Paradise Earth (2) ___("الحدود الغرب")__

..._2_...

...("حدود الغرب")...

في مكان بعيد، في مملكة "الجحيم الشمس"، كانت ساحة التدريب تعج بالأمراء الذين يعشقون فنون القتال والتدريب. لكن وسطهم، كان هناك أميرٌ يختلف عنهم، أمير الثلاث، "شمس".

لم يكن يحب التدريب، رغم أنه أمضى خمس سنوات في تعلم فنون القتال والتعامل مع الأسلحة، لكنه لم يكن يرى في الأمر متعة كما يفعل أشقاؤه.

كان يجلس متأملاً، يراقب إخوته بملل، فهو هنا فقط لأن والده يُجبره على التمرين ليصبح أقوى. لكن قلبه وعقله كانا في مكان آخر، في ذكريات والدته التي لم يعرفها قط، لكنه كان يشعر بها دائماً قريبة منه.

نظر إلى السماء وهمس لنفسه:

_"أمي، ليتني كنت معكِ... هذه الحياة مؤلمة جداً... رحمكِ الله يا أمي."

كان دائماً يتذكرها، يشعر بها تسكن قلبه، وكأنها لم ترحل قط، بل ما زالت تحرسه من بعيد. كان يراها في أحلامه بين الحين والآخر، فتمنحه لحظات من الدفء وسط برودة الواقع.

"عاصف"، أحد إخوته، اقترب منه وضربه على كتفه بمزاح ليخرجه من شروده:

_"فيما تفكر؟ هيا، انهض! عليك أن تتدرب."

"شمس"، بانزعاج:

_"لماذا فعلت ذلك؟ لا أريد أن أتدرب، يكفي أنني تعلمت كيف أتعامل مع الأسلحة وفنون القتال."

"عاصف"، بابتسامة خفيفة:

_"أخي، أعلم أنك لا تحب التدريب، لكن التعلم وحده لا يكفي! التدريب يجعلك أقوى وأسرع... هيا انهض."

"رعد"، مؤيدًا:

_"كلام عاصف صحيح، هيا، سنتدرب نحن الثلاثة معًا."

لكن "شمس" رد عليهما بنبرة مختلفة، وهو ينظر إليهما بجدية:

_"هل انتهيتما؟ نحن لا نتدرب سوى لنهاجم الأبرياء في حدود مملكة 'الفردوس'! أنتما تعلمان أن 'الفردوس الأرض' لا تنوي القتال، لكنكما مصرّان على الحرب."

"رعد"، بغضب واضح:

_"شمس! هل أنت واثق أنهم أبرياء؟ مملكة 'الفردوس الأرض'؟! لا أعلم لماذا يسمونها هكذا! 'لعنة الأرض' اسمٌ أفضل، فهم يستحقونه!"

قالها وهو يمتلئ حقدًا تجاه تلك المملكة.

نهض "شمس" متأففًا، فقد أدرك أن لا فائدة من الحديث مع إخوته، الذين لا يرون سوى القتال وسفك الدماء.

"عاصف"، متسائلًا:

_"إلى أين تذهب؟ لم ننهِ التدريب بعد."

"شمس"، ببرود:

_"سأذهب للاستحمام، هل لديك مانع؟"

"رعد"، مستهزئًا:

_"أتمم تدريبك أولاً، ثم افعل ما تشاء..."

قبل أن يكمل حديثه، دخل الخادم "نورس" بعد أن سمح له "عاصف" بالدخول.

"عاصف"، متسائلًا:

_"ماذا هناك، نورس؟"

"نورس"، بانحناءة احترام:

_"يا صاحب السمو، الملك يطلبكم جميعًا في قاعة العرش."

"عاصف"، بإيماءة سريعة:

_"حسنًا، سنأتي فورًا. يمكنك الانصراف."

بعد أن غادر الخادم، التفت "عاصف" إلى "شمس" ومد يده نحوه قائلاً:

_"أخي، لا أعلم من أين أتيت بهذه الأفكار، لكننا لم نقتل أهل الحدود الأبرياء. نحن نقاتل فقط الجنود الذين يتجاوزون حدودنا."

لكن "شمس" لم يكن مقتنعًا، كان يعلم أن "عاصف" يكذب على نفسه قبل أن يكذب عليه. فهذه أوامر الملك، وليس بيد "عاصف" أو "رعد" أن يغيروا شيئًا.

تنهد "شمس" قائلاً، وهو يحدق بعيدًا:

_"عاصف، لا تهتم... لن أناقشكم أكثر."

"رعد"، ضجرًا:

_"سأذهب، أكملوا دراما الأخوة هذه وحدكما."

قالها قبل أن يغادر ساحة التدريب ويختفي من أمامهما.

"شمس"، بقلق:

_"عاصف..."

لكن "عاصف" قاطعه، واضعًا يده على كتفه:

_"هيا، يجب أن نذهب إلى والدي، سنعرف دوره هذه المرة."

توجه الأخوان إلى قاعة العرش، وقلب "شمس" ممتلئ بالقلق... هل سيكون دوره الآن؟ أم أن والده سيكلف أحدًا آخر بالذهاب إلى الحدود؟

داخل القاعة، كان الملك يجلس بفخر، ينظر إلى أبنائه الثلاثة كأنهم كنوز، كل واحد منهم أغلى من الآخر.

كان "رعد" يتحدث معه في مواضيع مختلفة، قبل أن يرفع الملك يده، مشيرًا إلى الصمت.

"الملك"، بنبرة حازمة:

_"حسنًا، رعد، افعل ما تراه مناسبًا."

"رعد"، مبتسمًا بفخر:

_"حاضر، يا مولاي."

التفت الملك إلى أبنائه الثلاثة، وصوته يصدح بوضوح:

"لقد دعوتكم اليوم لأخبركم بأمر مهم... حسب قانون المملكة، كل واحد منكم عليه أن يؤدي مهمته في الحدود. عاصف ذهب أولًا، ثم لحقه رعد، والآن... جاء دورك يا شمس!"

كانت نبرة الملك صارمة، ونظراته مليئة بالغضب تجاه ابنه _"شمس"، الذي كان يرفض دائمًا الذهاب إلى الحدود.

أنهى "رعد" مهمته، بعد أن أمضى ستة أشهر هناك، وكان يأتي كل شهر إلى القصر لفترة قصيرة. والآن، لم يعد هناك مجالٌ للرفض... جاء دور "شمس"، ولا مهرب من ذلك.

"شمس" قالها وعيناه على الأرض بهدوء شديد:

_مولاي، ألا توجد مهام غير الحدود؟

الملك بغضب:

_"شمس"، قبل أن تتكلم انظر إلي، أنت ابن "سقر" .... لست من الخدم .. مفهوم؟ مهمتك هي الحدود ولن تتغير.

"عاصف" محاولًا تهدئته:

_أبي، أثق بـ"شمس"، سيتمم المهمة بكل قوة .. صحيح، "شمس"؟

قالها "عاصف" وهو يعلم أن أخاه حزين، لا يريد أن يذهب، ولكن بالنهاية، هذه أوامر الملك.

"شمس" كان ينظر إلى والده وقال:

_أبي، سأذهب .. ولكن اليوم ذكرى وفاة أمي .. بعد المراسم سأذهب.

بعدما سمع الملك كلام ابنه، تغيرت ملامحه.

الملك ببرود:

_"شمس"، لا حاجة للمراسم، وما الفائدة منها؟ ستذهب حالًا.

"شمس" حبس غضبه بداخله وقال بوضوح شديد:

_أبي، كيف لا حاجة؟ كل سنة نحضر المراسم..... لماذا اليوم؟

الملك قالها بكل برود:

_"شمس"، ما الفائدة من المراسم لشخص خائن؟ كنت أسمح لك كل سنة من أجلك، لكن الآن لا مراسم.. يكفي .. أنت كبرت على هذه الأشياء ... يكفي يا "شمس".

"شمس" بعدما سمع كلام والده عن أمه، قال بغضب شديد:

_كيف تكون خائنة؟! لم تخنك، ذهبت من أجل عائلتها لأنها اشتاقت إليهم ... هل الاشتياق للأهل يُعد خيانة بالنسبة لك؟

كان يتكلم وهو يحاول كتم دموعه، يشعر بحرقة في قلبه، بينما كان الملك غاضبًا جدًا من ابنه.

"مالك" بغضب:

_هي خائنة، "شمس"! تعلم أنها وعدتني ألّا تذهب إلى "الفردوس الأرض" بعد أن خانني ملكهم... لكنها عصت أوامري في النهاية.

ازداد غضب الملك، وبجانبه وعاء من الفواكه، أمسك به وألقاه بعيدًا عنه.

"رعد" قالها بعدما كاد يُصاب بالوعاء:

_أبي، أهدئ من روعك!

"شمس" قائلاً:

_أبي، أنت تعلم أنها لم تخنك ولم تخن المملكة.

الملك وهو يهمّ بالمغادرة:

_أنا سأذهب، لن يجدي الكلام معك... "رعد"، أخبر الحكيم أن يأتي إلى جناحي بسرعة!

قالها الملك وهو يستقيم مغادرًا إلى جناحه.. كان "عاصف" مصدومًا مما حدث، فهو يعلم أن "شمس" لم ينسَ أمه يومًا، صحيح أن أم "شمس" لم تكن أمه، لكنها كانت بالنسبة له كأمٍ حقيقية. تقدم نحو أخيه وربّت على كتفه.

"عاصف" بحنان:

_أخي، أعلم أنك منكسر من عمق قلبك بسبب ما حدث... أمك كانت أجمل أم على الإطلاق. عشت معها سنتين فقط، لكنها كانت بالنسبة لي سنواتٍ طويلة، صحيح أنني كنت صغيرًا حينها، لكنني أتذكرها بوضوح.

"شمس" بحزن:

_هل كانت أمي حنونة جدًا؟

"عاصف" قالها بكل حنان، وهو يتذكر لحظاته مع أمه:

_أحن أم، مثل اسمها "جنات"... رحمها الله.

"شمس" قالها وهو يتمنى أن يراها ولو للحظة، شعر ببعض الغيرة من أخيه:

_رحمها الله.

ذهب "شمس" مع "عاصف" إلى ساحة القصر، ليساعده على تحضير أمتعته، فقد كان عليه أن يغادر اليوم إلى الحدود.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

("ذلك النور")

قبل سبعة وعشرين عامًا، كانت مملكة "الفردوس الأرض" و"نعيم الأرض"، التي تُعرف الآن بـ"الجحيم الشمس". ولكن من الأصل، كانت وما زالت تُسمى "الجحيم الشمس"، وذلك قبل أن يصبح الملك "سقر" ملكًا. كان الملك "سقر" لا يحب الظلم، لكنه في النهاية ابن الملك "عسير" الرحال.

كان الملك "سقر" والملك "نورسين" صديقين وأخوين، لكن هذه الصداقة لم تدم أبدًا.

"نعيم الأرض" هو الاسم الذي أطلقه الملك "سقر" بعد تعاونه مع "فردوس الأرض".

في مملكة "الفردوس الأرض"، في وسط الحديقة الأمامية للقصر، كانت الملكة "نجمة" تسرّح شعر أختها "جنات".

"جنات" أكبر من "نجمة"، فالأولى تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، بينما الثانية عشرون عامًا.

لكن "نجمة" تزوجت من الملك "نورسين" قبل عام، بعد حب دام ثلاث سنوات، حيث تعرّف عليها من خلال وزيره "عمران"، والد "نجمة" و"جنات".

قالت "جنات" على استحياء:

_ هل سيأتي الملك "سقر" اليوم؟

"نجمة" بمزاح:

_ لماذا تسألين؟ لا أعتقد أنه سيأتي... هممم.

عدّلت جلستها والتفتت إلى أختها، ثم ابتسمت لها ابتسامة شبه حزينة.

قالت "نجمة" وهي تسألها مجددًا:

_ لماذا تسألين؟

"جنات" بتوتر:

_ فقط أسأل... مجرد سؤال... لماذا تدققين في كل شيء؟

"نجمة" وهي تواصل تسريح شعر أختها:

_ "جنات"، أعلم لماذا تسألين، لقد وقعتِ في حب الملك "سقر"، أعلم كل شيء... عيناكِ تفضحانكِ.

استقامت "جنات"، متفاجئة من كلام أختها، أرادت الهروب، لكن أختها أمسكت بيدها وسحبتها إلى صدرها واحتضنتها بحنان.

قالت "نجمة" وهي تمسح على شعرها بهدوء:

_ "جنات"، لماذا الخجل؟ في النهاية، قلبكِ سيتعلق بشخص، سواء كان "سقر" أو غيره.

رفعت "جنات" رأسها وقالت بثقة:

_ لن يكون سوى هو.

قهقهت "نجمة" بخفة:

_ يا فتاة، لماذا الانفعال؟ مجرد كلام... سيأتي قبل حلول الغروب.

"جنات"، بفرح، احتضنت أختها بقوة من الحماس.

اختنقت "نجمة" بمزاح:

_ ابتعدي، كدتُ أختنق من حماسك الزائد!

"جنات"، بحماس:

_ أختي، آسفة! أريد أن أجهّز نفسي قبل أن يأتي... آه، وداعًا!

لكن فجأة، أمسكت "نجمة" بيد "جنات":

_ إلى أين أنتِ ذاهبة؟ ماذا ستجهزين؟ ما الذي أراه الآن؟ أختي، أنتِ فاتنة الجمال.

قالت "جنات" بشغف، وهي تنظر إلى الفراشات من حولها:

_ "نجمة"، في نظركِ أنا جميلة، لكنني أريد أن أكون الأجمل في نظره. وإن كنتُ الأجمل، فلن يحب غيري. ولكنني لا أعلم، هل يحبني أم لا؟ أم أننا مجرد أصدقاء؟ أنتِ أحببتِ "نورسين" قبل أن يصبح ملكًا، وهو أحبكِ أولًا، واعترف لكِ بحبه. حينها، تمنيتُ أن تكون لي قصة حب مع شخص يأسر قلبه قبل أن يأسر قلبي. لكن حدث العكس، أنا التي وقعت في حبه، وهو لا يعلم بذلك. أختي... أحببته من أول نظرة يوم زفافكِ، لكنني لم أكن أعلم أنه ملك. بعد كل المحاولات، أصبحنا أصدقاء... كلما أتى إلى القصر، كان يدعوني للمشي معه في الحديقة. حينها، كان قلبي يكاد يخرج من صدري لقربه مني، وكنا نتحدث في أمور عشوائية، لكن كل كلمة كانت تلامس قلبي.

استمعت "نجمة" إلى أختها بكل إنصات، ثم قالت:

_ هل أحببته منذ عام؟ لكنني أعرف الملك "سقر" منذ عام ونصف، عندما أصبح "نورسين" ملكًا... ربما لأنكِ كنتِ في شرق "الفردوس" حينها؟

_ تعلمين أنني أتيت إلى القصر قبل زفافكِ بشهر، أختي.

_ ذاكرتي ضعيفة، ليست مثلكِ، خارقة! عليّ أن أذهب، لم أرَ الملك منذ الصباح... سأذهب، هممم.

"جنات"، متصنعة الغضب:

_ بهذه السرعة يشتاق قلبكِ له؟! ماذا عن حالي؟! أشتاق له منذ أكثر من شهر ونصف!

طبطبت "نجمة" على كتف أختها بحزن متصنع، ثم غادرت إلى الملك. دخلت جناحه، فوجدته مستلقيًا على سريره. جلست على طرف السرير، وأخذت تمسح على شعر زوجها الحبيب.

"نورسين" ابتسم وهو يشعر بلمسات زوجته، ثم قال بهدوء:

_"أخيرًا، بعد كل هذا التعب، أحتاج إلى لمساتك يا ملكتي."

عدّل جلسته وطبع قبلة ناعمة على شفتيها بحب… لكنها لم تكن كافية.

أحاط خصرها بيديه وقبّلها بعمق أكثر.

"نجمة" خجلت بشدة، ونظرت إلى الأسفل:

_"هل اشتقت إليّ بهذه السرعة، عزيزي؟"

ما إن نطقت بكلمتها حتى فاجأها بقبلة أعمق، جعلتها تلهث من شدّتها.

نظر إليها بحب، ثم طبع قبلة على جبينها وظهر يدها، قبل أن ينهض من السرير.

مرر "نورسين" يده على شعرها بحنان وقال:

_"لمَ أنتِ خجولة؟ كان بإمكاني أن أكمل ما بدأناه، لكنك تعلمين أن الملك "سقر" سيأتي إلى القصر قبل غروب الشمس... ولكن عندما يحلّ الليل، سنكمل... همم؟"

شعرت "نجمة" بفراشات تحلّق في معدتها، لكنها سألته بفضول:

_"لماذا سيأتي "سقر"؟"

_"لا أعلم يا نجمة... كل ما في الأمر أنه أرسل إليّ البارحة رسالة مع أحد حراسه، يخبرني بأنه سيزور "الفردوس الأرض"... لكن ما السبب؟ لا أعلم."

---

قبل الغروب بساعة، وصل الملك "سقر" إلى القصر.

رحّب به الملك والملكة بكل احترام وتقدير.

قال الملك بسرور:

_"يا لها من مفاجأة، أيها الملك"سقر"!"

لم يتحدث "سقر"، بل حرك عينيه بنظرة فهم منها "نورسين" أنه يريد إخلاء قاعة العرش.

أمر الملك الجميع بالخروج خلال دقيقة، وبالفعل، غادروا القاعة.

تقدم "سقر" من "نورسين"، وكان التوتر واضحًا على ملامحه.

أدرك "نورسين" أن هناك أمرًا خطيرًا جعله يأتي بهذه السرعة.

"نورسين"، بقلق:

_"هل كل شيء على ما يرام، "سقر"؟! هل حدث شيء؟ هل—"

قاطعه "سقر" بجدية:

_"نورسين، هناك عدوٌّ داخل قصرك! علمتُ بالأمر صدفة البارحة… كنت في رحلة صيد مع جنودي، وكانوا منتشرين حول الغابة، بينما كنتُ نائمًا في خيمتي وقت الظهيرة..."

توقف فجأة، فتملّك الفضول "نورسين" وسأله بلهفة:

_"أكمل، ماذا حدث؟!"

تنهد "سقر"، ثم تابع:

_"سمعتُ صوت خطوات تقترب، كانت على بعد متر أو متر ونصف. نهضتُ وتقدّمتُ، لكنني لم أرَ أحدًا... حينها، وجدتُ رسالة ملقاة تحت صخرة. قرأتها أكثر من خمس مرات، ولم أستوعب كيف وصلت إلى هناك أو متى!"

أخرج الرسالة، وناولها إلى "نورسين"، الذي قرأها بتمعن ووضوح شديد.

محتوى الرسالة:

"سيُنقل مخزون القمح إلى جنوب مملكة "الفردوس الأرض"، وسيتوزّع فقط على أهل الجنوب.

هذا القمح فاسد! الجنوب فقط، مفهوم؟

أنت تعلم ما هو دورك.

إن لم تنجح، فاعلم أنك ستكون السبب في مقتل أمك."

الختم: "عث"

"أحد المعارف"

ما إن رأى "نورسين" الختم، حتى أدرك هوية العدوّ… فصُدم بشدة.

_"أنا أيضًا صُدمت!"

قال "سقر" بجدية:

_"لم أكن أعلم أن الخائن هو الوزير "عثمان"… زوج أختك! لكن، "نورسين"، أعتقد أن هذه الرسالة قد تكون فخًا… لا أعلم، ولكن كإجراء احترازي، علينا التأكد من حالة أهل الجنوب قبل أن تخسر ثقة شعبك."

أخذ الملك "نورسين" نفسًا عميقًا، ثم أمر أخاه الأمير "بدر" بالتحرك فورًا مع مجموعة كبيرة من الجنود إلى الجنوب، للاطمئنان على أهل المملكة.

كما أصدر أمرًا بالقبض على الوزير "عثمان".

ولم يخبر أخته بأمر زوجها، لأنها مريضة طريحة الفراش منذ عشرة أشهر.

عندما وصل "بدر" إلى الجنوب، سيطر على الوضع قبل وقوع الكارثة.

تم القبض على حراس "عثمان" عند الحدود، وبعد استجوابهم، اعترف قائدهم بالحقيقة "لو لم نرسل القمح الفاسد، كانوا سيقتلون أمي!"

كان "أمجد"، قائد الحرس، هو من وضع الرسالة تحت الصخرة قرب خيمة الملك "سقر".

كان يعلم أن "نورسين" لن يصدق بسهولة أن زوج شقيقته يمكن أن يخونه، لذا لجأ إلى هذه الحيلة الذكية.

لكن قبل أن يضع الرسالة، كان قد أخفى والدته في مكان آمن، بعيدًا عن "الفردوس الأرض".

بعدما علم أن "عثمان" كان يحتجزها في أحد الكهوف على حدود "نعيم الأرض"، والتي تحولت الآن إلى "جحيم الشمس"…

أصبح "عثمان" خائنًا لمملكته، ومصيره أصبح واضحًا

مكان مظلم، لا يوجد فيه سوى العذاب!

لم يستخف الملك "نورسين" بالأمر، بل أمر "أمجد" بإحضار والدته إلى القصر، وكافأه بتعيينه وزيرًا لمنطقة الجنوب، بديلًا للخائن "عثمان".

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

مرت يومان، وكان الملك "سقر" و"نورسين" منشغلين تمامًا بما حدث.

وفي قاعة الطعام، اجتمع الجميع لتناول الغداء.

كانت "جنات" تشعر بقلبها يخفق بشدة، فمنذ يومين لم ترَ "سقر" بوضوح لانشغاله.

والآن… هو أمامها!

كان "سقر" يتحدث مع "نورسين" عن أمور عشوائية، لكنه فجأة قال بوضوح:

_"سأغادر غدًا إلى "نعيم الأرض"، ولكنني جئت أيضًا من أجل أمر آخر… خبر مهم، لكن لن أقوله الآن. عندما تحين الفرصة، سأخبرك به يا ملك "نورسين"."

نظر إليه "نورسين" بتوجس، وعدّل ملامحه الجادة:

_"ما هو الخبر؟ ولمَ ليس الآن؟ هل هو مثل الخبر الأول؟"

ابتسم "سقر" ونظر إلى "جنات" للحظة، ثم عاد بنظره إلى "نورسين" وقال:

_"لا تقلق، لن يكون مثلما تفكر، يا "نورسين"."

انتهوا من الغداء، وذهب "سقر" إلى الحديقة مع مساعده يتحدثان، ثم أمر مساعده أن ينفذ ما طلبه منه.

كانت الأجواء خريفية جميلة، والأشجار تتساقط، والريح خفيفة. كان "سقر" يتأمل المنظر، ثم لمح "جنات" وهي تتحدث مع إحدى الخادمات وتضحك. كان يراقب ابتسامتها، وكل ابتسامة كانت تأسر قلبه أكثر. شعر بالتوتر لكنه تقدم نحوها، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يصل إليها.

حيَّت الخادمة الملك ثم غادرت، ليصبح هو و"جنات" وحدهما.

"سقر" بابتسامة هادئة:

_ كيف حالكِ، جنات؟

دق قلبها بجنون من سؤاله، واحمرّ وجهها كحبة طماطم، ثم ردت وهي تلمس وجهها بتوتر.

"جنات":

_ بأحسن حال، مولاي.

قال في داخله، وهو يشعر بالتوتر:

"حتى هي متوترة… ازدادت جمالًا، أشعر أن قلبي سيخرج من ضلوعي!"

"سقر" بهدوء:

_ هل تسمحين أن نجلس على المقاعد القريبة من البركة هناك؟

"جنات" بسرعة:

_ كما تحب، مولاي.

تقدَّم نحو المقاعد، وهي تسير خلفه. سمح لها بالجلوس بجانبه، وكان المنظر ساحرًا. البطّ يسبح في البركة، وأوراق الخريف تتساقط. إحدى الأوراق سقطت على كتف "جنات"، فمد يده بهدوء ليزيلها، لكن قبل أن يلمسها، استقامت فجأة.

"سقر" بتوتر:

_ لم أقصد شيئًا، جنات… كل ما في الأمر أن ورقة شجر سقطت على كتفك.

"جنات" بخجل:

_ لا عليك… كنت أريد أن…

قاطعها بلطف:

_ "جنات"، اجلسي من فضلك. لماذا الخجل؟ نحن أصدقاء، همم؟

جلست بجانبه وقالت:

_ لا، لم أخجل، يا ملك "سقر"، كل ما في الأمر أنني لا أريد إزعاجك… فقط.

كان ينظر إليها كأنها آخر امرأة على وجه الأرض، متوترًا لأنه سيخبرها بشيء يشغل باله منذ أكثر من شهرين.

"سقر" بوضوح:

_ "جنات"، أريد أن أخبرك بشيء قبل أن يعرفه أحد في القصر، حتى زوج أختك.

أمسك يدها بلطف، فشعرت بالمفاجأة وخفق قلبها بشدة.

"جنات":

_ ما هو؟

_ ما رأيك أن نتمشى حول القصر؟ الأجواء جميلة.

_ كما تريد، يا ملك "سقر".

وقف، وما زال يمسك يدها، وغادرا القصر. الحراس كانوا مستغربين من تصرف الملك، أما هي فشعرت بإحراج شديد.

"سقر" وهو لا يزال ممسكًا بيدها:

_ سامحيني، لم أقصد إحراجك.

"جنات" بخجل:

_ لا عليك.

ترك يدها وابتعد عنها قليلًا، لكنه كان يخفي خلف ظهره صندوقًا صغيرًا. نظر إليها من الأسفل إلى الأعلى، وبعد أن تأكد مما يدور في رأسه، قرر أن يقول ما في قلبه الآن، دون تأجيل.

"سقر" بهدوء:

_ "جنات"، هل تقبلين الزواج بي؟

قالها، وكانت صدمة لها. كادت تلتفت عنه، لكنه أمسك يدها وسحبها إليه، فنظرت إلى الأرض.

"سقر" وهو ينظر إلى عينيها:

_ "جنات"، أعلم أن هذا الخبر صادم لكِ، لكن… أنتِ أخذتِ قلبي منذ أول ابتسامة رأيتُها منكِ. ذلك اليوم لن أنساه أبدًا. كل يوم تأتين إلى منامي، وأشعر أنني أريد أن أخطفك من غرفتك وأضعك في حضني. كل لمسة منكِ تجعلني أشعر أنني سأجن. أحببتك أكثر مما تتخيلين، ولم أشعر بهذا الشعور إلا معكِ أنتِ… أنتِ قلبي وكياني.

كل كلمة قالها جعلت "جنات" تشعر بفراشات تملأ جسدها. لم تتوقع هذا الاعتراف، لقد تحققت أمنيتها. كانت تريد أن تعانقه، لكنها كانت خجولة. بعد أن أنهى كلامه، احتضنها، لكنها لم تبادله العناق. رفعت رأسها بتوتر شديد وقالت:

_ أنا!

_ لا عليكِ، خذي وقتكِ… لكن يجب أن تعلمي أن لدي طفلين، "عاصف" و"رعد". مهما كان قراركِ، سأحترمه.

أمسكت يده برقة، فنظر إليها يلمسها بلطف. كانت تعلم أنه لديه طفلين، لكنها لم تهتم، فهي تريده هو، لا غيره.

نظرت إليه وقالت:

_ يا ملك "سقر"…

قاطعها بلطف، ممسكًا وجهها بحب:

_ فقط "سقر"، همم، يا جنتي؟

قالت بتوتر:

_ "سقر"، أنا أقبل أن تكون رفيق دربي.

قالتها ثم قبلت خده بهدوء.

نظر إليها بشغف وقال:

_ سأكون قلبكِ وكيانكِ وروحكِ وملككِ، يا جنتي.

قدم لها الصندوق الذي كان بيده، فأمسكته بهدوء، وقلبها يرقص. سألته:

_ ما هذا؟

قال وهو يمسح على مؤخرة عنقه بتوتر:

_ افتحيه، إنه شيء يشبهكِ.

فتحته، فوجدت قلادة منقوشة على شكل الشمس، تجمع بين اللونين الأصفر والأبيض. أعجبتها الهدية كثيرًا.

"جنات" بحماس خفيف:

_ هل أنا أشبه الشمس؟

"سقر" وهو يبتسم:

_ أنتِ أجمل من كل شيء...... لكن هذه القلادة تشبه نوركِ.

"جنات" باستغراب:

_ كيف؟ هل لدي نور ولا أعلم؟

أمسك بالقلادة ليضعها لها، فأعطته ظهرها، فواصل حديثه:

_ أنتِ ستكونين أمًّا لطفل اسمه "شمس". لا أعلم… ربما تكون فتاة تشبهكِ، أو فتى يملك ابتسامتكِ.

"جنات" بدهشة:

_ كيف تعلم ذلك؟ كيف سأكون أمًّا لطفل اسمه "شمس"؟

نظر إليها وهو يقول بهدوء:

_ طوال الفترة الماضية، أرى نورًا ينبعث من بطنكِ… هذا ما حدث مع أمّ طفليّ، لكن نوركِ أقوى. نورها كان أزرق وليس قويًّا مثلكِ. أنا فقط من يرى هذا النور، فهذه ميزة ورثتها من عائلة أمي، ولا أحد يعلم بها، حتى أمّ "عاصف" لم تكن تعلم. أحببتكِ قبل أن أرى نوركِ، يا جنتي.

"جنات" بدهشة:

_ لماذا سميتم "عاصف"؟ ولماذا كان لون نور زوجتكَ أزرق؟

_ أمه هي من سمّته "عاصف"، لكن اسمه الحقيقي حسب نوره كان "شفق".

نظر إلى شفتيها وقال بحب:

_ جنتي…

كانت مصدومة مما سمعته. هي الآن تعرف اسم طفلها قبل أن تتزوج!

سحبها إليه وقبّلها بشغف. كانا غارقين في اللحظة، تمسك بكتفه، وهو يمسك وجهها.

نظر إلى شفتيها التي أصبحت بلون الكرز وقال:

_ سأخبر الجميع الآن، لا ولدك وملك "نورسين"… لن أستطيع الانتظار أكثر.

أخبر الملك، ففرح بالخبر، ثم طلب يدها من شقيقها الوزير "عمران"، فوافق والدها. وفي اليوم التالي، تمت الخطوبة، وبعد شهر، أصبحت زوجته الجميلة، "الملكة جنات".

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

يتبع…

الجديد

Comments

Bes san

Bes san

wwwwww

2025-02-24

0

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon