الخيط الأحمر

دخلت المنزل بخطوات متثاقلة، رائحة العفن تفوح في كل مكان كأن المكان لم يهوى منذ سنوات. الدمية التي تشبه ماركوس كانت موضوعة بدقة على طاولة المطبخ، وكأن أحداً ينتظرني. اقتربت منها بتردد، ورأيت تفصيلاً لم ألحظه من قبل - خيطاً أحمر رفيعاً يخرج من صدرها ويمتد عبر الأرضية نحو الطابق العلوي.

"ما هذا الشيء؟" همست لنفسي وأنا أتبع الخيط باصبعي المرتعش.

صعدت السلالم الخشبية التي صرخت تحت وزني كتحذير أخير. الخيط قادني إلى غرفة ليا القديمة. الباب كان مغلقاً، لكن من تحته تسلل ضوء خافت متقطع. وضعت يدي على المقبض البارد، وشعرت بذبذبات غريبة تمر عبر ذراعي كتيار كهربائي خفيف.

عندما فتحت الباب، لم أصدق ما رأيته. الغرفة كانت مغطاة من الأرض إلى السقف بخيوط حمراء معقدة، تشبه شبكة عنكبوت عملاقة. وفي المركز، علقت عشرات الصور والقصاصات الصحفية عن جريمة ليا. لكن الأكثر إثارة للرعب كان الدمى - عشرات الدمى الصغيرة المعلقة في الشبكة، كل واحدة تمثل ضحية من ضحايا البلدة على مر السنين.

في منتصف الغرفة، على سرير ليا القديم، جلس رجل ظهره نحوّي. شعرت بجفاف حلقي عندما أدركت أنه يرتدي نفس المعطف القديم الذي كان يخص أبي.

"أخيراً عدت إلى المنزل، آدم." قال الرجل بصوت أجش. عندما استدار، لم أجد وجهاً، فقط قناعاً من القماش الأبيض مع عينين سوداوين مرسومتين بدقة.

"من أنت؟" سألت بينما كنت أتراجع نحو الحائط.

القناع اهتز قليلاً كأنه يضحك. "أنا من حفظت ذكراها حية عندما نسيتها أنت. أنا من جمع كل هذه القصص." أشار بيده حول الغرفة. "لكنك لم تأتِ من أجل التاريخ، أليس كذلك؟ لقد أتيت من أجله."

رفع يده الأخرى التي كانت تحمل جهازاً صغيراً. عندما ضغط على الزر، سمعت صوت ماركوس يصرخ طلباً للمساعدة يأتي من السماعة.

"إنه حي... حالياً." قال الرجل المقنع. "لكن كل شيء له ثمن. هل أنت مستعد لدفع ثمن معرفة الحقيقة؟"

على الحائط خلفه، لاحظت فجأة صورة لم أرها من قبل - صورة لليا وأنا ونحن أطفال، لكن هناك شخصاً ثالثاً في الصورة، طفلاً آخر كان وجهه مشطوباً بقلم أحمر. حاولت تذكر من يكون، لكن ذاكرتي كانت ضبابية كأن أحداً مسحها عمداً.

"من هذا؟" سألت وأنا أشير إلى الصورة.

القناع مال قليلاً. "أوه، لقد نسيت حقاً؟ هذا هو الجزء المضحك. لقد نسيت أهم جزء في القصة."

اقترب مني ببطء، ورائحة كحولية تفوح من ملابسه. "سأعطيك خياراً، آدم. يمكنك الذهاب الآن لإنقاذ صديقك... أو يمكنك البقاء لمعرفة الحقيقة. لكنك لا تستطيع الحصول على الاثنين."

في تلك اللحظة، سمعت صوت انهيار في الطابق السفلي، ثم صرخة ماركوس الواضحة تأتي من الأسفل. نظرت إلى الرجل المقنع الذي أومأ برأسه نحو الباب.

"يبدو أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارك."

ركضت نحو السلالم، لكن قبل أن أنزل، التفتُ لآخر مرة. الغرفة كانت فارغة الآن، فقط الخيوط الحمراء تهتز كأن أحداً كان هنا للتو. لكن على السرير، كانت هناك دمية جديدة - دمية صغيرة ترتدي قناعاً أبيض، وفي يدها ملاحظة مكتوب عليها:

"ابحث عن الغرفة التي لا توجد في الخريطة."

صوت ماركوس يأتي من الطابق السفلي كان أكثر إلحاحاً الآن. نزلت السلالم بسرعة، وفي الصالة، وجدت هاتفي يهتز برسالة جديدة. صورة لماركوس مربوطاً في قبو مظلم، وخلفه جدار مغطى بأدوات غريبة تشبه أدوات التعذيب. الرسالة المصاحبة تقول:

"الوقت ينفد، وآخر قطار يغادر عند منتصف الليل."

نظرت إلى الساعة - 11:47 مساءً. فقط ثلاثة عشر دقيقة لإنقاذه. ولكن أي قطار؟ وأي محطة؟ البلدة لم يكن فيها سكة حديد منذ عقود.

ثم تذكرت فجأة - المحطة القديمة المهجورة في طرف البلدة، حيث كنا نلعب ونحن أطفال. المكان الذي اختفت فيه أول ضحية قبل ثلاثين عاماً.

خرجت من المنزل مسرعاً تحت المطر الغزير، وشعرت أن الخيوط الحمراء بدأت أخيراً تتجمع في شبكة واحدة... وشبكتي أنا في وسطها.

الجديد

Comments

Maro

Maro

متى الفصل الجاي

2025-07-29

1

Maro

Maro

حمااااااس

2025-07-20

2

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon