المرأة المتسلسة

المرأة المتسلسة

وشم المطر على الذاكره

في قلب المدن المزدحمة، حيث يختفي الضوء في أزقة ضيقة،

توجد جريمه وحيث تتواجد الجريمه يوجد مافيا

واينما كانت الجريمه والمافيا يوجد شرطه وحيثما تكون الاسرار يتواجد الجواسيس

العدو قد يكون أقرب الناس إليك… والصديق قد يبيعك مقابل نفسٍ إضافي من الحياة.

في هذا العالم، الحقيقة مجرد وجه آخر للكذب، والعدالة ورقة تلعب بها الأيدي الخفية.

النجاة ليست للطيبين… بل للأذكى، للأقسى، ولمن يعرف متى يبتسم ومتى يطلق النار.

*ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ*

هل السماء تبكي فرحًا… أم حزنًا؟

سؤال كانت لويرا تهمس به لنفسها وهي تجلس تحت المطر، لا تكترث ببرودة الماء الذي يتساقط على كتفيها.

لا تعرف لماذا تحب الجلوس تحته…

هل لأنه يعيد إليها ذلك الماضي الأليم، ويوشم الكره في قلبها كي لا تنساه؟

أم لأن قطراته تمنحها عزلة لا يستطيع أحد اختراقها؟

رفعت وجهها نحو الغيم الرمادي، وأغمضت عينيها قليلًا.

"ما هذه الرائحة…؟" تمتمت في هدوء.

إنها الرائحة التي تعشقها… رائحة المطر حين يعانق تربة الأرض.

مزيج لا يشبه أي عطر، يحمل معه الذكريات الثقيلة التي لا تعرف إن كانت تريد الهروب منها… أم التشبث بها أكثر.

وبين أنفاسها الهادئة، قررت أن تتحرك… تترك مكانها وتتمشى تحت هذه السماء الباكية.

وقفت بخطوات واثقة، واتجهت نحو البوابة الرئيسية.

وحين فتحتها،  أمامها اللوحة التي تهواها دائمًا: شارع خالٍ من البشر، مطهَّر من ضجيجهم وصخبهم.

سكون نادر، لا يقطعه إلا وشوشة الماء وهو يعانق الأرض العطشى.

ارتسمت على شفتيها ابتسامة نصر، كما لو أنها استحوذت على لحظة تخصها وحدها

خطت إلى الخارج بخطوات واثقة، والمطر يهبط عليها كتحية حانية من صديق قديم.

أغمضت عينيها، وتركت العالم يختفي من حولها، تمشي مطمئنة…

واثقه من ان المطر يراقبها ويحرسها

وبينما كانت لويرا تمشي تحت المطر، بدأت تتمايل بخفة مع هبوب الرياح، وكأن جسدها ينساب مع إيقاع السماء.

**في رأسها كانت تعزف أغنية صامتة لا يسمعها سواها، خطواتها تتحول إلى رقصة هادئة، يرافقها صوت المطر كفرقة موسيقية خفية.**

لكن… حين فتحت عينيها، تجمّدت في مكانها.

أمامها، وعلى مسافة ليست بعيدة، كان يقف فتى في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمره.

كان يحدّق بها بنظرات لم تخطئ قراءتها… نظرات احتقار واستخفاف، وكأنه يراها مشهدًا سخيفًا وسط هذه الأمطار

لم تبتعد بعينيها عنه، بل ظلّت تحدّق فيه، وحس الفضول داخلها بدأ يشتعل.

تساءلت في صمت: هل هذا الفتئ الصغير يتجراء ان ينظر لي هكذا هههه اطفال آخر زمان

وايضا هل هناك من يحب الجلوس تحت المطر مثلي؟

لكن ما حيرها أكثر: كيف يسمح له أهله بالبقاء هنا تحت المطر… ألا يخافون أن يصاب بالمرض

تقدّمت لويرا بخطوات سريعه مع ابتسامه فضول  وكأنها تقترب من لوحة غامضة تحاول فهم تفاصيلها.

المطر كان يزداد غزارة، والريح تعبث بخصلات شعرها المبللة، لكنها لم تهتم.

كل ما كان يشغلها هو ذلك الفتى… عينيه لم تتركاها، لاكن هذه المره كانت في نظرته

نظره ميته ومظلامه.

وقفت على مسافة قريبة بما يكفي لرؤية قطرات المطر وهي تتساقط على وجهه الصغير.

"ألا تخاف أن تمرض؟" سألت بصوتٍ خافت، لا تعلم إن كانت تسأل بفضول أم بنبرة عتاب.

لم يُجب.

فقط ابتسم… ابتسامة باهتة، تحمل شيئًا لا تعرف إن كان غرورًا أم حزنًا مخفيًا.

ثم التفت بخطوة بطيئة، وكأن وجودها لم يعد يعني له شيئًا، وبدأ يسير مبتعدًا في الشارع المبتل، تاركًا خلفه أسئلة أكثر من الإجابات.

لمحت الفتى يبتعد، فبدأت تمشي خلفه بلا تردد، وكأن المطر نفسه يدفعها للحاق به.

اقتربت حتى صارت خطواتهما تتناغم مع صوت القطرات، ثم قالت بصوت هادئ لكنه حاد بما يكفي ليخترق الصمت:

"إلى أين أنت ذاهب؟"

لم تحصل على إجابة، فاكتفت بالابتسام وكأنها تتوقع ذلك، ثم أضافت:

"لماذا لا تعود إلى منزلك؟ أم أن الشوارع تحت المطر أجمل بالنسبة لك؟"

توقف الفتئ فجأة كان خطواته اصطدمت بجدار

وجلس على الرصيف واخفض رأسه كانه يطلب منها الرحيل

لكنها طبعا لم تذهب الى ان تشبع فضولها

وقفت امام ولم تتحرك حتى خطوه واحده

تنتظر منه ان يجيبها

ادرك الفتى انها لن تتحرك حتى تجيبه

واجبها بتنهد

"ليس لدي منزل "

سألته بعدها مباشره

لماذ ليس "لديك منزل واين والديك"

اجابها بصوت حزين

"لقد توفي والدي بحادث سياره ونحن لسنا من هذا البلد فقط جئنا للسياحه "

نظرت له بشفقه وسألته هذه المره

"لماذا لاتعود لبلدك وتعيش مع احد اهل والديك"

نظر اليها بنظره غضب هذه المره كانه يقول هذا اخر سوال وجواب

"جواز سفري مع جميع ممتلكتنا كانت في السياره اثناء وقوع الحادث وسواء عدت الى بلدي او بقيت هنا فأن ليس لدي اهل لان والدي مقطوعان من شجره "

اغمض عينيه بعد ان انتهى من الحديث واستلقى على الارض واشار بيده لها لتذهب

وقبل أن تستدير لتغادر، قالت وهي تبتسم ابتسامة خفيفة تخفي خلفها حزنًا غريبًا:

"آخر سؤال… ما اسمك؟"

صمت للحظة، ثم أجاب بصوت هادئ:

"ليكان."

هزت رأسها بصمت، واستدارت مبتعدة، وداخلها شعور ثقيل لا تعرف ذسببه.

كانت الأمطار ما زالت تهطل حين عادت إلى المنزل، فتحت الباب بخطوات بطيئة، ودخلت مباشرة إلى الحمام لتغتسل من برد المطر.

بعدها، اتجهت إلى سريرها، ذاك المكان الذي تعتبره أغلى ما تملك، واحتضنت وسادتها كما لو كانت كنزًا يخصها وحدها.

أغلقت عينيها محاولة النوم، كما تفعل كل ليلة… لكن هذه الليلة كانت مختلفة.

ظل اسم ليكان يتردد في رأسها، ومعه أسئلة لا تنتهي:

هل تناول طعامه؟

هل وجد مكانًا يبيت فيه؟

أين هو الآن؟ وماذا يفعل؟

هل هو نائم أم ما زال تحت المطر؟

كان صوت المطر بالخارج ما يزال يرافق أفكارها، حتى تسللت أخيرًا إلى النوم بعد وقت طويل من التقلب.

في الصباح، استيقظت بنية تحضير الفطور لنفسها، لكنها اكتشفت أن لا شيء في المطبخ يصلح ليكون فطورًا.

زفرت بضيق، ثم قررت الخروج لشراء الفطور من الخارج… 

ارتدت لويرا معطفها وخرجت من المنزل، والسماء ما زالت ملبدة بالغيوم كأن المطر يفكر في العودة مجددًا.

كانت لويرا في طريقها إلى المخبز، يديها في جيبي معطفها، وخطواتها ثابتة على الأرصفة المبللة.

من بعيد، لمحت جسدًا صغيرًا ملقى على الأرض قرب جدار قديم.

لم تغيّر خطوتها، لكنها أبقت عينيها عليه، تراقب بصمت.

قد يكون مجرد سكير… أو أحد المتشردين، فكرت بلا انفعال واضح.

ومع ذلك، وجدت قدميها تنحرفان تلقائيًا نحوه.

وقفت فوقه، نظرت لوجهه المبلل، وعرفت فورًا أنه ليكان.

تسألت بنبره في القليل من تانيب الضمير

"هل مات "

انحنت بهدوء، وضعت إصبعين على معصمه، تنتظر النبض وكأنها تتحقق من ساعة يد قديمة.

حين شعرت بالخفقان الضعيف، أطلقت زفيرًا قصيرًا، ثم قالت بصوت شبه هامس:

"على الأقل ما زلت تتنفس."

اعتدلت في وقفتها، لكنها بقيت واقفة بجانبه، وكأن جزءًا منها لا يريد أن يبتعد.

ترددت لويرا وهي واقفة فوق جسده الممدد، تحدق فيه ببرود مصطنع، بينما في داخلها معركة خفية تدور.

لماذا  لا أرحل؟ ما شأنه بي؟

لكن ضميرها كان يهمس: لا تتركيه هنا.

كان الأمر أشبه بمباراة بين عقلها وضميرها، مباراة تعرف نتيجتها مسبقًا.

وفجأة، ودون كثير تفكير، قررت أن تأخذه معها.

ربما لأنها جائعة ولا تملك رفاهية إضاعة الوقت في الجدال مع نفسها.

انحنت وأمسكت بيديه، محاولة سحبه.

الطريق كان أطول مما توقعت، وبعد مسافة توقفت وهي تلهث:

"لماذا بيتي بعيد هكذا؟" تمتمت بضيق.

استجمعت أنفاسها، ثم قررت أن تغيّر الخطة؛ أمسكت بقدميه وواصلت سحبه حتى وصلت باب منزلها.

فتحت الباب وأدخلته، وضعته على الاريكه، وغطته ببطانية، ثم رفعت حرارة المكيّف إلى أعلى درجة.

تنفست بارتياح، لكنها تذكرت أنها خرجت في الأصل لشراء الفطور.

خرجت مجددًا، وفي طريقها إلى المخبز، مرّت أمام صيدلية وقفت لحظة أمامها، نظرت إلى واجهتها، وابتسمت ابتسامة ساخرة وهي تتمتم:

"آه يا ضميري… لن أرتاح منك أبدًا."

دفعت الباب ودخلت لتشتري له بعض الدواء.

مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon