في ليلة شتاء باردة وممطرة، كانت ليل تجلس وحيدة في غرفتها، قلبها مثقل بالحزن وروحها محطمة. شعرت بالتيه في مستقبلها المجهول، وغموض عائلتها الذي يحيط بها، كأنهم يخفون عنها سرًا كبيرًا يقلقهم. أصوات المطر على الزجاج كانت تهمس بأسرار مدينة سوارا المظلمة، مما زاد شعورها بالوحدة والإرتباك.
رغم أن منزل والدها ووالدتها الأطباء في حي راقٍ يفيض أحيانًا بالحياة والضجيج، إلا أن ليل كانت تقضي معظم أيامها في بيت جدتها حنان في حي هادئ، لتكون بالقرب منها وتشعر بالأمان.
بالمناسبه... والد ليل الطبيب خالد يعمل طبيبا جراحا أما والدتها فهي الطبيبه ليلى طبيبه نسائيه .
بعد إنتهاء يومها الطويل في العمل، حيث كانت تعمل كمتدربة في أحد مكاتب المحاميين المشهورين، عادت ليل إلى بيت جدتها. تناولتا العشاء معًا، واطمأنت على جدتها قبل أن يصعدا إلى الطابق الثاني حيث غرف النوم. أمسكت ليل يد جدتها برقة، وإرتفعت خطواتهما على الدرج بهدوء، حتى دخلت جدتها غرفتها وساعدتها على النوم وأغلقت الغرفه و ذهبت لغرفتها ونامت ليل .
في اليوم التالي، وأثناء وجود ليل في منتصف دوامها، إتصلت بها والدتها لتخبرها أنهم سيلتقون عند الجدة في المساء.
فجأة، سمعت ليل صرخة عالية من الطرف الآخر من الهاتف :
"قاتله! قاتله!" قالت لها والدتها سأغلق الآن
وإنقطع الإتصال
على الجانب الآخر من المستشفى، إكتشف والد ليل، الطبيب خالد، طبيبًا آخر يُدعى حازم يتحدث مع ممرضته في منتصف الممر قائلا:
"يجب تجهيز المكان قبل منتصف الليل في الغرفة المعروفه، حتى لا نتأذى جميعًا، وتذكري إبنتك إذا أردتِ أن تخبري أحدًا…"
شعر خالد بالقلق، لكنه لم يفهم التفاصيل، فقرر أن يذهب بنفسه لاحقًا لمعرفة ما يحدث.
إنتهى اليوم وإجتمعت العائلة عند الجدة، وبدأ المطر يزداد غزارة. إستعادت الأم إتصال ليل وأخبرتها بما حدث معها، وشرحت كيف فقدت الأم حياة مريضة بعد مضاعفات لم تتحملها، رغم أنها لم تخطئ لكن زوج المريضة هددها بالقتل،
والمستشفى منحتها إجازة لحين إشعار آخر حتى تهدأ الأمور.
قال الأب:
"أما أنا، فأظن أنني سأبدأ في كشف سرٍ ما، ربما يكون خطيرًا… سأذهب بعد منتصف الليل لأرى ما يحدث."
نصحت الجدة بعدم الذهاب، وبدت ليل قلقة، حاولت جدتها ووالدتها تهدئتها رغم قلقهما من ما سيحدث.
فجأة، سُمع صوت تحطم شيء بجانب منزل الجدة، ففتح الأب الباب ووجد ظرفًا أبيض مكتوبًا عليه:
"أيتها القاتلة، سأقتلك!"
إنهارت الأم بالبكاء، قائلة:
"لم يكن خطأي… هي لم تتحمل!"
هدأها الأب، ونصحها بالبقاء في بيت الجدة وعدم فتح الباب لأي أحد، ثم ذهب إلى المستشفى.
في طريقه للطابق الثاني، لاحظ الممرضة وتبعها، ودخل غرفة العمليات دون أن يراه أحد. وما شاهده كان الصدمة الحقيقية: أربعة أشخاص بطونهم مفتوحة، يخرج منهم الألماس. وفجأة، شعر بشخص يقف خلفه، يحمل مسدسا
تفاجأ خالد عندما أدرك أن من يهدده من خلفه هو صديقه القديم ماجد — إنه أيضاً طبيب جراح.
نهض ماجد ببرود وقال مهدِّدًا: «لقد رأيت أشياء ليست في صالحك وتهدِّد حياة مَن يعرفها. إما تنضم إلينا بهدوء وتنقذ حياتك وحياة عائلتك، أو تخرج وكأنك لم تعرف شيئًا — وإلا ستكون أنت وعائلتك في عداد الموتى.»
غضب خالد وقال: «ماذا يحدث هنا؟ أخبرني — وهل إدارة المستشفى على علم بهذا؟»
أجاب ماجد بلا مبالاه: «ليه متفاجئ؟ دا شغل. الناس دي قرروا يحسِّنوا حياتهم بالطريقة اللي تعجبهم وهم مرتاحين كده. إنت عاوز إيه؟
لآخر مرة: لو ما أخرجتش الكلام دا من عقلك ستحدث أشياء إنت في غنى عنها.»
خرج خالد مهرولًا وفي قرارة نفسه قرر التوجّه إلى الشرطة وإبلاغهم عما رآه. كان لديه تسجيل صوتي لماجد — إعتراف مبدئي قد يجبر الشرطة أن تنظر في الأمر بجديه.
وصل إلى أقرب قسم شرطه وأخبر الضابط معتز بكل ما حدث. لكن عندما حاول معتز فتح محضر، رنّ هاتفه. أوقف معتز كتابة المحضر، أزاح خالد إلى جانب وقال ببرود: «لا تتدخل في أمور هذه المستشفى. دي أوامر — عليك التنفيذ.»
بقي خالد محبطًا ومصدومًا مما حدث. عاد إلى منزل الجدة، وهناك كانت الصدمة أعظم — كأنّ معركة دارت للتو، طلقات رصاص متساقطة في كل مكان، زجاج النوافذ محطم، والأرض ملطخة بآثار الدماء. لم يجد أحدًا في المنزل، لكن على الجدران كان مكتوبًا بخط عشوائي هاشتاج:
#لم_يمت_أحد
فتح خالد الهاتف بيد مرتجفه، فصعدت رسالة نصّيه قصيره:
«دي قرصة ودن بس، بلاش نزعل منك أكتر من كده.»
وفي نهاية الرسالة تكرر الهاشتاج نفسه: #لم_يمت_أحد
وقف خالد وسط الخراب، قلبه يختلج — الرسالة تهدف لإخافته أم ماذا؟ أو هي تحذير مبطن: «إحنا هنا، نقدر نوصل لأي حد»؟ صدى كلمات ماجد عاد يطعنه في رأسه: «وإلا ستكون أنت وعائلتك في عداد الموتى.»
أخرج خالد هاتفه وبدأ يتصل بعائلته واحدًا تلو الآخر.
زوجته ليلى … لا ترد.
إبنته ليل… لا تجيب.
الجدة حنان… صمت ثقيل على الطرف الآخر.
إرتجفت يده، وأعاد المحاولة مرات، بلا فائدة. كل الأرقام صارت بلا حياة، كأن أصواتهم مُسحت من الوجود.
جلس على الأرض وسط الزجاج المهشم، صدره يعلو ويهبط بسرعة
بينما كان خالد يحدّق في الهاتف، عيونه معلقة بالرسالة الملعونة، أحسّ فجأة ببرودة غريبة تسري في جسده… إحساس أن المكان يراقبه.
وقبل أن يستوعب ما يحدث، دوّى صوت حركة خلفه… ثم ضربه قاسية إرتطمت بمؤخرة رأسه.
لم يرَ شيئًا… سوى عتمة تسحب وعيه ببطء .
— نهاية الفصل الأول —
Comments