البارت الثالث

في نفس البناء الذي تقطن به هبه في شقة أخرى الأوضة كانت ضلمة، ما فيهاش غير نور خفيف جاي من الشباك المقفول بستارة قديمة باهتة.

على طرف السرير، كانت سما قاعدة، حاضنة رُكَبها، وبِتبص في موبايلها كإنها مستنيّة حاجة…

معجزة تنقذها، أو رسالة تهدّها.

برا، المطر بينزل، بس هي مش سامعة حاجة.

الصوت اللي جوا دماغها أعلى من أي مطر.

صوت أبوها وهُو بيزعّق لأمها، صوت أمها وهي بتقول "خلاص بقى" وهي بتكتم في دموعها،

صوت المُدرسة اللي قالت لها:

"يا سما، هو إنتي دايمًا سرحانة ليه؟"

وفوق كل ده، صوت الرسالة اللي لسه وصلت حالًا.

"إنتي نسيتي الصور ولا إيه؟

ما تلومييش غير نفسك."

"مجدي"... الشخص اللي كانت بتحلف إنه بيحبها.

الشخص اللي خلّاها تحس إنها مش لوحدها، وإنها حلوة ومحبوبة ومهمة.

كان بيصحّيها برسالة كل يوم:

"صباح الخير يا أجمل بنوتة في الدنيا."

وكان بيسألها:

"أكلتي؟ نمتِ كويس؟ حلمتي بإيه؟"

دلوقتي بقى بيبعت لها تهديدات، صوت رسالته يخوّف أكتر من أي حاجة.

فتحت الدرج بتاع المكتب، طلّعت كشكول الرسم بتاعها، اللي بقاله شهور مرمي.

أول صفحة كان فيها وش بنت بتضحك.

بصّت عليه، ومسحت الضحكة، ورسمت دمعة.

جمبها، كتبت بقلم رصاص خفيف:

"في الأول قال لي: إنتي شبه القمر...

ما كنتش أعرف إن القمر دايمًا لوحده، والنور بتاعه بيتاكل بالوجع."

بصّت على الشباك، ومدّت إيديها وفتحت الستارة.

كانت عايزة تصرخ…

كان جواها صوت بيقول: "هو أنا لو اختفيت، حد هياخد باله؟"

بس محدّش سأل.

ولا حد شاف.ولا حد سمع.

كانت سما قاعدة في أوضتها، الضلمة لسه ماليه المكان، بس في قلبها فيه نور صغير بدأ يولّع…

مش نور أمل، لأ…

نور غضب، خوف، توتر… كله متلخبط.

كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها.

وفجأة…

كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها، كأنها بتحاول تفهم بأي لحظة خانت فيها عقلها قبل قلبها.

الليل كان ساكن، بس قلبها ما كانش، بين كل رسالة والتانية كانت بتاخد نفس عميق كأنها بتغوص في بحر ذكرياتها اللي غرقاها.

وفجأة...

رنّ الموبايل.

رقم غريب.

اتجمدت صوابعهــا على الشاشة، قلبها بيدق بسرعة، وشيء في داخلها بيقولها "ما ترديش".

رفضت المكالمة، لكن بعد ثواني...

وصلتها رسالة.

فتحتها، وعيونها اتسعت.

"لو ما نفذتيش اللي هقولك عليه، كل الصور اللي عندي هتبقى على الإنترنت قبل ما الفجر يطلع."

الدم انسحب من وشها، إيديها بدأت ترتعش، والموبايل قرب يقع من بين صوابعهــا.

كانت لوحدها في أوضتها، بس فجأة حسّت كأن في ألف عين بتراقبها، كأن الحيطان نفسها بتتآمر عليها.

رسالة ورا التانية، تهديد ورا تهديد، وكلهم بصوت مجدي اللي كان دايمًا بيطمنها إنها "أمانه في عيونه".

بس دلوقتي، العيون دي بقت سكاكين.

وهي... محاصرة.

تمام، خليني أكمل لك المشهد بأسلوب روائي فيه تصاعد بالرعب والقلق:

دخلت صورتها على المراية، بس ما عرفِتش نفسها.

بشرتها شاحبة، وعيونها مبلولة بالخوف.

قربت من السرير، قعدت على طرفه وهي ماسكة الموبايل كأنه قنبلة موقوتة.

كل رسالة جديدة كانت بترن، قلبها بينط معاها.

تحاول تمسح الصور؟ بس إزاي وهو معاها؟

تحاول تكلم حد؟ طب تقولهم إيه؟

"كنت واثقة فيه... واداني أمان، وسرقني."

صوتها حتى ما كانش يطلع وهي بتحاول تتمرن تقول الجملة دي.

تلفتت حواليها، كأنها مستنية يخرج من ورا الباب، من الدولاب، من الحيط.

رسالة جديدة.

فتحتها غصب عنها.

"هبدأ بالصورة اللي كنتي لابسة فيها الفستان الأحمر، فاكرة؟ الناس هتحب يشوفوها."

ضربات قلبها وصلت لأذنيها.

دموعها وقعت، بس ما كانتش دموع ندم، كانت دموع فزع.

مش بس على نفسها، على أهلها، على شكلهم في عيون الناس لو اتفضحت.

قامت بسرعة، فتحت الشباك، النفس ما كانش كفاية.

كانت بتنهار، وأصعب شيء... إنها لحالها.

قربت تكتبله: "إنت عايز إيه؟"

بس وقفت.

لو رديت، هيدوس أكتر.

لو سكتت، يمكن يسكت.

بس هو مش بيسكت... ولا بينسى.

قعدت على الأرض، ضامة ركبها لصدرها، والموبايل بين إيديها،

وفي كل دقة جديدة... كانت بتحس إنها بتخسر حتة منها.

جلس مراد على حافة السرير، يديه مشتبكتان، وعيناه شاردتان نحو الأرض، كأنها تحمل كل خيباته دفعة واحدة. كان الصمت يملأ الغرفة، حتى أن صوت تنفسه كان يبدو عاليًا وسط سكون يختنق.

دخل مصطفى بخطوات مترددة، ثم اقترب ووضع يده على كتف صديقه.

نظر له مراد دون أن يبتسم، ثم تنهد بعمق وقال بصوتٍ مكسور:

عايز إيه يا مصطفى؟ أنا اللي فيني مكفيني.

جلس مصطفى إلى جانبه، وضمّه بذراع حانية.

برده رفضك؟ مع إنه عارف إنك عندك كل حاجة؟ مش ناقصك شي…

ثم ابتسم ابتسامة حزينة وأضاف:

تصدق؟ هو الخسران. ما تزعلش نفسك. لو ربنا كاتبلكوا تكونوا سوا، حتكون من نصيبك.

هزّ مراد رأسه ببطء، كأن كلماته لم تعد تطمئنه كما كانت تفعل من قبل.

أنا... أنا حاسس إنها مش بتحبني زي ما بتقول، صوتها لما بتكلمني مابقاش فيه شوق، نظرتها بقت فاضية… كأنها بترد مجاملة، مش حب.

صمت لحظة، ثم تابع:

أنا بحارب عشانها، بواجه الدنيا كلها، وهي؟ ما بتحاولش حتى تفهمني، ولا مرة قالت لأبوها بحزم إنها عايزاني. دايمًا سايبة الرفض عليه.

مصطفى تنهد وقال بهدوء:

بص يا مراد، أنا ما كنتش عايز أقولك، بس من فترة... سمعتها بتتكلم مع واحدة صاحبتها، وقالت إنها مش شايفة نفسها معاك على المدى البعيد. قالت إنها بتحترمك... بس مش بتحبك زي ما إنت فاكر.

رفع مراد عينه فجأة، كأن أحدهم سكب عليه ماءً باردًا. ارتجفت شفتاه، لكن لم يصدر صوت.

نظر لمصطفى طويلًا، ثم همس: يعني أنا كنت عايش كذبة؟ كل اللي بينا كان تمثيل؟

مصطفى وضع يده على كتف صديقه وقال: مش تمثيل بالضرورة، يمكن كانت مشوشة، يمكن كانت بتحاول تصدق إنها بتحبك، بس... الحقيقة إنها مش زيك، إنت بتحب بصدق، وهي بتحب ترتاح، تتحب.

سقطت دمعة من عين مراد، لكنه سرعان ما مسحها بقوة.

نهض واقفًا، ووقف أمام المرآة، حدّق في نفسه مطولًا.

ثم قال بصوت ثابت: كفاية وجع... يمكن الحب مش حرب لازم نكسبها، يمكن لازم يكون أمان... مش استنزاف.

ابتسم مصطفى لأول مرة بصدق:دي البداية ياصاحبي… مش النهاية.

هبة كانت قاعدة على السرير، لابسة بيچامة واسعة ومربطة شعرها على شكل كحكة عشوائية، والموبايل في إيدها، بتبعت ڤويس لصاحبتها مروة:هبة في الڤويس:يا مروة، أنا زهقت حرفيًا، حاسة إن دماغي هتنفجر

الفراغ… ولا خروجة، ولا حتى فضيحة جديدة! ناقصني أكشن…

فجأة الباب يتفتح بـ"تكٍّة" خفيفة، وسامر يطل بنص وشه:

سامر:سمعت كلمة "فضيحة"؟ دخلت في الوقت الصح بقى؟

هبة بتتأفف:ياااااااااه، كنت لسه بقول ناقصني أكشن… ما كنتش أعرف إن ربنا هيستجيب بسرعة كده!

سامر وهو داخل وهو ماسك علبة عصير:بما إنك زهقانة… عندي لك مغامرة عظيمة، بس لازم توقعي على ورقة "إخلاء مسؤولية" الأول.

هبة مستغربة:إنت ناوي تعمل إيه يا سامر؟ مش ناقصاك.

سامر بجدية مصطنعة:هنعمل مكالمة دولية وهمية. هنخلي مروة تصدق إنك اتخطبت لواحد أجنبي اسمه "چاستن"، وعايز ياخدك تعيشي معاه في نيوزيلندا… بس بشرط: تتكلمي إنجليزي بـلهجة صعيدي!

هبة تضحك:يعني هو چاستن ده طالع من مغاغة ولا إيه؟!

سامر:چاستن من مغاغة بس هاجر نيوزيلندا، قلبه في الصعيد بس جسمه في كرايست تشيرش.

هبة تضحك أكتر:طب يلا بينا، بس لو قلبتيها فضيحة، هخلي ماما تمنعك من البلايستيشن أسبوع.

سامر يرفع إيده:متفقين! يلا نبدأ المهمة!

(ويبدأوا يسجلوا ڤويسات مضحكة ويبعتهالها، وكل مرة سامر يخترع شخصية جديدة، مرة چاستن، مرة عم چرجس، مرة "عميد قسم الحب"

تمام! المرة دي نخلي هبة تحاول ترد لم سامر المقلب… بس طبعًا، لازم يحصل twist ويقلب الموقف عليهـا!

بعد حفلة الضحك اللي عملها سامر، هبة قررت تاخد حقها…دخلت أوضته وهو مش موجود، لقت الموبايل مفتوح على إنستجرام، وبما إنها أخت محترفة في الشقاوة، قررت ترد الصاع صاعين.

هبة بصوت شيطاني وهي بتتكلم مع نفسها:هعمله ستوري يقول فيها:

"بحب أسمع تامر حسني قبل النوم، وبعيط على أغنية ارجعلي تاني وأنا ماسك المخدة"

ونزّل… ستوري نزلت خلاص!

بعد ٣ دقايق، سامر دخل الأوضة وهو بيأكل فشار

سامر:إيه؟ مفيش صريخ ولا زعيق؟ شكلك بتخططي لحاجة.

هبة بتحاول تمثل البراءة:أنا؟ لااااااا… ده أنا كنت بذاكر فن التعامل مع الأشقاء المجانين.

سامر يرن موبايله، يبص على الشاشة ويصرخ إييييييييييه ده! إنتي نزلتي الستوري؟!!

ده كريم صحبي بعتلي voice بيعيط مع الأغنية!

هبة فرحانة جدًا:أهو كده… تاخد على دماغك شوية!

سامر يرجع يضحك فجأة:طب بصي بقى، هو أنتِ كنتي فاكرة إنك بتستعملي موبايلـي؟

ده كان موبايل القديم، وأنا لسه شغال عليه عشان بصور بيه فيديوهات TikTok.

لكن…

يطلع موبايله الأصلي

أنا كنت بصورك وإنتِ بتعملي الستوري… وده هينزل دلوقتي تحت عنوان:

"لما أختك تفتكر إنها بتنتقم وهي بتوقع نفسها!"

يضحك وهو بيضغط upload

هبة بتصرخ:ساااااااااااااااااااااااااامر! هقتلك!!!

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon