2

الجهاز الداخِلي للمَمرات المانا كان سَليماً ، ولَم يكُن هُنالِكَ أي مُشكِـلة في الإتصال بالجهاز وإرسال الإشارات .

يبدو أنَ الإنفجار قد ألحقَ الضّررَ بِهاتِفي .

“ بالطـبع ، فمن الطبيعي أن يتعَطل بعدَ هذا الإنفِجار القَوي .”

تنَهدت هانا وهيَ تضع هاتِفها في جيبِها ، مُتوجه نحوَ المَخرج . بما أنها قد دَخلت المَكان دونَ إذن ، قرَرت المُغادره الآن .

بينَما كان تفتحُ باب المُختَبر ، شعرت بشيء ما عالِق عِندَ قدميها .

“ ما هذا ؟”

حينَ نظرَت إلى الأسفل ، وجَدت جُثة إمرأة .

كان وجهُها مُغطى بِشَعرِها ، وقَد تَجمَعت الدِماء أسفَل مُؤخِرة رأسِها .

أغمَضت هانا عينّيها لِوهَله ، ثُمَ أعادت فتحهُما بِوجه شاحِب .

لم تَشعر بِالغثيان ، ولم تُخذلُها قَدماها . الحَرب التي دامت سنَتين قد حَولَها هذا العالم من كَونِها ضَعيفة و الخائفة إلى شَخصية قَوية .

“ لقد ماتت حَديثًا .”

تفحَصت هانا الباب بِتَوتر ، لكِنها لم تَجد أحدًا .

“ مهما كانَ الجاني . ، لم يَكُن بإمكانهِ الابتِعاد كَثيرًا  . رُبما كان أحد الإرهابيين ”.

بينما كانت تُحاول تَهدئة نَبضات قَلبِها المُتسارِعة ، تَوقفت فَجأة .

“ هَذهِ المَرأة ... لِماذا أشعُر بأنها مَألوفة ؟”

بيد مُرتَجفة ، أبعَدت شَعرُها عن وَجهِها بِحَذر .

ما إن إنكَشف وَجهُها الشَاحِب ، حتى إتَسعت عيّناها بِصَدمة .

“ إنَـ ... إنَـها أنا …؟”

المَرأة المَيتة كانت تَحمِل نفسَ ملامِحها .

كانت بِشَعر بُني قَصير ، وعينيّن بُنيَتين . لديها شامة صَغيرة تَحت إذنُها اليُسرى ، و نُقطة باهِتة على إصبَعِها اليُمنى ، و نَدبة بِسبب رصاصة على فِخذِها اليُمنى .

كُل شيء كان مُطابقًا لها بِشَكل مُخيف .

حتى إسمُها ، المَطبوع على الرِداء الأبيض ، كان " إيو هانا ".

“ هل أنا في غيبوبة ؟ هل أنا أحلُم الآن ؟”

لم يتمكن عقلُها مِن استيعاب المَشهد الغَريب أمامها . كانت تُشاهد جُـثتها ، بِوجهٍ خالٍ مِن الحياة .

“ رؤية جُثتي تَجعلُني أشعرُ بِالغُربة . لكن …”

لم يكُن الرِداء القَصير والضَيق الذي ترتَديه هَذهِ المَرأة ، والذي يكشِفُ عن فِخذِها ، مِن الملابس التي يُمكن أن ترتديها أبداً .

لم تكُن تَرتدي كعبًا عاليًا ، ولم تستخدِم أحمرَ الشِفاه ، ولم تَطلي أظافِرها بألوان بَراقة ، ولم تَتعطر بِروائح ثَقيلة مِثل عطر بِرائحة السجائر .

“ إنها شخص مُختَلِف عَنيّ .”

لكن كيف يمكن لشخص ما أن يحمل وجهه واسمه ومهنته نفسها؟

“هل هي دوبلغنجر ؟ أم إنها نُسخة مُصَنعة بِالهَندسة السحرية ؟”

- دوبلغنجر وهيَ نظرية عن كُن ظهُور شخص مزدوج بِكونه حي او شَبَح  يمشي مِثلا ظلك مثلًا .

ثُمَ توجَهت عينيّ إلى جبهَتِها . كان هُناك أمر آخر يلفتُ انتِباهي .

“ لقد أُصيبت بِرصاصة .”

كان هُناك أثر واضح للرصاصة على جبهتِها . الإرهابيون عادةً لا يستخدِمون الأسلِحة النارية ، خاصةٍ وهم مُجَهزون بالهَندسة السحرية ، إلا في حالة نفاد طاقة الهاتِف أو المانا .

“ مهما كانَ الأمر ، يجبُ أن أبحثُ عن الآخرين أولاً .”

بينما كان ترفعُ جَسدها ، اشتعلت النار فجأة في الجُثة .

“ ماذا ؟”

صرخَت هانا مِن الذُعر وتراجعت إلى الخَلف . في لحظات ، أحرقت النيران الجُثة تمامِا ، ثُمَ إختَفت .

"بالو ! ابحثي عن مِطفأة حَريق !"

[λ%Ω الـ  L/Ħ∈ـبحث ɚß!]

“ آآآآه !”

وخِلال هَذهِ اللحظات القَليلة مِن الارتِباك ، اختَفت الجُثة تمامًا دون أن تترُك خَلفها أي أثر مِن الدُخان أو الرَماد .

راقَبت هانا المكان الذي كانت فيه الجُثة بعينيّن مليئتين بِالصدمة ، لكن لم يَعُيد ذلِكَ الجَسد إلى المكان .

“ هل كانَ ذلِكَ مُجرد وهم ؟”

في تِلكَ اللحظة ، هبت ريح طَفيفة ، فتلاعبت بِشعرِها بِرفق .

رفعَ رأسهُ مُتسائلة ، فوَجدت باب المُختَبر يُغلق بِبطء .

“...  متى فُتِح ؟ لم يَدخُل أحد ، أليس كذلك ؟”

أثناء وقوفِها هُناك مُتفاجاة مِن تِلكَ الأحداث المُتعاقِبة ، خرجَ ظِل فجأة مِن جُوار الباب .

“ ما … ما هذا ؟!”

“ دكتورة …”

لم يستغرق الأمر طَويلاً حتى تعرَفت على الصوت المألوف ، فأرخت حذرها وعيناها تلمعان بِالشوق .

“ جو يان …!”

احتضَنت صديقَ طفولتِها العزيز الذي جاء للبحث عنها ، لكن لم تمضِ لحظة حتى أمسّكَ بِها مِن مؤخرة عنُقها وألقاها على الأرض .

“ آآآخخ !”

أمسّكت هانا ظَهرها وهيَ تَتراجع بِوجه مَصدوم .

“ جو… جو يان ؟”

أخذَ صديقُها يمسحُ ثيابهُ بِملل ، بينما كانَ وجهُه مُفعَماً بِالاستياء .

“ ما هذا التَمثيل السَخيف الآن ؟”

تَسربت نبرة قاسية مِن صوتِه ، وأخذَ يقتربُ مِنها ، ثُمَ جلسَ أمامها ووجهَ مُسدساً تحتَ ذقنِها .

“ لماذا تَتحدثين بِتِلكَ الطَريقة المُزعجة؟ هل كُنتِ تدروسين كيف تجعَلين الناس يغضَبون ؟”

كانت رائحة البارود القَوية تختَرق أنفَ هانا ، فحتى قلبُها ارتَعد .

“ أيتُها الدكتورة إيو …”

ثُمَ دفعَ ذقنها بِالمُسدس ، قائلاً بِسخرية .

“ كُنتِ تُحافظين على رباط جأشكِ حتى بعد إصابة ساقكِ ، ولكن فَجأةٍ بدأتِ تَتظاهرينَ بِالخوف ؟”

“ لا … لقد كُنتُ خائفة حيَنها . ألا تَتذكر ؟ بكيتُ كَثيرًا ، أليسَ كذلِكَ ؟ جويان ، أنا … أنا خائفة …”

بدأ الاستياء في وجه صَديقي ، وسحبَ نفساً غاضباً .

“ ما الذي تَتفوهينَ بِه بحق خالق السماء؟  كُنتِ تَرتدينَ ملابس فَظيعة اليوم !”

نظرت هانا إليه بعينيّن مُرتَعشتين ، متأملةٍ في جَسد صَديقِها عِندها لاحظت شيئًا غريبًا .

صديقُها المُقرب ، رُغمَ أنهُ طَويل وعريض الكتفين ، لم يكُن بِهذا الحَجم العضلي الضَخم . 

الرجُل الذي أمامها كان يرتَدي ملابس سوداء ضيقة تُظهر ملامِحَ جسدُه ، مع الكَثير مِن الأحزِمة وحقيبة مَليئة بالأسلِحة . 

صدرهُ يحملُ شِعارًا يُشبهُ وجهَ العفريت ، ومظهرهُ كانَ أشبهَ بِجُندي في الوِحدات الخاصة . 

بل وأكثرُ مِن ذلِك ، تصرُفاتهُ الخَشِنة كانت تَتناقضُ تمامًا مع شَخصية صديقُها اللطيف .

بدأ وكأنهُ شخصٌ مُختلِف ، مِثلما اختفيت " أيو هانا " فجأةٍ . 

" هل يُمكن أن تَكونَ نُسخةٍ شبيهةٍ مِن جو يان ؟" 

" سُحـقًا  ، ما هذا الهُراء الآن ؟" 

" لا بُدا مِن أنكَ شبيهُه ! جو يان الحقيّقي لا يتلفظُ بِكلمات نابية !" 

طاخ ! 

قبلَ أن تُنهيَ كلامها ، إنطلقت رصاصة اخترقت الأرض بجانب قدميها . 

" آآآه !" 

قفزت هانا من مكانه مذعورة ، وظهرُها مُلتصق بِالحائط . 

جو يان ، الذي كانَ يُحدق بِها بوجه عابِس ، أشارَ إليها بِالسلاح مُجددًا . 

" لا تُناديني بِذلِكَ الاسم المُثير للاشمئزاز ." 

" إذاً  ، بِماذا أُناديك ؟" 

" ناديني بِما تُناديني بِه دائمًا '  غوست ' !" 

-  اسم غوست يُستخدم في وصف شخصية غامِضة ، أو للإشارة إلى شيء غير مَرئي ولكنه مؤثر ، أو حتى في الألعاب الإلكترونية والثقافة الشعبية .

" غوست ؟" 

تساءلت هانا بِستغراب ، بينما ارتفعت الستائر التي كانت تُغطي زُجاج المُختبر فجأةٍ ، كاشفةٍ عن أفقِ المَدينة المُضاءة . 

هانا التي شُدَ انتباهُها إلى المشهد بِالخارج ، استدارت بِبُطء . 

"… ماذا ؟" 

ما ترآهُ كان مشهدًا يعرفه جيدًا. 

أضواء مدينة كيمبو ، التي لم تَرها مُنذٌ عامين . 

لكن كيمبو هذه لم تكُن كما تَتذكرُها .

جامعة التَقنية في كيمبو ، أحد معالِم المَدينة ، كانت قد إختَفت . 

وفي مَكانِها ، وقفَ مركز كوان يونغ لإعادة التأهيل شامخًا . 

كان واضحًا أن هذهِ المَدينة لم تكُن مَدينتُها . 

في تلِكَ اللحظة ، فهِمت هانا الحقيقة التي جَعلت قلبُها يَقفز . 

" الانتِقال بينَ الأبعاد !"

مختارات
مختارات

3تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon