في قلب الظلال

كان الليل قد حل بالفعل، والقرية أصبحت في صمت عميق، إلا من همسات الرياح التي تمر بين الأشجار. إلياس وليلى كانا في طريقهما إلى الوادي، يتسللان عبر الغابات الكثيفة، حيث كانت الأشجار تقف شامخة وكأنها حراس لا يرحمون. كان الضوء الوحيد الذي يرشدهم هو المصباح اليدوي الذي حمله إلياس.

"أشعر أن كل شيء هنا ليس كما يبدو، إلياس." قالت ليلى، وقد غلبها القلق. "لماذا لا نتراجع الآن؟ لقد مررنا بكل هذا الطريق، وأعتقد أننا نعرف الآن ما يكفي."

"لا يمكننا التراجع الآن، ليلى. كل هذه الأساطير حول الوادي… يجب أن نكتشف الحقيقة." أجاب إلياس بصوت مليء بالإصرار. كانت خطواته ثابتة، لكنه لم يستطع تجاهل القشعريرة التي بدأت تزحف على جلده كلما اقتربوا من الوادي.

في تلك اللحظة، توقف إلياس فجأة. كانت أصوات غريبة تأتي من بعيد، تشبه الهمسات أو ربما ضحكات منخفضة، تتنقل بين الأشجار وكأنها تتبعهم.

"هل سمعتِ ذلك؟" سأل إلياس بصوت منخفض، عينيه تتسابق في كل اتجاه.

"نعم، سمعت. إنها أصوات غريبة." قالت ليلى، وكانت عيناها تتسمران على الطريق أمامها، خائفة من الظلال التي أصبحت أكثر كثافة مع تقدمهم.

لكن إلياس كان قد بدأ في السير مجددًا، وكأن شيئًا ما كان يدفعه للأمام. "لا وقت للقلق الآن. الوادي أمامنا، ولن نعرف إذا كنا سنكتشف شيءً جديدًا إلا إذا وصلنا."

اقتربا أكثر فأكثر من حافة الوادي، وكلما اقتربا، كان المكان يزداد غموضًا. الوادي كان عميقًا ومظلمًا، كأنه يمتد إلى مكان بعيد لا يمكن رؤيته. وفي وسط الظلال، كان إلياس يرى أشياء غريبة؛ كأن الصخور على جوانب الوادي تتحرك أو تتغير، بينما كانت الأشجار حولهم تنحني وكأنها ترحب بقدومهم. كانت تلك الحركة غير الطبيعية تثير في قلبه إحساسًا غريبًا، لكنه كان لا يزال متمسكًا بفكرته بأنهم على وشك اكتشاف سر كبير.

"ما الذي يجعل هذا المكان مختلفًا عن أي مكان آخر؟" قالت ليلى، وهي تلمح إلى الصخور التي كانت تبدو غير مألوفة، وكأنها تحمل نقوشًا قديمة.

نظر إلياس إلى الصخور وقال، "ربما هي جزء من الخريطة. قد تكون هذه العلامات هي الأدلة التي نحتاجها. يجب أن نتبعها."

بدأا في التنقل بين الصخور، وكانت الأرض تحت أقدامهم مبللة بالطين، مما يجعل المشي أصعب. كانت أشجار الوادي تتدلى أغصانها فوقهما، وكأنها تحاول إخفاء الطريق. كلما تقدما أكثر، كان الجو يصبح أكثر برودة، وكأن الليل يزداد قوة مع مرور الوقت.

بعد مسافة قصيرة، وصلوا إلى نقطة في الوادي حيث كان يوجد حجر ضخم. كان هذا الحجر مختلفًا عن باقي الصخور؛ كان أكبر وأكثر استدارة، وكان يتوسط مكانًا واسعًا في قلب الوادي. في وسط الحجر، كان هنالك شق صغير، وكأن شيئًا قد مر من خلاله منذ وقت طويل.

"هل ترى ذلك؟" قالت ليلى، مشيرة إلى الشق في الحجر.

"نعم، يبدو كأنه مدخل. ربما هذا هو المكان الذي يجب أن نبحث فيه." قال إلياس، وهو يقترب من الحجر بحذر.

لكنه عندما وضع يده على الحجر، شعر بشيء غريب، كما لو أن هناك قوة خفية كانت تجذب يده. فجأة، بدأ الحجر يهتز برفق، وكأن شيئًا غير مرئي كان يلامسه. ثم، وفي لحظة مفاجئة، انفتح الشق في الحجر بشكل مفاجئ.

"ماذا حدث؟!" صاحت ليلى، وقد بدت متفاجئة ومرتبكة.

"لا أعرف... لكننا لا يمكننا التراجع الآن." قال إلياس، وهو يخطو بثقة إلى داخل الفتحة التي ظهرت في الحجر.

دخلوا معًا إلى المكان الذي كان مختبئًا وراء الحجر، ووجدوا أنفسهم في ممر ضيق، مظلم وعميق. كانت الرياح تعصف من حولهم، وصوت خفيف جدًا كان يتردد في أذنيهم، كأنه صوت همسات قديمة.

"هل تعتقد أننا في المكان الصحيح؟" سألته ليلى، عينها تبحث عن أي دليل حولهم.

"أعتقد ذلك. هذه هي البداية، ليلى. بداية سر وادي الظلال."

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon