وريث الظل
ادم يعيش حياة عادية لا تحمل أي ملامح مميزة.
في مساءٍ غائم، بينما يسلك الطريق المؤدي إلى منزله، لمح رجلاً غريب الملامح يقف أمام جدارٍ حجريٍّ عتيق، منقوشٍ عليه رموز لم يرَ مثلها من قبل.
قال الرجل بصوتٍ منخفضٍ، وكأنّه يخاطبه باسمه منذ زمن:
> "أخيرًا وجدناك… يا وريث الظل."
قبل أن يجيب، اهتزّت الأرض تحت قدميه، وانفتح شقٌّ عميق ابتلع الاثنين إلى عالمٍ آخر؛ سماؤه رمادية، أشجاره تتوهّج بنورٍ أزرق، وكائناتٌ مجهولة تحدّق فيه بعيونٍ لا ترمش.
استفاق آدم على وقع الريح تعصف بأذنيه، وعيناه معلقتان بالسماء الرمادية التي لا شمس فيها. حاول أن يستوعب أين هو، لكن الأرض التي سقط عليها لم تكن أرضًا مألوفة: تربة زرقاء كالرماد، وأشجار ذات جذوع مضيئة بلون أزرق شاحب، وكائنات بعيدة تحدّق فيه من بين الظلال.
> "أين أنا…؟" همس بصوتٍ مرتعش.
لم يجبه أحد، سوى ذاك الرجل الذي تبعه من عالمه القديم، يقف الآن أمامه متكئًا على عصا سوداء طويلة:
> "مرحبا بك، يا وريث الظل. لقد تأخر مجيئك أكثر مما ظننا."
اقترب آدم، يحدّق في وجه الرجل:
> "ماذا تعني بوريث الظل؟ من أنت؟!"
أدار الرجل العصا نصف دورة، فانشقّ من طرفها شعاع أزرق، ورسم دوائر في الهواء قبل أن تتشكل بينهما صورة لمدينة ضخمة تطفو فوق سحب داكنة.
> "ذاك هو عرشك، إن قبلت أن تحمله."
ارتبك آدم:
> "عرشي؟! أنا مجرد موظف عادي… لا علاقة لي بما تقول!"
اقترب الرجل أكثر، مدّ يده وفيها خاتم أسود يلمع بنقوش غريبة:
> "هذا الخاتم سيكشف حقيقتك. لكن تذكر: القوة ثمنها غالٍ، وقد لا تكون قادرًا على استرداد نفسك إن ضعفت."
أخذ آدم الخاتم، وقبل أن يسأله عن شيء، وجد نفسه يضعه في إصبعه.
لحظة واحدة شعر بحرارة تسري في جسده، وسمع صوتًا داخليًا باردًا:
> "مرحبًا بك… أيها السيد الجديد."
شهق، وهو ينظر حوله… لكن الرجل اختفى!
وفجأة، انطلقت من الغابة أصوات همسات غريبة، والكائنات التي كانت تراقبه بدأت تتحرك نحوه… بعضها يحمل أسلحة بدائية، وبعضها يمشي على أطراف أربعة بأعين حمراء.
رفع يده، واشتعل الخاتم بضوء أسود. شعر بقوة تدفعه لمد يده للأمام وكأن شخصًا آخر يحرك جسده. انطلق من الخاتم خيط مظلم أطاح بأقرب تلك الكائنات أرضًا.
الصوت في رأسه قال:
> "أنا لست أداة لك… بل أنت أداتي."
ارتعش قلب آدم، لكن الخاتم ازداد بريقًا… وبدأ يشعر أن عقله ليس ملكه وحده.
ظلَّ آدم واقفًا للحظة، يتأمل يده المضيئة بالخاتم، يحاول فهم ما حدث لتوه. لكن الأرض من تحته اهتزت فجأة، وارتفع من حوله دخان أسود، ثم شُقَّ الهواء أمامه كنافذة تتفتح على مدينة هائلة، محاطة بجدران مرتفعة من معدنٍ أزرق متوهج.
دخل من خلال تلك النافذة دون أن يشعر كيف تحرك جسده، ووجد نفسه في ساحة ضخمة وسط مدينة مزدهرة تُدعى أليزار. الأبنية مرتفعة على شكل أبراج مخروطية، والناس هناك يلبسون أردية طويلة مطرزة بخيوط فضية.
لكن فور أن رأوه، سكت كل شيء.
تجمّع الجنود بزيهم الأزرق الداكن، ووجّهوا حرابهم نحوه. تقدّم رجل مسنّ يرتدي درعًا نصفه ذهبيّ والنصف الآخر أسود. كانت عيناه الرماديتان تحدّقان مباشرة بالخاتم.
> القائد: "من أين لك هذا؟!"
آدم: "لا أعلم… سقطتُ إلى هنا، وأعطاني رجل… ثم اختفى!"
ارتجّ المكان، وأُطلق بوقٌ طويل من برج الحراسة.
تقدمت امرأة ترتدي تاجًا فضيًا بسيطًا، ملامحها قوية لكن عينيها حزينة.
> المرأة: "أنا الملكة إيفيرا. إن كنتَ تحمل الخاتم… فأنت إذًا وريث الظل. لكن اعلم… وجودك هنا إعلان حرب."
تفاجأ آدم:
> "حرب؟! على ماذا؟ أنا لا أفهم شيئًا!"
اقتربت الملكة أكثر، همست بصوت منخفض:
> "هذا الخاتم هو ختم العهد المفقود… من يحمله يُعَدّ سيد الظلال، والقوى الأخرى لن تسمح بعودته. هناك من سيحاول قتلك قبل أن تفهم قوتك."
فجأة، سُمع دوي انفجارٍ بعيد، واندفع جندي مصاب إلى الساحة.
> "جلالة الملكة… إنهم هنا! حرس الضوء دخلوا البوابة!"
قبل أن يستوعب آدم ما يجري، نزلت من السماء سفن صغيرة تشع باللون الذهبي، ومن داخلها جنود بعيون مضيئة. أحدهم صرخ:
> "سلِّموا وريث الظل وإلا أحرقتُم جميعًا!"
آدم تراجع للخلف، بينما الخاتم بدأ يضيء تلقائيًّا، يرسل خيوط ظل تتراقص حول ذراعه. سمع الصوت مرة أخرى:
> "استخدم قوتي… وسأضمن لك النجاة."
تردّد آدم لحظة، ثم أطلق تلك الظلال… لتنفجر الساحة بتيار مظلم دفع الجنود بعيدًا. صرخ الجميع، حتى الملكة نفسها تراجعت وهي تحدّق فيه بدهشة:
> "هذه… قوة لا يملكها حتى أجدادك."
آدم وقف مذهولاً، يداه ترتجفان، وصوت الخاتم يضحك داخله:
> "ألم أقل لك… أنت أداتي."
Comments