2:مفتاح السقوط

..."نظرت إلى هاتفها....

...رسالة جديدة....

...'أهلاً بك في الحلم الحقيقي، سورا. لقد بدأت اللعبة، ستقودين لهلاكه بنفسك.'"...

...تجمدت أناملها فوق الشاشة، وكأنها عجزت عن لمس أي شيء بعدها. كأن الأحرف التي قرأتها لم تكن مجرد رسالة عشوائية أو مزحة ثقيلة، بل طعنة... طعنة تحمل نبوءة مظلمة....

...---...

..."هل... هذا نوع من المقالب السخيفة؟" ...

...أغلقت الهاتف دفعة واحدة، وكأن الشاشة قد تتحول إلى بوابة تبتلعها بالكامل إن استمرت بالتحديق إليها. نهضت بسرعة من على السرير، شعرت بقشعريرة تمتد على طول عمودها الفقري، وشيء ما في أعماقها يصرخ بأن ما قرأته لم يكن مجازًا....

...ركضت إلى الحمام، رشّت وجهها بالماء البارد بعنف، ثم نظرت إلى انعكاسها في المرآة. كانت عيناها تتسعان ببطء، لم تكن فقط مرعوبة... بل كانت تشعر بشيء آخر....

...شيء يشبه التوق....

..."ما هذه اللعبة التي يتحدثون عنها؟" ...

...خرجت من الحمام، وجدت إيلا مستلقية على الكنبة، تتابع إحدى المسلسلات بإرهاق واضح....

..."سورا، هل كل شيء على ما يرام؟ أنتِ شاحبة كأنك رأيتِ شبحًا."...

...أجابت بصوت مرتجف: "لا شيء... فقط صداع بسيط."...

...رفعت إيلا حاجبًا، لكنها لم تُصر، واكتفت بإيماءة خفيفة قبل أن تعود إلى شاشتها....

...---...

...لكن سورا لم تستطع الجلوس....

...كأن الرسالة حفرت شيئًا داخلها، أو استدعت ذاكرة... لا، لم تكن ذاكرة. بل إحساس. حلمٌ، ربما....

...لكن كيف؟ إنها مستيقظة الآن....

...سحبت معطفها وخرجت إلى الشارع دون أن تقول كلمة. الهواء الليلي كان بارداً وقاسياً على وجهها، لكن عقلها كان أدفأ مما يجب، يشتعل بأسئلة لا إجابة لها....

..."ستقودين لهلاكه بنفسك."...

...هلاك من؟ ومن يراقبها بهذا الشكل؟ من يعرف اسمها؟...

...وصلت إلى تقاطع صغير حيث تتكدس الأكشاك المغلقة والمقاهي المتعبة، توقفت فجأة. شعور غريب اجتاحها... كما لو أن أحدهم يراقبها من الظلال....

...استدارت ببطء، لا أحد....

..."توقفي، هذا جنون. إنكِ فقط... متأثرة بالأحلام، لا أكثر."...

...لكنها لم تكن واثقة من أنها تكذب على نفسها....

...عادت إلى السكن متوترة أكثر من قبل، لكن في اللحظة التي وضعت فيها رأسها على الوسادة......

...---...

......كانت هناك....

...ليس في الواقع....

...بل في مكان رمادي....

...ضباب كثيف يغلف كل شيء، الهواء ثقيل، والجاذبية نفسها بدت أقل قسوة....

...تقدمت بخطوات بطيئة....

..."أين أنا؟"...

...الضباب بدأ ينقشع تدريجياً، لتظهر سلالم لولبية سوداء، تنزل إلى لا شيء....

...لكنها لم تشعر بالخوف....

...شعرت أنها تعرف هذا الطريق....

...صوت خطوات خلفها جعلها تستدير، وهناك، على بعد أمتار... وقف آزار....

...لكن ليس كما رأته في الواقع....

...كان يرتدي سترة سوداء طويلة، عيناه مضيئتان في العتمة، ونظرته، تلك النظرة الحادة التي تشق الروح....

...---...

..."أخيراً وصلتِ." قالها بصوت عميق لا يشبهه في الحلم السابق....

...سارت نحوه دون أن تنبس بكلمة، وكأنها مأخوذة بقوة ما....

...لكنها توقفت على بُعد خطوة....

..."آزار؟ هل هذا أنت؟"...

...نظر إليها طويلاً، ثم همس:...

..."كل شيء بدأ... والوقت يسرقنا. هذا المكان ليس آمناً."...

..."ما الذي يحدث؟ من الذي أرسل لي الرسالة؟"...

...لم يجب....

...بدلاً من ذلك، استدار وبدأ ينزل الدرج....

..."إما أن تتبعيني، أو تفيقي... وتفقدي كل شيء."...

...بقيت متسمّرة، تحاول أن تفهم إن كانت هذه رؤيا أم حلم أم... اختبار....

...لكنها تبعته....

...خطوة......

...ثم أخرى......

...---...

...وكلما نزلت، اختفى الضباب من حولها، لتجد نفسها في ممر حجري، تُزيّنه لوحات تمثل كوابيس بشعة:...

...وجوه مشوهة، عيون تبكي دماً، ساعات تتحلل ببطء، أحذية أطفال مرمية على أرض مكسوة بالرماد....

..."ما هذا المكان؟"...

..."ذكريات الحالمين... من اختاروا الخروج عن الطريق."...

...توقف آزار فجأة أمام باب خشبي مغطى بالرموز الغريبة، ثم التفت إليها....

..."هل أنتِ متأكدة أنكِ تريدين أن تعرفي؟"...

...نظرت إليه بعينين ثابتتين، رغم الارتجاف الخفي الذي سكن قلبها....

..."أنا لم أعد أريد أن أكون تائهة."...

...ابتسم آزار ابتسامة باهتة، ثم فتح الباب....

...لكن ما كان خلفه... لم يكن متوقعًا....

...صرخة اخترقت الهواء، والظلام ابتلع كل شيء....

...---...

...الظلام كان حيًّا. لا يشبه الليل، ولا حتى الكوابيس المعتادة. كان كيانًا بحد ذاته، يتنفس حولها، يلامس عقلها دون أن تراه....

...صرخة أخرى صدحت، لكن هذه المرة، شعرت بها ترتد من أعماق صدرها....

..."آزار؟" صاحت، لكن لا جواب....

...امتدت يدها تتحسس الفراغ، إلا أن الأرض اختفت من تحت قدميها، وكأن الجاذبية خانتها....

...ثم......

...هبطت....

...أقدامها لامست شيئًا ناعمًا وباردًا. فتحت عينيها ببطء، فوجدت نفسها تقف وسط ساحة شاسعة يغلفها السكون....

...السماء فوقها لم تكن سماءً، بل لوحة دائمة التبدل، كأنها حلم يتبدل في كل ثانية، تُعرض فيه مشاهد خاطفة لأشخاص يصرخون، أطفال يركضون، رجال يسقطون من نوافذ، ونساء تهمس بأسرار لا تُسمع....

..."هل هذه... أحلام الآخرين؟" ~...

..."مرحبا مجددًا، سورا."...

...---...

...التفتت بسرعة. كانت فتاة تقف أمامها، شعرها أبيض كالثلج، وعيناها باللون الأسود القاتم، ترتدي ثوبًا رماديًا يشبه الضباب ذاته....

..."من أنتِ؟"...

...ابتسمت الغريبة وقالت: "أنا واحدة من سبعة... يُطلق علينا المستيقظون."...

...تراجعت سورا خطوة إلى الوراء. "مستيقظون؟ تقصدين الحالمين السبعة؟"...

..."لا... نحن أقدم من الحالمين. نحن من يصحون ليحرسوا النوم. أنتم تحلمون... ونحن نراقب."...

...ضربات قلبها تسارعت....

..."ما الذي يحدث؟ لماذا أنا هنا؟ ولماذا كل هذا الكلام عن القوانين والألعاب والهلاك؟"...

...اقتربت الفتاة ببطء، وقالت بصوت منخفض:...

..."لقد خُرق قانون. أحدهم رأى ما لا ينبغي له أن يراه... وأنتِ، يا سورا، أصبحتِ في المنتصف."...

..."منتصف ماذا؟"...

..."منتصف التوازن بين الحلم واليقظة. بين من يخضع، ومن يتحدى."...

...---...

...تذكرت حينها آزار. نظراته، صمته، حضوره الذي يتغير بين العالمين....

..."..هل هو من خرق القانون؟.." ~...

..."أنتِ تشكين فيه." قالت الفتاة كأنها قرأت أفكارها، "وهو يشك بكِ كذلك."...

..."ولكن... لماذا؟ ماذا فعلنا؟"...

...أجابت الغريبة بنبرة باردة:...

..."تجاوز الخط هو أن تتعلقي، أن تعيدي الزيارة، أن تشتاقي. أن تتركي أثرًا."...

...أغمضت سورا عينيها للحظة....

..."..لقد فعلت كل هذا.. دون أن أدري.." ~...

..."لكن لا تقلقي، فالأثر لا يُمحى بسهولة."...

...رفعت الفتاة يدها، وفي راحة كفها ظهرت ساعة مكسورة، عقاربها متجمدة عند منتصف الليل....

..."الوقت بدأ ينفد، سورا. وسيأتي من يسألك: هل اخترتِ الحلم... أم اخترتِ الحقيقة؟"...

...ومع تلك الكلمات، بدأ كل شيء يتلاشى....

...---...

...استفاقت وهي تجلس على سريرها فجأة، أنفاسها متقطعة، وعرق بارد يغرق جبهتها....

...كانت إيلا ما تزال نائمة، والشمس لم تشرق بعد....

...نظرت إلى يدها....

...لا شيء....

...لكنها شعرت بوجود الساعة. في عقلها، في قلبها، وكأنها سُجلت داخلها....

...نهضت ببطء، وسارت نحو النافذة....

...الشارع كان هادئًا، ولكن عقلها لم يكن كذلك....

..."..أنا لست مجرد عابرة في هذا الحلم.."...

...ثم خطرت لها فكرة:...

...ماذا لو كان آزار يشعر بما تشعر به؟ ماذا لو كانت تلك النظرة الباردة في الواقع، ليست تجاهلًا... بل خوفًا؟ ~...

...---...

...كان في مكان آخر، في توقيت مغاير....

...يجلس على سطح منزل جدته، ينظر إلى القمر، وكأن بينه وبينه حديث خاص لا يسمعه سواه....

...آزار كان مرهقًا....

...العالم لا يشبه ما رآه في الصغر. منذ أن عرف الحقيقة، لم يعد يثق بما يُقال له....

...كل شيء مكسور. والواقع، قاسٍ لدرجة الصمت....

...أغمض عينيه، ورأى وجهها....

...سورا....

...في الحلم، كانت قريبة حد الخوف. في الواقع، بعيدة حد الألم....

..."..هل هي هي؟.. أم مجرد ظل يشبهها؟.." ~ سؤاله بات يطارده....

...كان يتذكر نظرة واحدة منها، حين التقت عيونهما دون أن تتحدث. كانت مألوفة بشكل مرعب....

..."..لو كنتَ حقيقيًا، لما تذكرتني فقط في نومك.." ~ صوتها لا يفارقه....

...أخرج من جيبه ورقة قديمة، ممزقة الأطراف، كانت قصاصة من دفتره أيام الطفولة....

...كُتب عليها:...

...لا توقظ الحلم إن كنت لا تنوي البقاء فيه....

...نظر إليها طويلاً....

...ثم مزقها....

...---...

...مرّ اليوم الدراسي ببطء خانق....

...الأساتذة يتحدثون بلا توقف، لكن الكلمات تتساقط من فوق رأسها دون أن تترك أثرًا. صفحات الكتاب أمامها لم تعد سوى رموز تتداخل وتتفكك، كأنها لغة لم تتعلمها بعد....

...جلست سورا في مقعدها داخل القاعة الكبرى، قرب النافذة، تراقب أوراق الشجر المتساقطة، بينما عبثت بأطراف قلمها بلا تركيز....

...إيلا التفتت إليها وهمست:...

..."سورا؟ أنتِ هنا؟"...

..."هاه؟ أجل، فقط... أفكر."...

...نظرت إيلا إليها طويلًا، ثم قالت بصوت منخفض:...

..."هل رأيتِ ذلك الفتى مجددًا؟"...

...تجمدت أصابعها....

..."أي فتى؟" سألت وكأنها لا تعرف....

..."الذي اصطدمتِ به الأسبوع الماضي... الأزرق العينين." قالتها بنبرة عادية، لكنها كانت تراقب ردة فعل صديقتها بدقة....

...سورا أبعدت نظرها وقالت: "لا أظنني رأيته مجددًا."...

...لكن الحقيقة كانت عكس ذلك....

...كانت تراه....

...يومًا بعد يوم، في نفس الزاوية البعيدة من الحديقة، تحت الشجرة الطويلة....

...يجلس بهدوء، يقرأ كتابًا، يرفع عينيه أحيانًا، ويمرّ بها كأنها لا تُرى....

..."..لماذا تنظر إليّ بذلك البرود؟ وكأنني غريبة عنه تمامًا.." ~...

...لكن الغرابة الأكبر لم تكن في نظرته... بل في عينيه....

...هي نفسها....

...نفس الزرقة الحادة، ونفس الشرارة التي تراها في الحلم....

..."هل يمكن أن تكون مصادفة؟" ~ فكّرت، ثم انتبهت أن قلبها بدأ ينبض بقوة غريبة....

...---...

...بعد انتهاء المحاضرات، قررت البقاء قليلًا في الحديقة، كعادتها مؤخرًا. الهواء كان منعشًا، لكن عقلها مضطرب كالعاصفة....

...جلست على أحد المقاعد الحجرية، وفتحت دفترها الصغير. صفحاته امتلأت برسومات غير مكتملة. وجوه، عيون، وساعة مكسورة تتكرر كثيرًا....

..."غريب." ~...

..."أترسمين دائمًا بهذا التركيز؟"...

...تجمّدت....

...رفعت رأسها ببطء، فوجدته واقفًا أمامها. آزار. في الواقع....

...لكن صوته كان مختلفًا هذه المرة، أقل برودًا، وكأن فيه نغمة تهكم أو... فضول....

..."أنتَ..." قالت، ثم ترددت....

...ابتسم باقتضاب، ونظر إلى الرسم....

..."هذه الساعة... مألوفة."...

...أغلقت الدفتر بسرعة....

..."أجل، مجرد رسومات عبثية."...

..."عبثية؟ تبدو وكأنها ترمز إلى شيء."...

..."وأنت؟ هل تحلل رسومات الغرباء كثيرًا؟"...

...أجاب ببرود، لكن بعينين تبحثان في ملامحها عن شيء ما:...

..."أحيانًا."...

...التزمت الصمت، ثم سألته فجأة:...

..."هل التقينا من قبل؟"...

...تغيرت ملامحه لثانية، وكأنه تردد في الرد، لكن أجاب بهدوء:...

..."لا أظن."...

..."..كاذب.. تلك النظرة... لا تخطئ.." ~...

...ابتعد بخطوات بطيئة، دون أن يودّع، لكن ترك خلفه شيئًا أثقل من الكلام....

...---...

...في تلك الليلة، حلمت مجددًا....

...لكن هذه المرة، لم يكن حلمًا كغيره....

...كانت تقف في مكان مألوف، حديقة الكلية، نفسها، لكن الليل يسكنها....

...آزار كان هناك....

...لكن ليس كطالب، بل كشيء آخر. عيونه لم تكن بشرية، بل تلمع كأنها تحمل نجومًا من عالم موازٍ....

...قال لها:...

..."أنتِ تقتربين من الحقيقة يا سورا... وهذا خطير."...

..."أي حقيقة؟"...

..."أننا لسنا هنا عبثًا."...

...اقترب منها، وكانت المسافة بينهما تختنق بالاحتمالات....

..."هل تعرفني؟" سألته، صوتها مرتجف....

..."في الحلم؟ أعرفكِ أكثر من نفسي."...

..."لكن في الواقع..."...

...سكت....

..."في الواقع، الأمور أصعب."...

..."لماذا؟"...

..."لأن قوانين الحلم لا ترحم من يخرقها."...

...---...

...ممتاز! نُكمل الآن الجزء الرابع من الفصل الثاني (من الكلمة 3000 إلى 4000)، مستمرين في تعقيد الغموض، وإبراز العلاقة المربكة بين الحلم والواقع، مع التركيز على تصاعد توتر الشخصيات والانجذاب المتبادل المشوَّش:...

...---...

...(تابع الفصل الثاني: مفتاح السقوط)...

...الجزء الرابع - من الكلمة 3000 إلى 4000 تقريبًا...

...---...

...استيقظت سورا والعرق يبلل عنقها، قلبها يقرع صدرها كما لو أنه عالق بين حلم لم ينتهِ وكابوس لم يبدأ بعد....

..."لم يكن مجرد حلم..." ~ فكرت وهي تجلس على سريرها، تتنفس ببطء، كأنها تحاول أن تتذكر كل التفاصيل دون أن تنهار....

...صوت قطرات المطر بالخارج أيقظها تمامًا، فنهضت ببطء وفتحت النافذة....

...كانت المدينة نائمة، تتنفس المطر بخفة، وكأنها لا تدري أن شيئًا في قلب سورا قد تحطّم الليلة....

...---...

...في صباح اليوم التالي، لم تكن مزاجها يسمح بأي نوع من التفاعل....

...وصلت إلى الكلية متأخرة، بشعر مبلل وعينين هاربتين من النوم....

...إيلا لحقت بها في الممر، تمسك مظلتها وتضحك:...

..."هل كنتِ تسبحين للوصول؟"...

..."تأخرت فقط." قالت وهي تهز رأسها، ثم أضافت: "لا وقت للشرح."...

..."هل حلمتِ به مجددًا؟"...

...توقفت سورا فجأة....

..."إيلا..." قالتها ببطء، "هل قلتُ لكِ من قبل أنني حلمت به؟"...

...إيلا صمتت للحظة، ثم قالت:...

..."لا، لكنني رأيت دفترك البارحة، ورأيت الرسم... هو نفسه، أليس كذلك؟"...

...ابتلعت سورا ريقها....

..."..هل أصبحتُ واضحة هكذا؟" ~...

...لكنها لم تجب، فقط أكملت طريقها....

...---...

...داخل المحاضرة، جلست بعيدًا هذه المرة. لا تريد أن تراه، ولا تريد أن تهرب من رؤيته....

...لكن عقلها كان يخونها، يجول إلى حلم البارحة، إلى صوته الغامض:...

..."قوانين الحلم لا ترحم من يخرقها."...

..."..أي قوانين؟ ولماذا يتحدث وكأن هناك من يراقب؟.." ~...

...قطع أفكارها همسات في الصف الخلفي....

..."ها قد جاء الوسيم البارد مجددًا."...

..."آزار؟ يا إلهي، هل رأيتِ كيف ينظر؟ وكأنه يرى داخل روحكِ."...

..."أتمنى لو يلاحظني مرة فقط..."...

...قلبها ارتجف....

...آزار دخل القاعة، كعادته، بهدوء قاتل....

...نظرة واحدة فقط نحو المقاعد، لا أحد يعلم لمن كانت... لكنها شعرت أنها لها....

...جلس. لم ينظر ناحيتها....

..."..أنت لست كما في الحلم... لماذا تتصنع الغربة؟.." ~...

...وفي نهاية المحاضرة، بينما كانت تهمّ بالخروج، توقفت فجأة عندما سمعته يقول:...

..."انتظري."...

...صوته لم يكن موجهًا لها، بل لفتاة خلفها... ماريان....

...---...

...بشعر أشقر مربوط، وابتسامة ناعمة كالماء، لكن عينيها لم تكن بريئتين تمامًا....

...تقدّمت نحوه بخفة، كأنها تعرف الطريق إليه....

..."نعم؟" قالت ماريان بابتسامة صغيرة....

..."هل هذا كتابك؟" قال وهو يرفع كتابًا سقط من أحد المقاعد....

...أخذته منه بلطف، ونظرت سريعًا إلى سورا وكأنها لمحتها....

..."شكرًا، لطيف منك." قالتها بخفّة....

...ثم نظرت إلى سورا، واقتربت منها لاحقًا خارج القاعة:...

..." سورا؟"...

..."أجل." أجابت بحذر....

..."سعيدة بلقائك. أعتقد أن بيننا الكثير من الأمور المشتركة." قالتها بابتسامة مهذبة، لكنها لم تصل لعينيها....

..."كأنها تخبرني: ابتعدي عنه." ~...

..."أمر غريب، أليس كذلك؟ أن يبدو الحلم أوضح من الحقيقة..." قالت ماريان فجأة، وكأنها تختبر ردّة فعلها....

...تصلبت عضلات سورا....

..."عذرًا؟"...

..."أوه، مجرد فلسفة سخيفة... أحب تأمل الأحلام." قالتها بلطافة وغادرت....

...لكنها لم تتركها بخير....

...---...

...في تلك الليلة، كانت السماء صافية....

...لكن نوم سورا لم يكن كذلك....

...رأته مجددًا....

...واقفين وسط قاعة ضخمة، جدرانها من مرايا، وكل مرآة تعكس لحظة من حياتها... لحظة من خوفها... من وحدتها... من نظراته الباردة....

...قال لها وهو يقترب:...

..."أنتِ تفتحين الباب يا سورا، الباب الذي لا ينبغي لأحد أن يُفتح."...

..."أي باب؟"...

..."أنتِ لا تتذكرين، أليس كذلك؟"...

..."ماذا؟"...

..."أنتِ كنتِ هنا من قبل."...

...---...

...ترددت كلماته في قاعة المرايا كأنها ترتطم بكل لحظة منسية في رأسها....

...سورا حدقت فيه بدهشة:...

..."عن ماذا تتحدث؟"...

...اقترب منها أكثر، حتى شعرت بنفسه الحارّ يلامس جبينها، لكنه لم يلمسها....

..."كل ما تعتقدين أنه بدأ مؤخرًا... لم يبدأ الآن."...

..."بل انتهى وبدأ مجددًا."...

...شهقت....

..."..أنت تتحدث كمن يعرفني منذ زمن... لكنني أقسم أنني لم أرك من قبل تلك الأحلام!" ~...

...ابتعد خطوة، وظهر ظل طويل خلفه، كأن شخصًا ثالثًا انضم إليهما دون أن يُرى بالكامل....

..."أحيانًا، يتم محو الذاكرة لحماية الحالم."...

..."وأحيانًا، تكونين أنتِ من طلب ذلك."...

...سورا همست وهي تمسك رأسها بألم:...

..."طلبت ماذا؟"...

...الظلال خلفه بدأت تقترب، والمرآة التي خلفها ارتجفت، ثم تحولت إلى لون أسود قاتم....

...---...

...آزار رفع يده فجأة، وصاح:...

..."اختبئي خلفي! لا تنظري في عينها!"...

...لكنها لم تفعل....

...التفتت دون أن تفكر....

...وفي تلك اللحظة، ارتج جسدها بالكامل... لأنها رأت وجهها....

...وجهها هي يخرج من تلك المرآة... لكن ليس هي، بل نسخة منها ترتدي الأسود، بابتسامة مشقوقة ونظرة مجنونة....

..."سورا، تذكّري من أنا." قالت النسخة الأخرى بصوتها....

...صرخت سورا، وسقطت أرضًا، يداها على أذنيها، وعيناها على تلك النسخة:...

..."من أنتِ؟! لماذا تشبهينني؟!"...

...لكن النسخة الأخرى ضحكت:...

..."أنا النصف الذي تخلّيتِ عنه لتُكملي الحلم."...

..."أنا الكسر الذي ظننته انتهى."...

...آزار اقترب منها، وجثا بجانبها، يضع يده على كتفها....

..."اسمعيني، لا تستمعي لها. هي ليست سوى تشكّل من ذاكرتكِ الممزقة."...

...صرخت النسخة الأخرى:...

..."كاذب! أنت السبب!"...

...ثم نظرت إليه بكره ظاهر:...

..."أنت من زرع في رأسها الحكاية!"...

...---...

...آزار وقف فجأة، ونظر مباشرة إلى النسخة، عينيه الزرقاوين لم تهتزّا:...

..."اذهبي من حيث أتيتِ، لا مكان لكِ بعد الآن."...

...المرايا كلها بدأت تتصدّع... وصوت ارتطام الزجاج انتشر كأنه ينهار عالم كامل....

...فتحت سورا عينيها وهي تصرخ، الدموع على وجهها، تتنفس كأنها غارقة....

...إيلا كانت فوقها تهزها....

..."سورا! ما بكِ؟ إنه مجرد كابوس!"...

..."كابوس فقط! استيقظي!"...

...نظرت سورا حولها... كانت في سريرها، في غرفتها، وكل شيء طبيعي....

..."لقد... لقد رأيتني." همست....

..."ماذا؟"...

..."رأيت نفسي هناك... لكنها لم تكن أنا... كانت غريبة. قالت إنها النصف الذي تخلّيتُ عنه..."...

..."وآزار كان هناك أيضًا."...

...إيلا ابتلعت ريقها:...

..."آزار؟ الفتى من الكلية؟ مجددًا؟"...

...سورا أمسكت يد إيلا بقلق:...

..."بدأت أشك أن هناك شيئًا خاطئًا. كلما حلمت، أشعر أنني أفقد شيئًا في الحقيقة."...

...---...

...إيلا صمتت للحظة، ثم قالت بصوت منخفض:...

..."هل تذكرين حين قلت لي إن الأحلام قد تكون لعبة؟"...

..."أجل..."...

..."ربما... شخص ما بدأ اللعبة بالفعل."...

...••...

...في مكان بعيد....

...جلس آزار في سريره، وحيدًا....

...النافذة مفتوحة، والرياح تعبث بالستائر....

...في يده ساعة صغيرة مكسورة، عقاربها لا تتحرك....

...نظر إليها وهمس:...

..."لقد بدأتْ التذكُر."...

..."ولكن... هل أنا مستعد لأن أتذكّر أيضًا؟"...

...ثم رفع رأسه، ونظر إلى مرآته....

...وفي انعكاس الزجاج، ظهرت نفسه... لكنها ترتدي معطفًا أسود، وتحمل نفس الساعة....

...قالت النسخة الأخرى منه:...

..."انتهى وقت الاختباء، آزار."...

...---...

...•...

...•...

...•...

...•...

...•...

...يتبع...

...و الآن مع سؤال الفصل: ...

...2)"ماذا لو لم يكن الظل في المرآة مجرد انعكاس؟ بل كان هو أنت... الحقيقي؟"...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon