في ساحةٍ جرداء تفصلها الوديان عن قريته الصغيرة، وقف ريو يلهث بثقل، عرقه يتصبب على جبينه، ويداه ترتجفان. لقد أمضى أسابيع وهو يطارد آثار "كارن"، مقاتل غريب ظهر فجأة من الجبال الشمالية وأحدث فوضى في القرى المحيطة. كان ريو يظن أنه مستعد، خاصة بعد أن ارتفعت قوته من 115 إلى 700، لكن ما واجهه كان شيئًا يفوق كل ما عرفه.
كارن لم يكن مجرد مقاتل، بل كان وحشًا في جسد إنسان. عيناه تلمعان بلون أصفر، وابتسامته الهادئة تخفي بركانًا من القسوة.
صرخ ريو، قافزًا نحو خصمه بضربة قوية محملة بكل طاقته المكتسبة. انفجرت الأرض تحت قدميه، واندفع كالصاعقة نحو كارن.
لكن كارن... لم يتحرك.
ببساطة، مد يده، صد ضربة ريو بيد واحدة فقط، وركله في البطن ركلةً أطاحت به عشرات الأمتار، ليصطدم بجدار صخري وتتناثر الأحجار من حوله.
سعل ريو دمًا، وأنينه ملأ السهل.
"هل هذه هي حدودك؟" قال كارن بنبرة خافتة، وهو يقترب ببطء.
حاول ريو النهوض، لكنه لم يستطع تحريك قدمه اليمنى. الألم كان ساحقًا، وقلبه يشتعل بالغضب... والغصة.
"لا أستطيع... لا يمكنني حتى لمسه..." تمتم في نفسه، ودمعة قهر سقطت من عينه.
كارن توقف فوقه، ثم انحنى قليلًا، وقال:
"إنك ضعيف. الطموح وحده لا يصنع القوة."
ثم استدار، تاركًا ريو بين الأنقاض، محطمًا جسدًا وروحًا.
بعد خمسة أشهر...
في جبال "تورا"، بعيدًا عن أعين الناس، وبين الغيوم التي تلامس القمم، كان ريو يتدرب يوميًا وسط المطر والثلج. ملامحه تغيرت، لم يعد ذلك الطفل المتسرع، بل صار أكثر هدوءًا، أكثر وعيًا بنفسه. كل يوم، كان يصارع الريح، يقاتل ظله، يكرر الضربات حتى تتشقق راحته وتنزف قدماه.
كان يتذكر كلمات كارن... وكان يقسم على ألا يسمعها مجددًا.
تحت إشراف رجل مسن يُدعى "هيوما"، وهو مقاتل اعتزل منذ عقود، تعلم ريو كيف يستخدم جسده وعقله معًا. لم يعد يعتمد فقط على الغضب أو الطاقة التي يملكها داخله، بل بدأ يشعر بها، يوجهها، ويتحكم بها.
وفي أحد الأيام، أثناء تدريبه المعتاد، وقف ريو على قمة صخرة شاهقة، والريح تعصف من حوله، ثم أغمض عينيه.
شعر بها... تلك الطاقة التي في داخله. لم تكن مجرد قوة... كانت شيء أعمق، شيء حيّ، ينبض معه.
انفجرت شرارات من حول جسده فجأة، وعيونه توهجت باللون الأحمر للحظة. كان ذلك أول تحوّل جزئي لقوته الحقيقية.
صرخ هيوما من بعيد:
"أخيرًا... لقد بدأت ترى ما بداخلك، يا ريو!"
العودة
عندما عاد ريو إلى السهل الذي خسر فيه، لم يكن كما كان. جسده أطول قليلًا، شعره أطول، لكنه لا يزال أسود اللون. عيناه صارتا أهدأ، ووقفته أكثر ثباتًا.
في انتظاره، كان كارن واقفًا بنفس الهدوء، يبتسم بثقة.
"عدت؟" قال باستخفاف.
"نعم." أجاب ريو، ثم اتخذ وضعية القتال.
ابتسم كارن وقال: "آمل ألا تموت هذه المرة."
اندفع الاثنان نحو بعضهما، وبدأت المعركة.
لكن هذه المرة، كانت مختلفة. ريو لم يكن يتسرع. كان يتفادى، يراوغ، يضرب في نقاط دقيقة. كل حركة مدروسة، كل لكمة تحمل هدفًا.
كارن بدأ يلاحظ ذلك. وبعد دقائق من القتال العنيف، ظهر التعب على وجهه.
ثم حدث ما لم يكن في الحسبان.
صرخ ريو، وانفجرت هالة حمراء نارية من جسده، رفعت الغبار، واهتزت الأرض تحت قدميه. لم يكن ذلك تحولًا كاملًا، لكنه أول ظهور لقوته الجديدة.
رفع يده، ووجه ضربة واحدة قوية نحو كارن، اخترقت دفاعاته، وأطاحت به بقوة في الصخور.
ساد الصمت...
ثم وقف ريو، ينظر نحو خصمه الساقط، وقال بهدوء:
"الرقم 2500... لم يكن كافيًا لأقتلك. لكن يكفي لأجعلك تنهك فقط
19تم تحديث
Comments