صدمه

كان عامر واقف ورا البنات، بيشوفهم وهم بيرددوا الآيات بصوت واحد.

لكن عينه كانت من وقت للتاني بتهرب ناحية "كوثر".

كوثر، بصوتها الهادي، كانت بتكرر الآيات للأطفال بكل حب، وعيونها شايلة وقار وحياء نادرين.

ساعات كانت تبص في الأرض، وساعات في المصحف، وساعات تحس عامر بيبصلها فوشها فـ وشها يحمر وتبعد عينها بسرعة.

خلص التحفيظ، وجُود قالت: – يلا نوصلك يا كوثر، الدنيا بقت ليل.

كوثر ردّت بلُطف: – لا والله، أوصل لوحدي.

عامر قال بهدوء: – إحنا مش بنخوفك… إحنا بنطمن عليكي.

كوثر سكتت، وجُود مسكت إيدها وهمّوا يخرجوا مع بعض.

وصّلوها لحد باب البيت.

كوثر قالت: – شكرًا يا جُود… وسلامي لمامتك.

عامر اكتفى بنظرة طويلة وهو ساكت، وركب هو وأخته.

في الطريق، سأل عامر: – هي كوثر دايمًا كده؟

جُود ابتسمت بخبث وقالت: – من إمتى وانت بتسأل عن البنات؟

ضحك عامر: – مش دايمًا… بس هي مش زي البنات التانيين.

جُود قالت بهدوء: – فعلاً… دي بنت بيت، ومحترمة، ودماغها حلوة أوي.

بس... حياتها مش سهلة.

عامر سأل باهتمام: – ليه؟!

– أخوها سعد… دايمًا عامل لهم مشاكل، وأمها تعبانة نفسيًا من اللي بيحصل.

سكت عامر شوية وقال: – ربنا يجبر بخاطرها… أنا مش عارف ليه حاسس إنها مختلفه.

جُود بصّت لأخوها وقالت بنبرة فيها ملامح فهم:

– بصراحة؟ أنا أول ما شفتها، حسيت إنك هتركّز معاها.

عامر اتفاجئ: – ليه؟

– عشان انت بتحب البنات اللي دماغها كبيرة، مؤدبة، مش بتجري ورا حد، وبتخاف من ربنا... وده كله فيها.

عامر سكت، وعينيه سرحت في الشارع.

– بس يا عامر...

جُود كملت بعد لحظة: – هي مجروحة من جواها... وبتحب تبان قوية، بس لو قربت منها بحنية، هتلاقي حاجات كتير مستخبية.

عامر ابتسم ابتسامة خفيفة: – غريبة... مع إني معرفهاش، بس حاسس إني شايف نفسي فيها.

سعد وقف على باب الكافيه، وعينه متسمّرة على الترابيزة اللي قدامه.

كانت سمر قاعدة... بتضحك بصوت ناعم، وبتلمس إيد مروان وهي بتتكلم.

مروان، اللي كان بيقول:

– متقلقيش… هو مش هيعرف حاجة، ده صاحبي وغبي في نفس الوقت.

صوت ضحكة سمر طلع عالي: بس شكله بيحبني!

مروان هز راسه وقال: يبقى غبي أكتر.

قلب سعد وقع.

كأن كل مشهد شافه في حياته رجع قدامه في لحظة.

ضحكتها… كلامها… لما كانت بتقول له "بحبك"، كلها دلوقتي بقت كذبة كبيرة جدًا.

إزاي كنت مصدّق؟

أنا اللي بديت أضيع من ساعة ما دخلت حياتي..."

سعد مشي من الكافيه من غير ما يقول ولا كلمة، وعيونه مليانة غضب وكسرة.

ركب عربيته، وساق بسرعة…

لكن فجأة، دموعه نزلت وهو بيضحك بسخرية:

– حلو أوي يا مروان… يا صاحبي!

وحلوة أوي يا سمر… يا حب حياتي!

سكت لحظة… ثم قال:

– خلوني أوريكم بقى سعد لما يقرر يتغير… بس مش هتتمنوه.

كان عامر قاعد في أوضته، النور خافت، والهدوء مالي المكان. عيناه ثابتة في الفراغ، وسرحان كأنه بيشوف مشهد بعيد أوي عن اللحظة دي.

همس لنفسه بصوت واطي، يكاد ما يتسمعش:

– الطيّبات للطيّبين والطيّبون للطيّبات...

كأن الآية بتردّد جوا قلبه، مش بس لسانه. سرح في وش كوثر وهي بتقرأ الآية، بصوتها الهادئ، ونظرتها النقية... حاجة جواه اتحركت.

الباب اتفتح بهدوء، ودخلت جُود.

– عامر؟

قالتها بنبرة عادية، بس هو ما سمعش.

عينه فيها حاجة مش مفهومة.

سكتت جُود لحظة وهي بتبص له مستنية رد.

وفجأة، ومن غير أي مقدمات، قال بصوت واضح، لكن كأنه بيكلم نفسه:

– أنا عايز أتجوز كوثر.

مختارات
مختارات

2تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon