انا في جوسون
---
كانت السماء رمادية في يوم بدا كأن الحياة قررت أن تنزع منه ألوانها. وقف هان يون، الطالب الجامعي الكوري، على حافة سطح مبنى شاهق في قلب سيول. صمتٌ ثقيل يلف روحه، وقلبه يخلو من أي رجاء. كانت أضواء المدينة تتلألأ تحته كأنها عالم غريب لا يعنيه.
في لحظة، أغمض عينيه وألقى بنفسه في فراغ لا نهاية له.
...
فتح عينيه على سرير فخم، محاط بديكور ياباني تقليدي. رائحة البخور تعبق في الهواء وصوت خطوات هادئة تقترب.
رفع رأسه ببطء، ونظر في المرآة المثبتة على الحائط. أمامه كان يقف رجل وسيم، ذو سكسوكة مرتبة وشعر قصير مشدود للخلف، يرتدي بدلة رسمية ومعطفًا بنيًا أنيقًا. وعلى الطاولة إلى جانبه مسدس ياباني قديم.
تلعثم في الكلام وهمس: "من... أنا؟"
دخل رجل مسن القاعة، منحنياً احترامًا.
"سيدي زينكو، موعد انطلاقكم إلى جوسون بعد ساعة."
"زينكو؟" كرر هان يون في داخله. "هل هذا اسمي الجديد؟"
لم يكن حلمًا، بل جسد جديد وحياة مختلفة تمامًا.
---
على ظهر مركب فاخر يشق أمواج البحر، وقف زينكو – أو هان يون في جسده الجديد – يتأمل الأفق. الريح تعبث بمعطفه والبحر يغني لحنًا غريبًا.
"مبعوث للتحالف؟ ولماذا أنا؟"
لم يحصل على إجابة سوى موجات البحر اللامتناهية.
---
عند وصوله إلى ميناء جوسون، استقبله حرس رسمي وموكب ملكي بسيط. كان في انتظاره الملك سايتونغ، رجل ذو لحية رمادية وعينين حادتين، يلبس رداء ملكيًا فخمًا.
"مرحبًا بك في مملكتنا، مبعوث اليابان. ستقيم شهرًا في قصرنا."
زينكو انحنى باحترام، لكن قلبه مملوء بأسئلة لا جواب لها.
---
في مساء اليوم الأول، وأثناء تجواله في حدائق القصر، لمح فتاة جميلة تقف بجوار شجرة أرجوانية، ترتدي ثوبًا ملكيًا كوريا، شعرها مرفوع بأناقة، وعيونها تلمع كنجمتين.
توقف أنفاسه.
"من تلك؟"
اقترب خادم و همس: "هذه هي الأميرة جيانهي، الابنة الوحيدة للملك."
---
لكن لم يكن زينكو وحده من لاحظ اهتمامه بها.
كانغ وون، ابن عم الأميرة، يقف في الظلال، يراقب بخبث، وابتسامة باردة ترتسم على وجهه.
وفي زاوية أخرى، كانت هاي جي، فتاة شابة جميلة، لكنها تغلي من الغيرة، تحدق بالأميرة بحدة، وكأن قلبها يكاد ينفجر من العواطف المكبوتة.
---
في غرفة زينكو، جلس أمام المرآة، ينظر إلى وجهه الجديد ومسدسه الياباني القديم.
"لماذا أنا هنا؟ هل أنا زينكو أم هان يون؟"
فجأة، طرق خفيف على الباب، فدخلت فتاة ذات شعر فضي قصير وعيون بنفسجية، ترتدي زيًا غريبًا.
"أنا ميارا، طبيبة من الجبال الشمالية. أعرف حقيقتك. أنت لا تنتمي لهذا الزمان."
ارتجف زينكو. كيف عرفت؟
---
في اليوم التالي، دعا الملك سايتونغ زينكو إلى قاعة العرش، حيث التقى بشخص غريب: الأمير دانغ هان، الأخ الأصغر للملك، الذي عاد بعد منفاه الطويل.
دانغ هان كان رجلاً ذا بنية قوية، عيناه رماديتان ووجهه يحمل ندبة واضحة. ارتدى رداءً أسود فخمًا، وعلى خصره خنجر مزخرف.
قال الملك:
"أخي دانغ هان سيشارك في مفاوضات التحالف، فهو يمتلك خبرة طويلة."
لكن زينكو شعر بأن دانغ هان يخفي شيئًا خطيرًا.
---
في مأدبة العشاء، كان الجو متوترًا، حتى جاءت هاي جي، تحمل نظرة كراهية للأميرة جيانهي.
فيما بعد، وصلته رسالة مكتوبة بخط ياباني قديم:
"احذر الأمير دانغ هان. تحت الأرض يُحفر قبرك."
---
في ليلة مظلمة، دوى انفجار مدوّ في الجناح الشرقي للقصر. هرع الجميع، ليجدوا مستودعًا ملكيًا محترقًا، وعلى أحد الجدران نقشٌ مخيف:
"هنا ينهار السلام، وتولد الحرب."
---
هنا ظهر كايو نونغ، متمرد قوي وقائد عصابة، يملك نفوذًا في أرجاء جوسون. رجل في منتصف الثلاثين، ذو لحية كثيفة وعيون مشتعلة بالحقد على الملك سايتونغ.
قال لزينكو بصوت حاد:
"الملك ليس الطيب الذي تعتقد. هناك أسرار مظلمة وخيانة تكبر كل يوم."
---
الجنرال كيم ساي روك، قائد الحرس، كشف لزينكو عن اكتشاف أدوات تكنولوجية غريبة في المستودع المحترق، ذات نقوش غير مألوفة، ليست من هذا العصر.
أظهر له قطعة معدنية مضيئة، وقال:
"هذه تقنية تفكيك الزمكان. هناك من يريد إعادة كتابة التاريخ."
---
ميارا اقتربت من زينكو مجددًا، وقالت:
"أنت المفتاح. أنت الجسر بين الأزمنة. لا يمكنهم أن يسمحوا لك بالبقاء."
---
وقبل أن يغمض زينكو عينيه، رأى ظلًا يتسلل من الظلام... ظل كايو نونغ، الذي يعد معركة قد تغيّر مصير الإمبراطورية.
---
Comments