البيت الذي يتنفس

البيت الذي يتنفس

الفصل الأول: همسة في الجدران

كان الهواء ثقيلاً في تلك القرية، كأنه لم يُجدد منذ عشرات السنين. الطريق إلى "البيت الذي يتنفس" لم يكن ظاهرًا في الخرائط، بل عُثر عليه في تعليقٍ مبهم أسفل فيديو على اليوتيوب:

“إذا سمعت صوت تنفس في بيت مهجور، لا ترد. لأنه لا ينتظر ردّك... ينتظرك.”

"سيف"، شاب في نهاية العشرينات، أمضى نصف عمره يطارد الأساطير، يدوّنها، ويضحك عليها لاحقًا.

وصل قرب البيت بعد غروب الشمس. حمل كاميرته، وبدأ التصوير.

المشهد الأول: بوابة حديدية مائلة، عليها صدأ كأنه دم قديم تصدر صوت انين يشبه انين المريض

المشهد الثاني: نوافذ مكسورة، كأن البيت يراقبه خلف كل الظلام الذي يلبسه .

المشهد الثالث... كاميرته توقفت عن تسجيل الصوت.

أعاد تشغيلها. لا فائدة.

لكن أذنه التقطت شيئًا.

تنفُّس. بطيء... عميق... منتظم.

جاء من الداخل.

الغريب أن البيت لا يبدو مريبًا من الخارج فقط... بل كأن جدرانه تتقلص وتنتفخ قليلاً، كأنها... صدر حي.

سيف مد يده نحو مقبض الباب، فشعر بحرارة خفيفة، كأن المعدن تنفّس على جلده.

ضحك في نفسه ًهذا من حرارة الشمس..."، قال وهو يدفع الباب.

لكنه نسي أن الشمس قد غربت قبل ساعات.

الخشب صرخ تحت قدميه وهو يخطو أول خطوة. الكاميرا معلقة على صدره، تسجل صورة ثابتة، لكن الصوت لا يعود.

أخرج جهاز تسجيل الصوت الاحتياطي، ضغط زر التشغيل، فصدر صوت صفيرٍ خفيف، تبعه...

صوت آخر.

أقرب. أوضح.

(زفير).

"يمكن ان يكون هاذا صوت المسجل القديم أو شي"، قال لنفسه وهو يتقدم داخل الممر.

لكن في كل خطوة، الجدران حوله تقترب. ليس مجازًا. حرفيًا.

كان الممر يتقلص. لا يوجد تفسير معماري لذلك.

مد يده نحو الحائط، فإذا به ناعم ودافئ... وكأن البيت يملك جلدًا.

ثم سمعه

همسة. ليست داخل أذنه. داخل رأسه.

> وحدك جئت

توقف. لم ينطق أحد. لا أحد معه. لكن الكاميرا بدأت تهتز فجأة، كأن أحدًا يركض خلفه.

التفت.

لا شيء.

رفع الكاميرا لينظر من خلال عدستها.

العالم من خلالها كان مختلفًا.

في العدسة: الممر مظلم، جدرانه تنزف، وسقف مغطى بأجساد ملتصقة تتنفس ببطء.

لكن عندما أنزل الكاميرا... الممر يبدو عاديًا، متربًا فقط.

رفع الكاميرا مرة أخرى.....

جسد معلق من السقف بدأ يفتح عينيه

لكن كل هذا كانت الكمرة تراه لايراه هو.

الفصل الثاني: الغرفة التي تهمس بأسمائنا

سيف ثبّت الكاميرا على كتفه، وبدأ يمشي ببطء. كل شيء في البيت بدا وكأنه يتغير كلما لم يكن ينظر مباشرة إليه.

فتح بابًا على اليمين. غرفة نوم قديمة، سرير متهالك، مرآة مشقوقة. لكنه شعر بشيء آخر… كأن الغرفة "تعرفه".

اقترب من المرآة، لكنها لم تعكس صورته.

بل عرضت لحظة من طفولته: هو، في السابعة، يبكي تحت السرير، يهمس: "ارجوكي امي لاتتركيني لوحدي…"

لكنه لم يخبر أحد عن تلك الليلة. لم يصورها. لم يكتب عنها .

> "أنا لا أُشاهدك... أنا أُفتّشك."

الصوت جاء من داخله، كأنه فِكرة مزروعة بين أفكاره.

فتح فمه ليسأل "من؟"، لكنه سمع صدى صوته مرتين. مرة بصوته… ومرة بصوت امرأة.

نظر حوله، فرأى بابًا لم يكن موجودًا قبل لحظة.

ورقة على الباب. مكتوبة بخط يشبه خطه:

"لا تدخل إلا إذا كنت مستعدًا لتُؤكل دون أن تُبلع."

فتح الباب.

الغرفة كانت فارغة، سوى من كرسي واحد وطاولة، وعليها كاميرته الخاصة — التي لم يستخدمها منذ سنة.

ضغط زر التشغيل.

ظهر فيديو مسجّل. هو، داخل هذا البيت، لكن بتاريخ العام الماضي.

قال في نفسه``ًهذا غير ممكن هذه المرة الاولى التي أاتي الي هنا..."

في الفيديو، نسخته الأخرى تنظر للكاميرا وتقول:

> "إذا رأيت هذا،فذاك يعني أن النسيان قد بدأ يزحف إليك، كما فعل بمن سبقك. كلنا جئنا إلى هنا، وكلنا توهمنا أن في الأمر خلاصًا... لكن لا مفر، لا أبواب تُفضي إلى الخارج. بابٌ واحد فقط يُفتح لنا: أن تُذيب ذاتك، وتُصبح من نسيج هذا البيت."

ثم يتوقف الفيديو فجأة. الكاميرا تطفأ من تلقاء نفسها.

وسيف؟

أحس أن قدميه بدأت تلتصق بالأرض...

كأنها تعجنت مع الخشب.

كأن البيت بدأ يهضمه بهدوء.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon