بعد أن وقّعنا على الاتفاق، توجهت إلى غرفتي، أغلقت الباب خلفي وأخذت نفسًا عميقًا. كنت أشعر بالإرهاق، ليس بسبب حفل الزفاف، بل بسبب ما ينتظرني. هذا المنزل لم يكن منزلي، وهذا الرجل لم يكن زوجي، فقط غريب فرضه القدر عليّ.
ألقيت بجسدي على السرير الكبير، لكن راحتي لم تدم طويلًا. كانت الغرفة فخمة، بديكورات أنيقة، لكنها باردة وخالية من أي لمسة تدل على حياة. لا صور، لا ذكريات، فقط جدران صامتة وسرير يبدو وكأنه لم يُستخدم من قبل.
بينما كنت أتأمل السقف، سمعت طرقًا على الباب، لم يكن خفيفًا ولا مهذبًا، بل صارمًا. جلست بسرعة، وقبل أن أستطيع حتى الرد، فُتح الباب ووقف ليام عند العتبة.
كان يرتدي قميصًا أبيض بأزرار مفتوحة عند العنق، وسروالًا رسميًا، لكن رغم مظهره الأنيق، كانت نظراته أكثر برودًا من الجليد.
"هناك قواعد أخرى يجب أن تعرفيها." قال بصوت خالٍ من أي مشاعر.
عقدت ذراعيّ ورفعت حاجبي بسخرية. "أليس لدينا ما يكفي من القواعد؟"
ضيّق عينيه قليلاً، وكأن ردي أزعجه، لكنه لم يُظهر أي انفعال. دخل إلى الغرفة دون دعوة، مشى ببطء حتى أصبح أمام النافذة، ثم استدار ليواجهني.
"أولاً، لا تقتربي من غرفتي تحت أي ظرف. ثانيًا، لا تتحدثي معي إلا إذا كان ذلك ضروريًا. ثالثًا، لا تلمسي أي شيء يخصني."
ضحكت بسخرية. "هل هناك رابعًا؟ ربما ممنوع التنفس أيضًا؟"
تقدمت خطوة للأمام وأنا أحدق فيه بتحدٍّ، لكن نظرته بقيت باردة، لا غضب، لا اهتمام، مجرد ازدراء.
"لا يهمني ما تفعلينه، طالما أنك لا تتدخلين في حياتي." قال ذلك ببرود، ثم استدار ليغادر.
لكنني لم أستطع أن أبقى صامتة.
"حسنًا، أليس من المفترض أن نتصرف كزوجين على الأقل أمام الناس؟"
توقف عند الباب، التفت إليّ بنظرة ساخرة. "لا أحد يهتم حقًا، هذا زواج مصالح، وليس قصة حب مراهقة."
شعرت بإهانة في كلماته، لكنني رفضت أن أظهر ضعفي أمامه. "أنت تكرهني، أليس كذلك؟"
ابتسم ببرود، لكن عينيه لم تضحكا أبدًا. "أنا لا أكرهك، كاترين، أنا فقط لا أبالي بك."
ثم خرج، مغلقًا الباب خلفه بقوة، وكأنه يريد التأكيد على أنني غير مرحب بي في عالمه.
---
مرّ أسبوع على زواجنا، لكنه كان أشبه بسجن بلا قضبان.
لم نتحدث سوى عند الضرورة، وكان ليام يتجنبني وكأنني مجرد قطعة أثاث زائدة في المنزل. كان يغيب طوال اليوم، وأحيانًا لا يعود إلا في وقت متأخر من الليل. لم أكن أعرف أين يذهب، ولم أكن أملك الجرأة على السؤال، فهو لم يفتح لي أي مجال لذلك.
أما في المنزل، فكان يتعامل معي كما لو كنت هواءً. لا كلمة، لا نظرة، لا حتى اهتمام بوجودي. عندما نتقابل بالصدفة، كان يمر بجانبي دون أن يلقي عليّ حتى نظرة خاطفة.
لكن الأسوأ من ذلك هو الصمت.
لم أكن أتوقع منه أن يكون لطيفًا، لكنني لم أتوقع أيضًا أن يعاملني كأنني غير موجودة.
في إحدى الليالي، وبينما كنت أتناول العشاء وحدي في غرفة الطعام، دخل ليام، متأخرًا كالعادة. تجاهلني تمامًا وتوجه نحو المطبخ ليصب لنفسه كوبًا من القهوة.
شعرت بالغضب يتصاعد في داخلي. "أنت تعلم أننا نعيش في نفس المنزل، صحيح؟"
لم يرد. وكأنني لم أتكلم حتى.
شدّدت قبضتي على الشوكة، ثم رميتها على الطاولة بقوة. "هل ستظل تتجاهلني إلى متى؟!"
أخيرًا، رفع عينيه ونظر إليّ، لكن نظرته لم تحمل أي مشاعر. "ألا يعجبك الوضع؟ توقعت أن يكون هذا ما تريدينه أيضًا."
"أنا لم أطلب أن أتزوج بهذه الطريقة! على الأقل حاول أن تكون محترمًا!"
ضحك، لكنها كانت ضحكة ساخرة باردة. "محترم؟ أنتِ تتحدثين عن الاحترام بعد أن وافقتِ على هذا الزواج لمجرد أن والديكِ أرادا ذلك؟"
تجمدت مكاني. كلماته أصابتني بقوة، لكنه لم يمنحني فرصة للرد.
"لستِ الضحية هنا، كاترين. نحن الاثنان عالقان في هذا الوضع، لذا لا تتوقعي مني أن أكون الزوج الذي تحلمين به."
تقدم بخطوات واثقة محسوبة.....
ذلك الرجل... لا يكرهني فقط، بل يحتقرني أيضًا.
لما انا بهذا الضعف امامه....
كان يرتدي قميصًا أسود، أكمامه مطوية حتى مرفقيه، وعيناه مليئتان بالغضب المكتوم. تجاهلني في البداية، توجه نحو البار الصغير وسكب لنفسه كوبًا من الويسكي. شرب القليل، ثم استدار ليحدق بي.
"ماذا الآن؟" قلت ببرود، وأنا أعيد عيني إلى الكتاب.
تقدم نحوي بخطوات ثابتة، لم يرفع صوته، لكن شيئًا في هدوئه كان أكثر تهديدًا من أي صراخ.
"قلت لكِ من قبل، لا تلعبي معي، كاترين."
ابتسمت بسخرية، أغلقت الكتاب ببطء ووضعت قدميّ على الأرض، ثم نظرت إليه مباشرة. "وأنا قلت لك من قبل، لا تملي عليّ الأوامر."
لم أكن أتوقع ردة فعله السريعة. في لحظة، كان واقفًا أمامي، رفع ذقني بأصابعه بقوة جعلتني أرتجف رغمًا عني.
"أنا من يتحكم هنا، لستِ من تملي عليّ الأوامر، لن تأتي فتاة مراهقة وتتصرف وكأنها تستطيع تحديني."
شعرت بالغضب يتصاعد داخلي. دفعته بيدي، لكنه لم يتحرك. قبضته على ذقني ازدادت قوة، ثم فجأة، دفعني للحائط بقوة، جعلت أنفاسي تنقطع لثوانٍ.
حاولت أن أتحرر من قبضته، لكن بلا فائدة. أمسك بشعري بقوة، أصابعه تغلغلت بين خصلاتي، رأسه قريب جدًا مني، لدرجة أنني شعرت بأنفاسه الساخنة على وجهي.
"لا تزعجيني،" قال بصوت منخفض لكنه محمل بالتهديد، "أنا لن أربيك من جديد، ليس لدي الوقت لتربية الأطفال. إلى غرفتك، لتدرسي."
شعرت بحرارة الغضب تحرق وجهي. حدقت في عينيه مباشرة، ثم ضحكت... ضحكت بصوت عالٍ، رغم الألم الذي كان ينبض في فروة رأسي.
"أتظن أنك والدي لتملِ عليّ الأوامر؟ وكيف أدرس، هاه؟ هاهاها..."
شد قبضته على شعري، جعل رأسي يميل للخلف بقوة، وكأنه يريد أن يرغمني على الخضوع.
"كاترين، هل تريدين الموت؟"
نبرته كانت خطيرة، لكنها لم تخيفني... بل أثارت شيئًا داخلي، شيئًا يشبه التحدي.
نظرت إليه، رغم الألم، رغم التهديد الذي يملأ عينيه. "على الأقل سيكون الموت أكثر عدلًا من هذه الحياة التي فرضتَها عليّ."
للحظة، ظننت أنه سيضربني، لكن بدلاً من ذلك، ترك شعري فجأة، ابتعد عني ببطء، وكأنه يحاول تهدئة نفسه.
مرر يده في شعره، تنفس بعمق، ثم نظر إليّ بنظرة باردة، فارغة من أي مشاعر.
"لا تكرري هذا أبدًا،" قال بهدوء خطير، ثم استدار وخرج من الغرفة، تاركًا إياي وحدي، يدي ترتجفان، وأفكاري تتداخل في فوضى لم أكن أعرف كيف أرتبها.
لقد فهمت شيئًا واحدًا فقط في تلك الليلة... ليام ليس فقط رجلاً متحكمًا، إنه رجل اعتاد أن يحصل على كل ما يريد،
Comments
✨Jeon✨
تجننن كمليها 👏🎀
2025-03-20
0