وعد الانتقام

‏بعد أن التهمت ألسنة اللهب القصر الإمبراطوري، وترك بلين خلفه كل ما كان يعرفه، غادر برفقة يونا التي بدت بملامح مختلفة عن ذي قبل. كانت ملامحها الجديدة هادئة، خالية من الشر، وكأنها وُلدت من جديد.

‏وصل بلين إلى كوخ صغير مهجور في إحدى القرى البعيدة، وهناك، وقف أمام المرآة يتأمل وجهه، ثم غيّر ملامحه باستخدام إحدى تقنياته السحرية.

‏تمتم ساخرًا وهو يمرر يده على وجهه الجديد:

‏"مهما فعلت… أظل وسيماً."

‏استيقظت يونا على سرير خشبي بسيط، تنظر حولها في حيرة، ثم نظرت إليه وقالت: "أين أنا؟ ومن أنت؟"

‏اقترب منها بلين بنظرة باردة، وقال: "أنا الفارس بلين، وأنت تابعتي المخلصة يونا. هل فقدتِ ذاكرتك؟ لطالما كنتِ تأتين إليّ قائلة: يا سيدي، علّمني… أنت أقوى وأعظم شخص رأته عيناي."

‏يونا فتحت عينيها بدهشة:

‏"أنا قلت هذا؟"

‏أومأ بلين بثقة:

‏"نعم. بل وكنتِ تنعتين نفسك بالخنزيرة البرية، وتقولين: علّم هذه الخنزيرة البرية، يا سيدي!"

‏نظرت إليه بتردد، ثم قالت: "أنا لا أتذكر أي شيء!"

‏اقترب منها أكثر، وصوته ينخفض: "إذن توسّلي… توسّلي أن أساعدك."

‏همست وهي تنظر في عينيه:

‏"أرجوك يا سيدي… علّم هذه الخنزيرة البرية."

‏ابتسم بلين بخفة، وقال:

‏"حسنًا. اسمك هو يونا، وتمتلكين قوة النجم."

‏وبينما كانت تتجول في أرجاء الكوخ، وجدت ورقة قديمة على الطاولة. فتحتها، فقرأتها بصوت مرتجف: "حريق القصر الإمبراطوري. مقتل الأميرة يونا على يد قائد الحرس جون."

‏شهقت يونا، وارتعشت أصابعها: "يا إلهي… من عديم الرحمة الذي قد يقتل أميرته؟! أنا… أكره هذه القصة!"

‏في عقله، تساءل بلين: غريب… فتاة عُرفت بالقسوة… تكره القسوة؟ هل ذاكرتها الجديدة غيّرت طبيعتها؟

‏ردّ عليها بهدوء: "ربما كانت تلك الأميرة سيئة."

‏نظرت إليه: "وهل تعرفها؟"

‏هز رأسه:

‏"لا… لكن من المحتمل."

‏سألته مجددًا: "لأي إمبراطورية تتبع؟"

‏ابتسم بلين وقال: "أنا لا أتبع سوى عقلي."

‏رمشت يونا بدهشة:

‏"لا أفهم…"

‏"كل ما عليكِ فعله هو تنفيذ أوامري… فأنتِ تابعتي."

‏دخل بعدها إلى غرفة صغيرة خلف الكوخ، وكانت تحتوي على أدوات غريبة وجرعات مبعثرة.

‏سألته يونا وهي تراقبه: "هل أنت خيميائي؟"

‏رد دون أن ينظر لها: "لا، لكن لدي بعض الخبرة."

‏في داخله، بدأ يحلل الأمور: قدرتي على الإبادة والاستخراج… يجب أن تكون كافية لصناعة علاج من الدرجة السابعة. علاج يتفوق على كل علاجات الإمبراطورية ما عدا واحد فقط.

‏بدأ بلين بصنع الدواء، بدقة لا توصف. وعندما أنهى الخليط، جرح ذراعه بخفة، وسكب عليه القليل من العلاج. في لحظات، التأم الجرح كأنه لم يكن.

‏بعد يوم، اصطحب يونا إلى أحد تجار المدينة، ووقف أمامه بثقة: "لدي علاج… فعال."

‏التاجر، الذي كان يعاني من الزكام، قال بتردد: "كيف لي أن أعلم أنه يعمل؟"

‏مد له بلين زجاجة وقال: "جربه."

‏أخذه التاجر، وما إن شربه، حتى اختفى الزكام في ثوانٍ.

‏اتسعت عينا التاجر: "مستحيل! سأشتري كل ما لديك!"

‏رد بلين ببرود: "لدي خمسمائة واحدة."

‏هتف التاجر بحماسة: "خمسة آلاف قطعة ذهبية! حالاً!"

‏وافق بلين، وأخذ الذهب. وفي المساء، بينما كانت الشمس تغرب خلف الجبال، قال بلين: "سنغادر الإمبراطورية غداً."

‏نظرت إليه يونا: "لكن لماذا؟"

‏أجابها وهو يربط حقيبته: "لأنكِ… من ممتلكاتي. وعليك تنفيذ أوامري."

‏قالت بخفة: "حسنًا… يا بلين."

‏في تلك الليلة، وبينما كان العالم نائمًا، انقلبت ذكريات بلين ضده. رأى مشهدًا من ماضيه… جسده النحيل مربوط بجهاز معدني ضخم. وبطل المدفع بوليت، يقف فوقه، يستخرج طاقته بالقوة، وهو يصرخ من الألم، مقابل دواء رخيص.

‏استيقظ مذعورًا على صوت يونا: "ما الأمر؟ كنت تصرخ وأنت نائم…"

‏نهض بصعوبة، وقال بنبرة خشنة: "لا تشغلي بالك… علينا المغادرة الآن."

‏"كما تريد…"

‏لكن قبل أن يغادروا، قال: "سنتوجه إلى سوق الخادمين أولًا."

‏سألت يونا بقلق: "سوق الخادمين؟ ما هذا؟"

‏"مكان لبيع العبيد."

‏صرخت: "هذا ظلم! كيف تسمح الإمبراطورية بذلك؟!"

‏غريب… هل كانت هذه طبيعتها الحقيقية؟ أم أن ذاكرتها الجديدة أزالت الوحش الذي بداخلها؟

‏دخلوا السوق، وكان الخدم المصطفون ضعفاء، لا فائدة منهم.

‏قال بلين للبائع: "ليس لديك أفضل من هذا؟"

‏رد البائع: "لدي مجموعة لم أُخرجها بعد."

‏قادهم البائع إلى مستودع بارد، وأشار إلى قفص مظلم في الزاوية. اقترب بلين، فرأى فتاة نصف ذئب، شاحبة، تكاد تموت. لكنه، عندما فحص طاقتها، ذُهل من قوتها الكامنة.

‏سأل: "وهذه؟"

‏قال البائع: "مصابة، وقاربت على الموت. أعلم أنها من فئة نادرة، لكن الأطباء قالوا لا أمل منها. خذها مقابل خمسين قطعة ذهبية فقط."

‏اقترب بلين منها، وما إن اقترب حتى صرخت وهجمت عليه، لكن القيود أوقفتها. مد يده إلى رأسها… فرأى ماضيها.

‏قريتها أُحرقت… أهلها ذُبحوا… وتم تعذيبها، وبيعها كسلعة.

‏قال لها بلين بهدوء: "سأساعدك على الانتقام… لكن بشرط. أن تصبحي ملكي."

‏ردت دون تردد: "موافقة… لكن دعني أقتل قائد الحرس جون بيديّ، حتى لو مت بعدها."

‏أجابها بثقة: "لن تموتي. ما اسمك؟"

‏قالت وهي ترتجف: "آليا."

‏أخذها بلين إلى المنزل، وبدأ في علاجها بنفسه، مستخدمًا قدرته. كان يرى الحقد في عينيها… ذلك النوع الذي لا يُطفأ بسهولة.

‏ببن: عجيب… مررتِ بعذاب يشبه ما عشته أنا.

‏وفي تلك الليلة… وبينما غطت النجوم السماء… غاص بلين في أحد أسوأ كوابيسه…

‏زنزانة حجرية رطبة، جدرانها مغطاة ببقع الدم.

‏كان بلين معلقاً بالسلاسل من معصميه، قدماه بالكاد تلمسان الأرض المليئه بالطين والدم. ضوء المشاعل الخافت يرمي بظلال طويلة مرعبة على الجدران.

‏تُفتح بوابة الحديد الثقيلة... يعلو صوت الصرير كأن الزنزانة نفسها تتألم.

‏يدخل بوليت، يرتدي بالطو أسود طويل يلامس الأرض، مغطى ببقع دم قديمة، وحذاءً ثقيلاً يطأ الأرض بثقة مقيتة. وجهه مغطى جزئياً بظل قبعته العريضة، وعيناه تلمعان كأن فيهما جحيمًا.

‏بوليت (بصوت منخفض وخشن):

‏"تظن أنك قوي... لكن حتى الحديد يلين تحت المطرقة الصحيحة."

‏يتقدم نحوه ببطء، يسحب سوطًا جلديًا سميكًا، أطرافه تنتهي بمسامير حديدية. يبدأ بضرب ظهر بلين بقوة، والدماء تتطاير، مع كل صفعة ينفجر معها صوت الألم.

‏بلين يصرخ، والدم يختلط بالعرق، صدره يهتز من الحشرجة.

‏بوليت يضحك ضحكة قصيرة، ويضغط على جرح مفتوح في كتف بلين بإصبعه المغطى بالرماد.

‏ثم تدخل "سكايت"...

‏امرأة فارعة الطول، عيناها مثل جمرتين ميتتين، شعرها الفضي مربوط للخلف، ويدها اليمنى تمسك سيفًا ضخمًا ذو نصل طويل ومسنن، مغلف بخيوط قماش مبللة بالدماء.

‏سكايت (ببرود):

‏"ما زال يتنفس؟ لو كنت مكانك، لسلخت جلده أولًا."

‏تتقدم بهدوء نحو بلين، تمرر السيف على صدره ببطء، تجرحه جرحاً طويلاً من الكتف حتى أسفل البطن. الدم يسيل، ووجه بلين يتحول إلى قناع من العذاب.

‏بوليت (ساخرًا):

‏"اصبري، نحن نصنع منه شيئًا أعظم من الموت."

‏سكايت تهمس له عند أذنه:

‏"لا تنسَ هذا الألم... لأنه الشيء الوحيد الذي سيبقى لك حين تفقد كل شيء."

‏ثم بغتة، تضربه بسيفها من الجانب، فينكسر ضلع، وتغادر كما دخلت، بلا مشاعر.

‏تُغلق البوابة، ويُترك بلين يتنفس بصعوبة، عينيه غارقتين في الدم والدموع.

‏ومن بعيد، همسات لا يسمعها إلا هو... أصوات الماضي، تصرخ في عقله: "كنت ضعيفًا، وستظل ضعيفًا."

‏يستيقظ بلين و هو يصرخ بصوت عالٍ

‏قائلاً: لاااااا !

‏يصمت قليلا و يقول:-

‏انا لست ضعيفاً، و اعد اني سانتقم منك يا بوليت انت و سكايت و ساريكم أشد أنواع العذاب صدقوني هذا الوعد محفورُ في روحي

‏ ( و سانتقم !! )

الجديد

Comments

Serrano manga

Serrano manga

كل من يقرأ رواية جميلة وكل من يشاهد تعليقي يضع لايك

2025-05-07

2

hazem Ibrahim

hazem Ibrahim

كمل

2025-05-06

1

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon