها البشرية!”...
...“ماذا تعني بذلك؟ كيف أكون أنا من أفسدها؟ …..ألم تأتِ إلى هنا بإرادتكَ؟”...
...“إرادتي؟! جئتُ مُكرهًا، لقد سُحبتُ بالقوة!”...
...تجمدت أرييلا من الصدمة. ...
...لم يأتِ بإرادته؟ بل انتُزع من راحته عنوة؟ ...
...والآن بدأت تفهم سبب غضبه. لكن ذلك لا يعني أنها تستطيع تركه يرحل هكذا. فلا بد من إقناعه بأي وسيلة....
...وبينما كانت مشغولةً بالقلق، أعلن هو،...
...“إن انتهى الأمر، سأعود الآن.”...
...“انتظر لحظة! لم ننتهِ بعد!”...
...'إلى أين تذهب!'...
...لو رحل ملك الشياطين الآن، فمصير أرييلا سيكون كارثيًا. ...
...شعرت وكأن قلبها يحترق من التوتر. لكن ملك الشياطين لم يبدِ أي اهتمام، ولوّح بيده في الهواء ليرسم دائرةً سحرية. ...
...هل هي تعويذةٌ للعودة؟...
...مرة أخرى، صدر من الأوكوليله ذلك الصوت الباهت: “طننغ!” بينما تمتم الملك بصوت منخفض وهو يتذمر،...
...“ليست حتى متعهدةً رسمية، ومع ذلك تثرثر وتصدر أوامر..…”...
...متعهدة رسمية؟...
...تألقت عينا أرييلا فجأة. وكأنها كانت تنتظر هذه الكلمة بالضبط، فالتقطتها فورًا....
...“إذًا فلنبدأ الحديث من الآن!”...
...“أي حديث؟”...
...“عن العقد. أريد أن أبرم معكَ عقدًا رسميًا.”...
...“ولماذا أفعل ذلك؟ ما الفائدة بالنسبة لي؟”...
...“هناك فائدة. كبيرةٌ جدًا في الواقع.”...
...“…..ما الذي تخططين له؟”...
...ارتجف حاجبا ملك الشياطين قليلًا، و يبدو أنه بدأ يهتم أخيرًا. ...
...لا يمكنها تفويت هذه الفرصة. فنظرت أرييلا إليه بجديّة وبدأت تتكلم بحماس....
...“ملك الشياطين يشارك طاقته السحرية مع المتعاقد. للوهلة الأولى، هذا يبدو كخسارة من جانبكَ. لو لم يكن هناك عقد، لما اضطررت لمشاركة قوتك مع إنسان. أليس كذلك؟”...
...لم يرد الرجل. و وجهه لم يُظهر أي تعبير واضح، من الصعب قراءة ما يفكر فيه. لكن أرييلا لم تتراجع....
...“لكن لماذا، إذًا، عقد العديد من ملوك الشياطين عبر التاريخ عقودًا مع البشر؟ حتى وهم يتخلّون عن جزء من قوتهم؟”...
...“….…”...
...صمته كان بمثابة حثّ لها على إكمال كلامها....
...'لقد بدأ يهتم!'...
...و رغم فرحتها في داخلها، حافظت أرييلا على هدوئها وتابعت بثقة....
...“لأنهم يصبحون أقوى بفضل ذلك.”...
...من خلال العقد، يتمكن البشر من بلوغ أقصى حدود قدراتهم الكامنة. وخلال تلك الرحلة، ترتفع طاقتهم السحرية وترتقي أرواحهم إلى مستوياتٍ أعلى....
...وملك الشياطين، بدوره، يتأثر بذلك....
...“ملك الشياطين الذي يتجاوب مع تطوّر الإنسان المتعاقد معه، يزداد قوّةً بدوره. كأنّ 1 زائد 1 لا يعطي 2، بل يعطي 10 أو حتى 100!”...
...“…..هذا ما أعرفه أنا أيضًا.”...
...قال ملك الشياطين ذلك بصوتٍ مائل إلى السخرية ووجه يحمل ملامح غامضة....
...“لكن هذا لا ينطبق إلا إذا كان الإنسان يتمتع بقدرات كامنة عظيمة. هل لديكِ دليل؟ ما يثبت أنكِ تساوين 10 أو 100 أو حتى 1000؟”...
...“الدليل أمامكَ، انظر.”...
...أشارت أرييلا إلى أسفل قدميها. فنظر ملك الشياطين إلى النقوش المعقدة التي كانا يقفان فوقها....
...“هذه أول مرة أُجري فيها استدعاءً لملك شياطين. ومع ذلك، انظر إلى النتيجة—ناجحة تمامًا، أليس كذلك؟ قلت بنفسكَ أن هذه الدائرة تملك قوة إلزام هائلة، لدرجة أنها أجبرتك على المجيء من مكان استراحتكَ.”...
...تابعت أرييلا حديثها دون أن تمنحه لحظةً للرد....
...“حققت هذا وأنا في عالم البشر. فماذا سيحدث حين أكون في عالم الشياطين، حيث الطاقة السحرية أكثر كثافة؟ سأنمو أسرع، وأنت ستستفيد أيضًا. اعتبر الأمر استثمارًا للمستقبل، وأنا أضمن أنكَ ستجني ثماره.”...
...“….بالفعل، هذه دائرةٌ قوية. لم أرَ مثلها حتى في عالم الشياطين.”...
...سأل ملك الشياطين بلهجة غير رسمية وهو يرمي سؤاله بلا اهتمام ظاهر،...
...“من علمكِ هذا؟”...
...“تعلمته بنفسي. من كتب السحر فقط.”...
...“من الكتب؟ رسمتِ هذا بنفسكِ؟ و لوحدكِ؟”...
...اتسعت عينا ملك الشياطين بدهشة....
...في الواقع، ما فعلته كان مستحيلًا تقريبًا. فرسم دائرة سحرية لا يقتصر على اتباع الخطوط—بل يتطلب تناغمًا دقيقًا للطاقة السحرية، وضبطًا مستمرًا، وهو أقرب لفن معقد متكامل....
...'ومع ذلك، أن تتمكن من فعل ذلك وحدها من خلال التعلم الذاتي؟'...
...لم يكن أمامه سوى أن يُدهش. ...
...لقد كان التلميح إلى دائرة السحر ضربةً موفقة. فملك الشياطين، الذي رفض في البداية دون تردد، بدأ يُظهر الآن تعبيرًا مترددًا، كأنه يفكر بجدية....
...لقد كادت تقنعه. النصر بات قريبًا....
...وبعد لحظات، فتح ملك الشياطين فمه مجددًا، و كان يتفحّص أرييلا من الأعلى إلى الأسفل بعينين لا تزالان متشككتين جزئيًا....
...“أنتِ ترتدين ملابس أنيقة. ما طبيعة عملكِ كإنسانة؟”...
...“أنا أميرة مملكة أويْنوس.”...
...“أميرة؟ هل سبق وأن أدرتِ شؤون البلاد؟”...
...ليس كل الأميرات يتلقين تعليمًا كحاكمات. لكن أرييلا كانت قد تدربت منذ طفولتها كولية للعهد، وشاركت في مراجعة القوانين والموازنات....
...“نعم.”...
...بعد هذا السؤال الأخير، ساد صمتٌ طويل. و جفّ حلق أرييلا من التوتر، وشعرت وكأن دمها توقف عن الجريان، وقلبها يكاد ينفجر، لكنها أخفت كل ذلك ببراعة....
...ثم رفعت طرف شفتيها بثقة مفتعلة، محافظةً على مظهر الهدوء....
...ثم، بعد لحظة….....
...فتح ملك الشياطين فمه أخيرًا، محطمًا الصمت الثقيل....
..._________________...
...اتوقع واضح من العنوان ليه سألها اذا تدير الشؤون ولا لا😂...
...المهم المسكين طلع باجازه مدري ليه ذكرني بفلم مصاص الدماء فندق ترانسيلفانيا😭...
...Dana...
Comments