لعنة القرية المهجورة
وقف محمود وسامر أمام بوابة القرية المهجورة، ينظران إلى المكان الذي أصبح ملجأهما الوحيد. كانت الأشجار ملتفة حول البيوت وكأنها تحاول احتضانها أو ربما خنقها.
قال محمود وهو يتفحص المكان:
"يبدو أنها كانت قرية جميلة في يوم من الأيام، لكن الآن… انظر إلى هذه الجدران المتشققة!"
رد سامر وهو يشير إلى أحد البيوت:
"الأهم أن نجد مكانًا نبيت فيه الليلة. لنبحث عن بيت يصلح للسكن."
سارا بين الأزقة الضيقة، ووجدا منزلاً أكبر من البقية، بابه نصف مفتوح، وكأنه ينتظرهما. دخلاه بحذر، فوجداه مليئًا بالغبار، لكن الأثاث كان لا يزال في مكانه.
في الليل، وبينما كانا يحاولان النوم، سمعا أصوات خطوات خارج المنزل، خطوات بطيئة وثقيلة، وكأن أحدًا يسير في الشارع المهجور…
"محمود، هل سمعت ذلك؟" همس سامر.
هز محمود رأسه وقال بصوت خافت:
"نعم، لكن من المستحيل أن يكون هناك أحد غيرنا هنا… أليس كذلك؟"
لكن الإجابة جاءت سريعًا، عندما سُمع صوت خشخشة قادم من النافذة…
---
الفصل الثاني: ظلال الماضي
في الصباح، خرجا لاستكشاف القرية أكثر. الشوارع مليئة بالأوراق الجافة، والهواء يحمل رائحة العفن. لاحظ محمود نقشًا غريبًا على جدران أحد المنازل، وكأنه رموز قديمة محفورة بعمق.
اقترب سامر وقال:
"هذه الرموز ليست مجرد زينة… إنها تحذيرات."
في تلك اللحظة، شعر كلاهما ببرودة غريبة اجتاحت المكان، وكأن أحدًا يراقبهما. التفتا بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد.
مع مرور اليوم، زادت الأمور غرابة. وجد محمود دفترًا قديمًا في أحد المنازل، وعندما فتحه، قرأ بصوت مرتجف:
"نحن عالقون هنا… اللعنة لا تسمح لنا بالمغادرة… إذا كنت تقرأ هذا، اهرب قبل فوات الأوان."
نظر إلى سامر وقال:
"يبدو أننا لسنا أول من جاء إلى هنا…"
لكن قبل أن يتمكن من قول المزيد، دوى صوت باب يُغلق بقوة خلفهما…
---
الفصل الثالث: اللعنة القديمة
حاولا الخروج من المنزل، لكن الباب لم يفتح. شعر كلاهما بأنفاس باردة تقترب منهما، وصوت هامس يقول:
"لم يكن عليكم المجيء إلى هنا…"
تراجع سامر وهو يتلعثم:
"محمود… من… من قال ذلك؟!"
فجأة، ظهر ظل طويل عند الزاوية، ملامحه غير واضحة، لكنه كان يراقبهما بثبات. ثم بدأ يقترب…
لم يستطع محمود التحرك، لكن سامر أمسك بيده وسحبه نحو النافذة، قافزًا إلى الخارج. ركضا بلا توقف، حتى وصلا إلى ساحة القرية، حيث وجدوا بئراً قديمة.
قال محمود وهو يلهث:
"يجب أن نعرف ما الذي يجري هنا، وإلا لن نخرج أبدًا."
نظر سامر إلى البئر وتمتم:
"أشعر أن هذه البئر تخفي شيئًا…"
---
الفصل الرابع: الحقيقة المدفونة
اقتربا بحذر من البئر، ونظرا إلى الداخل. كان الظلام حالكًا، لكن صوتًا خافتًا خرج منها، كأنه همسات بعيدة.
قرر محمود أن ينزل مستخدمًا حبلًا مهترئًا كان مربوطًا بجانب البئر. عندما وصل إلى الأسفل، وجد شيئًا غريبًا—صندوقًا قديمًا من الخشب، منقوش عليه نفس الرموز التي شاهدوها على الجدران.
سحب محمود الصندوق، وعندما فتحه، وجد داخله كتابًا جلدياً قديمًا، مكتوبًا بلغة غير مفهومة.
سأل سامر من الأعلى:
"ماذا وجدت؟"
رد محمود بصوت مرتجف:
"أعتقد… أن هذا الكتاب يحمل سر هذه القرية."
لكن قبل أن يتمكن من إخراجه، سُمع صوت زئير غاضب يهز المكان، وكأن شيئًا استيقظ في الأعماق…
---
الفصل الخامس: الهروب الأخير
بدأت الأرض تهتز، والبئر تصدر أصواتًا غريبة. محمود تسلق بسرعة، وعندما خرج، رأى الظلال تتحرك في كل أنحاء القرية، وكأنها تستعد للهجوم.
صرخ سامر:
"يجب أن نهرب الآن!"
ركضا باتجاه الطريق الوحيد للخروج، لكن الطريق كان يختفي تدريجيًا في الظلام. فجأة، تذكر محمود الكتاب، ففتحه وبدأ يقرأ بصوت عالٍ. كانت الكلمات غامضة، لكن شيئًا ما تغير—الظلال بدأت تتراجع، والصراخ توقف.
مع آخر كلمة نطق بها، اهتزت القرية كلها، وفتحت الأرض فمها لتبتلع البيوت واحدًا تلو الآخر. ركضا بكل قوتهما حتى وجدا نفسيهما خارج القرية، ومع آخر خطوة، اختفت القرية بالكامل خلفهما، وكأنها لم تكن موجودة أبدًا.
وقفا يلهثان، ينظران إلى الفراغ حيث كانت القرية قبل لحظات. قال محمود بصوت منخفض:
"لن يصدقنا أحد إذا أخبرناهم بما حدث…"
نظر سامر إلى الكتاب في يد محمود وقال:
"لكن هذا دليلنا… وسر لا يجب أن يخرج للعالم."
ثم، بصمت، ألقيا الكتاب في النيران، وشاهدا أسراره تحترق مع آخر رماد للقرية المهجورة…
النهاية.
---
الخاتمة
وهكذا، تنتهي رحلة محمود وسامر في القرية المهجورة، لكنها تترك خلفها أسئلة لا إجابة لها. هل كانت القرية لعنة حقيقية؟ أم مجرد وهم تلاعب بعقولهم؟ ربما لن يعرفوا الحقيقة أبدًا، لكن الأكيد أنهم لن ينسوا أبدًا تلك الليلة المشؤومة.
شكرًا لك، عزيزي القارئ، على مرافقتك لنا في هذه الرحلة المليئة بالغموض والرعب. هل كنت ستتجرأ على دخول تلك القرية؟ أم كنت ستبتعد عنها منذ البداية؟ القرار لك… ولكن، تذكر دائمًا: بعض الأسرار من الأفضل أن تبقى مدفونة.
إلى لقاء جديد في قصة أخرى…
Comments