بين الظلال والانعكاسات

بين الظلام والإنعكاسات

توقف الزمن لثوانٍ بعد كلمات آدم المرتبكة. صوته المرتجف لم يكن من النوع الذي تسمعه من شابٍ واثقٍ مثله... بل بدا وكأنه رأى شيئًا لا نراه.

ليلى حاولت التحدث، لكن نظراته الصامتة نحو الزاوية المظلمة من الغرفة جمّدتها مكانها.

"آدم... ماذا هناك؟"

لم يجب. أمسك بيدها وسحبها خارج الغرفة، مرّا عبر الممر الطويل المؤدي إلى الطابق الأرضي، لكن كان هناك شيء غريب... كأن كل خطوة تخطوها تشدها نحو الخلف، كما لو أن الهواء نفسه يعاكسها.

عندما وصلا إلى القاعة الرئيسية، كانت الأضواء خافتة، والمكان فارغًا تمامًا... عدا عن امرأة تقف أمام المدفأة، ظهرها نحوهما، شعرها أسود طويل يلامس الأرض، ترتدي ثوبًا كُتبت عليه رموز لا تشبه أي لغة معروفة.

همست ليلى بخوف:

"من هذه؟"

قال آدم بصوت منخفض:

"تدعى غالية... ظهرت قبل أشهر، لا أحد يعرف متى دخلت النُزل. لا تتحدث، لكنها تعرف الكثير... أكثر مما ينبغي."

استدارت غالية ببطء، وعيناها كانتا بلونين مختلفين. لم تبتسم، ولم تغضب. فقط رفعت يدها، وأشارت إلى المدخل الخلفي المغلق بسلسلة حديدية.

فجأة، بدأت الشموع حول المكان تشتعل واحدة تلو الأخرى دون أن يلمسها أحد، مشكلة دائرة حمراء على الأرض. دخلت غالية الدائرة، وبدأت تتمتم بكلمات غير مفهومة، صوتها كان وكأنه يتردد في ذهن ليلى لا في أذنيها.

ثم توقفت فجأة، ونظرت إلى ليلى قائلة:

"هو يراك... لكنه لا يستطيع الاقتراب بعد. الطقوس ناقصة."

صرخت ليلى: "من؟! عن ماذا تتحدثين؟!"

لكن غالية اختفت... ببساطة اختفت. كأنها لم تكن هناك. حتى الدائرة على الأرض بدأت تتلاشى تدريجيًا.

ارتجف قلب ليلى، وسألت آدم:

"هل رأيت ما رأيت؟"

قال ببطء، وهو ينظر خلفها:

"نعم... لكن الشيء الحقيقي ليس ما رأيناه، بل ما لم نره بعد."

وخلف ليلى، كان ظل طويل يتحرك في الجدار... لا يشبه شكل أي إنسان.

بين الظلام والإنعكاسات

تجمدت ليلى في مكانها، عيناها مُثبتتان على الجدار حيث انسحب الظل كدخانٍ أسود. لم تكن تجرؤ على الالتفات، وكأن جسدها فقد القدرة على الحركة.

همس آدم خلفها: "لا تنظري خلفك... أيًّا كان ما هناك، فهو لا يريدك أن تريه بعد."

"بعد؟!" شهقت ليلى، "عن ماذا تتحدث؟!"

لم يجب. اكتفى بالنظر إلى الأرض، وكأن الكلمات تخونه. لأول مرة منذ دخلت هذا المكان، أحست ليلى أن آدم نفسه لم يكن يعرف كل ما يحدث داخل النُزل.

في تلك اللحظة، سُمع صوت خافت، كأن شخصًا يجرّ أظافره على الخشب خلف الجدار. تبعته همسات مبعثرة، غير واضحة، لكن ليلى شعرت بها تُقال مباشرة إلى عقلها:

> "لقد اقتربتِ... ما كان يجب أن تلمسي المقبض... ما كان يجب أن تسألي."

شهقت وهي تمسك رأسها، ارتجف قلبها، وصرخت:

"اسكت! من أنت؟! أخرج من رأسي!"

لكن لا أحد أجاب.

تقدمت خطوات بطيئة نحو المرآة الكبيرة المعلقة في وسط القاعة، شيء ما كان يدفعها دون إرادتها. وحين وقفت أمامها، لم ترَ انعكاسها كاملاً... وجهها كان باهتًا، وعيناها لم تكن تتحرك.

وفجأة... ظهر خلفها وجه غالية في المرآة، رغم أنها لم تكن في الغرفة.

غالية همست من خلف الانعكاس:

"أحيانًا، لا تكون المرآة ما يعكسك... بل ما يراقبك."

رفّت عينا ليلى، واستدارت سريعًا... لا أحد هناك. نظرت مجددًا للمرآة، لكن لم يكن هناك أي شيء.

صرخت: "آدم! لقد رأيتها! غالية كانت في المرآة!"

لكنه بدا شاحبًا، عينيه معلقتان بالسقف، حيث بدأت تظهر رموز غريبة، كأن النار كتبتها على الخشب. وأغرب ما في الأمر... أنها كانت تتوهج، وتتحرك كأنها تنبض بالحياة.

اقترب منها آدم وقال بهدوء:

"غالية ليست إنسية بالكامل... النُزل يجذب من فقدوا مكانهم بين العوالم. ونحن الآن جزء من طقس... لم نختره."

حدّقت ليلى في الرموز، وكلما نظرت أكثر، شعرت بشيء ثقيل يجثم على صدرها، شيء لا يُرى، لكنه موجود... يراقب بصمت، وينتظر اللحظة المناسبة ليكشف عن نفسه.

ثم، من بعيد، سُمع طرق خافت على باب النُزل... ثلاث طرقات منتظمة... ثم توقفت.

قالت ليلى بصوتٍ مرتجف: "من هذا الآن؟"

ردّ آدم بنبرة خافتة:

"إذا كانت غالية قد بدأت الطقوس... فالطارق لن يكون بشرًا."

يتبع...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon